دراسات إسلاميةفكر وفلسفة

المنهج في علم الكلام

السمات والأسس العامة للمنهج عند المتكلمين تتمثل في النقاط التالية:


  • العقل والنقل ووجوب النظر

يقوم منهج المتكلمين على دعامتين أساسيتين هما العقل والنقل، فلقد ذهبوا إلى عدم تعارضهما، وأدخلوا عنصر العقل في المعرفة الدينية وبذلك لا تقتصر على النقل وحده، ودافعوا عن النظر كأحد مصادر المعرفة وأهمها، ضد المنكرين له ومن السمنية المقتصرين على الحس، والسوفسطائية المشككين في المعرفة العقلية، والحشوية المنكرين لاستخدام العقل في الدين والواقفين عن ظواهر النصوص.


ولم يكتف المتكلمون بذلك بل قرروا وجوب النظر، وإن اختلفوا في مصدر وجوبه هل الشرع أم العقل، يقول الجويني: «النظر الموصل إلى المعارف واجب ومدرك وجوبه بالشرع، وجملة أحكام التكليف متلقاة من الأدلة السمعية والقضايا الشرعية»، والمعتزلة تقول: «إن العقل يتوصل إلى درك الواجبات ومن جملتها النظر فيعلم وجوبه عندهم عقلاً».


ويستدل الجويني على وجوب النظر من جهة الشرع بإجماع الأمة على وجوب معرفة الله تعالى واستبان بالعقل أنه لا يتأتى الوصول إلى اكتساب المعارف إلا بالنظر، وما لا يتوصل إلى الواجب إلا به فهو واجب.


ولما كان النظر واجباً وأنه لا تعارض بينه وبين النقل فإننا نجد المتكلمين قد أقاموا أدلتهم على أساس العقل والنقل، وأصبح إقامة الدليل ركناً أساسياً من منهجهم. ويرى المتكلمون أن الحق لا ينال إلا بالدليل وإقامة الحجة، فعن طريقهم يعرف الحق ويتوصل إليه. والدليل هو ما يراد به إثبات أمر أو نقضه وقد يستعمل بمعنى الحجة.


ولقد قسم عضد الدين الإيجي الدليل إلى ثلاثة أقسام:

دليل عقلي محض لا يتوقف على السمع ومقدماته عقلية محضة، كالقول: العالم متغير، وكل متغير حادث.
دليل نقلي محض، وهو لا يثبت إلا بالعقل، وهو أن ننظر في المعجزة الدالة على صدقه ولو أريد إثباته بالنقل دار وتسلسل، ومقدماته نقلية وهو كقولنا: تارك المأمور به عاص لقوله تعالى: (أفعصيت أمري) وكل عاصي يستحق العقاب لقوله: (ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم).


دليل مركب منهما، أي تكون مقدماته مأخوذة من العقل أو بعضها مأخوذة من النقل.

وأضاف الإيجي أن هناك من المطالب ما لا يمكن إثباته إلا بالنقل، لأنه غائب عن العقل والحس معاً، ويستحيل العلم بوجوده إلا بقول صادق، ومن هذا القبيل تفاصيل أحوال الجنة والنار والثواب والعقاب.


فهي تعلم بأخبار الأنبياء، ومنه ما لا يعرف بالدليل العقلي كحدوث العالم ووجود الصانع قبل ورود السمع، ومنه ما يعرف بكل واحدة من الطريقتين كخلق الأفعال ورؤية الله تعالى.


  • منزلة العقل في القرآن

لقد احتل العقل منزلة هامة في القرآن، فهو لم يكن قط ضد التفكير والتأمل والبحث والنظر والاستدلال، الذي هو السبيل إلى معرفة الله تعالى، فهو من الواجبات على المسلم، ومن هنا دعا القرآن دعوة صريحة إلى النظر في العالم المخلوق، أما تعدي هذا المجال إلى البحث في ذات الله وما يتعلق بها فهذا ممنوع.


والأدلة على ذلك كثيرة، ويمكن أن نلمسها في مواضع كثيرة من القرآن، منها قوله تعالى: قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ وقوله سبحانه: أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ويقول أيضاً: أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ.


ولقد عظم القرآن العلم والتعلم فكانت أول آية نزلت تشير إلى ذلك في قوله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ومن القراءة اشتق القرآن، ولهذا فإن القرآن يعظم العلم والحكمة. يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ .


والإنسان لن يحصّل العلم ولن يتعلمه إلا بالتفكير والنظر والتدبر ومن أمثله هذه الآيات التي تدعو إلى ذلك قوله تعالى: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ فلقد جعل الله تعالى الذين لا يستخدمون عقولهم في مرتبة البهائم أو أكثر منهم شراً كما ذم القرآن التقليد الأعمى كطريق للعلم، وحث الإنسان على العمل بالدليل، ونهاه عن التقليد وأوجب عليه الاجتهاد.


كما نبه القرآن إلى استخدام القياس وهو عملية عقلية في نحو قوله تعالى: وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ فجعل الله تعالى التاركين لقياس النشأة الأخرى على النشأة الأولى في الاستدلال على البعث والجزاء والعقاب خارجين عن الحق.


كما حث القرآن على استخدام العقل والنظر في العالم، ورفع من شأن العلم والعلماء، وأمثلة ذلك كثيرة منها قوله تعالى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ويرى الإمام حافظ الدين النسفي في تفسيره لقوله تعالى: {لآيات لقوم يعقلون}.


أن الله يشير هنا إلى أولئك الذين ينظرون بعيون عقولهم ويعتبرون فيستدلون بهذه الأشياء على قدرة موجدها وحكمة مبدعها ووحدانية منشئها. ثم يذكر قول الرسول في الحديث: (ويل لمن قرأ هذه الآية فمج فيها) أي لم يتفكر فيها ولم يعتبر بها.


وبالقرآن دعوة صريحة للإنسان إلى استخدام عقله لاكتشاف قوانين الخلق كما في قوله تعالى: أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ وإلى جانب هذا كله فإن القرآن كثيراً ما ينص على أن آياته: {لقوم يعقلون} و{لقوم يتفكرون} و{لقوم يفقهون} و{لقوم يتذكرون} و{لأولي الألباب} و{لأولي النهى} و{للعالمين}.


كما أن القرآن قدم أدلة دامغة – بوجوه مختلفة في أنواعها وطرقها – على بعض القضايا الإيمانية كوجود الله، ووحدانيته، وخلقه للعالم، والبعث بعد الموت، داعياً الناس إلى إعمال الفكر فيما يروه ويستشعروه بأي نوع من أنواع الحس للوصول إلى الحقيقة.


  • عوامل نشأة علم الكلام

سبب نشأة علم الكلام هو الرد على المبتدعة، الذين أكثروا من الجدال مع علماء المسلمين، وأوردوا شُبهاً على ما قرره علماء السلف الأوائل، فاحتاج العلماء من أهل السنة إلى مقاومتهم ومجادلتهم ومناظرتهم حتى لا يلبسوا على الضعفاء أمر دينهم.


وحتى لا يُدْخِلُوا في الدين ما ليس منه، ولو ترك العلماء هؤلاء الزنادقة وما يصنعون؛ لاستولوا على كثير من عقول الضعفاء وعوام المسلمين، والقاصرين من فقهائهم وعلمائهم، فأضلوهم وغَيَّروا ما عندهم من الاعتقادات الصحيحة.


وقبل تصدي هؤلاء العلماء لهم لم يكن أحد يقاومهم، وسكوتهم هذا أدى إلى نشر كلام هؤلاء الزنادقة حتى اعتقده بعض الجاهلين.


فكان لِزَاماً على علماء المسلمين أن يقوموا بالرد على هؤلاء من خلال تعلمهم هذا العلم ونبوغهم فيه؛ لأن إفحامهم بنفس أدلتهم أدعى لانقطاعهم، وإلزامهم الحق، فردوا عليهم وأبطلوا شُبُههم، وكانت طريقتهم في الرد هي إثبات العقائد الإسلامية، والاستدلال عليها بما هو من جنس حُجَج القرآن.


يقول الدكتور محمد الزحيلي في كتابه «الإمام الجويني إمام الحرمين» ما نصه: «كان الدافع لدراسة أصول الدين أولاً، وتأكيده بدراسة الفلسفات المتنوعة، هو الحرص على الإسلام والدعوة إليه، ورد شبهات الأعداء عنه، وتفنيد حجج الطاعنين به من الكفار والمشركين خارج الدعوة الإسلامية، والملحدين الذين انضووا تحت لواء المسلمين.


وتستروا بالباطنية وغيرها من الفرق الضالة، للدس على الإسلام، والتشكيك فيه، وإثارة الشبه بين المسلمين… فصار دراسة أصول الدين وعلم الكلام وتدريسه والتأليف فيه السبيل القويم أمام المسلمين، فانكب العلماء على دراسته وتدريسه والتصنيف فيه، وهو ما سلكه إمام الحرمين الجويني».


فقد نشأ علم الكلام نشأة إسلامية تلبية لحاجات المجتمع الإسلامي، ولما كان علم الكلام هو العلم الذي يبحث في الأصول أو الأحكام الاعتقادية، مقرراً إياها بالحجج والبراهين النقلية وتوكيدها بالعقل بعد الإيمان بها بالقلب والوجدان، ومدافعاً عنها ضد شبهات الخصوم، الأمر الذي حدا بالمتكلمين إلى دراسة هذه الشبهات والاعتراضات.


وذلك حتى يتيسر الرد عليها ودفعها. ولعل هذا هو الذي أدى بالمتكلمين إلى دراسة عقائد الأديان السماوية الأخري، وكذلك أصحاب الملل والنحل المختلفة وما أثاروه من شبهات واعتراضات ضد الإسلام، وذلك حتى يتيسر عليهم رد اعتراضاتهم وشبهاتهم.


ولقد أنتج المتكلمون دراسات في مقارنة الأديان تشهد بسعة اطلاعهم ومعارفهم، كما تشهد أيضاً بمنهجهم العلمي في الدفاع عن الإسلام ضد المخالفين. ومن هنا اختلط بعلم الكلام بعض المباحث، استعانوا بها في عملية الرد على شبهات الخصوم.


وكان ذلك أمراً ضرورياً لأن أفضل وسيلة لدفع الخصوم هو أن يكون هذا الدفع بوسائل الخصوم التي اعتادوها. وقد صرح أحد أئمة الأصول في المغرب الإسلامي.


وهو الإمام يوسف بن محمد المكلاتي (ت 626 هـ) في كتابه «لباب العقول في الرد على الفلاسفة في علم الأصول» بأنه ليس أقوى من سلاح الخصم للقضاء على أسلوب الخصوم، طالما كان السلاح مشروعاً.


وعلى هذا لا يقدح في أصالة علم الكلام الإسلامي احتواؤه على بعض أساليب الخصوم، أو اشتماله على بعض مباحث الفلسفة، ذلك لأن هذا كله كان لغاية دينية نبيلة، وهي الدفاع عن الدين وتوكيد أصوله، كما لا يقدح أيضاً في كونه علماً دينياً من جملة العلوم الشرعية الدينية.


فلم يكن تَعَرُّف الأمة على هذه الأفكار ودراستها من باب الترف الفكري، ولا من باب الانصراف عن الكتاب والسنة، بل كان تعلم هذه العلوم ضرورة لمواجهة الأخطار التي تحدق بالعقيدة الإسلامية، فكان الخصوم يثيرون الشبهات العقلية حول ذات الله وأسمائه وصفاته ورُسُله وملائكته وكتبه وقضايا الموت والبعث والحساب، إلى غير ذلك.


ولم يكن المنهج القائم على نصوص الكتاب والسنة المجردة عن دعم الدليل العقلي لينجح في مواجهة هؤلاء القوم، فالحجج العقلية البحتة لابد أن تواجهها بنفس طريقتها وإلا ستصير فتن كبرى.


فلجأ المسلمون إلى تعلم هذه العلوم وتدريسها والكتابة فيها، ونشأت مدارس كلامية مختلفة كالمدرسة الأشعرية والماتريدية، فلم يكن القوم مبتدعة في هذا.


ويعتبر بعض العلماء أن جذور علم الكلام ترجع إلى الصحابة والتابعين، ويورد البعض على سبيل المثال رد علي بن أبي طالب على الخوارج، ورد إياس بن معاوية المزني على القدرية.


فهناك محن وأسباب دعت الأمة إلى الخوض في هذا الفن حفاظاً على الشريعة وقوامها وبقائها، ولم يكن الاشتغال بهذه العلوم نوع من الانصراف عن الله ولا عن رسوله.


وكان من أوائل من اشتغل بهذا الفن تعلماً وتعليماً ورداً على المبتدعة في زمانه الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان المتوفى 150 هـ، كما يعد من أوائل المشتغلين بعلم الكلام، وتعد مؤلفاته المنسوبة إليه مثل «الفقه الأكبر» و«العالم والمتعلم» و«الوصية» من بواكير ما سُجّل في هذا الباب.


ويسجل لنا التاريخ مناظرات الإمام أبي حنيفة للملاحدة والدهرية، ويذكر المتقي المكي في «مناقب أبي حنيفة» ما صورته: «قال أبو حنيفة: ما تقولون في رجل يقول لكم: إني رأيت سفينة مشحونة بالأحمال مملوءة بالأمتعة.


وقد احتوشتها في لجة البحر أمواج متلاطمة، ورياح مختلفة، وهي من بينها تجري مستوية وليس فيها ملاح يجريها ويقودها ويسوقها، ولا متعهد يدفعها، هل يجوز ذلك في العقل؟


فقالوا: لا. هذا لا يقبله العقل، ولا يجيزه الوهم. فقال لهم أبو حنيفة: فيا سبحان الله! إذا لم يجز في العقل وجود سفينة تجري مستوية من غير متعهد، فكيف يجوز قيام الدنيا على اختلاف أحوالها وتغير أمورها، وسعة أطرافها، وتباين أكتافها، من غير صانع وحافظ ومُحدث لها»؟!


ولقد نشأ علم الكلام نتيجة لعدة عوامل، منها: القرآن الذي يعد المصدر الأول للدين الإسلامي، ومنه استقى المسلمون معارفهم، وعليه قامت علومهم الأخلاقية والتشريعية. وبالنسبة لعلم الكلام فالقضية الأساسية التي يدور عليها هي قضية التوحيد، وعند النظر والتأمل في آيات القرآن.


فإننا نجد أن القرآن قد اهتم بذلك كثيراً، ولقد أشار إلى ذلك فخر الدين الرازي عند تفسيره للآية الواحدة والعشرين من سورة البقرة.


ويقول صديق حسن القنوجي في أبجد العلوم: «قال العلماء: اشتمل القرآن على جميع أنواع البراهين والأدلة إلا أن الوارد في القرآن أوضحها وأقواها لينتفع بها الخاصة والعامة والعدول إلى الدقيق هو للعاجز عن القوي الجلي والله أعلم بالصواب».


ويذكر بعض الكتب التي صنفها العلماء في علم معرفة جدل القرآن كنجم الدين الطوفي. ويوضح كتاب حجج القرآن لأبي الفضائل الرازي، أن قبول القرآن لاحتمالات كثيرة كان سنداً للفرق والمذاهب الكلامية المختلفة.


ويقول الإمام الزركشي: «وما من برهان ودلالة وتقسيم وتحديد شيء من كليات المعلومات العقلية والسمعية إلا وكتاب الله تعالى قد نطق به، ولكن أورده على عادة العرب دون دقائق طرق أحكام المتكلمين».


ويقرر الدكتور محمد يوسف موسى أن القرآن اشتمل على أصول الفلسفة الإلهية وأنه يقدم للعقائد أدلة تستند إلى الملاحظة والتفكير. ويذكر الشيخ مصطفى عبد الرازق أن القرآن تعرض للجدل برفق، ودعا إلى الاقتصار على ما تدعو إليه الحاجة.


ويقرر الدكتور سليمان دنيا أن الدور الأساسي في نشأة علم الكلام كان للقرآن الكريم. وخلاصة هذه الآراء أن المتكلمين وأكثر العلماء يرون أن القرآن يدعو إلى النظر في معرفة الله، ويساعد عليه.


وقد يستثنى بعض العلماء الذين يتحدث عنهم الإيجي في كتابه المواقف بأنهم ينكرون وجوب النظر في معرفة الله: لتقرير النبي والصحابة وأهل سائر الأعصار: العوام، وهم الأكثرون، مع عدم الاستفسار عن الدلائل بل مع العلم بأنهم لا يعلومنها قطعاً.


ويرد عليهم بقوله: «قلنا: كانوا يعلمون أنهم يعلمون الأدلة إجمالاً، كما قال الأعرابي: البعرة تدل على البعير وأثر الأقدام تدل على المسير، أفسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج… لا تدل على اللطيف الخبير.


غايته أنهم قصروا عن التحرير وذلك لا يضر، أو ندعي أنه فرض كفاية – يعني المعرفة التفصيلية الاستدلالية – فإن الوجوب الذي ادعيناه أعم من ذلك».

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى