12 رواية عالمية بأقلام عربية
بدأت الرواية العربية في الظهور على إثر وقائع سياسية واجتماعية واقتصادية معينة في العصر العباسى، ومنذ ذلك الحين مرت بمراحل مختلفة ما بين ضعفٍ وقوة، خفوت وازدهار، ولعلَّ مطلع القرن التاسع عشر يعد البداية الحقيقية لظهور هذا الجنس الأدبي الذي أصبح ذا تأثير واضح في تشكيل التاريخ والكيان المجتمعي العربي على مر تلك القرون.
وعلى الرغم من قصر المدة الزمنية لتاريخ الرواية العربية نسبةً لتاريخ الرواية الغربية والأوربية وضئالة نتاجها مقارنةً به إلا أنَّ هناك الكثير من الأعمال الناجحة التي خطت مجدها بين أفضل الروايات العالمية التي كانت ولا تزال محور اهتمام وإقبال النقاد ودارسى الأدب فضلًا عن القراء والمثقفين حول العالم.
وربما يعزو سبب نجاحها، إلى موهبة أصحابها فلم يكونوا مجرد كُتَّاب هواة، ولكنهم كتابٌ محترفون وموهوبون بالفطرة، فشتَّان بين الموهبة والهواية.
أقدم لك أشهر (12 رواية عربية) من بين تلك الروايات، حيث ترجمت إلى لغات أجنبية عديدة، ونحن هنا لسنا بصدد تقييم هذه الروايات، ولكن مراجعتها سريعًا، والتنويه لذيع صيتها عالميًا، والذي كان لأسباب متنوعة ومختلفة.
- 1- ثلاثية نجيب محفوظ:
تعد أحد أعمدة وركائز الأدب العربي الأساسية، وقد صنفها اتحاد العرب كأفضل رواية عربية على الإطلاق، وتتألف من ثلاث أجزاء “بين القصرين”، “قصر الشوق”، و”السكرية” كتبت في الفترة ما بين (1956 و 1975).
تتحدث عن ثلاث أجيال متغيرة في تاريخ مصر، ومدى تأثير العامل الزمني في حدوث تلك التغيرات السياسية والاجتماعية التي طرأت على تلك البيئات الثلاث المغايرة وتأثيرها على الشباب والمجتمع بأسره، متجسدة حكاياتها في الأحداث المثيرة التي مرّ بها (كمال بن السيد أحمد عبدالجواد) بطل الرواية من طفولته وحتى بلوغه الرشد.
وعلى الرغم أنها لم تكن هي الرواية الأولى لنجيب محفوظ إلا أنها نالت شهرة واسعة على النطاق العربى والغربى سواء، حتى أنها كانت محل إعجاب المثقفين والأكاديمين والنقاد الذين قاموا بإعداد رسائل علمية وأطروحات أدبية عديدة حولها، وترجمت الثلاثية لأكثر من (12 لغة أجنبية أخرى)، وتم تجسيدها في السينما المصرية.
- 2- موسم الهجرة إلى الشمال:
“إنني أريد أن آخذ حقي من الحياة عنوة. أريد أن أعطي بسخاء، أريد أن يفيض الحب من قلبي فينبع ويثمر. ثمة آفاق كثيرة لا بد أن تُزار، ثمة ثمار يجب أن تُقطف، كتب كثيرة تُقرأ، وصفحات بيضاء في سجل العمر، سأكتب فيها جملًا واضحة بخط جريء” اقتباس من الرواية
حينما نتحدث عن اختلاف الثقافة بين الشرق والغرب يبدر إلى أذهاننا على الفور تلك الرواية العبقرية التي خطها الأديب المتميز “الطيب صالح” سودانى المولد والمنشأ والتي أول ما نُشرَت كانت عام 1966.
وفيها نرى عبقرية الكاتب فى تصوير مواجهة الثقافتين بما يحملان من موروثات متغايرة ومتناقضة من خلال بطل الرواية (مصطفى سعيد) الذي يسافر من موطنه أفريقيا إلى بريطانيا طالبًا وغازيًا في الوقت ذاته، ويتزوج من بريطانية هناك، ثم يعود إلى دياره بعد تجربة ملهمة ومؤلمة ليكتشف كثيرًا من الحقائق والدروس والعبر ويلتقي براوي القصة.
براعة الكاتب في البناء الفني للرواية والأسلوب الرائع جعلتها تستحق الاختيار كواحدة من أفضل مائة رواية فى القرن العشرين وتم تجسيدها في فيلم سينمائى وترجمت لأكثر من (30 لغة أجنبية أخرى).
- 3- البحث عن وليد مسعود – جبرا إبراهيم جبرا:
” إلى تلك التي رأت من الحياة ما رأت وبقيت على كبريائها تقاوم” اقتباس من الرواية
من الروايات العربية الفريدة في موضوعها، والمثيرة للقراءة حتى آخرها، فلم يكن أصدقاء مسعود فقط هم من يبحثون عنه، بل إن إبداع الكاتب في طرح فكرته في هذه الرواية بتلك الروعة والجمال جعلت كل قارئ لها يبحث في نفسه عن وليد مسعود!
تعد هذه الرواية من أشهر وأهم ما كتبه الكاتب الفلسطينى جبرا إبراهيم جبرا وتم اختيارها في المركز الثانى كأفضل مائة رواية عربية ونشرت عام 1978.
تدور أحداث الرواية في بغداد عاصمة العراق، حيث هرب المناضل الفلسطينى “وليد مسعود” بطل الرواية إليها بعد تاريخ حافل بالنضال ضد المحتل وعاش بين مجموعة كبيرة من المعارف والأصدقاء وعلاقات مختلفة ومتنوعة بأفكار تختلف في ميدان وتتفق في ميادين أخرى كثيرة، حاملًا قيمًا ومعانيَ إنسانية فريدة، ليختفى فجأة مخلفًا وراءه كل هذا الغموض.
فتبدأ رحلة البحث عنه من خلال الشخصيات المختلفة والتي ترك فيها وليد مسعود أثرًا وعمقًا ربما كان هو الخيط الذي يوصله إليه، هذه الرواية تعبر بجدارة عن البحث عن الذات ومكنونات النفس البشرية وصدى انعكاسها في حياتنا وواقعنا المعيش، ترجمت الرواية إلى أكثر من (12 لغة أجنبية أخرى).
- 4- مدن الملح – عبدالرحمن منيف:
“قيمة الإنسان بالمعرفة وبخدمة الآخرين، وعلى الفرد أن لا يتوقف لحظة واحدة عن التعلم ومساعدة الناس، لأنهما المصدر الوحيد لاستمرار الإنسان على الأرض” اقتباس من الرواية
من الأقلام السعودية المبدعة التي أثقلت الأدب العربى الروائي بالعديد من الأعمال المميزة، يأتي على رأسها خماسية (مدن الملح) والتي بدأ صدورها عام 1984 في خمس أجزاء هى “التيه”، “الأخدود”، “تقاسيم الليل والنهار”، “بادية الظلمات”، “المنبت”.
تدور أحداثها حول فترة بدء اكتشاف النفط بدول الخليج، وحدوث تغير في شبه الجزيرة العربية بالكامل على إثر ذلك، موضحة أوجه الصراعات المتنوعة في المنطقة ومآلها، كما تبرز أوجه نظر مختلفة تعكس العديد من ثقافات وموروثات البدو والأعراب.
وعلى الرغم من منع تداول السلطات السعودية للرواية ومعارضتها لها بشدة لما تنطوي عليه من اعتبارات سياسية إلا أنها انتشرت عربيًّا وعالميًّا إلى حد كبير، فقد ترجمت إلى أكثر من (20 لغة أجنبية أخرى).
- 5- رجال فى الشمس – غسّان كنفانى:
على الرُغم من كونها الرواية الأولى لغسان كنفانى، إلا أنها تعد أبرز وأهم أعماله الأدبية المميزة التي تركها لنا، حيث تم تجسيدها سينمائيًّا عام 1973 واختير الفيلم كواحدٍ من أهم وأفضل الأفلام السياسية في تاريخ السينما عالميًّا.
ربما كان ذلك لموضوع الرواية ذاته المثير حيث تحكي الرواية عن تلك الفترة العصيبة في فلسطين حيث نكبة 1948 واحتلال إسرائيل لأراضيها، فتكشف لنا جانب المعاناة والتهجير الذي لاقاه الشعب الفلسطينى على إثر تلك النكبة، مستعرضًا ذلك في أربع أجيالٍ مختلفة.
ويكشف لنا الكاتب حجم الألم والشقاء والفقر الذي لاقوه وكيف كانت حياتهم تدور في فلك السعي لمجرد القوت والمسكن فقط، مشيرًا إلى جانب من العادات الموروثة الخاطئة كزواج الأقارب كُرهًا ومجاملةً، وبعض من النفوس المريضة التي استغلت الأحداث لتخرج لنا أسوأ ما فيها.
ثم تختتم الرواية بسؤال تعجبى مثير للدهشة والإشفاق معًا، حيث يموت أبطال الرواية اختناقًا داخل خزان مياه عربة أبو الخيزران المهرب في صمتٍ تام دون أن يصدر منهم قرع أو صوت مما أثار تعجب أبو الخيزران نفسه صارخًا “لماذا لم يقم الشبان الثلاثة بدق جدران الخزان؟!”، ترجمت الرواية إلى أكثر من (17 لغة أجنبية أخرى).
- 6- الخبز الحافي – محمد شكرى:
الرواية التي انتشرت كالنار في الهشيم ربما لمدى الرفض والمنع الواسع الذي لاقته سواء على الصعيد الرسمي والقانوني أو على صعيد القراء والنقاد والمثقفين في الوطن العربى.
فالرواية هي عبارة عن الجزء الأول من السيرة الذاتية لكاتبها محمد شكرى مغربي الأصل والمنشأ، والتي كتبها عام 1972 ونشرها بالعربية عام 1982 ولكنها ترجمت إلى الإنجليزية والفرنسية قبل ذلك التاريخ.
يحكي فيها عن حياته البائسة ذات الفقر المدقع، والتي امتلئت بالفاحشة والرذيلة وممارسة البهيمية على أدق ما يمكن وصفه، حتى أن الكاتب ذاته يخبرنا بأن الرواية تحكي عن ذلك العالم السفلى.
ويحكي عن أسرته الظالمة التي نشأ فيها، ووالده القاسي القاتل الذي كره جميع الرجال بسببه، مما كان دافعًا قويًّا له أن يجتاح عالم النساء من أفحش أبوابه وأرذلها، ثم يتعداه لما هو أرذل منه، ولعل من المثير أن شكري لم يتعلم القراءة والكتابة سوى بعد بلوغه العشرين.
ولشدة تأثره بحياته البائسة تلك كان لديه دافع قوي وهاجس مُلِحٌّ، أن يُوصِّل ذلك العالم الذي عايشه وتلك الحياة التي يرى نفسه واحدًا من بين كثيرين غيره يعيشون بؤسها كما هي بحذافيرها صوتًا وصورة دون مداراة أو كناية أو تشبيه أو تورية للعالم أجمع، وقد حدث هذا بالفعل ولكن ربما للغط الذي حل بسمعة الرواية وليس لنصها أو نجاحها الفني فقد ترجمت إلى أكثر من (38 لغة أجنبية أخرى).
- 7- زقاق المدق – نجيب محفوظ:
على قدر اتساع أعمال نجيب محفوظ وانتشارها عربيًا وعالميًا كونها تعد منبعًا وتراثًا قيمًا ينهل منه رواد الأدب على اختلاف أجيالهم ومشاربهم، إلا أن هناك بعض الروايات التي تعد علامة فارقة في تاريخ الأدب العربى لأسباب مختلفة.
من بين تلك الرويات “زقاق المدق” التي نشرت عام 1947 واعتبرها الناقد الأدبى والمؤرخ الأمريكى (هارولد بلوم) من أهم كتب ومدارس التراث الأدبي الغربي، وقد صرح بهذا في مرجعه الصادر عام ١٩٩٤.
تدور أحداث هذه الرواية في زقاق المدق والمتفرع من حارة الصنادقية الواقعة بالفعل في منطقة الحسين الموجودة في حي الأزهر بالقاهرة، وتحكي عن أهل هذا الزقاق ومعيشتهم البسيطة، وتأثير الحرب العالمية الثانية عليهم.
بطلة الرواية هي “حميدة” التي تتمرد على واقع الفقر الذي تعيشه وتسعى لنيل مستوى أرقى وأفضل فتختار ذلك الشاب “عباس الحلو” متوسمةً فيه أن يحقق لها أحلامها، ولكنها تتعجل معه طريق الكفاح لنيل هذا المستوى، فتبحث لها عن آخر، وأخيرًا تصل بين أحضان الضباط الإنجليز ليتحقق لها ذلك الحلم الزائف بالغنى والرفاهية، لتفقد أغلى ما تملك من كرامةٍ وشرف فتندم ولكن بعد فوات الآوان.
لاقت الرواية شهرة عالمية واسعة وقد تم تجسيدها دراميًّا في مصر من خلال فيلم سينمائى بطولة “شادية”، وأيضًا تحولت إلى فيلم ميكسكى يحمل اسم (حارة المعجزات) عام 1994.
وتعتبر هذه هي الرواية الأولى التي ترجمت إلى لغة أجنبية أخرى من بين روايات نجيب محفوظ والتي ترجمت معظمها لاحقًا، حيث ترجمت إلى الإنجليزية عام 1966، ثم توالت ترجمتها بعد ذلك للغات أخرى عديدة حتى بلغت ترجتمها أكثر من (15 لغة أجنبية أخرى).
- 8- ذاكرة الجسد – أحلام مستغمانى:
تتميز الكاتبة الجزائرية المشهورة أحلام مستغماني بكتاباتها الشاعرية المبدعة، ولغتها الرصينة المتقنة، فتجعلك لا تمل من تلك الرحلة الشيقة التي تصحبك معها في أيٍ من رواياتها المختلفة.
يأتي على رأسها هذه الرواية التي اعتبرها كثير من النقاد أهم عمل روائي في الوطن العربى صدر مؤخرًا في العشر سنوات الأخيرة من تاريخ صدور تلك الرواية عام 1993، كما أنها حصلت على عدة جوائز مختلفة أبرزها وأهمها جائزة نجيب محفوظ للأدب عام 1998.
تدور أحداث الرواية بين “خالد” الفنان المناضل الذي قام برعاية تلك الطفلة “حياة” وأسرتها التي أخذت الحرب أباها وصديقه في نفس الوقت، حيث إن خالد كان شاهدًا على رصاصة الغدر التي تلقاها والدها من أحد الجنود الفرنسيين، أثناء فترة الاحتلال الفرنسى للجزائر.
ولكن هل أحبت حياة خالد بالفعل أم ما الذى كان يشدُّها إليه؟ ولماذا قامت بالزواج من هذا الصحفي والمناضل الفلسطيني أخيرًا، ليصاب خالد بالقهر والإحباط؟
أحداث وتفاصيل عديدة يكشفها لنا خالد وهو يروى لنا تلك الحكاية المثيرة بين ذكريات الماضي وألم الواقع، نرى من خلالها بوضوح تأثير تلك الفترة على شعب الجزائر الحر المناضل الذي قدم مليون شهيد لأجل حريته وحرية أوطانه.
حققت الرواية نجاحًا منقطع النظير وقُدمت في دراسات علمية وأطروحات أدبية في جامعات عربية عديدة، كما أنه تم اعتماد دراستها أدبيًا في جامعات عربية وأوربية كثيرة، وتم تجسيدها في عمل سينمائي من خلال مسلسل سوري بطولة جمال سليمان وأمل بوشوشة وترجمت الرواية إلى اللغة الإنجليزية والفرنسية.
- 9- كوابيس بيروت – غادة السمان:
هذه الرواية تعكس اسمها بدقة، بل نستطيع القول بأن شهرتها واتساع انتشارها جاء على قدر ما حملته رسائلها الكابوسية المفزعة المضمنة بالرواية من الكابوس الأول وحتى الكابوس 197 متوجةً إياها بـ “حلم 1” من انعكاس حيققى لمدى الالآم والمعاناة والمآساة التى عاشها الشعب اللبنانى أثناء الحرب اللبنانية التي كانت قائمة آنذاك.
ربما ما يميز هذه الرواية هو أن صاحبتها غادة السمان اللبنانية كتبتها من قلب الحدث في صورة رسائل كل رسالة منها تحمل كابوسًا لتجمعها في هذه الرواية التي صدرت في أكتوبر عام 1976.
أرَّخت الكاتبة لهذه الفترة بأسلوب مبدع وبراعة منقطعة النظير حيث عرضت لأفكار كثير من المثقفين والصحفيين والسياسين آنذاك، كما تطرقت للأوضاع الاجتماعية التي ظهرت على إثر تلك الأزمة التي يفوح منها رائحتي الدم والباورد، وحكت عن الطائفية وفعلها القاسي في أبناء شعبها.
لقد جسدت الكاتبة مشاعر عميقة تجعلك ترى بوضوح ما كان عليه الوضع اللبنانى حينها، بل هو الوضع ذاته في كل بلد عربي عاش حربًا كهذه، وقامت الكاتبة بلفتة عظيمة في إهداء كتابها حيث قامت بإهدائه إلى عمال المطبعة كرمز للجندي المجهول الذي يعمل فى صمت ويبذل الغالي والنفيس لأجل أن يؤدى دوره ورسالته وهو يعلم أن حتى اسمه لن يُكتب على صفحات الكتاب.
لاقت الرواية اهتماماً بالغًا من النقاد والأكاديمين المتخصصين في الأدب عربيًّا وعالميًّا، وقد ترجمت الرواية إلى (6 لغات أجنبية أخرى).
- 10- كم بدت السماء قريبة – بتول الخضيرى:
لم تحظَ تلك الرواية بشهرة واسعة كغيرها، إلا أنها احتلت مكانًا عالميًّا واهتمامًا لا بأس به حيث إنها كانت محل دراسة للنقد الأدبى في العديد من الجامعات العالمية، ربما الأكثر روعة وجاذبيةً لتلك الرواية هى الطفلة الصغيرة راوية الحكاية، والمشاعر الوجدانية العميقة التي سطرتها الكاتبة المبدعة بتول الخضيرى على لسانها.
والتي ربما سقت ذلك المداد من أشجان روحها، وآلام نفسها فهي عراقية الأصل والمنشأ عاصرت تلك الفترة العصيبة من حروب الكويت وإيران، ماذا فعلت الحرب بنفسية تلك الفتاة البريئة؟ وكيف خلّفت وراءها سيلًا من الآلام المبرحة والذكريات المفجعة؟ يا لعزوبة تلك الكلمات التي كانت تنساب من فمها معبرةً عن شيء يسير مما حل بوطن وشعبٍ بأكمله، وتلك المشاعر التي تجعلك تلمس السماء بيديك لشدة قربك منها.
تدور أحداث تلك الرواية في ثلاث بيئات مختلفة تتغير فيها الصبية تغيرًا متجذرًا حتى النخاع على إثر فواجع ثلاث تحل بها، لتكشف لنا معادن أصيلة، ومواطن جمال كثيرة، كما أنها استعرضت لعلاقتنا بالحضارات الغربية وكيف يمكن أن نجعل سبيلًا للفهم بيننا ونزيح تلك التخوفات التي تعترينا في التعامل المتبادل، ترجمت الرواية إلى (4 لغات أجنبية أخرى).
- 11- بنات الرياض – رجاء عبدالله الصانع:
على الرُغم من حداثتها حيث نشرت فى مطلع القرن الحالى وتحديدًا عام 2005 إلا أن هذه الرواية هي الأولى للكاتبة رجاء الصانع كتبتها وهي بنت الثلاث وعشرين عامًا، حيث أثارت ضجة كبيرة بين الأوساط السعودية على وجه الخصوص، وعربيًّا وعالميًّا على نحوٍ كبير.
حيث تكشف الرواية عن واقع حقيقى وصورة فعلية مؤلمة لعلاقات بين فتياتٍ وشبان كانت تدور خلسة وتُحاك في الظلام، وإن كانت تمثل نسبةً ضئيلة أو كبيرة فهي موجودة بالفعل.
تتحدث الرواية عن حكايات وأسرار هؤلاء الفتيات الأربع (قمرة ولميس وسديم وميشيل “مشاعل”) في الحب ويأتي ذلك عن طريق استخدام مواقع التواصل الاجتماعي والرسائل فيما بينهن التي حملت أسرارهن.
كما أن تلك الطريقة ذاتها هي التي اختارتها الكاتبة أولًا لنشر تلك الرواية، رسائل مجهولة الهوية كل يوم جمعة لعدد كبير جدًّا من السعوديين تحمل بين طياتها أسرار تلك الفتيات وعرضها بكل جُرأة.
لاقت الرواية هجومًا شرسًا من الكثير لجرأتها في التناول والطرح فضلًا عن رغبة قوية في عدم تسليط الضوء على مثل هذا من الواقع المؤلم، كما لاقت في المقابل أيضًا ترحابًا واسع المدى من العديد من المثقفين والقراء والأدباء والنقاد على الصعيد العربى والغربى، وترجمت الرواية إلى أكثر من (40 لغة أجنبية أخرى).
- 12- فرانكشتاين في بغداد – أحمد سعداوي:
رواية خيالية تنعكس فكرتها على الواقع العربى المعيش لا سيما في العراق الذي وقعت فيه أحداث هذه الرواية، على الرغم من حداثتها حيث أنها صدرت عام 2013 إلا أنها لاقت رواجًا عربيًّا وعالميًّا واسعًا، وحصلت على المركزالأول لجائزة البوكرالعالمية للرواية العربية عام 2014 وأيضًا جائزة “GPI الفرنسية”.
تدور أحداثها في حي البيتاويين اليهودي وسط بغداد حيث يقوم (هادى العتّاك) بطل الرواية بجمع بقايا أشلاء الهجمات الإرهابية الطائفية في العراق عام 2005 ليكون منها كائنًا بشريًّا جديدًا يبدأ في رحلته للانتقام من قاتلي أجزائه.
يجلس هادي على مقهى عزيز المصرى ليقص حكايات مخترعه الجديد المثيرة إلا أنه لا أحد يصدقه، سوى ذلك العميد المكلف سريًّا بملاحقة ذلك المجرم الغامض، وتستمر الأحداث المثيرة والمطاردات المستمرة لنصل في النهاية إلى نهاية مفاجئة لذلك المجرم الغريب حيث تتساقط أجزاؤه وينتهى ويفقد مخترعه السيطرة عليه أو التحكم فيه.
جديرٌ بالذكر أن الرواية لاقت زوبعات ومعارضات جمّة حتى من أقرب أصدقاء ومعجبى الكاتب، وعلى النقيض فقد لاقت انتشارًا واسعًا حيث إنها تُرجمت إلى أكثر من (30 لغة أجنبية أخرى).
وختامًا فإننا نذكِّر بأن تلك ما هى إلا مجرد نماذج قلة، وفيض من غيض، لذا نستطيع الفخر بكل إبداع أدبي سُطر بقلم عربي، وعلينا أن ندرك جيدًا بأن القلم العربي لا يزال حيًّا، ينبض على مهل، ويخفق قلبه في جلل، ولكنّه يحتاج منا إلى المزيد من الدعم والتشجيع، وإتاحة الفرص، وتهيئة المناخ، حتى يسكب مداده ليرسم به عَبَق ماضينا وواقعنا الملكوم ومستقبلنا المؤمل المنشود.
- المراجع :
(1) الرواية العربية لـ “روجر آلن”، ترجمة حصة إبراهيم المنيف عن المجلس الأعلى للثقافة
(2) الرواية العربية الجديدة لـ “بلحيا الطاهر”، عن ابن النديم للنشر والتوزيع
(3) بتصرّف عن (قائمة أفضل مئة رواية عربية)، ar.wikipedia.org
(4) الموقع الرسمى للجائزة العالمية للرواية العربية، arabicfiction.org
(5) بتصرّف عن مقال (روايات عربية حلقت في سماء العالمية)، aljazeera.net
(6) بتصرّف عن مقال ( 5 روايات عربية ارتقت إلى العالمية)، albawaba.com
(7) بتصرّف عن مقال (25 كاتب عربي ترجمت أعمالهم إلى لغات أجنبيّة)، kitabi.store
(8) بتصّرف عن مقال (عفاف عبد المعطى تكتب: ذكاء نجيب محفوظ)، youm7.com
(9) بتصرّف عن مقال ( لماذا تتفوق الروايات المترجمة على الروايات العربية)، alarab.co.uk
(10) بتصرّف عن مقال ( روايات نجيب محفوظ المترجمة تؤكد: الأجانب يحبون سى السيد)، youm7.com
(11) بتصرّف وترجمة عن مقال (On Banipal’s ‘100 Best Arabic Novels’)، arablit.org
(12) بتصرّف وترجمة عن مقال (15 Must-Read Books From the Middle-East)، theculturetrip.com
(13) بتصرّف وترجمة عن مقال (Ten favorite Arabic novels…ever)، yourmiddleeast.com