فرط القراءة: ظاهرة القراءة المبكرة الخارقة لدى الأطفال حديثي السن
(Hyperlexia)
يُعد “فرط القراءة” (Hyperlexia) ظاهرة نادرة تتمثل في قدرة الأطفال على قراءة الكلمات في سن مبكرة جدا، غالبا قبل سن الخامسة، دون تدريب رسمي على القراءة. ورغم أن هذه القدرة قد تبدو موهبة استثنائية، إلا أنها غالبا ما تترافق مع تحديات في الفهم اللغوي والتواصل الاجتماعي، مما يجعلها موضوعا هاما للدراسة في مجالات علم النفس التربوي والتنموي.
تعريف فرط القراءة
تم تعريف فرط القراءة لأول مرة عام 1967 من قبل نورمان ومارجريت سيلبيربيرج، حيث وصفاه بأنه القدرة المبكرة على قراءة الكلمات دون تعليم رسمي، وغالبا ما يظهر قبل سن الخامسة. يتميز الأطفال الذين يعانون من فرط القراءة بقدرتهم على فك تشفير الكلمات بشكل يفوق بكثير مستوى فهمهم اللغوي، وقد يظهرون اهتماما مفرطا بالحروف والأرقام.
أنواع فرط القراءة
اقترح الدكتور دارولد تريفيرت ثلاثة أنواع رئيسية لفرط القراءة:
- النوع الأول: أطفال طبيعيون (غير مصابين بالتوحد) يبدؤون في القراءة مبكرا جدا دون مشاكل سلوكية أو اجتماعية.
- النوع الثاني: أطفال على طيف التوحد يظهرون قدرة قراءة مبكرة كمهارة منفصلة، وغالبا ما يترافق ذلك مع تحديات في التواصل والسلوك.
- النوع الثالث: أطفال ليسوا على طيف التوحد ولكنهم يظهرون سلوكيات شبيهة بالتوحد تتلاشى مع التقدم في العمر.
من ناحية أخرى، اقترحت ريبيكا ويليامسون براون تصنيفا ثنائيا لفرط القراءة:
- النوع الأول: فرط القراءة المصاحب لاضطراب اللغة، حيث يظهر الأطفال قدرة بصرية ممتازة مع تحديات في التعبير اللغوي.
- النوع الثاني: فرط القراءة المصاحب لاضطراب الحركي البصري المكاني، حيث تكون اللغة طبيعية ولكن توجد صعوبات في التكامل البصري الحركي.
الخصائص السلوكية واللغوية
على الرغم من القدرة المبكرة على القراءة، يواجه الأطفال مفرطو القراءة تحديات في التواصل، حيث يعتمدون على التكرار والتقليد في تعلم اللغة، ويظهرون صعوبات في استخدام اللغة بشكل عفوي. غالبا ما تكون مهاراتهم الاجتماعية متأخرة، ويظهرون اهتماما أقل باللعب التفاعلي مقارنة بأقرانهم.
الأساس العصبي لفرط القراءة
أظهرت دراسات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) أن الأطفال مفرطي القراءة يظهرون نشاطا متزايدا في مناطق الدماغ المسؤولة عن المعالجة البصرية واللغوية، مثل القشرة الجبهية السفلية اليسرى والقشرة الصدغية العلوية، مقارنة بالأطفال الآخرين في نفس العمر الزمني أو مستوى القراءة.
العلاقة مع اضطراب طيف التوحد
يُقدر أن حوالي 84% من الأطفال الذين يعانون من فرط القراءة يكونون أيضا على طيف التوحد. ومع ذلك، فإن فرط القراءة ليس دائما مؤشرا على التوحد، حيث يمكن أن يظهر في أطفال غير مصابين بالتوحد ولكنهم يظهرون سلوكيات شبيهة به تتلاشى مع التقدم في العمر.
التشخيص والتدخل
لا يوجد اختبار محدد لتشخيص فرط القراءة، ولكن يتم تقييمه من خلال ملاحظة الفجوة بين قدرة القراءة والفهم اللغوي، بالإضافة إلى تقييم المهارات الاجتماعية والتواصلية. يتضمن التدخل عادة برامج علاجية مخصصة لتحسين مهارات الفهم والتواصل، ويُفضل أن يتم ذلك تحت إشراف متخصصين في علاج النطق واللغة.
- خلاصة:
فرط القراءة هو ظاهرة معقدة تجمع بين قدرات استثنائية وتحديات نمائية، مما يتطلب فهما دقيقا وتدخلا مبكرا لدعم الأطفال في تحقيق توازن بين مهاراتهم الفريدة واحتياجاتهم التنموية.
- مراجع:
-
Cleveland Clinic – Hyperlexia: Signs, Diagnosis & Treatment
https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/23447-hyperlexia - SSM Health – Treffert Center: Hyperlexia
https://www.ssmhealth.com/treffert-center/conditions-treatments/hyperlexia - PubMed – The Neural Basis of Hyperlexic Reading: An fMRI Case Study
https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/14715131 - Special Needs Resource Blog – Hyperlexia: What You Need to Know
https://specialneedsresourceblog.com/hyperlexia-what-you-need-to-know -
Healthline – Hyperlexia: Signs, Diagnosis, and Treatment
https://www.healthline.com/health/hyperlexia