“إذا ما أردت أن تعرف حقيقة شخص ما، فراقبه لحظة إختيار حر”.
ويمكن أن ينطبق القول على حقيقة شعب ما أو مجتمع ما، ولكن حر من ماذا تحديدا؟
حر من رقابة البوليس والقانون وتقاليد المجتمع ونظرات الأب والجد والأم وتوجيهات المعلم ومحددات الثقافة التي ينتمي إليها والأعراف.
ففي اللحظة التي يكون فيها أفراد هذا المجتمع خارجين عن هذه السلطة، حينها ستتمكن من معرفة خباياهم..
لنضرب مثلا: تصعد آلاف الإرانيات الى الطائرة، وما أن يصلن إلى أوروبا حتى يخلعن الحجاب..
ويبدو الرجل الشرقي الجالس في مقعد آخر شديد التمسك بالزواج من فتاة عربية عذراء، لكن ما أن يصل إلى أوروبا هو أيضا حتى يعيش مغامرات عدة مع أوروبيات عاشرن قبله الكثيرين، وكثيرا ما تنتهي علاقته باحداهن بالزواج..
و لكن يبقى المثال الأكثر صدمة هو آخر الإحصائيات من غوغل أدوردز و غوغل تراندز حول إرتفاع نسب إقبال العرب على المواقع الإباحية.
و الأكثر صدمة من هذا هو معجم الكلمات المستعمل في البحث عن الجنس، أي غرابة أذواق الباحثين العرب، في مجتمعات عرفت بمحافظتها.
ليس هذا فقط، فقد تبوأ رجال الأعمال العرب المراتب الأولى في تمويل وإمتلاك قنوات إباحية، متفوقين حتى على رجال الأعمال الإسرائليين في هذا المجال..
فيما يلي سنستعرض بعضا من خفايا اهتمامات العرب بالمواقع الإباحية.
الإباحية: الواقع السري للعالم العربي
تظهر أغلب الشّعوب العربيّة معارضة لكل أشكال الجنس غير الشرعية، وتنتقد كل علاقة بين رجل و إمرأة تتسم بنوع من الحرية الجسدية خارج اطار الزواج.
مؤخرا، أثارت قضية قبلة بين رجل وامرأة في فضاء عام سخطا كبيرا في المجتمع التونسي، علما بأنهما اوقفا واحيلا على القضاء.
يبدو هذا غريبا في الواقع، أمام الإقبال الكبير على المواقع الإباحية في العالم العربي، خاصة بالنظر الى المواضيع التي يتم بشأنها البحث علـي الغوغل، والتي ترسم لنا مشهدا محيرا للعادات الفردية السريّة لشعوب المنطقة.
لا يملك المرء وهو يطالع الاحصائيات الا أن يستنتج أن الاباحية منتشرة بشدّة في العالم العربي. فوفقاً لـ Google AdWords، يعود 10٪ من عمليات البحث عن كلمة جنس على الإنترنت في العالم إلى المنطقة العربية بدولها الـ 22.
يجري العالم العربي حوالي 55.4 مليون عملية بحث عن كلمة “الجنس” شهريّاً (إذا ما استثنينا 24 مليون عملية بحث إضافية عن كلمة “جنس”)، وهو ما يعادل نسب الولايات المتحدة والهند مجتمعتين، واللذين يعدّان من روّاد استهلاك الإباحية في العالم.
عند ضبط هذه الأرقام يظهر أن عمليات البحث عن كلمة “جنس” عبر غوغل في العالم العربي تكاد تفوق أي مكان آخر في العالم.
وفقاً لـ AdWords، يجري كل مئة مستخدم عربي ما يقارب 52 عملية بحث شهرياً، مقابل 21 للولايات المتحدة، 36 للهند، 45 لفرنسا و47 لباكستان.
و يبدو أن مصر، أكبر دولة عربية من حيث عدد سكان، هي أكبر مستهلك للمواقع الإباحيّة بالمطلق – إذ تستحوذ على 44% من عمليات البحث عن الكلمات الإباحيّة في المنطقة – ويتبين أن العراق وليبيا يسجّلان أعلى الأرقام من حيث عدد الأبحاث للفرد.
و حسب شركة الإحصاءات الإلكترونيّة Alexa، فانّ المواقع الإلكترونيّة المخصّصة للجنس تشكّل 7 من المواقع الـ 100 الأكثر استهلاكاً في الولايات المتّحدة، وهو رقم تتجاوزه ما لا يقل عن 6 دول عربية، وهي الجزائر، والعراق ولبنان وليبيا وتونس واليمن.
كما أنه، وفقاً لـ Google Trends، التي تظهر حجم البحث عن كلمات محددة نسبة لكافة الأبحاث على غوغل، يميل سكان المنطقة العربية للبحث عن كلمة ”sex“ أكثر من أي مكانٍ آخر في العالم، باستثناء شبه القارة الهندية.
- أذواق غريبة
أثناء البحث عن أكثر الكلمات التي يستعملها العرب في هذه المواقع تشك حقا انك ازاء نفس العالم العربي، ببلدانه ال22 التي يضيّق بعضها على اختلاط الاناث والذكور حتى في مراحل مبكرة، ويمنع حتى مجرد تلامس الأيدى.
يبحث العرب شهرياً عن كلمة “سحاق” حوالي 718,000 مرة (ويسجّل العراق أكبر عدد منها على المستوى الفردي).
والأغرب من ذلك أن كلمة “نكاح الحيوان” تسجل حوالي 1.03 مليون مرّة شهرياً في المنطقة، بينما تسجل كلمة “نكاح المحارم” 1.18 مليون مرة، أي ما يزيد عن بحث واحد لكل 100 مستخدم.
وقد أظهرت دراسة سعودية أنّ هناك استخداماً واسعاً للبروكسي proxy لولوج مواقع ممنوعة، وظهرت عقب هذا نداءات عدّة تدعو لإنشاء مراكز إعادة تأهيل للمدمنين على الإباحية.
لن نذكر بلدانا بعينها كي لا توصم بأشياء قد تمثل عينة لشريحة من المجتمع لا غير. لكننا وجدنا أن أكثر الكلمات بحثا هي أخ يغتصب أخته –و جنس بين الفتيات– و إغتصاب الأطفال. ويلاحظ أن هذه الكلمات تتالت أكثر مع بداية الأزمة السورية و ظهور ما يسمى ب”داعش” .
قد تبدو هذه الاهتمامات صادمة للبعض، وللأسف لم يقع إلى حد الآن تفسيرها من قبل الأخصائين في علم النفس أو علم الجنس، ولكنها تؤكد بلا شك وجود أزمة حقيقة تتعلق بمجال الجنس في العالم العربي.
- تمويل رجال أعمال عرب لهذه المواقع
وقد ذكرت صحيفة “ترين” الفنية الاسكتلندية ان الفضاء التلفزيوني للقنوات الإباحية ومواقع البورنو في الإنترنت تعد مجالا مغريا لعدد من الأثرياء العرب الذين يستثمرون في هذا المجال ما يزيد عن 460 مليون يورو، من خلال امتلاكهم ل 320 قناة فضائية “للكبار فقط” على الأقمار الأوروبية.
كذلك تبين الصحيفة أن أثرياء العرب أصبحوا يشكلون منافسا قويا لرجال أعمال إسرائيليين لا يمتلكون أكثر من 30 قناة اباحية.
ويبدو سوق الشباب العربي الأهم، إذ أنه حتى القنوات المملوكة لرجال أعمال إسرائيليين موجهة في أغلبها الى العالم العربي.
وبحسب الصحيفة، فإن رجال الأعمال العرب حققوا أرباحا تفوق المليار يورو في السنوات ال 7 الأخيرة، عبر تقديم مواد جنسية للبالغين فقط، وتوفير خدمة الاتصال الهاتفي والتواصل مع الممثلات الاباحيات.
ويتربع رجال الأعمال المصريون على عرش الصدارة بين نظرائهم العرب، اذ يمتلك أكثر من 15 مصريا ما يزيد عن 56 قناة اباحية، علاوة على وجود أسماء لرجال أعمال من لبنان وقطر والمغرب وتونس والجزائر بالإضافة الى مصر، من بين أكبر المساهمين في باقات سيغما وألفا ودلتا ومالت فيجن.
و تعد كلمتا “عربي” و “جنس المغرب” الأكثر بحثا، أي أن المستخدمين يبحثون عن مشاهد إباحية أبطالها عرب و مغاربة، وهذا ما يفسر بدوره إقبال منتجي صناعة الجنس على التركيز على ممثلين عرب من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، نظرا لمعرفتهم بالإقبال الكبير على هذا الصنف.
يرى البعض أنه يجب أن تتكفل الدولة بحجب هذه المواقع الإباحية. ولكن كثيرا ما تفشل سياسات الحجب هذه، فما أن تحجب موقعا حتى يظهر موقع آخر، كما أن إستعمال البروكسي يمكنّك من الدخول لهذه المواقع، كما يحدث الآن في السعودية.
لذا لم تظهر هذه الأخيرة في التصنيف رغم ما يعرف عن نهم مجتمعها، القائم على الحجب، على الجنس بكافة أصنافه.
في الحقيقة، ليس المهم التعرف على نسبة إقبال السعودية أو مصر أو المغرب على هذه المواقع، بل الشروع في التناول المتوازن والمفتوح لموضوع الجنس وللحياة الجنسية للعرب ومشاكلها، قصد معالجتها وتأسيس علاقة سليمة مع الجسد والآخر، بعيدا عن القمع والتضييق والكبت الذي لا ينتج الا الأمراض والتشوهات.
https://albayanres.com/read/%D8%A3%D8%AB%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B1%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AF%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D8%AB-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D9%8A