المذاهب الأدبية

“الفن للفن” أو “البرناسية ” رابع المذاهب الأدبية

” الفن للفن ” أو “البرناسية ” رابع المذاهب الأدبية

(الفن للفن) مذهب يهدف إلى جعل الشعر والأدب فناً موضوعياً في ذاته، همه استخراج الجمال ونحته من مظاهر الطبيعة، أو خلعه على تلك المظاهر.
يهدف المذهب أيضاً إلى التحلل – مقدماً – من أي عقيدة أو فكر أو أخلاق موروثة، وعدم انعكاس ذلك على العمل الأدبي أو لمح ذلك فيه.

إن الفن للفن عموماً، هو نظرية تجرد الفن من أي ملابسات فكرية أو فلسفية أو دينية (أيدلوجية)، وتنشد من الفنِّ الفنَّ فقط والجمال، ويطلق أصحاب النظرية على ذلك بأنه تخليص الأدب من النفعية والغائية.

ثم إن هذه النظرية شاعت في الأدب، إذ ترى أن الأدب يجب أن يتحرر من أي قيمة يمكن أن يحتويه الكلام إلا قيمة الجمال، وألا يُنظر فيه إلى معايير خلقية أو دينية أو قيم نفعية، “فمهمة الأدب نحت الجمال، ورسم الصور والأخيلة الباهرة، من أجل بعث المتعة والسرور في النفس، فليست مهمة الأدب أن يخدم الأخلاق، ولا أن يُسخَّر لقيم الخير أو المجتمع، إنه هدف في حد ذاته، ولا يُبحث له بالتالي عن أي هدف خُلقي أو غير خلقي، فحسبه بناء الجمال ليكون بمثابة واحة خضراء يُستظلُّ بها من عناء الحياة”.

إن الفن للفن ضربٌ من الفلسفة اللادينية القائمة على نبذ القديم – بما في ذلك الدين والأخلاق – وعدم التقيد به في الأدب، وهو مذهب ثائر على (الرومانسية) التي تذهب إلى أن الأدب والشعر خاصة فن ذاتي يعرض للعواطف والانفعالات الإنسانية والتعبير عنها من خلال الأدب، فالرومانسية تعتبر الأدب وسيلة للتعبير عن الذات، والفن للفن مذهب الجمال، الذي يرى الفن والأدب غاية في حد ذاته ومطلوباً لذاته.

الجذور والأصول لنظرية الفن للفن:

بُحثت قضية الفن وغرضه في القديم والحديث، وكثر الجدل بشأنها، واختلفت الآراء في تلك الوظيفة، وأهم الآراء وأساسها رأيان هما:

1-رأي يذهب إلى أن الأدب وظيفته ومهمته الأساس هي التهذيب والتربية والتعليم، وهي غاية تُلحظ في اصطلاح: (أدب) و (تأديب) و (مؤدِّب) التي يدور معناها حول: التهذيب.
وهو رأي غالب في ثقافتنا العربية، أو حتى عند الأمم الأخرى في القديم وحتى العصر الحديث.

2-ويرى آخرون أن الأدب والفن نوع من الترفيه والتسلية، وهو بهذا المفهوم لا يحتمل أن يقوم بوظيفة، ولا يطيق أو يقوى على حمل رسالة أو توجيه، فهو ضرب من النشاط المطلوب لذاته، وجنس يقوم على الجمال ويقوم له وينعقد من أجله.
وهو مع هذا لا يناقض بالضرورة العقائد ولا القيم، وقد يسير أحياناً مع القيم الرفيعة والأهداف النبيلة، وقد لا يسير، فليس ذلك شرطاً فيه ولا مطلوباً منه[4].

وهذا الرأي على غرابته في التراث العربي، فإنه وجد، وممن نص عليه قدامة بن جعفر (ت 337هـ) في كتابه: (نقد الشعر)، إذ يرى أن للشاعر أن يضرب في أي فجٍّ من فجاج المعاني، وأن يسلك أي سبيل من سبل الأغراض حميدها ومذمومها إذا ما التزم بشرط الصياغة، واعتنى بتجويد شعره حتى يقبله الجمهور ويذيع في الآفاق.

إعداد : وائل بن يوسف العريني –

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى