فكر وفلسفة

ثنائية الصدق والكذب عند الفلاسفة الوضعيِّين الجُدد

  • مُقَــدِّمَـــةٌ:

   إنَّ الفلاسفةَ الوضعيينَ الجُدَدَ  – كما هو معلومٌ – قد عُرفوا في إطارِ حلقةِ فيينا التي أسسها موريتس شليك MoritziSchlick حينما استدعي إلى جامعة فيينا سنة 1922 ليشغل كرسيَّ الفلسفة بها، فتشكلت في ارتباط فلسفي سمَّوه جمعيةَ إرنستْ ماخ  Ernest Mach ، إذْ طوَّروا إرثَ رواد هذه الحلقةِ في إطار ما أصبح يُعرف بعدُ باسم ” الوضعية المنطقية الجديدة “[1]،


وكانتْ لهم إسهاماتٌ كثيرةٌ، خاصةً في علمِ المنطق، والرياضياتِ، والفيزياء، والفلسفة، ولعلَّ من أبرزِ القضايا التي قدموها في إطارِ اشتغالاتهم قضيةَ ” الصِّدْقِ والكذبِ “، وذلك خاصةً في صراعاتهم مع الميتافيزيقا، وعلى هذه القضية سيكون مدار مقالنا.


وحرِيٌّ بنا قبل أن نبدأ أن نطرح الأسئلة الموجِّهةَ الآتية: ما أبرز القضايا التي كتب فيها الفلاسفة الوضعيون الجدد؟ وما موقعُ هذه القضيةِ خاصةً من بحوثهم؟ ، وما الخلفية النظرية لظهور الاشتغال بها؟ هذا ما ستتم الإجابة عنه في هذا المقال:


  • 1- أبرز القضايا التي اشتغلوا بها:

   لعل من أبرز ما كتب فيه الفلاسفةُ الوضعيون الجددُ ثلاثَ قضايا، وهي: الابتعاد عن الميتافيزيقا وجعلُ الصدارة للمنطق في التحليلات، وحصرُ المعرفةِ الإنسانية في المعرفة العلمية والصورية، وقضية وحدة العلم[2]،


أما عن الأولى فنجد أنَّ الوضعية المعاصرةَ تهدف إلى التخلص من الفلسفة عموماً، والفكر الميتافيزيقي خصوصاً، وتشاركها في هذا الوضعيةُ الكلاسيكية، فوضعية أوجست كونت لا تختلف عن الوضعية المعاصرة في الهدف، إلا أنها تختلف معها في المنهج، فقد دعت الوضعية الكلاسيكية إلى استخدام طرق العلوم الطبيعية وأساليبها في رفضها للميتافيزيقا، في حين  استخدمت الوضعية المعاصرة ” تحليل اللغة “.


والوضعية في جميع أشكالها ترفــض الفلسفــة وادعاءاتِها بمعــرفة حقيــقة الأشيـــــاء وكشـــف أســرار النفس البشرية  … إنها لا تعترف بغير الواقع ، أي بإخضاع الأشياء للمشاهدة والتجربة[3].


ومن المعروف أن الفلسفة التقليدية تبحث في الوجود المجرد بنظرة شاملة، وفي الإنسان ومصيره وفي المكان والزمان، والقيم الأخلاقية والحق والجمال…، وهذا ما رآه الوضعيون مجرد ادعاءٍ، لأن مثل هذه القضايا من المستحيل حلُّها أو التوصلُّ إلى نتيجة في البحث عنها.


وإن الإنسان لم يتقدم خطوة واحدة إلى الأمام في حل مثل هذه المسائل. وفي رأي الوضعيين أن دور الميتافيزيقا انتهى؛ لأن العلوم الجزئية (كعلم الطبيعة والكيمياء…) يمكن الاعتماد عليها في معرفة حقائق عالم الواقع، لأنها تعتمد المناهج التجريبية في المعرفة[4].


   أمَّا عن حصر المعرفة الإنسانية في المعرفة العلمية والصورية فهم يرون أنَّ المعرفة سواءٌ منها الصوريةُ والعلمية التجريبية لا بد أنْ تتحول إلى أنساقٍ، وأيُّ معرفة لا يمكن إدخالها ضمن نسقٍ منطقي هي معرفة خالية من المعنى، ولا بُدَّ من استبعادها[5]، فلأجل هذا أخرجوا الأبحاث الميتافيزيقية من دائرة اهتمامهم.


  وأما عـــن قضيةِ وحــدةِ العلمِ فقد اشــتهر فـــي التــــأليف فيــها رودولف كارناب Rudolf Carnap، الذي تتلمذ على يدِ كبار المناطقة في عصره، وعلى رأسهم: ﮔوتلوب فريجه Gottlob Frege، وبرتراند راسل B.Russel، الذيْن كان لهما الأثرُ الأكبرُ على تفكيره[6].


   لقد حاول كارناب أن يُقدِّمَ تصوره للفلسفة يتسِق مع اعتقادات الوضعية المنطقية، فحين نزح إلى الولايات المتحدة الأمريكية في بداية سنة 1935 نتيجة استفحال أمر النازية في ألمانيا وما جاورها، صار في فترة وجيزة أبرزَ ممثلي فلسفةِ المعرفة أو العلمِ المعاصر.


فقد قَبِلَ عرْضًا تقدمت به جامعة شيكاغو لشُغْلِ منصبِ أستاذِ الفلسفة سنة 1936، وظل يدرِّسُ الفلسفة إلى سنة 1952، هناك حيثُ قام في هاته الفترة بإصدارِ الموسوعة الدولية للعلم الموحد، وذلك بالاشتراك مع كلٍّ مِنْ: أوتو نيوراث OttoiNeurath، وتشارلز موريس CharlesiMorris المنطقي الأمريكي الشهير[7]، ومدارُ قضية وحدةِ العلم أنَّ جميع العلوم لا بُدَّ أنْ ترتد إلى منطقٍ واحدٍ يحكمها، وهو المنطقُ الرياضي، بما فيها العلومُ الإنسانية.


  • 2- ثنائيةُ الصدقِ والكذب عند الوضعية المنطقية الجديدة:

   لقد احتل مبدأ ” التحقق ” مكانةً بارزة ضمن العقائد الرئيسية للوضعية المنطقية، وكانت المشكلة الأساسية التي شغلت الوضعيين المناطقةَ هي تقديمُ إجابةٍ معقولةٍ وتفصيلية عن سؤالِ:


” ما الذي يُبَرِّرُ الاعتقادَ الفلسفيَّ بأنَّ منهجَ العلومِ المختلفةِ ونتائجَها هي التي تُزوِّدُنا بدعائمَ قويةٍ يُمكن الركونُ إليها بالنسبةِ لموضوعِ المعرفةِ؟ أو بعبارةٍ أخرى: ما الذي يجعلنا نعتقد بصدق مناهج العلوم المختلفةِ وقضاياها بحيثُ يمكنُ القول في النهاية إننا حصَّلنا معرفةً ما؟ “.


   لقد أخذ الفلاسفة الوضعيون على عاتقهم حلَّ هذه المشكلةِ الرئيسية من خلالِ الأبحاثِ التفصيليةِ والتحليلاتِ المطولةِ لموضوعاتِ العلومِ المختلفةِ، وانتهوا في آخر الأمر إلى أنَّ ما يحملُ معنًى يمكن أن يوصف بالصدق أو الكذب ( أو ما يمكن أن يُزودنا بمعرفةٍ ما ) لا يخرجُ عن نوعين من العلومِ، وهي: العلومُ الصورية من ناحية، والعلوم الإمبريقية من ناحية أخرى.


تزودنا العلومُ الصورية بما يمكن أن نطلق عليه اسم ” الصدق الصوري “، وهو ذلك الصدق الذي يمكننا التوصل إليه من خلال الأنساق الرياضية والمنطقية المختلفة، أمَّا العلومُ الإمبريقية فهي تلك التي تزودنا ” بالصدق الواقعي “.


ذلك الصدقُ الذي يُمكِنُنَا التوصلُ إليه من خلال خلالِ قضايا العلومِ الإمبريقية المختلفة، مثلَ الفيزياء، والكيمياء، وعلمِ الأحياء، وعلمِ النفس…، وذلك عن طريق مبدإ التحقق بوصفه معيارا أساسيا لتحديد معنى أيِّ قضيةٍ من ناحيةٍ، ولكونه وسيلةً ناجزة في تعيين الحدودِ الفاصلةِ بين القضايا الأصلية والقضايا الزائفة من ناحية أخرى[8]،


وقد انسحب هذا التحليل التحققيُّ حتى إلى مجال الدراساتِ اللغوية، وإلى كلِّ المجالاتِ، وذلك بسبب ما أشرنا إليه من قبلُ، حينما تحدثنا عن دفاع الوضعية المنطقية الجديدةِ عن قضية وحدةِ العلم، والحق أنَّ معيار التحقق لا يُسعفنا في الدراسات اللغوية كثيرا، إذْ لو اعتمد عليه الباحثُ فسيفضي به الأمرُ إلى إقصاءِ شطر اللغةِ من دائرةِ المعنى،


وذلك عند إقصاء العباراتِ الإنشائية؛ لأنها عبارات لا تقبل التحقق الإمبريقي من صحتها، وستختزلُ اللغةُ في العباراتِ الإخبارية، وهي العباراتُ الوحيدةُ التي تقبلُ التحقق الإمبريقي من أجلِ تقييمها تقييما يستند إلى صدقِها أو زيفها.


  • 3- الخلفية النظريةُ لظهور الاشتغالِ بهذه القضية عند الوضعية المنطقية الجديدة:

   يمكننُا عند التأملِ في الخلفية النظرية لظهور الوضعية المنطقية أنْ نعرفَ السببَ الذي دفعهم إلى الاشتغال بمثلِ هذه القضايا، إنَّ الأمر يرجع بالتحديدِ إلى تطور درسِ المنطق، وخاصة تطورَ المنطق الرمزي، والذي يُعد تمامَ نضجِ درسِ المنطقِ سواء من حيث الموضوعات التي يتناولها أو اللغةُ التي يعبر بها عن قضاياه وحججِه،


وهو منطقٌ يختلف عن المنطقِ الأرسطي التقليدي اختلافا لا نحصره في النوع، ولكن في الدرجة، حتى قيل إنَّ الاختلاف بين المنطقين أشبه بالاختلافِ بين الطفلِ والرجل[9].


وقد ساهم في إقامةِ صرحِ هذا المنطق كثيرٌ من المناطقة والرياضيين، فكان أولُّ من بشر به الفيلسوف والرياضي لَيْبنيتز Leibnitz في القرن السابعَ عشرَ، فقد ذهب إلى أنَّ علمَ التفكير لا يمكن أن يتحقق بوضوحٍ ويقين وسهولة وفاعلية إلا إذا تم على أساس لغةٍ جديدة ودقيقةٍ وخاليةٍ من الأخطاء، تكون مماثلةً للغةِ الجبر والحسابِ في علاقاتها وعملياتها[10]،


وهذا الدرس المنطقي هو الذي تطور حتى وصل إلى ذروته مع كلٍّ من وايتْ هيد وبرتراند راسل، وعليه اعتمد الوضعيون الجدد، وهو الذي قادهم إلى الاشتغال بمثل هذه القضايا، يقول رودولف كرناب في مقدمة بحثه ” حذف الميتافيزيقا عبر التحليل المنطقي للغة ” الذي نشره جي إي مور في كتابه ” كيف يرى الوضعيون الفلسفة “:


  ” كثُر خصومُ الميتافيزيقا منذ شُكاكِ اليونان إلى تجربيي القرن التاسعَ عشرَ بقدر ما تنوعت انتقاداتهم، ففي حين ذهب الكثيرُ من الفلاسفة إلى أنَّ تعاليم الميتافيزيقا باطلةٌ لأنها تتعارض مع معارفنا الإمبريقية، وفي حين قرر بعضُهم أنها تعاليمُ غيرُ يقينية على اعتبار أن مشاكلها تتجاوز حدود المعرفة البشرية،


أعلن كثيرٌ من خصوم الميتافيزيقا أنَّ الاشتغال بها جهدٌ عقيمٌ لا طائلَ من ورائه، على ذلك، فإنه ليس من الضروري أن نُعنى بالإجابة عن الأسئلة الميتافيزيقية، بل سنكرس جهودنا للمهام العلمية التي تجابهنا طيلة أيام حياتنا.


   لقد تمكن تطور المنطق الحديث من طرحِ إجابةٍ جديدة ودقيقةٍ للسؤال المتعلق بمصداقيةِ ومشروعية الميتافيزيقا، فلقد أفضت أبحاثُ المنطق التطبيقي ( نظرية المعرفة ) – باتباع سبيل التحليل المنطقي – إلى توضيح المحتوى المعرفي الكامن في القضايا العلمية، ومن ثَمَّ توضيحُ الحدودِ الواردةِ فيها،


أقولُ إنَّ هذه الأبحاثِ أفضت إلى نتيجةٍ إيجابية وأخرى سَلبيةٍ، النتيجة الإيجابية تم تطبيقها في مجال العلمِ الإمبريقي حيثُ وُضِّحَتْ مفاهيمُ في مختلَف فروعِ العلم، الأمرُ الذي يوضح بدوره العلائق المنطقيةَ الشكلية والمعرفية بين هذه المفاهيمِ،


أمَّا في مجالِ الميتافيزيقا – الذي يتضمن فلسفةَ القيمة والنظرية المعرفية – فقد أدى التحليلُ المنطقي إلى نتيجةٍ سلبية مفادها أنَّ القضايا المزعومةَ تخلو من أيِّ معنى. فضلا عن ذلك، فقد تم استئصالُ الميتافيزيقا جذريا…”[11].


   إنَّ هذا النصَّ الذي سُقناه في هذا المقام يقدم لنا نظرةً واضحةً عن سببِ اشتغالِ الوضعيين بقضية الصدق والكذب، وهذا السببُ راجعٌ إلى تحليلِ القضايا تحليلًا منطقيا يستند إلى ما وصل إليه درسُ المنطق حديثا، فهذه الخلفية النظريةُ التي تؤطر نظرَهم، والتي ترى هيمنة المنطق الرمزيِّ على بقية الأنساق المنطقية والقضايا المعرفية،


هي التي دفعتهم إلى الاشتغالِ بثنائية الصدق والكذب، وهي التي يشارُ إليها غالبا باسم مبدإ ” التحقق “، فلم يكُ اشتغالهم هذا ضربا من العبثِ المعرفي، بل هو عملٌ تؤطره خلفيةٌ علميةٌ كانوا يرون فيها العلمَ الحقيقيَّ الذي يمكِّنُ الباحث من الاقترابِ الموضوعي من الحقيقة.


  • خاتمة:

لا شكَّ أنَّ العلمَ بناءٌ لم يتمَّ بعدُ، ومن توهم تمامه فقد زلَّ سهمه عن هدفه، فالوضعيون الجددُ وإنْ رأوا أنَّهم قد قدموا نمطا جديدا من التحليل المنطقي – وهو نمط إقصائي – إلا أنهم لم يسلموا من النقد مع ذلك، فقد تعقبهم بالنقد كثيرٌ من العلماء، خاصةً في اعتقادهم بما يسمى ” أحادية المنطق ” وأنَّ كلَّ الأنساقِ المنطقية الأخرى هي أنساقٌ فرعية ترتد إلى نسق المنطق الرياضي،


فقد برهن هؤلاء على مسألةٍ خالفوا فيها الوضعيين، وهي ” تعددية الأنساق المنطقية “، فالقضايا التي رأوا أنها كاذبةٌ وخاليةٌ من المعنى، رأى غيرهم في إطار نسقٍ جديدٍ أنَّ لها معنًى، وأنَّ الوضعيين أخطأوا عندما ردوا جميع الأنساقِ إلى نسق واحدٍ، وهذا الاتجاه يهدفُ بهذا أساسا إلى نقضِ دعوى ” وحدةِ العلم “، وبالتالي إعادةُ النظر في هذه الثنائية من جديد.


  •    هوامش:

[1] د. حنان علي عواضة، موقف الوضعية المعاصرة من الميتافيزيقا، مجلة كلية الآداب – بغداد، العدد 97، ص: 479.

[2] دليل محمد بوزيان، بحث بعنوان ” رودولف كرناب ” ضمن كتاب: الفلسفة الغربية المعاصرة، تحت إشراف: د. علي عبود المحمداوي، دار الأمان – الرباط، ط:1/2013، ج:1، ص: 587.

[3] د. حنان علي عواضة، موقف الوضعية المعاصرة من الميتافيزيقا، م.س،     ص: 477.

[4] نفسه، ص: 477.

[5] دليل محمد بوزيان، مقال بعنوان ” رودولف كرناب ” ضمن كتاب: الفلسفة الغربية المعاصرة، م.س، ص: 587.

[6] نفسه، ص: 579.

[7] نفسه، ص: 580.

[8] انظر:

– د. السيد نفادي، معيار الصدق والمعنى في العلوم الطبيعية والإنسانية، دار المعرفة الجامعية 1991، ص: 7.

[9] د. محمد مهران، علم المنطق، دار المعارف، د.ط، د.ت، ص: 57.

[10] نفسه، ص: 57.

[11] جي إي مور، كيف يرى الوضعيون الفلسفة، ترجمة وتقديم: الدكتور نجيب الحصادي، الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان، د.ط، د.ت، ص: 140/141.


  • لائحة المصادر والمراجع:

1- جي إي مور، كيف يرى الوضعيون الفلسفة، ترجمة وتقديم: الدكتور نجيب الحصادي، الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان، د.ط، د.ت.

2- د. السيد نفادي، معيار الصدق والمعنى في العلوم الطبيعية والإنسانية، دار المعرفة الجامعية 1991.

3- د. حنان علي عواضة، موقف الوضعية المعاصرة من الميتافيزيقا، مجلة كلية الآداب – بغداد، العدد 97.

4- د. محمد مهران، علم المنطق، دار المعارف، د.ط، د.ت.

5- دليل محمد بوزيان، بحث بعنوان ” رودولف كرناب ” ضمن كتاب: الفلسفة الغربية المعاصرة، تحت إشراف: د. علي عبود المحمداوي، دار الأمان – الرباط، ط:1/2013.

سليمان بوحرّاث

أستاذ مادة اللغة العربية في التعليم الثانوي التأهيلي. باحث في الدراسات اللسانية النصية وتحليل الخطاب، حاصل على شهادة الماجستير في " لسانيات النص وتحليل الخطاب " جامعة عبد المالك السعدي - تطوان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى