“سور الأزبكية” أول سوق للكتب المستعمَلة في مصر
في وسط القاهرة، وتحديدا أمام مسرح العرائس، و بجوار المسرح القومي في العتبة، خلف حديقة الأزبكية التي أنشأها الخديوي إسماعيل في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
هناك سوق بكل ما تعنيه الكلمة من معنى حيث يتجمع المئات من باعة الكتب القديمة والجديدة، يعرضون بضاعتهم الثقافية.
ينتشر بين المثقفين مقولة أن أي “كتاب (قديم) تبحث عنه ستجد منه نسخة في سور الأزبكية”، ولذلك يقام جناح لسور الأزبكية في معرض القاهرة الدولي للكتاب المقام حاليا.
لا أحد يعرف بالتحديد من أين جاءت فكرة سور الأزبكية لبيع الكتب، غير أن عدد من المراجع تذهب إلى أن الفكرة جاءت منذ بدايات القرن العشرين، عندما كان يتجول باعة الكتب ببضاعتهم على مقاهي وسط القاهرة، ثم يتوجهون إلى حديقة الأزبكية للتجمع والراحة وتبادل الكتب.
وتقول الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، وهي جهة رسمية، أن سور الأزبكية “شكل سوقا رائجة للكتب التي تجمع بين الثمن الزهيد والندرة في الوقت نفسه، ويعد علامة من علامات القاهرة الثقافية”.
ولأن وجود الباعة في هذا المكان كان غير قانوني في البداية، فمروا بأزمات كثيرة، حيث كانت البلدية تصادر كتبهم وتطاردهم في الشوارع.
واستمرت تلك المطاردات حتى 1949 عندما تجمع كل الباعة (وكان عددهم ٣١ بائعاً) وتوجهوا إلى رئيس مجلس الوزراء وقتها مصطفى النحاس،
وطالبوا بتقنين أوضاعهم، وتعاطف معهم النحاس وأصدر أوامره بتراخيص ثابتة لمزاولة مهنة بيع الكتب في هذا المكان ومنع تعرض بلدية القاهرة لهم ليكون بذلك رسميا أول سور لبيع الكتب المستعملة رسميا في العالم العربي.
وفي عام 1959 (بعد ثورة 23 يوليو) لجأ البائعون مرة أخرى الرئيس جمال عبد الناصر، وطالبوا بتطوير السور، فأمر عبد الناصر بتنفيذ أكشاك خشبية للبائعين لتنظيم كتبهم وإصدار تصاريح رسمية لهم بمزاولة المهنة بشرط ألا يغيروا نشاطهم وأهداهم الأكشاك.
ويعد الرئيس جمال عبد الناصر، وأعضاء مجلس قيادة الثورة من أشهر رواد السور، وكذلك بعض مشاهير الأدباء والشعراء والسياسيين، منهم نجيب محفوظ، و إبراهيم المازني، عباس محمود العقاد، وعدد كبير من الشعراء والأدباء العرب الذين يضعون زيارة سور الأزبكية ضمن برنامج زيارتهم للقاهرة.
وبسبب نجاح مهمة السور الثقافية فتم نسخ التجربة في عدد من المناطق بالقاهرة والمحافظات، كسور السيدة زينب، وسور جامعة القاهرة، وسور دار القضاء العالي.