منبرُنا

القراءة الناقدة الرؤية ومبدأ تكريس النمطية

تشكل عموم الخطابات الإنسانية بنية ثقافية مسعاها التنوير ورفع اللبس عن موضوعات الإنسان التاريخية والوجودية وما يتعلق بعلاقة الأنا بالآخر في شكل محاورات ومطارحات خطابية تجعل من التأصيل والتأريخ سندا داعما لها.

فالكتابة بمفهومها المتأزم بين سياقات المؤسسة النقدية سبيل الإنسان ليعبر ويناقش ويعدل ويفند ويتجاوز ما هو مؤرخ ومقنن وخاص بسياق وبنية عقلية معينة، ولا نقصد هنا بالكتابة على طريقة التأريخ والتثبيت بل الكتابة الإبداعية التي تنطلق من وعي جذري قوامه فهم الآنية من خلال ما هو موجود ومن خلال الحقائق المنتجة لمختلف مراحل نمو الأنا المعرفية.

والمشاع مما تقدم أن ملامح التحديث والحداثة على اختلاف مفاهيمها التي شكلت مشروعا مفاهميا ينبت في كل محاولة لتوطينها في المشهد الثقافي العربي أن التجاوز يعتبر العمود الذي تقوم عليه هذه الحركة الفهومية والنقدية.

لكن الحقيقة تقول بأن التجاوز مفهوم مؤسسي يدور في فلك الحدود المرتسمة سلفا فيكون هذا الأخير إما بالشرح أو التأكيد والتأييد، يصعب فعلا تغيير أنساق ترسبت في الوعي الجمعوي للفرد بمختلف مستوياته التعلمية والمعرفية لأن ذلك ضرب من المغامرة في مجال استدعاء الحقيقة المتغيرة بتغير الذهنيات وتكاثر الخطابات والتطورات على مستوى شروحات الثقافة والمثقف والمتعلم والبرجوازي وغيره.

ان الالتزام باعتباره قيد جغرافي وسياقي ومفهوم وجودي يعتبر من أبرز لحظات الاستيقاظ المعرفي، بسبب المقارنة التي تعقد بين الفرد ونضيره الآخر المتطور تقنيا ومنهاجيا، كان سببا في لجوء الانسان الرؤيوي إلى قراءة فاحصة تاريخية تعبر به من منطقة الحيرة الى منطقة المحاولة والتشبث بما وجد وبما يأمل أن ينقرض.

ربما كان التفصيل في المسألة مادة لكثير من الكتاب على اختلاف انتماءاتهم الأيديولوجية، والأهم في هذا الطرح القراءة باعتبارها فعل وممارسة حيوية لما شيد من تفسيرات انسانية للعلاقات والمفاهيم، والقراءة كذلك تتطلب شروطا لعل أهمها الانطلاق من فهم بنية التأزم الحضاري والفكري والمعرفي وصولا الى عمليات التفتيش والتقويض لما هو شعوري لا معقولي في عملية التواجد الانساني، وكسر النمط ومبدأه في الحفاظ على الإدراك المسكن للآلام الحضارية.

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى