البنيوية Structuralism
البنيوية Structuralism: منهج بحث مستخدمٍ في عدة تخصصات علمية، تقوم على دراسة العلاقات المتبادلة بين العناصر الأساسية المكونة لبنى يمكن أن تكون: عقلية مجردة، لغوية، اجتماعية، ثقافية.
برزت البنيوية في بدايتها في مطلع القرن التاسع عشر ضمن حقل علم النفس، لكن نجمها سطع فعلا في منتصف القرن العشرين، حين لاقت شعبية منقطعة النظير، مخترقة جميع أنواع العلوم والتخصصات.
أبرز من عمل ضمن إطارها وعمل على تطويرها هو “فرديناند دي سوسير” و “كلود ليڤي شتراوس”.
- النظرية
تقوم النظرية على أساس أن العالَم لا يتألف من عناصر أو وحدات ذات وجود مستقل أو منفرد، وإنما من وحدات توجد ضمن بنية أو نسق عام يضبط علاقاتها المتبادلة لتكتسب معنى وقيمة، إضافة إلى خاصيتها الفردية. وتفقد هذه الوحدات معانيها وأهميتها خارج إطار هذا النسق أو البنية. ولا يبحث البنيويون في خصائص الوحدات والأجزاء أو محتواها، وإنما في علاقة الأجزاء فيما بينها بقصد الكشف عن وحدة العمل الكلية أو النسق.
وتعتمد هذه النظرية التي طبقت في جميع المجالات، وخاصة في العلوم الإنسانية والفيزيائية، على ثلاث مقولات رئيسية هي: الكلية والتحول والضبط الذاتي.
والكلية نظام شامل من العلاقات المتبادلة بين جميع الوحدات التي تنتمي إليه، وتستمد منه معناها وقيمتها. فاللغة بنية كليّة، أو نسق من العلاقات الدلالية والصرفية والنحوية، يحدد معاني الكلمات ووظائفها.
فكلمة mouse، وهي وحدة في بنية اللغة الإنكليزية الكليّة، تعني «فأراً» في هذه اللغة وحدها، بمقارنتها بالكلمات التي تنتمي إلى المجموعة الوظيفية ذاتها، كالكلب والبقرة والقطة؛ فإذا أخرجت من هذه البنية تفقد هذا المعنى، ما لم يكن لها معنى آخر في نسق لغوي آخر، إذا كان صوتها يوحي بهذا المعنى؛ وهذا نادر، ولا يكون إلا مصادفة.
أما التحول، فهو نظام تتمتع به البنية، على ثباتها، ليساعد في إيجاد معاني وتركيبات متجددة دائماً، لكن ضمن قواعدها الثابتة والضبط الذاتي لكل وحدة فيها. فمثلاً إن أي كلمة في اللغة لها وظيفة ثابتة ضمن البنية الكلية، كأن تكون اسماً، أو فعلاً أو نعتاً، ولكن يمكن أن ترد هذه الكلمة في عدة تشكيلات وتركيبات تحول معناها بشرط أن تحافظ على وظيفتها. فكلمة cat في الإنكليزية وهي اسم، ولا يمكن أن تأتي بوظيفة فعل إلا بخرق القانون العام للبنية، ولكنها تأتي في عدة تركيبات.
وضمن هذا التحول أيضاً، يمكن لهذه الكلمات أن تكتسب معاني جديدة حسب تبدل العلاقات بعضها ببعض وحسب التغيرات التي تطرأ على استخدام اللغة في مجتمعاتها لتكسبها مدلولات جديدة. وهنا يأتي الضبط الذاتي ليحافظ على وظيفة الوحدات وعلاقتها ببعضها ضمن ضوابط ثابتة داخل النسق العام.