المذاهب الأدبية

أبرز أعلام المذهب الواقعي في الغرب – (2)

ثالث المذاهب الأدبية

برزت مواهبه في عام 1828م. جمع رواياته التي قاربت المائة في (الكوميديا البشرية) وجعلها في عدة محاور:
المحور الأول للعادات الشائعة في المجتمع الفرنسي بعد الثورة وفي أثناء الإمبراطورية الأولى، والثاني عرضٌ مفلسف ومعلل لمظاهر ذلك المجتمع، والثالث تحليل أدبي للقوانين التي تنظم حياة المجتمع.

انتقد كل ما يقف في وجه العلم، وأدان حكومة عصره الملكية وسخر من الأبهة البورجوازية الفارغة، ومجَّد المتمردين من العمال والفلاحين وتنبأ بانتصار ثورتهم، ولم ينفصل عن الحياة الواقعية بما فيها من طبقات وتجار ورأسماليين وموظفين وسكان قصور.. وعالج مشكلات سيادة المال، وأساليب المستغلين والتهافت على المناصب، وشقاء الفقراء، ولم تنج من نقده أي شريحة اجتماعية، وقد قال في مقدمة ملهاته البشرية: “لقد أضفتُ إلى عمل المؤرخين فصلاً منسياً هو تاريخ العادات والتقاليد”.

ويعد (بلزاك) الرائد الحقيقي للمذهب الواقعي والممهد الأدبي للاشتراكية العلمية، وقد شهد (أنجلز) أنه تعلم من (بلزاك) أكثر مما تعلمه من كتب المؤرخين والاقتصاديين والأخصائيين المهنيين جميعاً. من أبرز رواياته: الأب غوريو، وأوجيني غرانديه، وزنابق الوادي، والفلاحون، والبحث عن المطلق.

كاتبٌ واقعيٌّ جاء في أوج الرومانسية، لكنه رفضها رفضاً قاطعاً، ولذلك لم يلتفت الناس إليه كثيراً، وقد تنبأ هو بأن طريقته لن تفهم قبل عام 1880م. استقر في باريس، وارتاد الصالونات الأدبية، وملأ ذاكرته بما رأى وسمع.

واقعيته نفسيَّةٌ تبحث عن الأسرار والبواعث وتحلل الأمور تحليلاً ذكياً. يقول فيه الناقد (تين): “لقد علمنا ستندال كيف نفتح أعيننا وننظر”. كتب في التاريخ والجغرافيا والتراجم، ثم ألف كتابه (الحب) بالطريقة النفسية. وكتاب (راسين وشكسبير) بالطريقة النقدية، وأصدر أولى رواياته (الأحمر والأسود) عام 1831م، وفي عام 1839م كتب روايته (دير بارم). يعد أحد أساتذة الفكر في عصره، بسبب نفوذه إلى أعماق النفس البشرية، وحبّه للقوة، وأسلوبه الشفاف.

من أبرز ممثلي المذهب الطبيعي في الأدب. نشأ في باريس وعاش حياة فاقة اضطرته إلى العمل في سن مبكرة موظفاً في الجمارك ثم عاملاً في الطباعة والنشر مما أتاح له معرفة كثير من الأدباء، وقد كون حوله جماعة من الأدباء مثل تورغينيف، وفلوبير، وغونكور، ودوديه، وموباسَّان، وكلهم من الواقعيين والطبيعيين.
كتب روايات كثيرة مثل: (غلطة الأب موريه، أوجين روغون، نانا، أمسيات ميدان، فرح الحياة، جيرمنال، الأرض، الحلم، الوحش البشري، المال، الانهيار، دكتور باسكال، المدن الثلاث)، كان أميناً في تصوير الحياة الواقعية، وكان يقحم قناعاته في رواياته، بخلاف (بلزاك، وفلوبير) الحياديين، وكان أقرب منهما إلى الرومانسية.

نشأ في إقليم نورماندي، ثم سكن باريس وارتاد الصالونات الأدبية فيها وقام برحلات عديدة داخل فرنسا وخارجها. كتب أولى تجاربه بإشراف الكاتب (فلوبير)، وتأثر برواية مدام بوفاري، ونظم الشعر وكتب تجارب مسرحية ثم انصرف إلى القصة القصيرة، ومن أشهر مجموعاته فيها (كرة السُّخام)، ثم كتب روايات طويلة أبرزها (حياة صاخبة، الصديق الجميل، بيير وجان، قوي كالموت، قلبنا)، وكتب عدداً من كتب الرحلات مثل (في الشمس، فوق الماء، الحياة الشاردة). تميزت رواياته وقصصه بطابع السخرية والتشاؤم والعطف على البؤساء والمنكوبين.

  • غوستاف فلوبير (1821م – 1880م) :

يُعدُّ من أبرز الكتاب الواقعيين. اتصف بالرُّوح العلمية والتحليل الهادئ للحالات النفسية. قام برحلاتٍ كثيرة وشغف بجمال الطبيعة وروعة الآثار. راقب أحوال المجتمع، وانتقد الطبقة البورجوازية. أثارت روايته مدام بوفاري ضجة كبيرة في عالم الأدب والنقد، وقد ألفها ونشرها بين عامي (1829-1840)، وتتميز هذه الرواية بالواقعية الدقيقة في وصف الأشخاص والطباع والبيئة والمظاهر الاجتماعية، ثم ألف رواية أخرى من وحي الشرق هي (سالامبو) 1862م، إلا أنها أقرب إلى الرومانسية التاريخية، وله رواية ثالثة كتبها عام 1862م، هي (التربية العاطفية) تتميز بالملاحظة الواقعية الدقيقة للأخلاق البورجوازية.

  • هويسمان (1848م – 1907م) :

روائيٌّ من أصحاب المذهب الطبيعي. عاش في باريس وقام ببعض الرحلات إلى الأقطار الأوربية. شغف بالأدب والفن، واهتمّ بمحيط العامة والأمور اليومية العادية. دخل عالم الصحافة وعاشر أمثال (بول بورجيه، فرنسوا كوبيه، سيزان، الأخوين غونكور، موباسّان، زولا). وكتب رواياتٍ واقعية عالج فيها الانحراف وبؤس الطفولة ومشكلات الحياة الزوجية، وفي قصصه ملامح من (فلوبير، زولا، الأخوين غونكور). ألَّفَ في النقد الفني (الفن الحديث) ممهداً الطريق إلى الانطباعية، وفي آخر حياته مال إلى الاعتزال لكنه احتفظ من الطبيعية بالنزعة العلمية والتوثيق والتفصيلات الدقيقة وطعم هذه النزعة بنفسٍ روحانيٍّ متحمس.

روائي ومسرحي روسي. نشأ في عهد القيصرية وذاق مرارة الفقر واليتم، وقام بأعمال كثيرة شاقة ليكسب لقمة العيش. بدأ بكتابة القصة القصيرة مقتفياً آثار الكتاب الأوربيين ولكن على طريقته الخاصة، ثم عكف على كتابة الرواية فكتب (مواطنون مأفونون، ذكريات من طفولتي، ذكريات من شبابي، حياتي، الأعماق السفلية، المشردون، الأم) وكثيراً من المقالات والمسرحيات. تميز بأدبه السهل والجذاب الذي يعبر عن تجاربه الشخصية وعن التطور الثوري الاجتماعي، وأصبح كاتب الثورة البلشفية والواقعية الاشتراكية.

  • مايا كوفسكي (1839م – 1931م) :

ولد في جورجيا، ونشأ نشأة اشتراكية ثورية، وفي عام 1906 انتقلت أسرته إلى موسكو، وهناك تثقف بمؤلفات (ماركس، أنجلز، لينين)، وانتسب إلى الحزب البلشفي السري. كتب أولى قصائده عام 1912م، وعمل في الصحافة كاتباً مناضلاً ذا حسٍّ ثوري ونفسٍ إنساني يناهض البورجوازية والحرب وتجارها.

اتصف شعره بالألم والتمزق والغربة مع الإيمان بالمستقبل الزاهر للإنسان. وقد طور الواقعية الشعرية إلى الاشتراكية ثم طعَّمها بالرؤية المستقبلية كرديف فني للثورة، ولم يهمل اللغة التراثية والصور القديمة لكنه أعاد توظيفها بعد تطويرها، له عدة مسرحيات ولقاءات شعرية ومحاضرات ومقالات، ومعظم شعره توجيهي فني.


إعــداد : قحطان بيرقدار، أديب وشاعر سـوري،

بالعربيّة

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الإعلانات هي مصدر التمويل الوحيد للمنصة يرجى تعطيل كابح الإعلانات لمشاهدة المحتوى