“الخوارج” .. أول فرقة ظهرت في المسلمين
الخوارج اسم أطلقه مخالفو فرقة قديمة محسوبة على الإسلام كانوا يسمون أنفسهم بـ”أهل الإيمان”، وهي أول فرقة ظهرت في الإسلام علي يد ذو الخويصرة التميمي، واشتهرت بالخروج بالسيف علي عثمان بن عفان وقتله، وخروجهم بالسيف على علي بن أبي طالب بعد معركة صفين سنة 37هـ؛ لرفضهم التحكيم بعد أن عرضوه عليهم وقتل علي بن أبي طالب عبر ضرب عنقه وهو يصلي علي يد عبد الرحمن بن ملجم المذحجي ثأراً لقتلى جيش الخوارج في معركة حروراء.
وقد عرف الخوارج على مدى تاريخهم بالمغالاة في الدين وبالتكفير والتطرف. وأهم عقائدهم: تكفير أصحاب الكبائر، ويقولون بخلودهم في النار، وكفروا عثمان وعلي وطلحة والزبير وعائشة، ويقولون بالخروج بالسيف على الحكام الظالمين والفاسقين وهذا الرأي يتفق مع بعض علماء أهل السنة الذين يرون جواز الخروج بالسيف علي الحاكم الظالم الجائر كابن حجر العسقلاني احتجاجا بالقراء الذين خرجوا علي الحجاج بن يوسف الثقفي وأهل المدينة في الحرة، وهم فرق شتى.
ويلقب الخوارج بالحرورية والنواصب والمارقة والبغاة والمكفِّرة والشكاكية والشراة والمُحَكِّمة، والسبب الذي من أجله سموا خوارج لأنهم خرجوا على أئمة الحق والعدل، وسموا شراة لأنهم قالوا شرينا أنفسنا في طاعة الله، أي بعناها بالجنة، وسموا المكفرة لتكفيرهم أصحاب الكبائر كالسارقين والزناة وشاربي الخمر والقول بخلودهم في النار كالكفار، وسموا البغاة لأنهم يبغون علي المسلمين ويقتلونهم بغير الحق، وسموا مارقة وذلك للحديث النبوي الذي أنبأ بأنه سيوجد مارقة من الدين كما يمرق السهم من الرمية.
إلا أنهم لا يرضون بهذا اللقب لأنهم يعتبرون أنفسهم على الهدى والحق وأما غيرهم فإنهم أهل كفر، وسموا المحكمة لإنكارهم الحَكَمين (عمرو بن العاص وأبو موسى الأشعري) وقالوا لا حكم إلا لله. ولقد توالت الأحداث بعد ذلك بين علي والذين خرجوا عليه بالسيف، ومحاولته إقناعهم بالحجة والرد على شبهاتهم عبر مناظرة بن عباس لجيشهم فعاد أكثرهم وتابوا إلا قلة،
ثم قيام الحرب وهزيمتهم وهروبهم إلى سجستان وحضرموت، وبعثهم من جديد وتكوين فرق كانت لها صولات وجولات من حين لآخر لقتال الحكام والأئمة المسلمين الشرعيين.
وقد أوضح علي بن أبي طالب منهج التعامل معهم وهو «لن نمنعكم مساجد الله، ولا نمنعكم فيئا ما كانت أيديكم مع أيدينا، ولا نقاتلكم حتى تقاتلونا» وقال كذلك «إن خالفوا إمامًا عدلًا فقاتلوهم، وإن خالفوا إمامًا جائرًا فلا تقاتلوهم؛ فإن لهم مقالً».
ولا يعد كل من يخرج علي الحاكم بالسيف من الخوارج فهناك أهل حق وهم من خرجوا بالسيف علي الحكام الظالمين والذين يتركون العمل بالسنة النبوية والحدود ويحلون شرب الخمر والزنا كما قال ابن حجر العسقلاني: «وقسمٌ خرجوا غضبًا للدين، من أجل جَور الولاة وتَرْك عملِهم بالسُّنة النبوية؛ فهؤلاء أهلُ حقٍّ، ومنهم: الحسن بن علي، وأهل المدينة في الحرَّة، والقرَّاء الذين خرجوا على الحجَّاج»
وقال كذلك القرطبي: «لو تركَ الإمام إقامةَ قاعدةٍ من قواعد الدين؛ كإقام الصلاة، وصوم رمضان، وإقامة الحدود، ومَنَع من ذلك، وكذلك: لو أباحَ شُربَ الخمر والزنا، ولم يمنع منهما، لا يُختلف في وجوب خَلْعِهِ، فأمَّا لو ابتدعَ بدعةً، ودعا النَّاسَ إليها، فالجمهور: على أنه يُخْلَع»
وهناك البغاة وهم من يخرجون بالسيف من أجل الملك فقط فقال بن حجر العسقلاني «وقسم خرجوا لطلب الملك فقط سواء كانت فيهم شبهة أم لا وهم البغاة»
وقد ظهرت فرق أخري بسبب الخوارج مثل فرقة المرجئة التي نشأت للرد عليهم فأخرجت العمل من الإيمان ليكون أهل القبلة جميعا مؤمنين مهما كانت أعمالهم.