الدراسات الثقافيةمنبرُنا

ضبط الساعات في القدس على مواقيت النبوءات

باتت النبوءة القرآنية التي قال بها الباحث الفلسطيني بسام جرار بقرب زوال إسرائيل شهيرة، وقال بها قبل أزيد من ثلاثين سنة في كتابه “إسرائيل سنة 2022 نبوءة قرآنية أم صدف رقمية” ويظهر أنَّ نبوءتين أو ثلاثا مشرفة على التوافق في المواعيد، فاليهود يتربصون بالمسجد الأقصى بحثًا عن الهيكل المزعوم، ومجيء “المسيح” المخلّص، وينوون تقديم القربان هذه المرة في المسجد الأقصى تمهيدًا لتهويده أو احتلاله أو تدميره، والمسلمون يأملون بزوال إسرائيل بوعد من سورة الإسراء، توقّع بسام جرار أنه قد حان أوانه، والمسيحيون ينتظرون مع اليهود المسيحَ الدجال ويستعجلون مجيئه.


النار تشتعل في أكثر من بقعة في العالم، أولها الحرب في أوكرانيا، وهي بين دولة نووية ودولة تناصرها دول نووية، وتتصل بالقدس بصلة وحبل، وهي أن حكام أوكرانيا من اليهود، وشرر الحرب تقدح في باكستان إثر تولّي أسرة بوتو الحكم مرة ثانية، وقد قصفوا بالأمس حدود أفغانستان، والناس يتخوفون من حرب عالمية تتسع وتنتشر خارج أوكرانيا، وثمة من يستعد لاستقبال الأعور الدجال بالأهازيج والأناشيد وأغنية طلع البدر علينا، من ثنايات الصراع، أو من بطون الجياع، أو من نيوب الضباع.


فقد عُرضت بالأمس القريب على قناة “ام بي سي” السعودية أنشودة تبشر بقدوم الأعور الدجال، وهناك نبوءة ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عن عبد الله بن عمر أنه سمع النبي: اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا، قالوا: وفي نجدنا؟ قال: “اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا”، قالوا: يا رسول الله، وفي نجدنا؟ قال: فأظنه قال في الثالثة: “هناك الزلازل، والفتن، وبها يطلع قرن الشيطان”.


لكاتب السطور مقال في زاوية “آراء ثقافية” في هذه الصحيفة عن توافقات في الرؤى، كان عنوانه: “خيمائي باولو كويلو وقصة الأذان”، ذكرتُ فيه ألوانًا من الرؤى والتخاطرات في المرويات العربية بين شخصين ليس بينهما صلة، وقد تكون بين أكثر من شخصين، وذكرتُ رواية كويلو الشهيرة “الخيميائي”، والتي قلت إنها اقتبست من قصة الحالمين في ألف ليلة وليلة، وهي مقتبسة بدورها من قصة ابن عاصم الأندلسي في كتاب “الفرج بعد الشدة”،

وهي عن رجل حلم بكنز في مصر، فقصدها، فأوقفته الشرطة وعاقبته فأقرَّ بسبب مجيئه إلى مصر وذكر لهم الحلم الذي رآه، وجاء به إلى مصر، فسخر منه رئيس الشرطة، وروى له قصة حلم بكنز في منزل ببغداد هو منزل الرجل. 


وتوافق الرؤى عند الأولياء والصالحين كثيرة، مثال ذلك؛ رؤى الأذان التي وافقت عمر بن الخطاب وعبد الله بن زيد رضي الله عنهما، وقد ظهرت طلائع التوافقات هذه المرة في نبوءات الأديان الثلاثة، الإسلام واليهودية والمسيحية، في موعدة مقدسة لا تحصل إلا كل ألفية.


المسلمون ينتظرون زوال إسرائيل بوعد سورة الإسراء، واليهود يستعجلون أكل القربان في المسجد الأقصى تمهيدًا لهدمه وإقامة الهيكل المزعوم، والمسيحيون يوالون اليهود، البروتستانت منهم خصوصًا: وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ. وقد قدموا إلى الموعد بعدّتهم وعتادهم، أما المسلمون، فعزّل ليس لهم إلا الله.

أما سبب طمع اليهود في إقامة شعائر فصحهم في المسجد الأقصى فهو الغرور، والطمع يعمي البصر والبصيرة، والفصح أحد الأعياد الرئيسية في اليهودية، ويحتفل به 7 أيام، بدأ في 15 أبريل حسب التقويم اليهودي لإحياء ذكرى خروج بني إسرائيل من مصر الفرعونية كما يوصف في سفر الخروج. كلمة فصح، “بسيح” بالعبرية أو “بسخة”، وتعني عبور. 

ويقاربها في العربية ساح في الأرض، سار فيها، ومنها السياحة، فالعيد تذكار العبور ونجاتهم من العبودية، ويُظن أن عيد الفصح يسبق الخروج من مصر، وأقدم منه، وأن أصوله تعود إلى شعائر الوقاية من الشر، وكانت تجرى لحماية المنازل وترقيتها، فتذبح أضحية ويدهن بدمها الأعتاب والأبواب تعوذًّا من الشر والشياطين.


 

اليهود يستعجلون عبورًا جديدًا هذه المرة، وهم يغامرون، والمغامرة إما فوز وإما خسران، ويأمل المسلمون أن المحتل سيخرج من غير خبز ومن غير خمير، وأنّ عيد الفطر لن يكون فريسة لأكلة الخبز الفطير، ولن يكون رمضان قربانا للفصح.


ويظن الباحثون أن شعائر الوقاية من الشر امتزجت بمهرجان الربيع الكنعاني الزراعي، الذي كان احتفالًا بالخبز غير المخمّر، المرتبط بحصاد الشعير كما يرى الباحثون. ومع نمو فكرة الخروج من مصر، فُقِدت أسباب هذه الأصول ومحيت من الذاكرة. ويقال إنها امتزجت بمهرجان بلاد ما بين النهرين المسمى أكيتو.

من أبرز خصائل العيد، الامتناع عن أكل المخبوزات من العجين المختمر، يؤكل الفطير غير المختمر ويسمى هذا الفطير بـ”ماتْساه”، ويبين سفر الخروج سببه، وهو استعجال بني إسرائيل عند خروجهم من مصر، فلم يتمكنوا من الانتظار لانتفاخ العجين عندما أعدّوا مؤونتهم، ويحتفلون به تخليدًا لرواية سفر الخروج التي تقول إن الله أمر موسى أن يخبر بني إسرائيل أن يضعوا علامة دم حمل على أبوابهم حتى لا يدخلها ملك الموت ويقتل أبقارهم.
 
وقد وُصفت التحضيرات التي يجريها اليهود المتشددون هذا العام بـ “الاستثنائية”، إذا ما قورنت بالسنوات الفائتة، والتي تخللتها محاولات جديدة لتقديم القرابين في ساحات المسجد الأقصى.

لقد اشتد الصراع بين طائفتين، أقوى دولة في العدوة القصوى، وبين المسلمين، وهم بالعدوة الدنيا، وقد مدحهم الله في سورة الإسراء مرتين بقوله: بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَآ، ومرة بقوله: أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ.

اليهود يستعجلون عبورًا جديدًا هذه المرة، وهم يغامرون، والمغامرة إما فوز وإما خسران، ويأمل المسلمون أن المحتل سيخرج من غير خبز ومن غير خمير، وأنّ عيد الفطر لن يكون فريسة لأكلة الخبز الفطير، ولن يكون رمضان قربانا للفصح.


المصدر

أحمد عمر

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الإعلانات هي مصدر التمويل الوحيد للمنصة يرجى تعطيل كابح الإعلانات لمشاهدة المحتوى