تطوير الأداء المهني لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات الليبية – أطروحة دكتوراه
- في ضوء وظائف الجامعة المعاصرة ومتطلبات ضمان الجودة الشاملة -
تاقش الطالب الباحث؛ “عبد ربه محمود“، ذو الجنسية الليبية، أطروحتَه للدكتوراه؛ الموسومة بعنوان: “تطوير الأداء المهني لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات الليبية في ضوء وظائف الجامعة المعاصرة ومتطلبات ضمان الجودة الشاملة”. والتي حضَّرها في كلية علوم التربية، التابعة لجامعة الملك محمد الخامس بالعاصمة المغربية الرباط. تحت إشراف الدكتورة؛ كوثرة العمري.
ويتمحور موضوع هذه الأطروحة الجامعية؛ حول “اقتراح نموذج تربوي معياري”، يتناسب مع الجامعات الليبية. مع مراعاة مجموع العوامل والخصائص والمقومات والمتغيرات التي تُميز التعليمي العالي والجامعي في دولة ليبيا.
ويهتم هذا النموذج بالعنصر البشري تحديداً، حيث يسعى إلى تطوير وتجويد وتقوية كفاءة وأداء الأستاذ الجامعي وهيئة التدريس بشكل عام. وذلك في ظل وظائف الجامعة المعاصرة، وما تتطلبه من عناصر الجودة والكفاءة والأداء والفاعلية القصوى.
وتنزيلا لهذه الأطروحة؛ سعينا في بحثنا هذا إلى إرساء الأسس النظرية والمنهجية التي ستقوم عليها هذه الدراسة، ممثلا في “دراسة الحالة”، والتي شملت تعرية الواقع العام للتعليم العالي والجامعات في ليبيا، من خلال فرضيات مؤطَّرة لرصد مواطن الخلل والضعف في هذه الجامعات، والمشاكل والتحديات التي تواجهها.
خصوصاً ما تعلقَ بتحديث وتطوير الأنظمة والأدوات والمناهج التعليمية والبحث، لتتوافق مع ما يتطلبه الجيل الجديد من معارف ومكتسبات في التعليم والتعليم العالي والبحث العلمي، والمتمثل في تعميم الرقمنة والتكنولوجيا والحوسبة، والانفتاح على الذكاء الصناعي،
والسعي إلى تجاوز الأفكار والأدوات التقليدية المُتجاوَزة، بما يضمن إقامة جامعة ليبية حديثة ومعاصرة تستجيب لمعايير الجودة الشاملة في التعليم والبحث العلمي.
أما الإطار المنهجي الذي أطر هذه الدراسة؛ فقد تمثل في جمع كل البيانات والمعطيات والأرقام والإحصائيات الاستدلالية ذات الصلة بالموضوع، سواءً عن طريق الجهات الرسمية ذات الصلة (إدارة الجامعة)، أو من خلال استمارات واستبيانات ونماذج للتعبئة؛
تمَّ إعدادُها بعناية مسبقا، وتوزيعُها على عينات قارة، وعينات مختلفة، وعينات متفاوتة، مِن أعضاء هيئة التدريس في جامعة عمر المختار وكلياتها المختلفة.
حيث اقتصرت هذه الدراسة على جامعة عمر المختار الوطنية وكلياتِها، ما أعطانا كمّاً معقولا من الرؤى والانطباعات والتصورات، التي عالجناها معالجة إحصائية مضبوطة. أسفرتْ عن أرقام ونتائج؛ كما أن حيز الدراسة الزمني؛ تم تأطيرُه بين عام 2020 و2023م.
بعد استيفائنا لهذه المرحلة من تكوين وتجميع مادة البحث، عن طريق العمل الميداني، استعدى الأمر الاشتغال وفق منهجية مضبوطة ومحددة. حيث كان المنهج “المسحي التطوُّري”، أحد الأدوات المنهجية التي وضفناها في الدراسة لتماثُلِه وانسجامه مع إشكالية البحث والفرضيات التي نحن بصدد تأكيدها أو نَفْيِها،
حيث تم تطوير استبانة من ثلاثة أجزاء، هَمَّتْ “تطوير ممارسات البحث العلمي”، و”خدمة المجتمع” و”ممارسات التعليم”.
انتهاءً بالصعوبات التي تواجه الأداء المهني على مستوى البنية التحثية البحثية، المتمثلة في المرافق والمختبرات والأدوات والتجهيزات التفاعلية، وعلى مستوى الموارد البشرية أو العنصر البشري، والمتمثلة في بناء الأستاذ الجامعي المتمكن.
القادر على تقديم أداء مهني متطور بتوافق مع المعايير والمواصفات التي تتطلبُها الجامعة الليبية الحديثة والمعاصرة، التي تستجيب لمعايير الجودة الشاملة في التعليم العالي والبحث العلمي.
اقتضت هذه الدراسة؛ اعتمادَ مُعاملِ قياسٍ يُراعي “معيار الاعتمادية”، ومجال “قياس معيار الثقة”، ومجال “قياس معيار التعاطف”، ومجال “قياس الجوانب الملموسة”، ومجال “قياس الاستجابة”.
من خلال عينات للاختبار تم انتقاؤها بشكل دقيق ومنهجي، حيث تكوَّنت هذه العينة من “أعضاء هيئة التدريس” في جامعة عمر المختار في ليبيا، بما مجموعُه (200) عضو هيئة تدريس.
تجدر الإشارة إلى أن هذه الدراسة، انتطلقت من أرضية بحثية سابقة، تمثلت في مجموعة من الدراسات والأبحاث الليبية والعربية والأجنبية السابقة، والتي عالجت هذا الموضوع بجوانِبِه المختلفة، وقد ضمّنا هذه الدراسات التي انطلقنا منها في الأطروحة مرتبةً من الأقدم إلى الأحدث، حيث تم اعتماد عتبة 2015 كأقصى عتبة لجرد هذه الدراسات.
بهدف الوقوف على التغيرات والتبايُنات والاختلافات المرصودة، إلا أن تحقيق الكفايات والوصول للأهداف المنشودة من وراء هذه الدراسة، والمتمثلة في رفع كفاءة هيئة التدريس وتحسين مردوديتَها العلمية والمعرفية والإدارية، لا بد من توفر العناصر التالية:
– ضرورة تطوير وتحديث المناهج تعليمية لتستجيب لاحتياجات سوق العمل.
– التكامل التكنولوجيا في عملية التدريس وتعزيز استخدام الوسائط المتعددة.
– تشجيع هيئة التدريس على البحث العلمي المبتكر والمساهمة في تطوير المعرفة.
– توفير البنية التحتية والموارد لدعم الأبحاث ذات الجِدَّة والجودة.
– تطوير أنظمة فعّالة لتقويم أداء هيئة التدريس.
– ربط تقييم الأداء بالتحسين المستمر وتحديث المهارات.
– تقديم برامج تدريب وورش عمل لتطوير مهارات أعضاء هيئة التدريس.
– تشجيع على الدراسات العليا والتخصصات المتقدمة والدقيقة.
– إنشاء أنظمة فعّالة لمراقبة الجودة تشمل تقييم المقررات الدراسية والأداء الإداري.
في المقابل؛ نأمل من هذه الدراسة أن تساهم ولو بالقليل في تحقيق التطلعات التالية:
– مساعدة وتمكين أعضاء هيئة التدريس من تطوير العملية التعليمة والبحثية والإدارية في الجامعات الليبية.
– الوقوف على جوانب الضعف والخلل التي تَعُوقُ تطويرَ أداء هيئة التدريس في القيام بمهامها على الوجه الأمثل.
– إثراء المكتبة العربية بتصورات ومقترحات وأفكار تُفيد المهتمين بهذا المجال؛ للانطلاق منها كأرضية بحثية لتطوير أداء هيئة التدريس في الجامعات العربية.
– تزويد الجهات الحكومية والخاصة كوزارة التعليم العالي والجامعات والمعاهد العليا بمعطيات وأرقام ومنهجيات علمية قادرة على قياس مستويات الأداء المهني لأعضاء هيئة التدريس، والعوامل المؤثرة فيه.
– الاستفادة من هذه الدراسة ومثيلاتها في صياغة الخطط والبرامج التعليمية والتكوينية في شتى مجالات ذات الصلة بالمؤسسات التربوية والتعليمية.
إن تحقيقَ تطويرٍ مستدامٍ لأداء هيئة التدريس في الجامعات الليبية يتطلب جهوداً مشتركة من الجامعات الأهلية والوطنية، والحكومة، والمجتمع المدني. لتوفير الدعم المالي والتحفيز لتحقيق الابتكار والتميز الأكاديمي، مع الحفاظ على معايير الجودة وضمان استمرار تحسين الأداء المهني.