نقد

مقتطفات من متن “ربيع قرطبة” لحسن أوريد

ما الرواية؟ يشكل هذا السؤال موضوع مركزي في نقد الأدب الحديث، يختلف حوله المشتغلون في حقل الأدب. لكن من المؤكد اليوم أن الرواية باتت في القرن 20 و21 تشكل “ديوان الحضارة” المعاصرة، الذي يتناول جل القضايا الاجتماعية والثقافية والنفسية للمجتمع…إلخ.


ومن بين تعاريف الرواية التي يمكن الإحالة لها؛ تعريف يعرف الرواية بشكل عام ومبسط على أنها: “مؤلف يسرد في صورة شاملة ومتعددة الجوانب قصة حياة شخصية أو عدة شخصيات متشابكة، والرواية توضح تطور حياة هذه الشخصية أوالشخصيات في تفاعلها المتبادل بدوائر الحياة المعقدة”( مكارم الغمري، الرواية الروسية في القرن التاسع عشر، عالم المعرفة 40 ( الكويت، المجلس الوطني للثقافة والفنون والادب، 1981)، ص 11-12.).


من منظور بعض الباحثين في السرد أصبحت الرواية “وجهة نظر” موازية لأبحاث العلوم الاجتماعية التي تقدم تفاصيل عن الواقع الاجتماعي في جل أبعاده. وهناك من يجعل من الرواية شاهد على العصر غير مقيد؛ يكتب بدون حسابات اديولويجة.


وفي عمق كل رواية يكشف النقاب عن شطر من هوية المجتمع، وحياته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والوجدانية والخيالية…التي يعبر عنها الروائي بسرد.


تعددت أنواع الروايات، ومن بينها الرواية التاريخية، التي يستدعي فيها الروائي شخوص وأحدث من حقب تاريخية ما، يستدرجها الروائي لمقاربة محطة تاريخية، وهذا ما يعني فتح أسئلة جديدة، تكون مربط الفرس بين الوصل بين اشكاليات الماضي والحاضر.


وتلك رواية “ربيع قرطبة” لكاتبها حسن أوريد يكمن قراءتها في هذا الاتجاه، فمن عتبة عنوانها تجعل عقل القارئ يضج بالأسئلة. وهذا له ما يبرره في سياق الأحداث السياسية التي عرفها العالم العربي منذ سنة 2011 والتي أطلق عليه الربيع العربي من حيث الدلالة الربيع في العنوان. أما كلمة قرطبة، فهي من الدلالات الدالة على حضارة الأندلس. 


من العنوان إلى متن الرواية الذي لا يتجاوز 160 صفحة متضمنة مجموعة من الهوامش المخصصة لمعجم الكلمات والتعاريف…إلخ.

جل من قرأ الرواية بأي شكل من أشكال القراءة، حصلت له صورة عن واقع الاجتماعي والسياسي بالخصوص لحاضرة الأندلس خلال عقدة الخليفة “المستنصر بالله”، كما يمكن الزعم بأن كل من قرأ الرواية؛ قد إلتقط مجموعة من العبارات القوية الدالة على سياقات وجدانية وعاطفية وسياسية… إلخ.


فمن متن رواية “ربيع قرطبة” نسجل بعض المقتطفات من العبارات والنصوص التي وردت على لسان شخصيات الرواية:

  • حكم التاريخ أبغي، يا جوذر، لا حكم البشر. فهؤلاء متقلبون تستبد بهم الأهواء ولا يستقرون على أمر(ص12).
  • تثور الدهماء لأن الضر أعياها والظلم برح لها، وتتمرد العلية لأنها تسعى للسؤدد وتشرئب للجاه، وتحرص على الحفاظ على مصالحها أو تدرأ من يتهدد شؤنها…(ص24).
  • كم من الأحداث الجسام لا يمكن أن يستجلى سرها من دون الوقوف على صغار أمورها، وكم من أشياء صغيرة تتناسل وتعظم، نستخف بها إذ تقع، ولا ندرك خطورتها إلا بعد فوات الأوان وقد أصبنا بالعجز(ص35).
  • البوح يضمد الجراح(ص35).
  • قدم له الخمر بالاندلس فأعرض عنها، وقال إنما أنا محتاج لما يزيد عقلي لا لما ينقصه(ص56)
  • فلا يبقى من تاريخ الأمم إلا ما أبدعه أهلها وما أنتجه البررة من أبنائها، أما الملوك فخدم للتاريخ وأدوات له(ص71-72).
  • ليس هناك من حكم على الملوك إلا التاريخ يا زيري. العامة متقلبة، والخاصة متأرجحة وفق أهوائها ومصالحها(ص120).
  • في تلك الاثناء وقع شيء فظيع، يا زيري قصم ظهري، ويبس دفق الحياة من وجداني، وغارت البسمة من محياي، وأضحت حياتي ومماتي سواء. أصاب الكرب بيتي منذ ذلك الحين، وخيمت الكآبة على حياتي وسكن الحزن فؤادي. لم أعد أبتهج لشيء ولا آسى على شيء، ولا آتي من أمر إلا ما يمليه الواجب(ص128).
  • السلطان لا يوجد لذاته، ولكن لغاية(ص164).

هذه كانت بضع مقتطفات من رواية صغيرة الحجم، محكومة الفصول…ولدت من قراءة عميقة قام بها الكاتب حسن أوريد في المصادر والمراجع التاريخية والأدبية المرتبطة بزمن شخصياتها.

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى