شارع المتنبي أحد أشهر شوارع العاصمة العراقية وأقدم سوق للكتب في المدينة، يطلّ على نهر دجلة وسط بغداد من جانبه الشرقي، وقد صار بلا منازع أبرز الأماكن الثقافية التي يرتادها الآلاف من العراقيين، كل يوم جمعة، للنهل ممّا يضمّه من كنوز والتداول في شؤون البلاد، لا سيما في ظلّ ما يشهده العراق من مشاكل مطردة منذ الغزو الأميركي عام 2003.
تتفرّد بغداد بشارع المتنبي الشهير، منذ إنشائه خلال العصر العباسي تحت اسم سوق الورّاقين، فهو يعدّ إلى غاية اليوم سوقا مزدهرة بالكتب، إذ يعجّ بالمئات من المكتبات التي تعرض آلاف العناوين والإصدارات وحتى المخطوطات النفيسة، فضلا عن باعة الأرصفة، حيث يفترش أصحابها آلاف الكتب الحديثة والنادرة، بالإضافة إلى ما تحتضنه المنطقة من معارض فنية ومجالس ومنتديات ثقافية ومنابر للرأي في ساحاته ومقاهيه.
تغيّرت أسماء هذا الشارع أكثر من مرة منذ تأسيسه في زمن الدولة العباسية (132/656 للهجرة)، فقد بدأ بدرب القلغ وسوق السراي وشارع حسن باشا، وتعود تسميته بحسن باشا إلى كون هذا القائد العثماني فتحه أوّل مرّة ليكون مسلكا يذهب من خلاله إلى جامع السراي. وفي زمن العثمانيين تحوّل اسمه إلى “الاكمك خانة”، إلى أن سمّاه الملك غازي عام 1932 باسمه الحالي شارع المتنبي”.
وتعرّض الشارع في الخامس من مارس عام 2007 لتفجير بسيارة مفخخة أدت إلى قتل 30 شخصا من المتسوّقين، وتسبّبت في تدمير العديد من الأبنية القديمة، فقد انهارت المكتبة العصرية بشكل كامل.
وهي أقدم مكتبة في الشارع تأسست منذ عام 1908، كما دمّر مقهى الشابندر واحترقت آلاف الكتب بدمار مكتبات ومطابع كثيرة، وأصبح العديد من المباني البغدادية الأثرية في المنطقة ركاما منثورا، فكان ذلك مشهدا مأساويا لا تزال مرارته حاضرة في أذهان المثقفين العراقيين.
وفي 2008 أعيد افتتح شارع المتنبي مجدّدا بعد إعادة إعماره وإضافة رمزه التاريخي، الشاعر أبي الطيّب المتنبي، عبر إقامة نصب جديد له من البرونز بمحاذاة نهر دجلة.
كما قامت محافظة بغداد بإعادة تأسيس المركز الثقافي البغدادي المقابل لمبنى القشلة، ليضمّ عدة قاعات تحمل أسماء أعلام العراق وفنانيه، خصّصت للندوات الثقافية والمنتديات الشعرية والمهرجانات والمعارض الفنية المختلفة.