شعرنقد

نصوص نقدية في عمود الشعر

ليس غريبا على الشعر الجاهلي الذي أظهر قوة ومتانة لم يعرفها كل من الأجناس الأخرى، مثل المقامة والرواية والقصص،وظل هذا الشعر شفويا محافظا على الشفاعة والخطاب أن يكون نقدا من حيث المعنى واللفظ يعرف بعمود الشعر الذي تجاوز على المكونات الطبيعية والجمالية ليحدد صفة الشعر بين المقدمين والمحدثين.


ذهب البحتري في إطلاعه على الأشعار والاخبار حد الفراسة فقال عنه  ابن سلام الجمحي :”كان أفرس ببيت الشعر “،وذهب الأمدي في كتابه الموازنة بين شعر ابي تمام  والبحتري:” لأنه كان العربي الشعر ،مطبوع، وعلى مذهب الأوائل ومافارق عمود الشعر،وكان يتجنب التعقيد ومستكره الألفاظ،فالأمدي يحدد أبرز ما يفيد في نظرية عمود الشعر، وهو لم يأتي به الجرجاني ،حيث ذهبا الاثنان إلا أن الشعر يجب أن تتوافر فيه ثلاث أعمدة وهي براعة المعنى وصحته وجزالة اللفظ واستقامته ومتوافقة المشبه المشبه به.

لكن الأمدي زاد على كل هذه بأن الشعر عند العرب ليس إلا حسن التأني وقرب المأخذواختيار الكلام ووضع ألفاظ في مواضعها، ينتابنا تساؤلا لما نأخذ الأمدي كل هذه الخصائص واستغنى عن الابداع في الشعر .

لا يخالف اي من النقاد العرب الذين داع صيتهم في أن المرزوقي في كتابه الموازنة بين المتنبي وخصومه يقارن الشعر من ناحية الأسلوب والتعابير والألفاظ ولايمكن أن تجد للمعنى فيه تقارب، والموازنة بين المتنبي أخذت ما عين الشعر من ناحية ألفاظ وعاينتها بأقوال خصومه وكان هذا الصدد هو الباعث الحي في الموازنة بين ابي تمام والبحتري عند الأمدي.


هذا الصدد الذي وجد طه حسين وكل من شوقي ضيف الذي براعو بنقد الشعر إذا كان شفويا أو إذا كان كتابة، فالبحتري استغنى عن الألفاظ المعقدة  وقدم فهوبدويا متحضرا كما قال الأستاذ طه حسين واستكره الألفاظ وقوة المعني وكان على مذهب الأوائل فيما اختلف عليه أبي تمام أنه شديدة التكلف  لم يقدم قصيدة سليمة الفطرة إنما كان جل أشعاره فيه البديع من البلاغة ماكلفت عليه، فقد كان لا يفهمها الناقد فكيف يفهمها اصحاب الشعر.

ولعل الأصمعي كان كأبي تمام فقرأ على  جريرقوله:” فيالك من يوم يؤول إلى شره”وقد ذكر ذلك لعمر أبي العلاء ، فقال:ماينفع يوما يؤول إلى شره؟ولوأتت قال “فيالك من يوم خيره دون شره لكان أبلغ”.

لعل النقد العربي في تأسيسه لنظرية عمود الشعر مايوجد الاختلاف بين البحتري وأبي تمام ، وبين الاصمعي والمفضل ما تأجج من صراع طويل على أن يذهب أصحاب الكوفة والبصرة ليمحو هذا الصراع وهو متقدم في كتاب الموازنة بين البحتري وأبي تمام.


لم يستطع الأمدي أن ينتصر للبحتري على تمثيله واستشهاد على وضعه بأجمل العبارات التي لم يسبقها ابدا، ولكن الجرجاني والمرزوقي لاعتباران العمود في هذه الحالة لايصح الابتقدم اللفظ والمعنى وهذا ماذكره الجاحظ في كتابه البيانات والتبيين

من هنا نكتشف أن هذا العمود والذي له دور في بناء البيت الشعري قد كان حديث النقاد العرب وابان القرن الثاني الهجري ، فالجاحظ والمرزوقي والجرجاني والامدي لم يلعبوا دورا هاما  بين المحدثين  والقدامى إلا في إستحسان اللفظ على المعنى أو في بيان اللفظ من المعنى مايطرح الباب مفتوحة هل من المحدثين الجدد الذين حاولوا إبراز نقد عام في عمود اللشعر؟


الدولة بيروكي: كاتبة مقالات فكرية وسياسية وثقافية وأدبية

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى