اقتباساتصحافة وإعلامعلم الاجتماععلم النفسعلوم سياسية

نظرية المؤامرة – Conspiracy Theory

تقول بعض المدارس؛ إن نظريات المؤامرة كانت تقتصر في السابق على جماهير هامشية، وأنها أصبحت شائعة في وسائل الإعلام، مما ساهم في بروز نظريات المؤامرة كظاهرة ثقافية في الولايات المتحدة في أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين.


ووفقًا لعلماء الأنثروبولوجيا تود ساندرز (Todd Sanders) وهاري غ. ويست (Harry G. West)، فإن الأدلة تشير إلى أن المقطع العرضي الواسع (الكمي) للأميركيين اليوم يعطي المصداقية لبعض نظريات المؤامرة على الأقل، والاعتقاد في نظريات المؤامرة كان متواجدًا قبل أن يصبح موضوع اهتمام لعلماء الاجتماع وعلماء النفس والخبراء في الفولكلور.


توجد نظريات المؤامرة على نطاق واسع على شبكة الإنترنت في المدونات ومقاطع الفيديو على يوتيوب، وكذلك على وسائل الإعلام الاجتماعية، وما إذا كان الويب قد زاد من انتشار نظريات المؤامرة أم لا هو سؤال بحث مفتوح.


فقد تم رصد ودراسة وجود نظريات المؤامرة في نتائج محرك البحث ودراستها، وهذا أظهر تباينًا كبيرًا في مختلف الموضوعات، وغيابًا عامًا للروابط عالية الجودة وذات السمعة الجيدة في النتائج.


  • أنماط نظرية المؤامرة
  • أنواع ووكر الخمس

حدد جيسي ووكر (2013) خمسة أنواع من نظريات المؤامرة:

يشير مصطلح «العدو الخارجي» إلى نظريات تستند إلى شخصيات يُزعم أنها تقوم بالتخطيط ضد مجتمع ما من الخارج.


في «العدو الداخلي» المتآمرين داخل الأمة ولا يمكن تمييزهم عن المواطنين العاديين.


«العدو الأعلى» وهم أشخاص أقوياء يتلاعبون بالأحداث من أجل مكاسبهم الخاصة.


وفي «العدو الأدنى» الطبقات الأدنى تعمل على قلب النظام الاجتماعي.


«المؤامرات الخيّرة» هي قوى ملائكية تعمل خلف الكواليس لتحسين العالم ومساعدة الناس.


  • أنماط باركون الثلاث

حدد باركون ثلاثة تصنيفات لنظرية المؤامرة:

نظريات المؤامرة للأحداث: وهذا يشير إلى أحداث محددة ومعرّفة بشكل جيد، وتشمل الأمثلة نظريات مؤامرة مثل تلك التي تتعلق باغتيال كينيدي، وأحداث الحادي عشر من سبتمبر، وانتشار مرض الإيدز.


نظريات المؤامرة المنظمة: ويعتقد فيها أن المؤامرة لديها أهداف واسعة، وعادة ما تكون حول إحكام السيطرة على بلد أو منطقة ما أو حتى على العالم بأسره، وتكون الآلية التآمرية بسيطة بشكل عام:


منظمة واحدة شريرة، تنفذ خطة للتسلل وتخريب المؤسسات القائمة، وهذا هو السيناريو الشائع في نظريات المؤامرة التي تركز على مكائد مزعومة من قبل اليهود، أو الماسونيون الأحرار، أو الشيوعيون، أو الكنيسة الكاثوليكية…إلخ.


نظريات المؤامرة الفائقة: بالنسبة إلى باركون تربط هذه النظريات بين مؤامرات مزعومة متعددة التسلسل الهرمي، وفي القمة قوة شريرة بعيدة ولكن قوية، واعتمد في الأمثلة التي ذكرها على أفكار ديفيد إيك وميلتون وليام كوبر.


  • روثبارد: السطحي مقابل العميق

يجادل موراي روثبارد لصالح نموذج يقارن بين نظريات المؤامرة «العميقة» ونظريات المؤامرة «السطحية»، ووفقًا لروثبارد فإن مخترع أو مصدق النظريات السطحية يلاحظ حدثًا ويسأل «من المستفيد؟» ويقفز إلى استنتاج مفاده أن المستفيد المفترض مسؤول عن التأثير في الأحداث بشكل سري، ومن ناحية أخرى،


يبدأ مخترع أو مصدق نظريات المؤامرة العميقة بحدس ثم يبحث عن أدلة، ويصف روثبارد هذا النشاط الأخير كمسألة للتأكيد مع حقائق تابعة لأوهام الشك الخاصة بالشخص.


  • الدليل مقابل نظريات المؤامرة

عادة ما يشار إلى النظريات التي تتضمن متآمرين متعددين والتي ثبت أنها صحيحة مثل فضيحة ووترغيت، على أنها «صحافة استقصائية» أو «تحليل تاريخي» بدلاً من نظرية المؤامرة.


وعلى النقيض من ذلك يستخدم مصطلح «نظرية مؤامرة ووترغيت» للإشارة إلى مجموعة متنوعة من الفرضيات التي كان فيها المدانون في المؤامرة هم في الواقع ضحايا مؤامرة أعمق.


يقارن نعوم تشومسكي نظرية المؤامرة بالتحليل المؤسسي الذي يركز في الغالب على الجمهور، والسلوك طويل الأمد للمؤسسات المعروفة علنًا.


كما هو مسجل في -على سبيل المثال- الوثائق العلمية أو التقارير الإعلامية السائدة، بينما نظرية المؤامرة على العكس من ذلك تفترض وجود تحالفات سرية لبعض الأفراد وتتكهن بأنشطتهم المزعومة.


  • المؤامرة كفكرة عالمية

تم تعميم مصطلح «المؤامرة» من قبل الأكاديمي فرانك ب. مينتز في الثمانينيات، ووفقًا لمينتز تشير المؤامرة إلى «الاعتقاد في أسبقية المؤامرات في كشف التاريخ»:


«تخدم المؤامرة احتياجات المجموعات السياسية والاجتماعية المتنوعة في أمريكا والأماكن الأخرى، إنها تحدد النخب وتلقي باللوم عليها في الكوارث الاقتصادية والاجتماعية.


وتفترض أن الأمور ستكون أفضل عندما يتمكن العمل الشعبي من إزالتها من مواقع السلطة، وعلى ذلك لا تميز نظريات المؤامرة حقبة معينة أو أيديولوجية معينة.»


  • في الشرق الأوسط

لاحظ ماثيو غراي أن نظريات المؤامرة هي سمة سائدة في الثقافة والسياسة العربية، وتتنوع المؤامرات لتشمل الاستعمار والصهيونية والقوى العظمى والنفط والحرب على الإرهاب التي قد يشار إليها على أنها حرب ضد الإسلام.


وقد اقترح الصحفي روجر كوهن أن شعبية نظريات المؤامرة في العالم العربي هي الملاذ الأخير للضعفاء من البسطاء وعامة الشعب، كما لاحظ عبد المؤمن سعيد خطر مثل هذه النظريات لأنها «لا تبعدنا عن الحقيقة فقط، وإنما عن مواجهة أخطائنا ومشاكلنا أيضًا.».


  • عوامل الجذب لنظرية المؤامرة

وفقًا لباركون فإن تفسير جاذبية نظريات المؤامرة يتضمن الثالوث التالي:

أولاً: تدّعي نظريات المؤامرة تفسير ما لا يمكن للتحليل المؤسسي تفسيره، وتبدو أنها تجعل العالم المربك أكثر منطقية.


ثانيًا: تفعل ذلك بطريقة بسيطة بشكل جذاب بتقسيم العالم لقوى النور وقوى الظلام، بحيث تعيد كل الشرور إلى مصدر واحد هم المتآمرين ووكلائهم.


ثالثًا: غالبًا ما تُعرض نظريات المؤامرة على أنها معرفة سرية خاصة غير معروفة أو لا يقدرها أي شخص آخر، وبالنسبة لمنظري المؤامرة، فإن الجماهير عبارة عن قطيع مغسول الدماغ، في حين أن منظري المؤامرة يملكون المعرفة ويمكنهم أن يهنئوا أنفسهم على اختراق خداع المتآمرين.”


  • الأصول النفسية

يعتقد بعض علماء النفس أن البحث عن معنى شائع في المؤامرة، وبمجرد معرفتها قد يؤدي تحيز التأكيد وتجنب التنافر المعرفي إلى تعزيز الاعتقاد، وفي سياق تصبح فيه نظرية المؤامرة تحظى بشعبية داخل مجموعة اجتماعية، فقد تلعب التعزيزات المجتمعية دورًا مساويًا.


  • الإسقاط النفسي

أشار بعض المؤرخين أن هناك عنصر من الإسقاط النفسي في المؤامرة، وهذا الإسقاط وفقًا للحجة يتجلى في شكل إسناد خصائص غير مرغوب فيها من الذات إلى المتآمرين.


  • التفسيرات الاجتماعية

شبَّه الصحفي والكاتب كريستوفر هيتشنز نظريات المؤامرة بــ«أدخنة عوادم الديمقراطية»، معتبراً أنها النتيجة التي لا يمكن تجنبها حين تتوافر كمية كبيرة من المعلومات المتداولة بين عدد كبير من الناس.


قد تُعطي نظريات المؤامرة شعورًا بالرضا من الناحية العاطفية، فمن خلال إلقاء اللوم على مجموعة لا ينتمي إليها مُدَّعي ومصدق هذه النظرية.


وهو بالتالي ما يعفيه من المسؤولية الأخلاقية أو السياسية في المجتمع، وبالمثل: كتب الصحفي روجر كوهن في النيويورك تايمز بأن: «العقول الأسيرة تلجأ إلى نظرية المؤامرة لأنها الملاذ الأخير للضعفاء، إذا لم تستطع تغيير حياتك الخاصة، فلا بد من وجود قوة كبرى تسيطر على العالم.»


وجد مؤرخ علم الاجتماع “هولغر هيرويغ” عند دراسته للتفسيرات الألمانية وراء أصول اندلاع الحرب العالمية الأولى بأن الأحداث الأكثر أهمية في التاريخ هي فعليًا أكثرها صعوبة للفهم لأنها ستلاقي اهتمامًا غير منقطع النظير من حابكي الأساطير ومزوري التاريخ.


  • تأثير النظرية النقدية

يقترح عالم الاجتماع الفرنسي برونو لاتور أن الشعبية الكبيرة لنظريات المؤامرة في الثقافة الجماهيرية قد تكون عائدة جزئيًا إلى الانتشار الواسع للنظرية النقدية المستوحاة من الماركسيين والأفكار المماثلة في الأوساط الأكاديمية منذ سبعينيات القرن العشرين.


  • مدى استمرار نظريات المؤامرة

نشر الفيزيائي وباحث السرطان الأيرلندي ديفيد روبرت غرايمز تقديرًا للوقت الذي ستستغرقه نظريات المؤامرة المزعومة قبل أن تُفضَح بناءً على عدد الأشخاص المعنيين:


تتطلب نظرية مؤامرة خدعة الهبوط على القمر مشاركة 411,000 شخص حتى تكتشف في غضون 3.68 سنة.


تتطلب نظرية مؤامرة نكران التغير المناخي 450,000 شخص لتكتشف في غضون 3.70 سنة.


تتطلب مؤامرة اللقاح المزعومة ما لا يقل عن 22,000 شخص (بدون شركات أدوية) لتتكشف في غضون 3.15 سنة على الأقل ونحو 34.78 سنة على الأكثر اعتمادًا على العدد المعني.


تتطلب نظرية مؤامرة لمنع اكتشاف علاج للسرطان 714,000 شخص لتتكشف في غضون 3.17 سنة.

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى