نقد

استعادة سيّد قُطب في زمن التغييب والتشويه

لعلّ استعادة سيّد قطب (1906- 1966) من بين قضبان التشويه والإقصاء والتغييب مهمّة لازمة لكلّ صاحب فكر حرّ ونزيه، وهذا ما فعله برنامج موازين (الجزيرة الفضائيّة)، لتكون شخصية سيّد قطب بجوانبها المتعددة، ومناهجها الفكرية والأدبية والسياسية موضوع حلقة  البرنامج مساء الأربعاء 1 شباط 2023،

يحسب للبرنامج ولمقدّمه الدكتور علي السند الالتفات إلى هذا المفكّر العربيّ الإسلاميّ في زمن تمّ فيه تجاهله من الحركة الثقافيّة المعاصرة، حتّى من مؤرّخي الحركة الثقافيّة والنقديّة العربيّة، فلا يكاد يُذكر إلّا على استحياء، كما تمّ تجاوز طروحاته الفكريّة من الإسلاميّين أنفسهم؛ إذ يعدّون إنتاجه الفكريّ خاضعاً لشروط لحظته التاريخيّة؛ فيضعون أفكاره “الحادّة” ضمن ما أسماه مفكّروهم المتأخرون”فكر الأزمة”،

فأجروا عليها مراجعاتهم، فصار لازماً عليهم أن يتجاوزها، فلم تعد تلك الأفكار تمثّلهم، وكأنّهم بمعنى من المعاني تخلّوْا عن الرجل، وأسلموه إلى أعدائه وأعدائهم لتطحنه “ماكينة” التشويه المتعمّد بكلّ ما أوتيت من إعلاميّين سلطي اللسان، وكتّاب لا يحترمون الضمير الحيّ الذي يجب أن يتحلّى به الكتّاب في العادة.

إنّني أعدّ هذا الأمر “خيانة فكرية” لهذا الشهيد الذي لم يكن له مثيل بين أقرانه، وبين من جاء بعده من المفكرين الإسلاميّين، سواء على المستوى التغيير السياسي العملي أم على مستوى التنظير الفكري الخالص، فما قدمه قطب- رحمه الله- لم يكن مرحليّاً، إنّما ينبثق من وعي عمق بالإسلام ودراسة الواقع الذي لم يختلف إلّا بشدة بؤسه،

فيدخل ضمن “الفكر السياسيّ” أو “التفكير السياسيّ” الذي يمكن أن يُستفاد منه ومن منطلقاته العامّة المؤصّلة على قواعد ثابتة فكريّة لا تزعزعها اللحظة التاريخيّة وتبدّلات وجوهها السياسيّة، فالفكر الصحيح يظلّ صالحاً ومُحتاجاً إليه ما دام الناس واقعين بما هم واقعين فيه من أزماتٍ وانكسارات وهزائمَ متتالية أنتجتها ظروف متشابهة،

إن لم نقل إنّ الظروف هي نفسها ما زالت ماثلة وبكثافة أشد، لتتكاثر مصائبها ويشتدّ وقعها علينا، ما يعني حاجتنا إلى الفكر ذاته، فلم نصبح في واقعٍ بعيدين عمّا يطلبونه هم أنفسهم- الساعين إلى التغيير- أو يطلبه المفكّر ذاته من تغيير وشروط تحقّق الحياة بشكل أفضل، فقطب لم يكن حالماً رومانسيّاً، كما يصفه البعض ممّن أحسن الظنّ به، إنّما كان إسلاميّاً دارساً للمجتمعات من وجهة نظر إسلاميّة ثابتة.

وهو بهذا يمثّل صورة “للمثقّف الواعي” الحريص على التأثير في الحياة والناس، ويندمج في حلّ مشاكلهم، بل إنّه في “موته” على يد النظام منحه صفة “المثقّف الثوريّ” الذي لم يتنازل عن طروحته من أجل سلامته الشخصيّة، فلم يكن مثقّف سلطة أو منصب، واقترب من صورة “المثقّف الاجتماعي العضويّ” كما يطرحه المفكّر اليساري غرامشي، على اختلاف في الرؤيا والمنهاج والأداة بطبيعة الحال.

ومع علمي أنّه لا يستطيع برنامج واحد بحلقة واحدة الإلمام بكلّ تفاصيل الموضوع، لاسيّما إنْ كان موضوعه مفكّراً وسياسيّاً وشيخ طريقة له أتباع، وشاعراً وناقداً أدبيّاً كبيراً كسيّد قطب، إلّا أنّ ما تمّ طرحه من أفكار كان مهمّاً ومجلّياً بشكل يلقي الضوء- ولو بسيطاً- على حياة صاحب الظلال، وصاحب العدالة الاجتماعية.

هذا الرجل الذي جرّب الأفكار شرقيّها وغربيّها، فانحاز إلى ما هو إسلاميّ أصيل متأصّل نقيّ فيها، فوقف ضدّ أن يكون معتدلاً بمفهوم الوسطيّة التي تُدخل مع الإسلام ما ليس فيه، أو تُطوّع الإسلام ليتوافق مع غيره من المعتقدات والنظريّات، لقد نظر- رحمه الله- إلى الإسلام كلّاً متكاملاً مستقلاً لا يحتاج إلى غيره من الأفكار ليكون صالحاً للتطبيق ولقيادة الناس والمجتمعات.

غاب عن مقدّم الحلقة مناقشة رأي المعاصرين من النقّاد والأدباء في مصر وغير مصر رأيهم في سيّد قطب الناقد الأدبيّ والشاعر والسارد، حيث يتجاهلونه أديباً شاعراً، أو يقلّلون من شأن طروحاته النقديّة، ولا يعتدّون بها، ويقدّمون عليه مثلاً محمد مندور وأنور المعداوي،

ما يشير إلى نوع من التطرّف العلماني في ساحة الأدب العربي المعاصر التي تدفع القائمين عليها إلى تغييب سيّد قطب وإنجازاته النقديّة والإبداعيّة، هذا ما ألاحظه- مثلاً- وأنا أتابع الإنتاج النقدي في المجلات العربية في مصر وغيرها،

حتى سَبْقه النقدي في التعريف بنجيب محفوظ لم يحظ بالاهتمام والإشادة كما يظهر من كتابات بعض النقّاد الذين احتفوا بتجربة جابر عصفور النقديّة وتكريمه في العدد (107) من مجلّة فصول النقديّة، إذ يذكره البعض عابراً مهوّناً من أمره، على الرغم من أنّه لو قام بهذا الجهد ناقد أو أديب آخر غير سيّد قطب، لكانت له مكانة عظيمة في حركة التأصيل النقديّ.

ولم يكتفِ النقّاد بذلك، بل إنّهم لم ينظروا إلى كتاب قطب “النقد الأدبي أصوله ومناهجه” نظرة تقدير واحترام لائقيْن بما احتواه الكتاب، على الرغم من أنّه مؤلّف قديم في أواخر الأربعينيّات من القرن العشرين، بمعنى أنّه من كتب جيل الرواد التي يُحتفى بها في العادة،

وتقدّر تقديرا، ربّما يغالي في بعضه نقّاد معيّنون حسب الهوى والمنهج والتصوّر، وما إلى ذلك من أهداف، وهي ذاتها ما جعلت النقّاد والدارسون يدحرجون هذا الكتاب وهذا الجهد إلى العتمة، ولا يحفلون به، وبما قدّمه صاحبه من رؤى نقديّة ساطعة ومؤثّرة.

بل إنّ سيّد قطب الأديب والناقد له الحضور الأبرز  في ساحة النقد الأدبيّ آنذاك، وكان من أتباع مدرسة الديوان، فلا تجد له اسماً في الكتب المقرّرة التي تعرّف الطلّاب في المدارس والجامعات إلى أنّ سيّد قطب كان واحداً من أعلام هذه المدرسة الثوريّة في النقد والأدب العربيّين في العصر الحديث.

وغير هذا وذاك، فإن لسيد قطب حضور لافت في البلاغة القرآنيّة؛ وذلك من خلال كتابه المهمّ “التصوير الفنّيّ في القرآن الكريم”، وهو من الكتب اللافتة في توضيح طبيعة الصورة القرآنيّة وتصنيفاتها بين الحسيّ والمعنويّ، والذهنّي والواقعي، والماديّ والروحيّ،

لقد شكّل بالنسبة لي هذا الكتاب منطلقاً أساسيّاً في باب “شعريّة القرآن الكريم” من كتابي “بلاغة الصنعة الشعريّة”، للبناء على ما قدّمه سيّد قطب في هذا الكتاب التأصيليّ الذي تعامل مع القرآن الكريم من زاوية بلاغته وصوره،

وهذا ملمح أصيل وركن أساسيّ في “الشعريّة” عند دارسيها قديماً وحديثاً حتى عند المعاصرين من النقّاد الغربّيين، وقد تعرّض بسببه صاحبه إلى التكفير أو اللوم أو التخطئة من بعض علماء السلفيّة لما يحويه من أمور غير معتادة في النظر إلى النصّ القرآنيّ.

ولأهمّيّة هذا الكتاب وأسلوبه الأدبيّ السلس، وإمكانيّة فهم أفكاره وتصوّراته، أنصح دائماً بقراءته والاستفادة منه للطلّاب والمعلّمين والمتأدّبين عموماً، ففيه إشراقات بلاغيّة سبّاقة بعقود قبل أن يظهر محمد متوّلي الشعراوي وفكره اللغوي في التفسير،

وفاضل السامرائي ولمساته البيانيّة التي تروق لي جدّاً على نحو شخصيّ، أكثر ممّا كتبه الرافعي في إعجاز القرآن الكريم والسنة النبويّة، إذ كان قطب أعمق وأدقّ فهماً، لقربه الروحيّ والنفسيّ من القرآن الكريم، كما قلت سابقاً في “شعريّة القرآن الكريم” عند المقارنة بين ما كتبه قطب وما كتبه أدونيس في أدبيّة القرآن وشعريّته.

بعد هذه الحلقة من موازين، ثار لديّ سؤالان، أظنّ أنّهما مهمّان وجديران بالعمل على مقتضاهما من ذوي الشأن والقدرة؛ السؤال الأوّل؛ لماذا لا يتمّ جمع كلّ ما كتبه سيّد قطب في مجموعة كاملة، كما هو شأن العقّاد مثلاً؟ إنّ هذا الإرث جزء من التاريخ العربيّ المعاصر وحركته الموّارة بالأفكار المتصارعة،

إذ توفّر للباحثين كلّ ما ينبغي أن يتوفّر لديهم من مراجع لدراسة هذا الفكر وهذا النتاج الثريّ دراسة منهجيّة معمّقة، وتقييم تجربته المتفرّعة في الدين والسياسة والأدب، فسيّد قطب لم يكن هامشياً في زمنه، وله علينا حقّ التكريم والاحتفاء بجهوده الفكريّة والأدبيّة بغضّ النظر عن موقفنا الشخصيّ من تلك الأفكار،

فليس كلّ من نحتفي بهم نؤمن بأفكارهم إيماناً مطلقاً، إنّما نحتفي بهم ونحن مختلفون عنهم قليلاً أو كثيراً، ولا يهمّ أن نتّفق أو نختلف إنّما المهمّ هو أنّنا ونحن نفعل ذلك نعترف بتاريخيّته ودوره في إنتاج المعرفة في زمانه، هذه المعرفة التي ما زالت حاضرة بصورة أو بأخرى في فكر الأجيال المعاصرة، ما يومئ إلى قوّة هذه الأفكار وقدرتها على التمدّد عبر الزمن في عقول جديدة لتأخذ موضعها وتجلّياتها.

أما السؤال الثاني؛ فلماذا يتمّ تغييب سيّد قطب عن المناهج الدراسيّة في المدارس والجامعات؟ لقد كان شاعراً وناثراً وكاتب مقالات، وذو أسلوب رائق، وله حضور في مجلّات عصره، وزادت مجموعة مقالاته عن 400 مقالة (حسب ما جاء على لسان أحد المتحدّثين في برنامج موازين)،

فعلى الرغم من أنّني درست مرحلتي البكالوريوس والماجستير فلم أسمع بسيّد قطب في حينه (1991-1999) من أساتذة الأدب العربي الحديث والمعاصر في جامعة النجاح الوطنيّة، وأظنّ أن أبناء جيلي في الجامعات الأخرى لم يسمعوا به في محاضرات أساتذتهم كذلك، لكنّني تعرفت إلى فكره عند جماعات الإسلام السياسي؛ الإخوان المسلمون الذين كانوا مفتونين بفكره في أوائل التسعينيّات.

وكانوا ينصحوننا بقراءة كتابه “معالم في الطريق”، ويصفونه بأنّه الكتاب الذي قتل صاحبه. ولم يعد هذا الكتاب حاضراً بين هؤلاء الأتباع الآن بعد أن تمّ ترشيد “الفكر الإخواني” وتعديله ليكون وسطيا معتدلا، موافقاً أو يمكن أن يتوافق مع ما في هذا العصر من أفكار ليبرالية وعلمانيّة، وخاصّة فكرة الديمقراطية واقتسام الحكم وتداول السلطة،

كل هذه المفاهيم هي السائدة الآن عند مفكري الإخوان، وهي بالتأكيد كانت “جرائم فكرية” عند سيّد قطب، فشاركوا بناء عليها- بعيداً عن أفكاره الموصوفة بالمتطرّفة- في حكومات متعدّدة في فلسطين ومصر والجزائر وتونس وتركيّا.

كما أنّ سيّد قطب لم يكن مختلفاً عليه فقط، كما هو في العنوان التكميليّ لحلقة برنامج موازين، بل أيضاً كان متنازعاً عليه عند الإسلاميّين، بين الإخوان وحزب التحرير، وكان يحتجّ به الحزبيّون التحريريّون كثيراً، إذ ما زالوا يتوافقون معه في كيفية التغيير التي تأتي من تغيير الدولة، لكنّهم يخالفونه بعدم استخدام العنف،

ويتّخذون النظرة نفسها التي اتّخذها سيّد قطب في وصف المجتمعات بأنّها مجتمعات غير إسلاميّة، وإن كان الناس مسلمين إلّا أنّ القوانين المطبّقة على الناس غير إسلاميّة، فلذلك فهذه المجتمعات غير إسلاميّة (ليست كافرة)، مع أنّ التحريريّين يخالفون سيّد قطب في كتابه “العدالة الاجتماعيّة في الإسلام”، إذ يرون أنّ مفهوم العدالة الاجتماعيّة دخيل على الفكر الإسلاميّ، مُجتلَب من الفكر الشيوعيّ، ويكفي أنْ يُطبّق الإسلام بعدالة ليتحقّق العدل، وتعمّ الرحمة بين كلّ من يتمتّع بالتابعيّة الإسلاميّة، مسلمين وغير مسلمين.

بالإضافة إلى ذلك، فإنّ التحريريّين- وكنتُ واحداً منهم لسنواتٍ طويلةٍ منذ عقد وأكثر- يحتجّون بأقوال سيّد قطب في عدم حجيّة حديث الآحاد في العقيدة الإسلاميّة، وكانوا يناقشون الإخوانيّين فيحيلونهم  على سيّد قطب وما قاله في الظلال في تفسير سورة “الفلق” إذ له الرأي ذاته. لقد كنتُ أشعر من حديث مشايخنا التحريريّين أنّ سيّد قطب كان واحداً منّا وليس إخوانياًّ، كما يزعم ذلك أتباع حسن البنا رحمه الله. وكانوا يشكّكون في “إخوانيّته”.

أمّا بالنسبة لحضور سيّد قطب في المقرّرات الدراسيّة، فأذكر أنّني درّست قصيدة لسيّد قطب في أحد كتب مناهج اللغة العربيّة منذ زمن بعيد، وكانت بعنوان: “أخي أنت حرّ وراء السدود”، هذه القصيدة تمّ حذفها لاحقاً من المقرّر الدراسيّ لصالح قصائد أقلّ قيمة فنّيّة منها.

هذه القصيدة غير تقليديّة في بنائها، ويغلب عليها النشيد والإيقاع، ما جعلها صالحة لتكون عملاً إنشاديّاً لبعض فرق النشيد الإسلاميّ، ولعلّ القائمين على كتابة المقرّرات أسقطوها لأنّ الفرقة الإنشاديّة التي أدّتها واحدة من فرق النشيد الإسلامي المحسوبة لديهم على حركة حماس، أو هكذا يعتقدون باطلاً، إذ تكفي الشبهة لدينا للاستبعاد والإقصاء.

كما تمّ تغييب سيّد قطب الناقد والأديب من الدروس التي تتحدّث عن حركة الأدب العربيّ في العصر الحاضر، فلم يعد له ذكر بتاتاً في الكتب التي يقرأها الطلّاب، ويدرّسها المعلّمون، لكنّني كنتُ حريصاً دوماً على أن أعرّف “المجتمع المدرسيّ” على سيّد قطب الشاعر والناقد والأديب عندما كنتُ معلماً، وأنصحُ بقراءة كتبه واقتنائها،

كما أواصل ذلك من خلال عملي مشرفاً تربويّاً للغة العربيّة في التعريف به ناقداً وبلاغيّاً بليغاً للمعلّمين، وأرشدهم إلى التزوّد من كتبه ذات العلاقة التي تعزز في أذهانهم “شعريّة” القرآن وبلاغته، فلا يحسُن بأي حال من الأحوال بمتخصّص في الأدب العربيّ أن يتجاوز عن كتب سيّد قطب- رحمه الله- ذات العلاقة بالتخصص، فيسقطها من برنامجه التثقيفيّ التعليميّ.

لقد أعاد الدكتور علي السند في برنامجه (موازين) إلى الواجهة قامة فكريّة مهمّة، لعلّه ينجح في استعادتها، فينقذها من براثن الضغينة الثقافيّة الفكريّة والضغينة السياسيّة الواصلة أحياناً إلى حدّ الضغينة الشخصيّة، فتظهر في كره المعارضين لسيّد قطب كرهاً لشخصه، لا لشيء، إلّا لأنّهم على غير وفاق معه.

فرحم الله سيّد قطب رحمة واسعة، فلا يخفى على عاقل متتبّع للحركتين الثقافيّة والسياسيّة مقدار ما تعرّض له من تشويه، وما كاله أعداؤه له من أوصاف تطال شخصه قبل إنتاجه، فتهضمه حقّه الفكريّ، ولا تعترف بمكانته الأدبيّة بين أبناء جيله.

فراس حج محمد

فراس حج محمد؛ كاتب من فلسطين، حاصل على درجة الماجستير في الأدب الحديث، أصدر 18 كتابا في الشعر والنقد والسرد.

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الإعلانات هي مصدر التمويل الوحيد للمنصة يرجى تعطيل كابح الإعلانات لمشاهدة المحتوى