الحد بين النص والخِطاب
من البديهي أن الخطاب وحدة لغوية طبيعية توظف باستمرار في عملية التواصل، غير أنه لم يشكل محور الدراسة اللسانية إلا في الستينات، حينما اقترح بايك (1964) وكليسن (1968) عملهما في تحليل الخطاب (فنكبنوند 1992). يمكن عد هاتين الدراستين تتويجا للإرهاصات الأولى التي تجلت عند هاريس (1952)،
بعد ذلك انطلقت مساهمات مختلفة تنتمي إلى حقول معرفية متعددة كاللسانيات وعلم النفس وعلم الاجتماع و الاثنوغرافيا و غيرها، فتعددت وجهات النظر و تعددت تبعا لذلك المفاهيم المرتبطة بالخطاب و تداخلت مع تلك المرتبطة بالنص. سنسعى في هذا المقال إلى التركيز على محاولة تحديد مفهوم الخطاب و النص و توضيح التمايزات القائمة بينهما، و التي أثارتها مختلف التصورات التي قاربت هذا الإشكال، و ذلك انطلاقا من مقاربة تعددية تأخذ بعين الاعتبار ما أنجز في مختلف الحقول المعرفية.
1 – تعريف الخطاب:
1 – 1 – الأصل اللغوي:
يشير نشفر(1999 :60 ) إلى أنه رغم انتماء مفهوم الخطاب إلى حقل اللسانيات، فإن جذوره ترجع إلى اللوغوس ѕogoL الإغريقي، حيث حدد معناه سواء باعتباره اسما مشتركا أو باعتباره مفهوما فلسفيا. إن الخطاب حسب تصور أرسطو هو ترتيب و تمفصل لوحدة جدلية مستمرة و قابلة للعزل في الآن نفسه. يحدد هذا التعريف جانبين أساسيين ومؤسسين لشروط وجود الخطاب يتمثلان في التلاحم coherence و تمفصل الأجزاء.
1- 2- البعد اللغوي:
إذا عدنا إلى الموسوعة العالمية (1990 : 1025) نجد فيها ربطا بين الكلمة الانجليزية discours و الكلمة اللاتينيةdiscursus التي كانت تعني ” جرى هنا و هناك “. هذه الكلمة مأخوذة من الفعل اللاتينيdiscurrere.إذا سلمنا بهذا الربط يمكن وصف الخطاب بأنه “جري” من متكلم إلى سامع أو قارئ.تقدم الموسوعة(1966: 1033) تفسيرا يرتكز على هذا الجذر،مفاده أن الخطاب هو كل ما ينطلق من ملكة الكلام بمعنى قال وتكلم.
يتضمن هذا التحديد حسب إشارة ككورك(2001) بعد “إجراء التلفظ ” الذي عبره يحقق المتكلم اللغة في كلام. لذلك نلاحظ هذا الانتقال من معنى “جرى هنا و هناك ” إلى معنى ” تكلم طويلا.”
إن هذا المعنى قريب من المعنى الذي نجده في قاموس كولان الانجليزي الذي يعرف الخطاب بأنه:
” تواصل كلامي، سواء كان حديثا أو حوارا.”
أما قاموس أكسفورد الانجليزي (1989: 751)،فيربط الخطاب بحقل تحليل الخطاب الذي يعتبره:
“طريقة تحليل النصوص أو التلفظات الأكبر من الجملة، مع الأخذ بعين الاعتبار محتواها اللغوي و سياقها السوسيو- لغوي.”
في اتجاه آخر يبحث دوزا و آخرون (1971 :562) في تاريخ استعمال الكلمة الانجليزية discours فيرجعها إلى سنة 1534، في حين يرجعها قاموس (RG 1989) إلى سنة 1503، و يشير إلى أنها كانت تستعمل في بداية تداولها بمعنى”محكي” أو “عرض” سواء كان منطوقا أو مكتوبا.غير أن استعمال هذه الكلمة قد تشعب ليشمل دلالات متعددة نجدها مثبتة في روبير الصغير كالآتي:
1- حوار أو محادثة.
2- خطبة شفوية أمام جمع من الناس.
3- كتابة أدبية تعالج موضوعا بطريقة منهجية.
4 – التعبير الشفوي عن الفكر.
4 – التعبير الشفوي عن الفكر.
5 – الكلام؛ و قد يعني ملفوظا لغويا قابلا للملاحظة (جملة أو متوالية من الجمل المنطوقة أو نص مكتوب، و ذلك على النقيض من النسق المجرد للسان.
تتقاطع هذه المعاني مع ما ورد في قاموس “ليتري”، الذي أجمل ثمان معاني لكلمة خطاب هي:
1- الحوار أو المحادثة.
2 – كل تركيب منطوق.
3- فن القول.
4- متوالية من الكلمات والمركبات المعبرة عن الأفكار.
5- خطبة تتناول موضوعا بطريقة محددة وبطول محدد.
6– محكي أو قصة.
7- خطاب مرتجل.
8- خطاب يعرض وجهة نظر.
أما إذا عدنا إلى معجم دوبوا وآخرين (1994)، فسنجده يذكر أربعة معاني لمفهوم الخطاب نوردها كالأتي:
1- الخطاب هو ممارسة للغة.
2 – الخطاب وحدة توازي الجملة أو تفوقها. إنه يتكون من متوالية تشكل خطابا له بداية و نهاية وهو بهذا المعنى مرادف للفظ..
3 – في البلاغة يعد الخطاب متوالية شفوية موجهة للإقناع و التأثير.
4 – في اللسانيات يعد الخطاب لفظا يفوق الجملة منظورا إليها من حيث قواعد تسلسل الجمل.
أما كريماس و كورتيس (1979 : 102-106)، فيعرفان الخطاب انطلاقا من مقارنته بالنص ويستخلصان سبعة معاني تعكس سبعة جوانب سميو- لسانية مختلفة للخطاب هي:
1- إنه مرادف للنص.
2- مرادف للفظ.
3-متوالية من الجمل الملفوظة.
4- موضوع نحو الخطاب.
5- مقدرة خطابية.
6- نتيجة لتفعيل الخطاب (أي تحويل البنى السيميو-حكائية إلى بنى خطابية).
7- إجراء يفرض نسقا يركز على الطابع المكتوب أو المنطوق في إقامة هذا الفصل.
و من ثمة يصبح النص مادة خاما، إنه مضمون أو ملفوظ قابل لأن يتجسد في خطاب.
تعكس هذه التعريفات انتماء الخطاب إلى حقول معرفية مختلفة، مما نجم عنه تضارب في تحديده، بل إن هذا التضارب يمكن ملاحظته أيضا بين المشتغلين في حقل معرفي واحد.
1- 3 – البعد المعرفي:
تعددت التعريفات التي قدمت للخطاب بتعدد التوجهات النظرية و أهداف التحليل، لكن عموما يمكن تصنيفها، تبعا لشفرن(1994) إلى ثلاثة أصناف:
أ- التحديدات التي قدمت في إطار النموذج الصوري الذي يركز على اعتبار الخطاب وحدة متلاحمة تتألف من أكثر من جملة.
ب- التحديدات التي قدمت في إطار النموذج الوظيفي، الذي تربط اللغة بالاستعمال.
ج- التحديدات التي تربط الخطاب بالتلفظ.
1- 3-1- النموذج الصوري:
تجمع المقاربات الصورية للخطاب بين خاصيتين اثنتين:
أ – التركيز على صورة الخطاب، على اعتبار أن ما يميزه هو توفره على بنية تعكس نموذجا ترد و تتوارد وفقه مقاطع الخطاب في علاقاتها ببعضها البعض. يقول فان ديك (1985: 4):
” تخصص الأوصاف البنيوية الخطاب في مستويات متعددة من التحليل بتوسل جملة من الوحدات المختلفة أو المقولات أو النماذج البيانية أو العلاقات.”
ب – عدم الاستناد إلى معطيات خارجة عن هذه البنية من قبيل المتخاطبين و السياق و المعنى، حيث إن المقاربات البنيوية تهتم بمختلف التعالقات القائمة بين مختلف الوحدات و تغفل النظر إلى العلاقات الوظيفية التي يقيمها الخطاب مع سياق إنتاجه.
يعد هاريس (1952) أول من اهتم بالخطاب في إطار النموذج الصوري، و أول من استخدم مفهوم الخطاب في مقال علمي،حيث عده توليفا من الجمل،إنه حسب التصور الذي يعبر عنه( 1963: 7):
” متوالية خطية تضم أكثر من جملة أولية.”
و هو يتموضع وفقا للسلمية البنيوية للوحدات اللغوية مباشرة بعد المورفيم و الجملة. ما يلاحظ في هذا الإطار، أن هاريس قد نظر إلى الخطاب انطلاقا من معيار البساطة و التعقيد،كما نظر إليه أيضا انطلاقا من نمط العلاقة التي يقيمها مع النحو، حيث عده نموذجا من النحو،لذلك تكون علاقته بالنحو بمثابة علاقة الجزء بالكل.قاد هذا التصور إلى نتيجتين أساسيتين أولاهما تحديد مفهوم الخطاب انطلاقا من توظيف مفهومي المحيط و المتن ،حيث إن التحليل التوزيعي يحدد محيط وحدة الخطاب انطلاقا من تفكيك الألفاظ التي يتضمنها المتن وتحليلها إلى ما يعرف بالمكونات المباشرة .
يمكن هذا التحديد من ضبط الاطرادات الصورية المتعلقة بالمتن. و ثانيهما إدراج مفهوم التحويل بين الخطاطات التركيبية للجملة في إطار تحليل الخطاب، و ذلك كتقنية مساعدة للإجراءات التوزيعية (فوش1986). تتلخص الفكرة الأساسية التي قادت إلى اللجوء إلى هذا الإجراء في اعتبار تنوع الجمل ما هو إلا تنوع ظاهري (دلاديي 1990)،وبالتالي يتم اللجوء إلى التحويل لتصنيف المقاطع و تقليص الجمل المتعددة إلى بيانات أساسية انطلاقا من تحليل الاطرادات الملاحظة في المتن.
نستخلص أن هاريس قد وسع مجال البحث اللغوي بتجاوزه لمستوى الجملة و بإدراجه لمستوى الخطاب، حيث تمثل الإشكال الذي ركز عليه في تحديد الخصائص المميزة لماهية الخطاب التي تقود إلى تشخيص المتواليات التي تشكل خطابا وعزلها عن المتواليات التي ليست إلا متواليات اعتباطية، و هو الإشكال الذي صاغه ستبز (1983 :15) بقوله:
” بوسع أي فرد أن يميز بين قائمة عشوائية من الجمل و نص متلاحم يشكل بؤرة اهتمام دراسة الخطاب.”
لبلوغ هذا المسعى، حاول هاريس أن يطبق على الخطاب المبادئ التوزيعية التي تتوفر عليها الجملة، و أن يبين أن دراسة الأشكال المطردة في التلفظات الطويلة تظهر بنى اللغة، و هو التصور الذي تبناه سامب و دوبوا (1969) حيث نظرا إلى الخطاب من زاوية كونه توليفا بين متواليات الجمل تضبطها قواعد التسلسل، لذا يلزم دراسته بالمبادئ والمناهج نفسها التي تدرس بها الجملة.
الجدير بالذكر أن هاريس قد اعتبر الخطاب مجموعة من الجمل أو القضايا ذات بعد ثقافي، بوصفه يحيل على معطيات غير لغوية. من ثم يلح على العلاقات الضمنية القائمة بين الخطاب والسلوك الثقافي.لكن كما يشير إلى ذلك سيس و دياكيت(2007) يبقى تحليله صوريا و ذلك بفعل مبدإ المحايثة، الذي بموجبه تدرس قواعد اللغة بدون ربطها بالمعنى أو السياق ،لينتهيا إلى القول إن التحليل البنيوي يسمح بتجاوز مستوى البنية ،لكن بدون بلوغ مستوى الخطاب الذي هو تحديدا مجال يلتقي فيه البعد الاجتماعي بالبعد الذاتي.
1- 3- 2- النموذج الوظيفي:
يرتكز النموذج الوظيفي على فرضيتين اثنتين أجملتهما شفرن(1994: 22) كالأتي:
أ- تتوفر اللغات على وظائف خارجة عن النسق اللغوي.
ب- تؤثر هذه الوظائف الخارجية على التنظيم الداخلي للنسق اللغوي.
مخالفة بذلك تصور النموذج الصوري الذي يعتبر أن وظائف اللغة ليس لها أي تأثير يذكر على البنية الداخلية للغة.
ركزت التحديدات التي قدمت في إطار النموذج الوظيفي على الوظيفة التي يؤديها الخطاب.يشير فازولد (1990 : 65) في هذا السياق إلى أن:
“دراسة الخطاب هي دراسة لكل مظاهر الاستعمال اللغوي.”
لذلك نجد النموذج الوظيفي يربط الخطاب بسياق استعماله، و هو الأمر الذي توضحه شفرن( 1994: 32) بقولها:
” إن تحديد الخطاب بوصفه استعمالا لغويا ينسجم مع الوظيفية بوجه عام، حيث ينظر إلى الخطاب كنسق
(طريقة تحدث منظمة اجتماعيا و ثقافيا) تحقق عبره وظائف خاصة.”
معتبرة أنه على الرغم من وجود الاطرادات الصورية، فإن النموذج الوظيفي يتجاوز الأساس البنيوي لمثل هذه الاطرادات، ليهتم بالأخص بكيفية توظيف نماذج التكلم لتحقيق أغراض محددة في سياقات محددة، و بالتالي تفسر هذه الاطرادات الصورية بكونها تابعة للاستراتيجيات التواصلية.
لهذا فمن الطبيعي أن يولي أهمية خاصة للطريقة التي توظف بها الوحدات في السياق أكثر من اهتمامه بالخصائص النحوية لهذه الوحدات.ما يدعم هذا التوجه حسب فنكبنوند (1988)،هو أنه بالرغم من وجود نماذج الاطراد في الخطاب، فهذه النماذج لا يمكن اختزالها في قواعد محددة لبناء الخطاب. فإذا كان النحو قد حدد انطلاقا من النظرية التوليدية باعتباره مجموع القواعد التي توضح القدرة اللغوية، التي انطلاقا منها يتم توليد الجمل النحوية و منع توليد الجمل غير النحوية، فإن هذا النمط من النحو لا يمكن تبنيه بخصوص الخطاب.مرد ذلك أمران يجملهما فنكبنوند (1988) كالتالي:
– الخطاب ليس بناء تركيبيا مستقلا و قاطعا.
– النحوية و اللانحوية ليستا سمتين يمكن إسنادهما للخطاب.
لذلك نرى فان ديك(1972 -1973) و هاليداي و حسن (1976) يعتبرون الخطاب وحدة دلالية ذات بنية دلالية تكشف عن توليف متماسك للجمل و هذا يفسر-كما يشير إلى ذلك فنكبنوند – التوجه إلى توحيد علاقات الجمل التي تشكل خطابا و التي يحال إليها بالتماسك أو التلاحم أو الترابط.كما يفسر في الوقت ذاته التوجه إلى ربط الخطاب بسياق استعماله،و ذلك في خلاف مع تصور النموذج الصوري،الذي يتبنى منظور أن وظائف اللغة ليس لها أي تأثير يذكر على البنية الداخلية للخطاب.
يذهب سلس مورسيا (2002) إلى القول إن كلا التحديدين الصوري و الوظيفي غير كافيين و يقترحان نموذجا بديلا يزاوج بينهما،و هو توجه سبقت إليه شفرن (1994: 34) التي وجهت انتقادات إلى الاتجاه الوظيفي و ألحت على أن ربط الخطاب بالاستعمال يؤدي إلى صعوبة في التفريق بين تحليل الخطاب و تحليل السياق، فيكون الحاصل هو التداخل بين الإشكالات التي تصاغ حول الوظائف التي تيسر فهم التعالقات القائمة بين الوحدات و الإشكالات التي تهم الوظائف المحققة داخل هذه الوحدات( نحو الأفعال الكلامية و رتبة المكونات و التنوع الفونولوجي).
3-1- 3- النموذج التلفظي:
تطرح شفرن (1994) نموذجا بديلا يركز على ربط الخطاب بالتلفظ. بالنظر إلى اعتبار التلفظات وحدات الإنتاج اللغوي سواء كانت مكتوبة أو منطوقة وهي بالضرورة مرتبطة بالسياق.يجعل هذا التحديد التلفظ معارضا للفظ معارضة الفعل للنتيجة المترتبة عنه.
كان من نتائج ربط الخطاب بالتلفظ تحقيق أهداف متعددة منها ما يتعلق بالبعد التركيبي (و خاصة معرفة المبادئ المحددة لرتب الوحدات) و منها ما يتعلق بالبعد الدلالي و التداولي( و خاصة معرفة كيف يتيح ترتيب الوحدات تبليغ و تأويل المقاصد التواصلية).
نجم عن هذا الربط جعل البنية اللغوية بنية سياقية.أضف إلى ذلك أن هذا الربط استتبعه الانتباه إلى أكثر من وحدة بما في ذلك فحص النماذج الموسعة و الترتيب المتتالي.اعتبرت شفرن (1994) أن هذا التصور يجمع بين الإلحاح الوظيفي على الاستعمال اللغوي و الإلحاح الصوري على النماذج الموسعة مشيرة إلى إن دراسة التلفظ تتضمن الأخذ بعين الاعتبار جملة من العوامل المرتبطة بالمقام التواصلي كالمشاركين و زمن و مكان التلفظ و عموما كل عنصر يمكن عده ملائما في إجراء التلفظ. في المنحى نفسه، تركز المدرسة الفرنسية لتحليل الخطاب هي الأخرى على التلفظ كمعطى يحدد الخطاب من جهة و يميزه من جهة أخرى عن النص.يرتبط هذا التحديد،كما يشير إلى ذلك راستيي (2009)، بخصوصية أهدافها الإيديولوجية التي يرجعها بيشو (1990 : 118) إلى ما أسماه ب ” العناصر المبنينة لشروط إنتاج الخطاب ” منتهيا إلى القول بوجود قواعد إسقاط متضمنة في كل آليات التكوين الاجتماعي.تؤسس هذه القواعد للروابط القائمة بين الأوضاع الاجتماعية و تمثيلاتها،مما يعني أن البعد الاجتماعي فاعل في البعد الفردي و محدد له.
من هذا المنطلق يكون المحدد في هذا التصور هو ربط البنية الفوقية بنموذج الإنتاج المهيمن على التكوين الاجتماعي (بيشو و فوش 1975: 15)،و بالتالي ربط النص باللفظ و ربط الخطاب بالملفوظ، أي بشروط إنتاجه.تم ذلك في إطار معادلة صاغها راستيي (2009) كالتالي:
1 – لفظ + ملفوظ (الوضع التواصلي) = خطاب.
استعمال- توافق معنى
خصوصية دلالة
حيث يتضح من خلال هذه المعادلة، أن ما يحدد ماهية الخطاب هو ذلك الربط القائم بين اللفظ و الوضع التواصلي الذي ينجز فيه.و هو ربط غير حاضر في تصور النص، و هذا بالتحديد ما يشكل جوهر الاختلاف القائم بينهما.تدعيما لنفس التوجه ينطلق أدم (1990: 23) من التسليم بالاختلاف القائم بين المفهومين، معتبرا أن الخطاب هو نتاج لغوي يشكل مع شروط إنتاجه السوسيو- ايديولوجية كلا قابلا للوصف.إنه- بتعبير شارودو (1988 : 69) – منتوج خاص يرتبط بمتكلم خاص و بظروف إنتاج خاصة. بهذا يتحدد الخطاب بكونه نتاج لإدراج النص في سياقه،ذلك لأن مجال الخطاب- كما يشير إلى ذلك بنفنست- (1966 : 130) هو مجال تلتقي فيه الدلالة بالإحالة، و من ثم يتم ربط الخطاب بالتلفظ و ربط التلفظ بالسياق التواصلي.
إن ربط الخطاب بالسياق التواصلي يؤدي إلى اعتبار معيار الكم معيارا ثانويا، إذ كما يؤكد سيس و دياكيت (2007 : 122) ليس من الضروري أن يكون الخطاب متوالية من الجمل و إنما هو: “كل لفظ (كلمة أو أكثر ) ينتقى بالنظر إلى شروط إنتاجه.”
يستتبع هذا الأمر القول إن الكلمة هي الوحدة الدنيا للخطاب و ليس الجملة، كما ذهب إلى ذلك بنفنست (1966: 130)، و هو التصور الذي تعززه سلس مورسيا (2002 :122) التي تعتبر أن الخطاب،إذا استحضرنا في تحديده السياق، يمكن أن يتألف من كلمة أو كلمتين، أو قد يتشكل من آلاف المئات من الكلمات.و ينتهي إلى نتيجة مفادها أن ربط الخطاب بالاستعمال هو ربط عام جدا. بناء على ذلك تقترح تعريفا بديلا للخطاب يؤالف بين البعد الصوري و البعد الوظيفي يتحدد في اعتباره:
“نموذجا لغويا مكتوبا أو منطوقا يمتلك تعالقات داخلية قابلة للوصف من حيث الشكل و المعنى، و هو يرتبط بشكل متلاحم مع وظيفة تواصلية خارجية…لا تتحدد هذه الوظيفة الخارجية إلا بالأخذ بعين الاعتبار السياق و المشاركين.(أي كل العوامل الاجتماعية و الثقافية الملائمة)”.
و تركز في الآن ذاته،على أن ربط الخطاب بالسياق يمكن من تحليل الخصائص الصورية و التوزيعية،كما يمكن من تحليل المعنى و استعمالاته انطلاقا من التركيز على المعلومات السياقية الملائمة.
هنا نقترب من التصور الذي يدافع عنه المتوكل (2003: 21) في إطار النموذج الوظيفي و هو يعرف الخطاب بكونه:
” كل ملفوظ/مكتوب يشكل وحدة تواصلية تامة.”
ويبني انطلاقا من هذا التعريف ثلاثة مسائل أساسية يصوغها كالآتي:
– إن المعيار المحدد للخطاب هو المعيار الوظيفي و ليس المعيار البنيوي ،و من ثم يربط الخطاب بالقصد التواصلي.
– لزوم ربط الخطاب بالوحدة التواصلية التامة التي قد توظف في تأديتها متواليات جمل أو جملة واحدة أو مركبا أو كلمة.
– تعويض مفهوم الخطاب بمفهوم النص.
تأسيسا على هذه المسائل الثلاثة يضع المتوكل(2003: 23 ) سلمية لأقسام الخطاب وفقا لما يلي:
3 – سلمية أقسام الخطاب:
نص > جملة > مركب > كلمة.
نستخلص إذن،أن الخطاب يفعل بنيات قد تؤالف أو تخالف من حيث طبيعتها بنيات الجملة.علاوة على ذلك يرتبط صوغه بتحقيق قصد محدد، إذ هو شكل من أشكال التأثير على الآخر و فعل يهدف إلى تعديل وضع معين. كل هذا يقودنا في اتجاه القول بضرورة ربط دراسته بشروط إنتاجه.و منتهى الأمر: إن الخطاب تفاعلي يؤثر في المتلقي و يتأثر به،إذ المتلقي له دور هام في تشكيل صورة و مضمون الخطاب.لذلك نلاحظ مع كروكوك (2001) أنه حاليا هناك إجماع على ربط الخطاب بدراسات التلفظ و بالتداول و تحليل الخطاب.
2- تعريف النص
2-1 – الأصل اللغوي:
تعد كلمة النص – كما يشير إلى ذلك كوكورك (2001) – أكثر قدما من كلمة الخطاب،إذ يرجع تاريخها إلى 1265 و هناك من يرجعها إلى 1175 و هي تستمد جذرها من الفعل اللاتيني texere أي نسج وtextus بمعنى نسيج، و قد أرجعها نشفير (1999) إلى الكلمة الإيطالية التي ظهرت في القرن السادس عشر بمعنى محكي،عرض،مكتوب.بذلك يكون النص مرتبطا بالمكتوب،كما ورد في الموسوعة(1966 : 1033) وقد أشار كوكورك (2001) إلى أنها قد أخذت في المرحلة الامبريالية معنى تسلسل المحكي،نص(RG1987 : 272).
2- 2- البعد اللغوي:
ارتبط الاستعمال قبل نظري لكلمة نص بالمكتوب،على النقيض من الخطاب الذي ارتبط بالمنطوق نجد هذا الفهم حاضرا عند ككورك (2001) الذي يحيل إلى التحديد الذي ورد في الموسوعة( 1966 :1033) و مفاده أن النص: ” يرتبط فقط بالكتابة.” أما أغيفي (1986 : 670)، فيشير إلى أن مفهوم النص هو قليل التواتر في فرنسا و أنه بدله يفضل اللسانيون استخدام مفهوم الخطاب و اللفظ.
2- 3- البعد المعرفي:
في مقاربة مفهوم النص نجد توجهين اثنين: توجه يميز النص عن الخطاب وآخر يرادف بينهما.
2-3-1- النص ممايز للخطاب:
أدى اهتمام اللسانيات بالإجراء التواصلي و بتجسيده إلى ظهور تحديدات عديدة للنص في علاقته بالخطاب. تختلف هذه التحديدات باختلاف التوجهات النظرية و أهداف التحليل.و هو الأمر الذي جعل من التمييز بين النص و الخطاب معطى بديهيا في علوم اللغة في فرنسا،و ذلك في حقول معرفية مختلفة، سواء تلك التي تشتغل بتحليل الخطاب أو تلك التي تشتغل في إطار السيميائيات المنبثقة من أعمال كريماس(راستيي 2009).
في هذا الإطار يقيم كريماس و كورتيس(1979 : 389) تمييزا بين النص و الخطاب انطلاقا من صيغة التعبير،التي تحدد ماهيته باعتباره لفظا،أي نتاجا.كما تحدد ماهية الخطاب باعتباره إجراء و تلفظا يخول للنص أن يتحول إلى خطاب.من ثمة يصبح النص مادة خاما، إنه مضمون أو ملفوظ قابل لأن يتجسد في خطاب.إن استحضار البعد المنطوق في علاقته بالبعد المكتوب نجده واردا أيضا عند كارتر و مكارتي(2006) في تحديدهما للنص وعند إمرل (1995 : 150)،الذي يرى أن الاختلافات بين هذين البعدين لا تقف عند مستوى صيغة التعبير،و لكن تتجاوزها إلى الاختلاف في أنماط السياقات اللغوية والاجتماعية التي تتأسس الدلالة في إطارها وأشكال المهارات المفعلة في كل من نمطي التعبير
2- 3-2 – ترادف النص و الخطاب:
إذا كان كريماس و كورتيس (1979) قد ركزا على البعد المكتوب و المنطوق في الفصل بين الخطاب و النص،فإن هذا المعيار لا نجده واردا عند كارتر و مكارتي (2006)،اللذين يعتبران كل متوالية متلاحمة تشكل نصا، سواء كانت منطوقة أو مكتوبة، بذلك يكون المعيار المحدد للنص هو التلاحم.
إذا عدنا إلى فان ديك (2004) نراه يؤسس التلاحم على نمطين من العلاقات:- العلاقات الإحالية بين الوقائع في عالم ممكن،إذ الخطاب لا يكون متلاحما في المجرد و إنما يكون متلاحما بالنظر وضع سوسيو ثقافي محدد.
– العلاقات بين المعاني المتضمنة في النص.
لا يمكن تغييب هذين النمطين من العلاقات في تحديد الخطاب،إذ هو محكوم بالتعالقات الداخلية بين المعاني التي يعبر عنها، لذلك يتم الاهتمام، كما أشار إلى ذلك ، محمد خطابي(2006 : 5) ب:
” الوسائل اللغوية (الشكلية) التي تصل بين العناصر المكونة لجزء من خطاب و خطاب برمته.”
و هو في الوقت ذاته،محكوم بالتعالقات الخارجية المرتبطة بالوضع التواصلي الذي ينجز في إطاره.
يقودنا هذا المعطى إلى تبني موقف راستيي (2009) الذي يؤكد على وجوب وصل وجود النص بوجود الملفوظ،إذ لا يمكن تصور أن يكون النص سابقا من حيث الوجود للملفوظ و يؤكد على أن:
” السياق هو النص كله لكونه محددا له، فهو مكون من مكوناته سواء تعلق الأمر بالمضمون أو التعبير.”
الخلاصة التي ينتهي إليها أنه لا يمكن تمييز النص عن الخطاب لا نظريا و لا منهجيا.إن النصوص و الخطابات توجد في المستوى الانطولوجي نفسه.
عموما، نلاحظ بأن مفهوم النص يقترب بل يتماهى مع مفهوم الخطاب في التصورات التي تدرج بعد السياق التواصلي، بحيث يصبح المفهومان معا تداوليين، و بالتالي يصعب التفريق بينهما، بل أحيانا يصبح الخطاب أعم من النص، كما عبر عن ذلك محمد مفتاح (1996 :55 ).أو النص أعم من الخطاب،كما عبر هن ذلك سعيد يقطين. لذلك نرى مع كوكورك (2001)،أن ما يميز بينهما ليس هو التعريف الذي يمكن أن يقدم لهما،و إنما مجال استخدامهما.إن النص يستخدم بالأساس في مجال الأدب بينما يستخدم مفهوم الخطاب في مجال اللسانيات.
غير بعيد عن هذا التصور يقرن فنكبنوند (1992)هذين المفهومين بالمجال الذي استعمل فيه كل منهما،مشيرا بهذا الخصوص إلى أن مفهوم الخطاب استعمل في الدراسات الأمريكية، حيث كان الاهتمام منصبا على اللغات الشفوية التي لم تكن تتوفر على أي تقليد كتابي،كما استعمل في الدراسات البريطانية التي اهتمت بتحليل الخطاب الشفوي للتلاميذ. في حين أن مفهوم النص استعمله اللسانيون الأوروبيون، الذين لم ينظروا إلى الفرق بين النحو والانجاز اللغوي، و إنما ركزوا على ربط الخطاب بسياقه الاجتماعي.
نستخلص، إذن أن مفهومي النص و الخطاب قد أثارا جدالا واسعا في علوم اللغة.مرد ذلك تجاوز الاهتمام بالجملة و تخطيها إلى الاهتمام بالخطاب، و قد احتد الجدال خصوصا منذ الثمانينات مع صعود التيارات التداولية، التي اهتمت بالإجراء التواصلي و بتجسيده. الأمر الذي قاد إلى بروز تحديدات عديدة و متضاربة أحيانا للخطاب و النص.من ثمة حدد الخطاب إما بطريقة مستقلة أو بمقارنته بالنص، بل تعدى الأمر إلى مقارنته بمجموعة من المفاهيم المتعالقة معه، فكانت الحصيلة دخوله في سلسلة من التعارضات الكلاسيكية نتج عنها إقامة جملة من الثنائيات نجمل أهمها كالآتي:
1- خطاب/ جملة:
يشير بلاكمور (2002) إلى أن بعض المقاربات تضع تعارضا بين الجملة و الخطاب،إذ تعتبر أن الخطاب يتعارض من حيث الكم مع الجملة. نجد هذا التصور مثلا عند هاريس (1952) الذي وضع الخطاب في مستوى يلي المورفيم و الجملة.بهذا يمكن تحديده باعتباره وحدة لغوية تتأسس من تتابع مجموعة من الجمل و بالتالي تؤسس الجملة وحدته الأساس مثلما تؤسس الكلمة الوحدة الأساس للجملة.من هذا المنطلق يتحدث هاريس (1952) عن تحليل الخطاب و يتحدث آخرون عن نحو الخطاب أو لسانيات نصية (شفرن1994).
فتح هذا التصور المجال أمام منظورات جديدة للبحث اللساني. في هذا الإطار يشير بنفنست (1966) إلى أن الجمل داخل الخطاب تحكمها علاقات غير العلاقات التي تحكم الوحدات المشكلة للجملة. يستتبع هذا المعطى القيام بدراسات مختلفة نوعيا عن الدراسات حول الجملة من قبيل النظر في صيغ التسلسل بين جمل الخطاب و أوجه العائدية و التطابق و الزمن و غيرها من الظواهر التي نقتضيها المقاربات التي تروم وصف الخطاب و تفسيره.
حاول بعض الباحثين حصر الاختلافات القائمة بين الجملة و الخطاب.في هذا الإطار يشير بوكروند (1979) إلى أن الاختلاف الأساسي القائم بين الجملة و الخطاب يتمثل في أن الجملة يمكن تحديدها داخل نسق واحد هو النحو،بينما الخطاب يحدد بالإحالة إلى أنسقة متعددة و إلى التعالقات القائمة بينها. في الاتجاه نفسه يشير أومان (1979) إلى مجموعة من التمايزات القائمة بين النص و الجملة من ضمنها أن النص إجراء تواصلي و دينامي، في حين أن الجملة وحدة نحوية تتميز بكونها أيضا وحدة ” ثابتة “.
2- خطاب /لسان:
ثنائية أسسها كيوم (1973) ليستبدل بها الثنائية التي أقامها سوسور (1916) بين اللسان و الكلام.إذا كان الكلام يشير إلى البعد الفردي، فإن الخطاب مرادف له بما هو ” تحقيق فعلي فردي لنسق اللسان في وضع تواصلي محدد “،غير أن الفرق بين الكلام والخطاب يكمن في كون الكلام– حسب تصور سوسور (1916)– مجال تتحقق فيه حرية الفرد بالنظر إلى كونه الاستعمال الفردي للسان.
إن هذا البعد ليس حاضرا في تحديد الخطاب الذي هو مقيد بواسطة نسق اللسان من جهة، و بواسطة شروط إنتاجه من جهة أخرى. يشير نشفر(1999 :61) إلى إمكان توجيه الخطاب إلى البعد الاجتماعي أو البعد الذهني و يشير في السياق ذاته إلى أن كاردنر(1989) قد اختار البعد الأول على اعتبار أن الخطاب هو استعمال للعلامات المنطوقة لنقل الآراء و الرغبات، في حين يختار كيوم البعد الثاني على اعتبار ارتباط الخطاب بالشرط النفسي.أما عند بنفنست(1966 :266)،فإن الخطاب عنده قريب من التلفظ. عموما، يمكن أن نلاحظ من خلال هذه الثنائية أن اللسان بوصفه نسقا مشتركا بين الأفراد يتعارض مع الخطاب بوصفه استعمالا لهذا النسق.يتعلق الأمر بأربع دلالات يحددها نشفر(2001:62) فيما يلي:
1- تموضع في حقل خطابي معين (الخطاب الشيوعي). 2 – نمط خطابي. 3- إنتاجات كلامية خاصة بفئة معينة.(خطاب النقابيين). 4- وظيفة اللغة (الخطاب الجدالي- الخطاب الوصفي…).
3- خطاب/محكي:
ثنائية أسسها بنفنست(1966) ليستخلص من خلالها أن ما يميز الخطاب هو أنه لفظ منطوق أو مكتوب متضمن لعناصر لغوية يتحدد معناها انطلاقا من وضع التلفظ. بهذا يكون الخطاب مؤشرا على توظيف اللسان في ارتباط مع كل ما يحيل إلى المتكلم (أنا، أنت، هنا، الآن…)،على خلاف المحكي الذي هو لفظ مكتوب منفصل عن وضع التلفظ. لذلك يأتي خاليا من أي أثر للمتلفظ، كما يرد موسوما بسمتين أساسيتين تتمثل أولاهما في حضور الضمير الغائب، و تتمثل الثانية في حدوثه في الزمن الماضي.خلاصة القول إن دراسة الخطاب لا يمكن أن تتم إلا باستحضار سياق التلفظ و العوامل المرتبطة به، في حين أن دراسة المحكي يمكن أن تتم في غياب الظروف الحقيقية التي أنتجته.
4- خطاب/نحو:
يعتبر بلاكمور (2002) أنه لفهم الخطاب ينبغي موازاته بمفهوم النحو. في نفس الاتجاه، يجمل دوبوا (2003) عددا من التمايزات القائمة بين الخطاب و النحو فيما يلي:
– يتعلق النحو أساسا بكيفية توليف الكلمات لتشكيل الجمل،بينما يتخطى الخطاب حدود الجملة.
– يحد النحو من الاختيارات، و ذلك لكونه يشمل مجموعة من القواعد اللازمة، في حين أن الخطاب هو توظيف المتكلمين لهامش الحرية المتروك.
– النحو عام على النقيض من الخطاب الذي يتسم بكونه خاصا، و هو تبعا لذلك يختلف باختلاف المتكلمين و باختلاف اهتماماتهم.
5 – خطاب/نص:
عد الخطاب إدراجا للنص في سياق تواصلي محدد. ترتبط هذه الثنائية بثنائية خطاب/ لفظ، حيث – كما سبقت الإشارة إلى ذلك – تم ربط النص باللفظ و ربط الخطاب بالتلفظ.
- خاتمة:
إن النقاش حول مختلف التحديدات التي قدمت للخطاب تعكس رغبة الدراسات التي قامت حوله في تقديم تفسير واف لمختلف الإشكالات التي يطرحها،كما تترجم الرغبة في توضيح مختلف التعالقات الضمنية بين الشكل و الوظيفة و ربط هذه التعالقات بالسياق التواصلي.
خلاصة الأمر،إن تقديم مقاربة كافية للخطاب، لا يمكن أن تتم انطلاقا من حقل معرفي واحد، بل انطلاقا من تضافر حقول معرفية متعددة، نظرا لأن كل حقل من هذه الحقول قد قدم بخصوص الخطاب مجموعة من المفاهيم لا تستقيم دراسة الخطاب بدونها.
1- اللوغوس:
كلمة إغريقية لها عدة معاني منها لغة مجردة و فكر برهاني و استدلالي، كما تعني أيضا الخطاب، باعتباره جملة من الملفوظات المتسلسلة و المترابطة عضويا و التي تحيل إلى موضوع معين و ترتبط بحقل ثقافي محدد.
2- يتحدد المحيط بالمعنى الرياضي باعتباره مجموعة من الموضوعات. أي إذا تم تحديد المحيط بواسطة القضية ” هناك موضوعات ملاحظة” سيتحدد محيط الخطاب بواسطة القضية س: أ- ب- ج حيث تحيل أ- ب-
ج- إلى الموضوعات التي هي عبارة عن ملفوظات تنتمي إلى مجموعة محددة (سمب و دوبوا 1969).
3- يتسم المتن إما بكونه مجموعة منتهية مغلقة، إذا كان مؤلفا من جميع القضايا الواردة الملاحظة أو بكونه مجموعة غير مغلقة، و ذلك إذا كان فقط متنا نموذجا ( سمب و دوبوا 1969)
- لائحة المراجع
– المتوكل.أحمد 2001: قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية:بنية الخطاب من الجملة إلى النص.الرباط.
– خطابي.محمد:2006 لسانيات النص مدخل على انسجام الخطاب.الطبعة الثانية.المركز الثقافي العربي.الدار البيضاء المغرب.
– مفتاح.محمد.1996: التشابه و الاختلاف. نحو منهاجية شمولية.المركز الثقافي العربي. بيروت- الدار البيضاء.
Adam. J. M. 1990 : Eléments de linguistique textuelle. Théorie et pratique de l’analyse textuelle .Liege.Mardaga.
Arrivé.M &al 1986 : La grammaire d’aujourd’hui. Guide alphabétique de linguistique française .Paris. Flammarion. (Avec F.Gadet et M. Galmiche)
Beaugrande. R. 1979 : Text and sentence in discourse planning .in Petöfi (ed) .467- 494.
Beaugrande. R .A & Dressle. R.W .V. 1981 : Introduction to text linguistics .London and New york. Longman
Benveniste. E. 1966 : Problèmes de linguistique générale.Gallimard
Blakemore. D. 2002 : Relevance and linguistic meaning : The semantics and pragmatics of discourse markers .Cambridge University.Press.Cambridge.
ِCarter . R & McCarthy. M 2006 : Grammar of English .Cambridge University Press. Cambridge.
Celce – Murcia. M 2002 : Why It Makes sense to Teach Grammar in Context and Through Discourse. In New perspectives on grammar teaching in second language classrooms. Eli. Henkel ; Sandra Fotos. Lawrence. Erlbaum.
Charaudeau. P. 1988 :«La critique cinématographique : faire voir et faire parler » la presse : produit ; production ; réception .call. Langage discours et sociétés. Paris .Didier érudition pp 47 – 70.
Cisse. H. Diakite. M 2007 : Linguistique, analyse de discours et interdisciplinarité .revue électronique internationale de sciences de langage sud. Langue N8 http : //wwwdaneprairie.com
Cristal. D .1986 : Dictionary of linguistics and phonetics .Oxford Blackwell.
Dauzat. A . & al. 1971 : Nouveau Dictionnaire étymologique et historique. Larousse. Paris.
Deladier. A. 1990 : Aspects constructifs des grammaires de Zellig Harris.langage..V25.N 99 pp57-84.
Du bois. J 2003 : discourse and grammar. In the new psychology of language : cognitive and functional .vol 2. Routledge
Dubois. J & al. 1973 : Dictionnaire de la linguistique et de sciences du langage. Larousse .Paris
Eimerl. K 1995 : Langage oral et langage écrit Divergences et interactions dans l’apprentissage de la lecture. In : Cours de psychologie 6 . Dunod
Fasold. R. 1990 : Sociolinguistics of language .Oxford .Blackwell.
Fuchs. C 1986 : Zellig Harris ou l’énonciation esquivée. Histoire Epistémologie. Langage.VIII-(2)
Gardiner .A .H. 1989 : Langage et acte de langage .Aux sources de la pragmatique ; Lille. Presse universitaire de lille.
Gleason. H. A 1968 : Contrastive analysis in discourse structure .Monograph Series of languages and linguistics 21 :39 – 63.
Greimas.A & Courtes.J 1979 : Sémiotique Dictionnaire raisonné de la théorie de langage. [1.Hachette. Paris.]
Guillaume. G. 1973 : Principes de linguistique théorique Avalin. R. Paris. Québec
Halliday. M.A.K. & Hasan. K .1976 : Cohesion in English .London. Longmans.
Harris. Z 1952 : Discourse analysis. Language Vol 28. pp 18 -23
Harris. Z 1963 : Discourse analysis reprints. The Hague. Mouton.
Kocourek. R 1993 : La linguistique textuelle et la prose. ALFA. Vol6 :3_ 28 [CF.L essai VI]..
Kocourek. R 2001 : Essais de linguistique française et anglaise. Edition Peeters. Louvain. Paris
Macaulay . R. 2002 : Discourse variation .in the Handbook of language variation and change. Blackwell.
Maigueneau. D 1976 : Initiation aux méthodes de l’analyse du discours : Problèmes et perspectives .Hachette. Paris
Moechler. J. 1985 : Dialogisme et dialogue : pragmatique de l’énoncé vs pragmatique de discours. Tranel 9. Numéro spécial. pp 7- 44.
Nechifor .V.1999 : Le discours, Présence emblématique dans l’espace linguistique. Paris-Nathan.
Pêcheux. M. 1990 : Analyse du discours : trois époques. In D. Maldidier. (ed) 1990. L’inquiétude de discours pp 295 – 302.
Pêcheux. M & Fuchs. C. 1979 : Mises au point et perspectives à propos de l’analyse automatique de discours .Langage .n 37.pp7- 80
Pike .Kenneth .L 1964 : Discourse analysis and tagmeme matrices .Oceanic linguistics. 3 :5 – 26.
Rastier.F. 2009: Discours et texte .www.revue texto.www.texto. net /…/ Rastier _ Discourse.html.
Stubbs. M 1983 : Langage spontané et langage élaboré. Paris – Colin.
Sueur. J. P. 1982 : Pour une grammaire de discours.Mots5.n.5pp143-185.
Sumpf. J & Dubois. J. 1969 : Problèmes de l’analyse du discours. Langage .V4 N1 3. pp 3 -7
Van Dijk. T. 1972 : Some aspects of text grammars .The Hague. Mouton.
Van Dijk .T. 1985 : Discourse analysis as a new cross – discipline in Van Dijk .T. (ed) Handbook of Discourse Analysis. Vol I .New York .Academic Press pp 1 – 10.
Van dijk.T 2004 : From text grammar to critical discourse. Analysis.A brief academic autobiography.www.discourse org /from%20text%20grammar%20to%20 critica…־
Vignaux. G. 1999 : L’argumentation: de discours á la pensée. Paris. Hatier.
Vongvipond. Peansiri.E 1988 : Macro and micro -cohesive devices in Thai. Expository discourse. In the international symposium on language and linguistics ed C. bamroongraks et al Bankok Thailand. Thammasat university. pp 129 – 137.
Vongvipanond. Peansiri. E 1992 : A model of Discourse Grammar : for the analysis of Thai. PAL. Vol 3 1 ; pp 339 – 354.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- القواميس و الموسوعات
Collins Anglais définitions &Synonymes : http : //dictionnaire reverso.Net/anglais définition.
Encyclopedie. 1966 ou dictionnaire raisonné des sciences des arts et des matières. Nouvelle impression en facsimilé de la première édition de 1751_1780.vol
Encyclopedia universalis 1989. Corpus 12.Paris. Encyclopedia universalis1989
Encyclopoedia universalis 1990. Index (volume comprenant discours) .Paris
GR 1987 : Le grand Robert de la langue française .Dictionnaire alphabétique et analogique de la langue française de Paul robert Deuxième édition. Par A. Rey et. J. Rey –Debove …Tome III. Paris
1987. Tome IX du GR.
Oxford English Dictionary 1989 .Oxford University Press.
Petit Robert. 1981. Dictionnaire alphabétique & analogique de la langue française de Paul Robert. Nouvelle édition Le Robert. Paris (11е).