تُعتبر تدخلات الصحة النفسية للأطفال مجالا معقدا ومتعدد الأبعاد، يتطلب فهما دقيقا للتحديات النفسية التي يواجهها الأطفال والمراهقون، بالإضافة إلى مراعاة السياقات الاجتماعية والثقافية التي يعيشون فيها. تتفاوت هذه التدخلات بناء على نوع المشكلة النفسية، عمر الطفل، وخصائصه الفردية، مما يستدعي تطبيق نُهج علاجية متنوعة ومتكاملة.
- العلاج النفسي القائم على الأدلة للأطفال والمراهقين
تُعد الجمعية الأمريكية لعلم النفس (APA) مرجعا رئيسيا في تحديد وتوصية التدخلات العلاجية المبنية على الأدلة لعلاج الاكتئاب لدى الأطفال والمراهقين. تشمل هذه التدخلات:
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT): يُركز على تعديل الأفكار والسلوكيات السلبية المرتبطة بالاكتئاب.
- العلاج بين الشخصي (IPT): يُعنى بتحسين العلاقات الاجتماعية وتخفيف التوترات التي قد تسهم في الاكتئاب.
- مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs): تُستخدم بحذر وتحت إشراف طبي لعلاج الاكتئاب الشديد.
تؤكد APA على ضرورة دمج أفضل البحوث المتاحة مع الخبرة السريرية، مع مراعاة خصائص وثقافة المريض في الممارسة المبنية على الأدلة.
- العلاج النفسي القائم على العلاقة بين الوالدين والرضيع (PIP)
يُعد العلاج النفسي القائم على العلاقة بين الوالدين والرضيع (PIP) تدخلا ثنائيا يعمل مع الوالدين والرضيع معا، بهدف تحسين العلاقة بينهما وتعزيز التعلق الآمن والنمو الأمثل للرضيع. يُركز هذا العلاج على فهم الوالدين لمشاعرهم وتوقعاتهم تجاه الطفل، وربطها بتجاربهم السابقة، لتحسين التفاعل مع الطفل.
تشير الدراسات إلى أن PIP يمكن أن يُحسن من التعلق الآمن لدى الأطفال، إلا أن الأدلة على فوائده في مجالات أخرى لا تزال غير حاسمة، مما يستدعي إجراء المزيد من البحوث.
- التحديات في علاج الأطفال المصابين بصدمات نفسية
يُواجه المعالجون تحديات كبيرة عند علاج الأطفال الذين تعرضوا لصدمات نفسية، مثل العنف الأسري أو الإهمال. قد يؤدي التعرض غير المباشر لهذه الصدمات إلى إجهاد ثانوي لدى المعالجين، مما يتطلب إشرافا انعكاسيا لمنع الشعور بالعجز والحفاظ على فعالية العلاج.
- أهمية التدخل المبكر
يُعتبر التدخل المبكر في علاج الصدمات النفسية لدى الأطفال أمرا حاسما، حيث يمكن أن يُقلل من التأثيرات السلبية طويلة المدى على الصحة النفسية والجسدية. تشير الدراسات إلى أن العلاج النفسي المشترك بين الطفل والوالدين يمكن أن يُبطئ من الشيخوخة البيولوجية لدى الأطفال الذين تعرضوا لصدمات.
- الخلاصة:
تتطلب تدخلات الصحة النفسية للأطفال نهجا شاملا ومبنيا على الأدلة، مع مراعاة الخصائص الفردية لكل طفل. يُعد العلاج النفسي القائم على العلاقة بين الوالدين والرضيع أحد الأساليب الواعدة، إلا أن الحاجة لا تزال قائمة لمزيد من البحوث لتحديد فعاليته في مجالات متعددة. كما يُعد التدخل المبكر والتعامل مع التحديات التي يواجهها المعالجون أمرا ضروريا لضمان تقديم رعاية نفسية فعالة للأطفال.
- المراجع العلمية:
-
American Psychological Association. (2017). Clinical Practice Guideline for the Treatment of Depression Across Three Age Cohorts.
https://www.apa.org/depression-guideline - Lieberman, A. F., & Van Horn, P. (2008). Psychotherapy with Infants and Young Children: Repairing the Effects of Stress and Trauma on Early Attachment. Guilford Press.
https://www.guilford.com/books/Psychotherapy-with-Infants-and-Young-Children/Lieberman-Van-Horn/9781609182405 - SAMHSA. (2014). Trauma-Informed Care in Behavioral Health Services: Treatment Improvement Protocol (TIP) Series 57.
https://store.samhsa.gov/product/TIP-57-Trauma-Informed-Care-in-Behavioral-Health-Services/SMA14-4816 -
National Child Traumatic Stress Network. (2022). Secondary Traumatic Stress: A Fact Sheet for Child-Serving Professionals.
https://www.nctsn.org/resources/secondary-traumatic-stress-child-serving-professionals - Humphreys, K. L., Gleason, M. M., Drury, S. S., Miron, D., Nelson, C. A., Fox, N. A., & Zeanah, C. H. (2015). Effects of institutional rearing and foster care on psychopathology at age 12 years in Romania: follow-up of an open, randomised controlled trial. The Lancet Psychiatry, 2(7), 625-634.
https://doi.org/10.1016/S2215-0366(15)00095-4
