المرجئة
المُرجِئَة نسبة إلى مصطلح الإرجاء، عرفت به أحزاب وفرق وجماعات إسلامية عدة، وهذا المصطلح قد عنى في الفكر الإسلامي: الفصل بين الإيمان باعتباره تصديقًا قلبيًا ويقينًا داخليًا غير منظور، وبين العمل باعتباره نشاطًا وممارسة ظاهرية قد تترجم أولًا تترجم عن ما بالقب من إيمان،
ومؤدى هذا الفصل: الرفض القاطع للحكم على العقائد والضمائر البشرية، أيا كان مكانه أو سلطانه. «فما دام العمل لا يترجم، بالضرورة، عن مكنون العقيدة، فلا سبيل إذا للحكم على المعتقدات، وما علينا أن “نرجئ” الحكم على العقائد وعلى الإيمان إلى يوم الحساب، فذلك، هو حينه، وتلك إحدى مهام الخالق، وحده، وليست مهمة أحد من المخلوقين.»
والشائع في كتب التراث الإسلامي أن تيار الارجاء في تاريخه قد توزعته فرق عدة، يصل بها أبو الحسن الأشعري إلى اثنتى عشرة فرقة هي الجهمية، والصالحية، واليونسية، والشمرية، والثوبانية، والنجارية، والغيلانية والشبيبية، والحنفية، والمعاذية التومنية، والمريسية، والكرامية.
وغير الأشعري، من مؤرخي الفرق الإسلامية، يختلفون معه في التعداد، فهم تسعة عند البغدادي، بينما هم أربعة عند الشهرستاني.
والارجاء فكريًا والمجرئية كأصحاب لهذا الفكر، قد عرفهم المجتمع الإسلامي أول ما عرفهم على عهد الأموي، ومند أن أستقر ذلك التغيير الذي أحدثه معاوية بن أبي سفيان في طبيعة السلطة، بالمجتمع وفلسفتها.
كانت الشورى هي فلسفة نظام الخلافة في عهد الراشدين، وكانت الخلافة حقًا استأثرت به هيئة المهاجرين الأولين، وهي حكومة دولة المدينة، التي ضمن العشرة الذين سبقوا إلى الإسلام من مهاجرة قريش.
فجاء تأسيس معاوية الدولة الأموية ليضع النظام الوراثي الشبه ملكي، مكان الشورى وليستبدل الأمويين بالمهاجرين الأولين. وكان معاوية وأركان دولته وأنصارها مع الفصل بين الإيمان والعمل.
ثم غلب فكر المرجئة على الثوار ضد الأمويين، خصوصًا في تركستان وخراسان، ولقد كسبث ثورات المرجئة هذه إلى صفوفها العديد من العلماء والفقهاء منهم أبو الصيداء صالح بن طريف، وربيع بن عمران التميمي، والقاسم الشيباني، وأبو فاطمة الأزدي، وبشر بن جرموز الضبي، وخالد بن عبد الله النحوي، وثابث قطنة.
فبرز تيارات متعددة بل ومعارضة استخدمت هذا الفكر الذي نشأ نشأة سياسية، واستخدمته في نصرة فريق ضد فريق، وقوة سياسية واجتماعية ضد أخرى.