الولايات المتحدة والعالم: تاريخ الهيمنة والتدخل

غزو أمريكا لـ “بنما” 1989م: العدالة كذريعة للهيمنة

Operation Just Cause

في إطار سلسلة “الولايات المتحدة والعالم: تاريخ الهيمنة والتدخل“، نسلط الضوء في هذا المقال على؛ الغزو الأمريكي لبنما عام 1989، المعروف باسم “عملية القضية العادلة” (Operation Just Cause). يُعد هذا التدخل العسكري من أبرز الأمثلة على السياسات التوسعية الأمريكية في أمريكا اللاتينية خلال فترة ما بعد الحرب الباردة، ويعكس تعقيدات العلاقات بين الولايات المتحدة ودول الجوار الجنوبي.

  • خلفية تاريخية: قناة بنما واتفاقيات توريخوس-كارتر

منذ افتتاح قناة بنما في عام 1914، كانت الولايات المتحدة تسيطر على منطقة القناة، مما منحها نفوذا استراتيجيا واقتصاديا كبيرا في المنطقة. في عام 1977، تم توقيع اتفاقيات توريخوس-كارتر بين الرئيس الأمريكي جيمي كارتر والجنرال البنمي عمر توريخوس، والتي نصت على نقل ملكية القناة إلى بنما بحلول نهاية عام 1999، مع ضمان حياد القناة واستمرار استخدامها الدولي.

  • صعود نورييغا وتدهور العلاقات مع واشنطن

كان الجنرال مانويل نورييغا، الذي تولى السلطة في بنما، حليفا للولايات المتحدة وعميلا لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) منذ الستينيات. إلا أن علاقاته مع واشنطن بدأت تتدهور في منتصف الثمانينيات بسبب تورطه في تهريب المخدرات وانتهاكات حقوق الإنسان. في عام 1988، وُجهت إليه تهم جنائية في الولايات المتحدة، مما زاد من التوتر بين البلدين.

  • الانتخابات الملغاة وتصاعد الأزمة

في مايو 1989، أُجريت انتخابات رئاسية في بنما، حيث أظهرت النتائج الأولية فوز مرشح المعارضة غييرمو إندارا. إلا أن نورييغا ألغى النتائج، مما أدى إلى احتجاجات داخلية وضغوط دولية. في أكتوبر من نفس العام، أحبط نورييغا محاولة انقلاب، وفي ديسمبر، أعلن البرلمان البنمي حالة حرب مع الولايات المتحدة.

  • الغزو الأمريكي: عملية “القضية العادلة”

في 20 ديسمبر 1989، شنت الولايات المتحدة غزوا عسكريا لبنما بمشاركة حوالي 27,000 جندي أمريكي. أعلن الرئيس جورج بوش الأب أن أهداف العملية تشمل: حماية أرواح المواطنين الأمريكيين، الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، مكافحة تهريب المخدرات، وضمان حياد قناة بنما.

  • النتائج والتداعيات

أسفرت العملية عن مقتل 23 جنديا أمريكيا و3 مدنيين أمريكيين، بالإضافة إلى مقتل حوالي 150 جنديا من قوات الدفاع البنمية، وتقديرات تشير إلى مقتل ما بين 300 إلى 500 مدني بنمي. أُلقي القبض على نورييغا وسُلّم إلى الولايات المتحدة حيث حوكم بتهم تتعلق بالمخدرات.

أدت العملية إلى تنصيب غييرمو إندارا رئيسا لبنما، ولكنها أثارت انتقادات دولية واسعة، حيث اعتُبرت انتهاكا للقانون الدولي من قبل منظمات مثل منظمة الدول الأمريكية والبرلمان الأوروبي.

المراجع

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الإعلانات هي مصدر التمويل الوحيد للمنصة يرجى تعطيل كابح الإعلانات لمشاهدة المحتوى