نقد

لماذا هاجم طه حسين العقاد؟

واحدة من أشهر معارك “عباس العقاد” كانت مع عميد الأدب العربي طه حسين، الذي قال في أحد البرامج؛ إنه لا يفهم أيَّ شيء مما يكتبه العقاد، وأن كتاباته معقدة، قاصدًا بذلك على وجه الخصوص “العبقريات“.


المعركة الشهيرة بدأت من عند “العقاد” كالعادة، والذي انتقد “رسالة الغفران“، التي كتبها طه حسين حول فلسفة أبي العلاء المعري، فقال عنها: “إن رسالة الغفران نمط وحدها في آدابنا العربية وأسلوب شائق ونسق طريف في النقد والرواية وفكره لبقة لا نعلم أن أحدًا سبق المعري إليها، ذلك تقدير حق موجز لرسالة الغفران”.


طه حسين رد على العقاد في مقال له قال فيه: “الذي اختلف العقاد فيه مخالفة شديدة هو زعمه في فصل آخر أن أبا العلاء لم يكن صاحب خيال حقًا في رسالة الغفران، هذا نُكر من القول لا أدري كيف تورط فيه كاتب كالعقاد”،


ولم يكتف بذلك، حيث كتب بعدها في “بواعث الصمت”: “أما أنا فلن أنخدع له، فهو ينكر على أبي العلاء أن يكون شاعرا عظيم الحظ من الخيال في رسالة الغفران، سنة سودة كما يقول العامة،


وهل يعلم العقاد أن دانتي إنما صار شاعرا نابغة خالدا على العصور والأجيال واثقا من إعجاب الناس جميعا بشيء يشبه من كل وجه رسالة الغفران هذه، أستغفر الله إن من الأوروبيين الآن من يزعم أن شاعر فلورنسا قد تأثر بشاعر المعرة قليلا أو كثيرا”.


الأمر تحول إلى عداء من نوع خاص بين الثنائي، إلا أنه لم يكن عداءً ظاهرًا، ففي الحوار الشهير الذي هاجم فيه “العقاد” الجميع، رفض الرد على سؤال بخصوص طه حسين، وابتعد عن الحديث عنه.


كما آثر عميد الأدب العربي عدم الدخول في معركة ظاهرة، فاستمرت الخلافات مستمرة بشكل مبطن الأدب اللاتيني ومعارك أدبية دون أن يتطرق أحد منهما للآخر.


طه حسين لم ينس مع الزمن ما قاله العقاد، ففي لقاء تليفزيوني سأله أنيس منصور عن أدب العقاد ليرد بقوله: “وهل فهم أحد ما كتب العقاد” فرد أنيس منصور: “نعم فهمت، لا أستطيع أن أقول إنني لم أفهم شيئا”، ليصر طه حسين على رأيه قائلًا: “أما أنا فأصرح أنني لم أفهم أي شيء ولا أعرف ما الذي قصده العقاد من العبقريات”.


عداء العقاد وطه حسين استمرت عدة سنوات، حتى أنهاها العقاد كما بدأها، بعدما دافع عن طه حسين خلال محنته الشهيرة إثر كتاب “الشعر الجاهلي”، وخالف رأي حزبه حيث كان عضوًا بارزًا في الوفد.


وبعد عدة أعوامٍ انضم طه طه حسين إلى الوفد، وأعلن في أول مناسبة “العقاد” أميرا للشعر، وحدثت بينهما مجاملات كثيرة وصلت إلى إهداء كتاب “دعاء الكروان” للعقاد.


المصدر

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الإعلانات هي مصدر التمويل الوحيد للمنصة يرجى تعطيل كابح الإعلانات لمشاهدة المحتوى