“السنافر” – شرشبيل راهباً والخطايا السبع
قد تبدو مفاجأة للبعض، إذا علموا أن شخصية شرشبيل في الرواية الأصلية ليست ذلك الرجل الشرير الذي نعرفه من مسلسل كرتون السنافر.
في القصة الأصلية، كان شرشبيل مجرد كاهن فقير يعيش في كنيسة تُعرف باسم “برج الجرس الأسود“. أما القط “هرهور”، الذي رافقه دائمًا، فقد كان يرمز إلى الملاك عزرائيل (بحسب اسمه في النسخة الأمريكية)، وكان يرافقه في محاولاته للقضاء على الشر.
السنافر، في الرواية الأصلية، لم يكونوا مجرد كائنات زرقاء بريئة، بل كانوا يمثلون الخطايا السبع المميتة: الشهوة، الشراهة، الغضب، الجشع، الحسد، الكسل، والغرور، والتي تُعرف أيضًا باسم “الذنوب الكاردينالية“.
هذه الخطايا، التي وصفها دانتي في “الكوميديا الإلهية“، جسّدها الكاتب في شخصيات لطيفة تخفي طبيعتها الشريرة تحت قناع البراءة.
أما بابا سنفور، فاختيار اللون الأحمر لزيه لم يكن عبثًا، إذ كان يُعتبر رمزًا لرأس الخطايا المميتة، مما يجعله بمثابة تجسيد للشيطان في القصة.
وفقًا لهذه الرواية، السنافر كانوا أرواح غابات شريرة تتكاثر أثناء اكتمال القمر من خلال تعاويذ سحرية، وكانت براءتهم الظاهرة مجرد وسيلة لخداع البشر.
هذه الرواية الخيالية كانت تُروى للأطفال في الأديرة خلال القرون الوسطى، خاصة في بلجيكا وفرنسا، حيث كان الرهبان يستعملونها كقصة رمزية لتوضيح خطايا النفس البشرية.
لكن في عام 1958، قام الرسام البلجيكي “بيير كوليفورد” (المعروف باسم بييو) بإعادة صياغة القصة تمامًا. حول السنافر إلى أبطال بريئين، وجعل شرشبيل الشرير الوحيد،
وذلك في المسلسل الكرتوني الذي عُرض عام 1981 في الولايات المتحدة. هذا المسلسل، الذي تُرجم إلى 20 لغة، حقق نجاحًا عالميًا وأعاد تشكيل القصة لتناسب جمهور الأطفال.
ورغم النجاح الكبير، اتهم منتجو المسلسل الأمريكيون والرسام البلجيكي بأنهم كانوا يروجون لأفكار علمانية معادية للدين. لم يكن الهدف من العمل ماديًا فقط، بل كان أيضًا وسيلة لنشر قيم وأفكار جديدة بعيدًا عن الرواية الأصلية.