إشكالية التلقي
لا جماليةَ في التّلقّي Aesthetic of Reception إلاّ بتربيةِ الذّوق الجماليّ للمتلقّي، وللتواصُل البلاغيّ حركيّةٌ وتفاعلٌ بين المُرسِل والمتلقّي، فلَم يُلْغَ المُرسِلُ ولم يُقْصَ من هذه الحركيّة، بل يُعدُّ ركناً أساسًا، خلافاً لما يشيعُ عن نظريات التّلقّي من أنّها انتقَلَت من بلاغَةِ مُلْقي النّصّ إلى بلاغَة متلقّيه؛ فقد وُضعَ مَفهوم حركيّة التّواصُل بينهُما communication activity، لخرْق قاعدَة البنية المُغلَقة التي سَنَّها البنيويّون:
في كلّ شأن من شؤون الحياة ينبغي تأهيلُ عُموم النّاس المُخاطَبين بمشروع أو إبداع بليغٍ أو رأي أو فنّ ذي جماليّة، وتربيتهُم على إصدارِ فعلٍ أو سلوكٍ أو خلُق أو علمٍ مناسبٍ يرْقى إلى درجةِ الرّسالَة الإبداعيّة؛ فإذا أهمِلَ التأهيلُ وعُطّلَ هاجسُ التربيّة، فسنحصلُ على استجاباتٍ سلبيّة من عموم الناس، وأنواعٍ من السلوك والفهم والتّعاطي تُفسدُ المشروعَ وتؤثّرُ في صدقِه وقوّته وإبداعيّته، ولا يُنتظَرُ أيّ تفاعلٍ إيجابيّ يأتي من عُمومٍ غير مؤهّل يفتقرُ إلى مقوّمات الوعي والتفكير والثّقافَة ولا يَرْقى بالمشروع الذي قُدّمَ له وعُرضَ عليْه إلى درجات الإبداع والإنضاج.
يصحّ أن نقولَ : عُموم الناس في الغرب – خاصّة في أوربّا الغربيّة والشّماليّة – بحكم ثقافته العالية وبفعلِ تراكُم النّظريّاتِ البلاغيّة والحجاجيّة والتّداوليّة، وبفعلِ انتشارِ مَفاهيمِ القارئ المتلقّي من خلال نظريّات ِ التلقّي وجماليتِه وأفقِ انتظارِ القارئ… يستطيعُ عُموم النّاسِ بفعل ِالثقافَة الرّاقيةِ أن يكونَ متفاعلاً مُستجيباً استجابةً إيجابيّةً لكلّ مشروع يُقدّم لفائدته، أو أنموذجاً للتّفاعل الإيجابيّ المَحسوب المَدروس.
أجَلْ، يوجدُ في الغرب ثقافَة التّوعيّة والتّحسيس Awareness ونشر المعلومَة Information، والتأهيل Rehabilitation، والتربية على اليَقَظَة Vigilence والتربية على المواطنَة والمسؤوليّة Education on responsibility and citizenship