أبراهام السرفاتي
يهودي من أبرز زعماء الحركة اليسارية في المغرب. أسس منظمة شيوعية راديكالية، وأمضى سنوات في الاعتقال ثم في المنفى في فرنسا، وعاد في آخر أيامه إلى المغرب في إطار تصفية ملفات حقوق الإنسان.
- الميلاد والنشأة
ولد أبراهام ألبير السرفاتي يوم 16 يناير/كانون الثاني 1926 في الدار البيضاء، وهو من أسرة أندلسية يهودية من مدينة طنجة، وقد جاء أجداده فرارا من محاكم التفتيش الإسبانية، وكان والده منتميا إلى الحركة الوطنية المغربية في مرحلة الاستعمار الفرنسي.
- الدراسة والتكوين
درس بثانوية ليوطي، أشهر مؤسسة تعليمية فرنسية بالدار البيضاء حينئذ، وحصل منها على الثانوية العامة سنة 1937 والتحق بالمدرسة الوطنية العليا للمعادن بباريس عام 1945، وكان أول مغربي يتخرج منها بدبلوم في الهندسة المدنية للمعادن.
- الوظائف والمهام
مارس السرفاتي مهامه مهندسا للمعادن بمناجم الفوسفات ومديرا لورش الأبحاث المعدنية بالأطلس المتوسط عامي 1949 و1950، وتقلد منصب مدير ديوان كتابة الدولة في الإنتاج الصناعي والمعادن سنة 1958، ثم مدير المعادن والجيولوجيا 1959-1960.
وعمل مديرا فنيا للمكتب الشريف للفوسفات سنة 1960، وفي نفس الفترة كان مكلفا بمهمة في ديوان عبد الرحيم بوعبيد، وزير الاقتصاد الوطني في حكومة عبد الله إبراهيم، ذات التوجه الاشتراكي. ودرّس مادة التكنولوجيا بكلية العلوم الاقتصادية 1964-1965.
- المسار السياسي
دشن السرفاتي مساره السياسي مبكرا، واختار النشاط في إطار الشبيبة الشيوعية منذ 1944. ولدى انتقاله إلى فرنسا عام 1945، انضم مباشرة للحزب الشيوعي الفرنسي، ثم عند عودته إلى المغرب عام 1949، انضم للحزب الشيوعي المغربي الذي أصبح يسمى حزب التقدم والاشتراكية.
اعتقل عام 1950 بينما كان يوزع مناشير مطالبة بخروج المستعمر الفرنسي، وتعرض للإبعاد مع أخته إيفلين إلى فرنسا بسبب الأنشطة المعادية للاستعمار.
أعلن تضامنه المطلق مع إضراب نحو سبعة آلاف منجمي للفوسفات بمدينة خريبكة صيف 1968، فطرد من مديرية المناجم ثم أعيد إليها في 23 نوفمبر/تشرين الثاني من السنة نفسها.
واصل النضال في صفوف حزب التقدم والاشتراكية إلى نهاية الستينيات، وشارك في الانتفاضة الشعبية 23 مارس/آذار 1965. وبعد استقالته من حزب التقدم والاشتراكية في 30 أغسطس/آب 1970 عمل مع مجموعة من رفاقه على تأسيس حركة “إلى الأمام” وإصدار مجلة “أنفاس”، التي كان يديرها الشاعر عبد اللطيف اللعبي.
اعتقل في يناير/كانون الثاني 1972 وأفرج عنه بعد ثلاثة أشهر، ثم حكم عليه بالسجن المؤبد في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 1977، بتهمة الإخلال بالأمن العام، والتشكيك في مغربية الصحراء.
وفي 13 سبتمبر/أيلول 1991 أفرج عنه ونفي إلى باريس، بذريعة أنه برازيلي الأصل. وبعد تولي الملك محمد السادس الحكم (1999) صدر قرار بالسماح له بالعودة.
- مناهضة الصهيونية
قال السرفاتي في حديث لقناة الجزيرة (بث في يوليو/تموز 2004) نشأت في كنف اليهودية المغربية المرتبطة بروح الأخوة مع الإسلام بشكل عام والإسلام في المغرب بصورة خاصة.
وقد زار السرفاتي قواعد الثورة الفلسطينية في الأردن، ومنحته الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين العضوية داخل تنظيماتها، كما عينت له منظمة التحرير الفلسطينية محاميا لمؤازرته في محاكمته سنة 1977.
ومن وراء القضبان بعث مع المغربي اليهودي سيمون أسيدون رسالة تضامن مع الفلسطينيين إبان حصار بيروت عام 1982. وكانت له مساهمات نظرية كثيرة في القضية الفلسطينية نشرها في عدد من الصحف والمجلات.
وقال في مقابلة صحفية سنة 2005 “لن أزور فلسطين إلا عند قيام الدولة الفلسطينية وبعدها سأزور أصدقائي اليهود في إسرائيل”.
- الوفاة
توفي أبراهام السرفاتي يوم 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2010 في مراكش، وجرت مراسيم تشييع جثمانه بالمقبرة اليهودية بالدار البيضاء.
المصدر : الجزيرة