الدراسات الثقافية

الصناعة التقليدية في المغرب

الصناعة التقليدية في المغرب؛ هي موروث حرفي تقليدي، يتميز بتنوعه وغناه وأصالته، حيث شكلت الحرف التقليدية عبر العصور المجال المتميز لبلورة وتجسيد مهارات وإبداعات الصانعات والصناع التقليدين المغاربة الذين تفننوا في تقنيات النقش والنحث والزخرفة، مستلهمين إبداعاتهم من الطبيعة والأشكال الهندسية المختلفة للتراث الثقافي والحضاري المغربي.


وقد ظلت هذه الثروة الحرفية الوطنية، وما تحمله معها من ذاكرة وقيم مشتركة، ومن ممارسات وطقوس وتعابير، حية تقاوم تقلبات العولمة والتطور المستمر الذي تعرفه أساليب الإنتاج، واستطاعت أن تفرض نفسها كرصيد ثقافي غير مادي، يعزز الهوية الجماعية للمغاربة ويدعم صورة المغرب، وأيضا كوسيلة تساهم من خلال الأنشطة المدرة للدخل، في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمغرب.


ولكن على الرغم من ذلك، تبقى مجموعة من حرف الصناعة التقليدية معرضة للزوال سواء لأسباب طبيعية ترتبط بالمواد الأولية، أو بشرية تتعلق بالتقلص الكبير في عدد الصناع المهرة الحاملين للمعارف والمهارات والتقنيات المرتبطة بهذه الحرف، أو لقلة إقبال الشباب على التكوين في هذه الحرف لضمان استمرارية هذا التراث وتناقله بين الأجيال.


ونظرا لكل هذه العوامل وأهميتها، تولي وزارة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي عناية خاصة لبرنامج المحافظة على حرف الصناعة التقليدية ذات الحمولة الثقافية، وعلى المعارف والمهارات المرتبطة بها.


ينقسم سوق الصناعة التقليدية في المغرب إلى قسمين، منتوجات موجهة للإستهلاك الداخلي، ومنتوجات موجهة للتصدير نحو الأسواق الخارجية، وقد سجلت صادرات الصناعة التقليدية المغربية خلال سنة 2018 تطوراً جيداً، بنسبة تقدم تعادل 18.4% مقارنة مع سنة 2017، محققة بذلك قيمة إجمالية قدرها 795.5 مليون درهم.


وحسب إحصائيات الصناعة التقليدية لسنة 2018، تتصدر الدول الأوروبية (خصوصاً فرنسا) قائمة الدول التي تستورد منتوجات الصناعة التقليدية من المغرب، متبوعة بالدول العربية في المرتبة الثانية، ثم الولايات المتحدة الأمريكية في المرتبة الثالثة. وتظل الدار البيضاء ومراكش أهم المدن المصدرة لمنتوجات الصناعة التقليدية.


ويحتل الفخار والحجر المرتبة الأولى ضمن المنتوجات المصدرة خلال سنة 2018، وتعتبر الدول العربية والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا من أكبر المستوردين لمنتوجات الفخار والحجر من المغرب، ثم يليها الملابس التقليدية في المرتبة الثانية.


وتعتبر الدول العربية المستورد الأول للملابس التقليدية المغربية، فيما إحتلت صادرات الزرابي المرتبة الثالثة للمنتوجات الأكثر طلباً بالسوق الخارجية، وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية المستورد الأول للزرابي التقليدية المغربية.


  • برنامج المحافظة على حرف الصناعة التقليدية

برنامج المحافظة على حرف الصناعة التقليدية ذات الحمولة الثقافية، وعلى المعارف والمهارات المرتبطة بها، هو برنامج تعتمد عليه وزارة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي.


ويهدف هذا البرنامج إلى المحافظة على هذه الفنون والمهارات عبر التوثيق والتوصيف الدقيق للمعارف والتقنيات، وتثمينها عبر عملية مندمجة للإنعاش وضمان توارثها عبر الأجيال من خلال توفير تكوين ملائم.


وقد أثمر هذا البرنامج بفضل تعاون الجميع وكانت له نتائج ملموسة ومشجعة، تمثلت في وضع المنهجية الملائمة والمقاربة العلمية المناسبة للمحافظة على هذا الموروث مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية المحافظة على البيئة والتنمية المستدامة.


وإلى حدود سنة 2019، مكن هذا البرنامج من توصيف وتوثيق 32 حرفة، بين لائحة أولية تضم 42 حرفة تم تصنيفها كحرف مهددة بالانقراض، ومكن هذا البرنامج أيضاً من وضع المنظومة التكوينية الملائمة لضمان الانتقال الدائم للمهارات والمعارف المرتبطة بهذه الحرف عبر الأجيال، عبر شبكة مؤسسات التكوين في فنون الصناعة التقليدية، وباعتماد التقنيات الحديثة في مجال التعليم السمعي البصري والمعلوماتي، من خلال إحداث موقع إلكتروني موجه للتكوين في مجال المحافظة على الحرف المهددة بالانقراض.


  • دور الصناعة

تُعد دور الصناعة فضاءاً للإنتاج والعرض والتسويق والتكوين يوضع رهن إشارة تجمع حرفي نسوي على شكل جمعية أو تعاونية حرفية، ويتم إحداثها بالجماعات القروية التي تعرف تمركزا للنساء الحرفيات.


وبفضل هذه البنيات، تتوفر الصناعات التقليدية على فضاءات تمكنهم من: التوفر على عنوان قار يمكن إدراجه في مختلف أدوات الإشهار والإنعاش التجاري والسياحي، والتوفر على فضاء ملائم للعمل الجماعي للإنتاج وتخزين وعرض المنتجات الحصول على آليات ومعدات إنتاج لاستعمالها بشكل جماعي.


والتي تساهم في تحسين الانتاجية وجودة المنتوج مع توفير فضاء للاشتغال يستجيب لمعايير الصحة والنظافة، والتوفر على فضاء للالتقاء والتبادل والتكوين من أجل الرفع من قدرة النساء الصانعات في مجالات تقنيات الإنتاج والتسيير والتسويق والتصميم.


ولذلك، فإن دور الصناعة تساهم في إدماج النساء القرويات في التنمية السوسيو- اقتصادية والحد من الهجرة القروية وكذا تحسين ظروف عيش الأسر بالعالم القروي وبالتالي الاستقلالية المالية للنساء بالعالم القروي عن طريق تحسين انتاجيتهن ودخلهن بطريقة مستدامة وبالتالي تحسين ظروف عيش أبنائهم وأسرهم.

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى