الفرق والمذاهب والمِلل

الشيعة الإثناعشرية

الإثناعشرية؛ من طوائف الشيعية التي ساقت الإمامة بعد جعفر الصادق إلى ابنه موسى الكاظم، ثم علي الرضا، ثم محمد الجواد، ثم علي الهادي ثم إلى الحسن العسكري، وبعده إلى ابنه محمد المهدي الإمام الثاني عشر، الذي دخل في غيبته الكبرى سنة 329 هـ/ 874 م.

والاثناعشريون لا يختلفون مع باقي طوائف الشيعية من الزيدية والإسماعيلية في عدد الأئمة وتحديد ذواتهم فحسب، ولكن في مهمة الإمام نفسه أيضًا، فالإمام عندهم منفّذ للشريعة إن توفرت له السلطة، وطريق للعلم بأحكامها بحكم العصمة، ولا محل للاجتهاد فيها حال ظهوره.

تمثيل خطي لأسماء الأئمة الاثنا عشر بإتجاه عقارب الساعة مع اسم النبي محمد في مركز. للإمام والإمامة لدى الشيعة الإثناعشرية وكُلُّ ما تفرَّع عنها من فرق، أهمية مركزيّة خاصَّة تختلف عمّا للحاكم من أهميّة لدى سائر الفرق الشيعية خاصتًا والإسلامية عمومًا.

ويعتد الإثناعشرية قديمًا وحديثًا باستقلالهم المذهبي عن سائر الفرق. بحسب رأي حسن محمود الشافعي «والحق أن آراءهم بعد أن أكتملت في أخريات هذه الفترة [مرحلة التدوين وظهور المذاهب والفرق] لا تختلف كثيرًا عن الفرق الكلامية المعروفة؛ فهم في الأمور الإلهية قريبون جدًا من المفهوم الاعتزالي.

وفي المسائل الإنسانية والسمعية قريبون من متكلمي أهل السنة، وإن كانوا يختلفون عن كليهما في تصورهم للأئمة وما لهم من الحقوق، وما يتصل بذلك من آراء ومعتقدات حول حقيقة الإمامة وأصلها ووظائفها.» فالإثناعشريون يعتبرون الإمامة أصلًا من أصول الدين.

ويبنونها على الأصل الذي قامت عليه النبوة عندهم، وهي فكرة اللطف الإلهي الاعتزالية، ويعتبرون الإمامة امتدادًا للنبوة، ولكن في التأويل وبيان الأحكام وتطبيقها لا في التنزيل. فلذا وجب فيها النص من الله على لسان النبي أو الإمام السابق.

وأن الإثناعشرية، بخلاف الإسماعلية النزارية، لا يفضلون الإمام علي بن أبي طالب على النبي محمد ولا يسوونه به، ولكن غلب تفضيله في بعض فروعهم.

وهم يقرون بصفات متميزة للأئمتهم تعتبر من التطرف والغلو أحيانًا في نظر أهل السنة، وهي في نظرهم ضرورية مادام الإمام هو الطريق الوحيد المؤتمن لمعرفة أحكام الدين، ومنها العلم، والعصمة واختصاصه بالكرامات.

مر الكلام الإثناعشري بمراحل مختلفة، والمرحلة الأولى لنشوء مذهبهم الكلامي هي الفترة التي قضتها الفرقة في صحبة الأئمة، وتكاد تغطى القرنين الثاني والثالث الهجريين.

فقد اتسمت هذه الفترة بالاتباع والتقليد في الفروع والأصول، إذن المرجع المصعوم الذي ينبغي أن ترد إليه المشكلات والوقائع – النظرية والعملية – قائم وقوله ملزم، فلا موجب للاجتهاد في كلا المجالين.

فقد تسللت بعض المؤثرات المختلفة عن تراث الشيعة الغالية في هذه الفترة إلى صفوف الإثناعشرية، كما يتمثل ذلك أساسًا في انشقاق الإسماعيلية في أيام إمامة جعفر الصادق، وكذلك النصيرية أو العلوية التي انشقت عنهم في أواخر عصر الأئمة وساد فيها تأليه علي بن أبي طالب ويحرص على التمييز عن الإسماعيلة وإن تشابها في الأفكار.

بيد أن هذا التسرب لفكر الغلاة داخل الإثناعشرية كان محدودًا، أولًا بسبب الحملات التي قادها الأئمة وخاصة جعفر الصادق ضد الغلاة والغلو عمومًا، حتى كانوا يتمسكون بالنصوص، مع مفهومهم الخاص للحديث وروايته، وينكرون التصرف فيها بالقياس السني الفقهي، أو بالتأويل الكلامي الاعتزالي، أو بالكشف الروحي الصوفي.

ثم بسبب اشتغال بعض رجالهم في حياة الأئمة وربما بتشجيعهم إلى علم الكلام، ومنهم هشام بن الحكم الذي كان تلميذًا للصادق وابنه الكاظم.

وفي بداية عهد الغيبة فقد كانت الروح الموالية للنصوص مسيطرة أول الأمر، ولعبت الخلافات بين التشيع والاعتزال حول بعض المسائل الكلامية الهامة المتعلقة بمكانة الأئمة وخصائصهم دورًا سلبيًا في العلاقة بين المذهبين.

يشكل الإثناعشرية اليوم القسم الأكبر والرئيسي من الشيعة، بحيثُ أنه عندما تطلق كلمة الشيعة دون قيد، ينصرف المعنى إليهم، وهم يعرفون أيضًا بالجعفرية حسب منهجهم في الفقه نسبة إلى جعفر الصادق، الذي أخذوا عنه أكثر رواياتهم وفقههم، ويعرفون عمومًا بالإثني عشرية، نسبة لعدد أئمتهم الأثني عشر الذين يدينون بعصمتهم، وأنهم منصوص عليهم من الله، كما يعرفون من قبل مخاليفهم باسم الرافضية أو الروافض.

ينقسم الإثناعشرييون إلى ثلاث مدارس واتجاهات الأصولية، والإخبارية والشيخية.

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الإعلانات هي مصدر التمويل الوحيد للمنصة يرجى تعطيل كابح الإعلانات لمشاهدة المحتوى