عن مهمة النقد
ليس من السّهل الإلمام بأسئلة مشروع نقدي مختلف لباحث من طراز عبد الله إبراهيم (العراق)، ذلك المشروع الذي يمكن وصفه بأنه ذو قوة نقدية تفكيكية، وقدرة على الإنصات الواعي للنصوص، وهو ما أهّل صاحبه لأن يرسّخ اسمه في الحقل الأكاديمي كواحد من الباحثين الذين ما فتئوا يشاركون بقوة، منذ العقد الأخير من القرن الماضي، في بلورة تحولات النقد الأدبي العربي المعاصر.
من هنا، نَعتقدُ أن المكانة التي يتمتع بها هذا الناقدُ تجدُ سندها، أولًا، في ما يَتقاطعُ في أعماله النقدية من رؤى ومفاهيم ومناهج تَعكسُ تطور وعيه الفكري والنقدي، كما تنمّ عن تمثل عميق وقدرة على التفاعل مع المرجعيات الفلسفية والنقدية على أساس الاختلاف لا المطابقة، وفي إسهامها، ثانيًا، في فتح منافذ إلى مسارات جديدة في تلقي الأدب العربي وتأويله. ويَزدادُ فِعلُ الاقتراب صعوبة في السّياق النقدي الرّاهن الذي تواجه فيه الدراسات الأدبية أسئلة وجودية فارقة.
إذ بالرغم من كونها (=الدراسات الأدبية) تَشهدُ تطورات كيفية مستفيدة من الفورة التي تعرفها العلوم الإنسانية والاجتماعية، فإنها تتعرّضُ لمساءلة شديدة لا تقتصرُ على خلخلة المفهوم السائد عنها وحسب، بل تَتجاوزُ ذلك إلى الشك في قدرتها على “الاهتمام بالإنتاج الثقافي بدلالاته الاجتماعية والتاريخية بدون اعتبار التراتبية الجمالية التقليدية”[1]، وبالتالي مساءلة الوظيفة التي تَنهضُ بها في الحقلين الأدبي والثقافي.
لا شكّ في أن هذه الصعوبة ترتدّ، في مستوى أول، إلى كوننا إزاء دارس يَنطبقُ عليه ذلك الاشتراط الذي أقرّه المفكّر الألماني فالتر بنيامين Walter Benjamin عندما قال: “وإذا أردت أن تنقش اسمك في مجال النقد، فإن ما يتعيّن عليك فعله هو في الحقيقة إعادة خلق النقد بوصفه جنسًا”[2]، وإذا كانت عملية إعادة خلق النقد، من منظور فالتر بنيامين، ليست سوى جعله قادرًا على الكشف عن أعمق نزعات العمل الفني من الدّاخل، وتغيير نظرة القراء إليه، وهذا ما فعله هذا المفكّر عندما أعاد قراءة رواية “الأنساب المختارة” ليوهان غوته[3]، فإننا لا نغالي إذا قلنا إن مهمة النّقد هاته، هي أيضًا المهمة التي ما فتئ عبد الله إبراهيم يَحرصُ أشدّ الحرص على النّهوضِ بها في حقل النقد الأدبي العربي المعاصر.
لقد كرّس لها جهدًا كما تدلّ على ذلك مدونة الأعمال النقدية الأساسية التي لم يكتف فيها بالانخراط في مسار الأسئلة الكبرى التي يطرحها الأدب العربي، وإنما غطّى فيها، كذلك، بالدراسة والبحث مجموعة من الظواهر والقضايا الأدبية والنقدية، منطلقًا من افتراضات نقدية ومنهجية تَكادُ تَكونُ غير مسبوقة في النقد العربي المعاصر.
كما ترتدّ، في مستوى ثان، إلى طبيعة تجربته النقدية ذاتها بوصفها تجربة متحولة، مفتوحة باستمرار على ما يسميه الفيلسوف مارتن هايدغرMartin Heidegger بـ “البداية” عندما كتب في عام 1928: “ربّما تكشف الفلسفة، بإصرار وثبات، إلى أيّ حدّ يعدّ الإنسان مبتدئًا. التفلسف، في النهاية، لا يعني شيئًا آخر غير أن تكون مبتدئًا”[4]، وكذلك المنابع التي تَنهلُ منها هذه التجربة، والروافد المتعدّدة التي تغذيها، والمساحات النصية والنوعية (=الأنواع الأدبية) التي يتحرّك وينبسط فيها وعيه النقدي، بحيث يتعذّر معه على أيّ محاولة للكتابة أن توفّي الرّجل حقّه أو تدّعي امتلاك القدرة على إمكانية تقديمه تقديمًا مكتملًا أو ناجزًا.
ومن هذه الزاوية، نَعتقدُ أن الكتابة عن مشروع عبد الله إبراهيم الذي تَتسمُ أعماله بتأثيرها الملموس، وبإسهامها المعروف في طرح أسئلة منهجية ونقدية لا يُمكنُ إنكار دورها الحاسم في تطور الخطاب النقدي العربي المعاصر، وهو ما تعزّزه كذلك الدراسات والمؤلفات والمقالات التي تناولت هذا المشروع، والأطروحات التي أنجزت حوله، والجهود التي ما فتئت تستثمره وتستدعيه في عمليات القراءة والتأويل، لن تكون (=الكتابة) سوى محاولة للإضاءة على بعض الجوانب التي تشير إلى أهمية مشروعه مهما تهيأ لصاحبها من ضروب الإحاطة بتجربته النقدية طويلة المدى التي تغطي ما يَزيدُ على ثلاثة عقود من البحث والإسهام الجدّي والرّصين في فتح آفاق جديدة أمام الدّراسات الأدبية تتمثّل بالأساس في تحدّي التقاليد السّائدة والمترسّخة في دراسة السّرد العربي القديم، والرواية العربية، والتفاعل مع مناهج النقد المعاصرة كالسرديات والدراسات الثقافية ودراسات ما بعد الاستعمار والدراسات النسوية.
لنقُل، إن هذه التجربة الطويلة في تأمل النصوص والنظر فيها، وتدقيق المسلمات وتفكيكها انطلاقًا من وعي نقدي يتسم بالموسوعية، هو الذي طوّر لديه “تصورًا للنقد من كونه ممارسة أدبية غايتها تحليل النصوص الأدبية، وكشف جمالياتها، واستنطاقها، وتأويلها، إلى ممارسة فكرية، غايتها كشف الظواهر الثقافية، وتفكيكها وبيان تعارضاتها الداخلية، وآثارها في الفكر والمعرفة”[5].
وعليه، ليس في الأمر أي تزيّد إذا قلنا إنه يُمثلُ، مع مجموعة من الباحثين العرب الذين انضوت جهودهم ضمن حقل الدّراسات السردية، لحظة فارقة، شديدة الخصوصية والتميز في سياقنا النقدي المعاصر.
إذا كان عبد الله إبراهيم قد محض السّرديات العربية، منذ أطروحته الجامعية التي أعدّها في منتصف الثمانينيات[6]، اهتمامًا نوعيًا، وهو ما أفضى إلى ظهور مجموعة من الأعمال النقدية التي لفتت الأنظار إليها بِحُكمِ استناد صاحبها إلى منظور نقدي ومنهجي يَستفيدُ في تركيبه من الشعرية (البويطيقا) في بعديها التاريخي والاجتماعي، والشعرية مقصود بها، ها هنا، “نظرية الأدب الحديثة، تعنى بدراسة الأجناس الأدبية والأشكال والصيغ والأساليب، كما تدرس فروع المصطلحات من محاكاة وتخييل وعلاقة الأدب بالواقع الاجتماعي والتاريخي والنفسي، في إطار اللغة ووظائفها وظروف إنتاجها”[7]، وهو ما مكنه، لاحقًا، من بناء تفسير علمي بالسّردية العربية، وبتحولاتها النوعية وعلائقها بالسلطة والفضاء الثقافي الذي أنتجت فيه، كما تدلّ على ذلك دراساته وأبحاثه حول “السردية العربية”، فإنه استطاع أيضًا، في أعماله اللاحقة التي تَتميزُ بالإضافة الكيفية، أن يرتاد آفاقًا رحبة اكتسب معها النقد وظيفة مغايرة، تمثلت في تفكيك السّرديات الشمولية والناجزة، ونقد التبعيات الاستعمارية والطبقية والجنسية.
وفي هذا الإطار، يُمكنُ أن نفكّر بالأعمال التي درس فيها الرواية العربية المعاصرة مستثمرًا المفاهيم الأساسية المستمدّة من إبدالات النظرية النقدية المعاصرة، مثل “نقد الخطاب الاستعماري”، و”التخيل التاريخي” و”الهوية السردية” و”المنفى”، و”أعراف الكتابة” وغيرها. وهذا ما عني بدرسه، على مستويي النظرية والتطبيق، في مجموعة من المؤلفات مثل: “التخيل التاريخي: السرد، الإمبراطورية، والتجربة الاستعمارية”، “السرد، الاعتراف، الهوية”، و”أعراف الكتابة”، بالإضافة إلى كتاب “عين الشمس” الذي اهتمّ فيه ببحث أدب العميان في الثقافة الإنسانية من هوميروس إلى بورخيس، منظورًا إليهم من خلال مفهوم “الجماعات الخطابية التواصلية” التي يشترك أعضاؤها في عدد من أنماط العيش والمعايير[8].
وعلى هذا الأساس، تأتي أهمية الإضاءة على رهانات القراءة النقدية التي يقوم عليها مشروع هذا المعلّم العراقي، بالانطلاق من كتابيه “السردية العربية[9]” و”عين الشّمس”[10].
فإذا كان كتاب “السردية العربية” يمكّن من التعرّف على أفكاره الأولى حول الموروث السّردي العربي، تلك الأفكار التي تركزت على الانطلاق من الأسئلة التي طرحتها النظريات السردية إبّان تشكلها في النصف الثاني من القرن الماضي، من قبيل: ما السرد؟ وما الذي يميزه، ويحدّد هويته؟ كيف يشتغل السرد؟ ما العناصر والمقومات التي تدخل في تكوينه؟ وكيف يُمكنُ وصف النظام أو النسق الذي يتحكم في اشتغاله؟[11].
ولا شكّ في أن الباحث استفاد في بناء هذه الأسئلة من اطلاعه على التراث السردي ومصادره الرئيسة، وعلى نظريات السرد الحديثة في المجال الأنجلوفوني، وأعمال الشكلانيين الرّوس. وبالتالي، يَستطيعُ القارئ المهتمّ بمشروعه، أن يتبيّن الأسس والمنطلقات التي استند إليها في بناء قراءة منهجية للسردية العربية، اهتمّ فيها بالكشف عن الأنساق والأبنية الداخلية من جهة، وعن علاقتها بالثقافة العربية الإسلامية من جهة ثانية، فإنّ كتاب “عين الشمس” يَسمحُ بفهم التطورات التي ميزت النقد الأدبي عند صاحب “المرجعيات المستعارة”، والمجالات الواسعة التي تمكّن من فتحها مستفيدًا من التحولات التي طرأت على النظرية الأدبية المعاصرة، والتيارات الطليعية في حقل النقد.
نظرية السرد
لعلّ من بين العلامات المؤشرة على هذا التحول أنّ نظرية السرد أو السرديات، كما يسميها الباحث المغربي سعيد يقطين، انتقلت من المرحلة الكلاسيكية إلى مرحلة جديدة تدعى بمرحلة السرديات ما بعد الكلاسيكية La narratologie post classique، كما أن الحدود المؤطرة للأسئلة التي طرحت من قبل قد توسّعت، مما أتاح للسرديات أن تلامس إشكاليات أوسع من قبيل العلاقة بين البنيات السردية والأشكال السيميائية وتفاعلهما مع المعرفة بالعالم، وأيضا وظيفة السّرد وليس فقط طريقة اشتغاله، بالإضافة إلى الدلالات والأبعاد التي يستبطنها، وأثرها في القارئ[12].
ومعنى هذا، أن التطور الذي تحقق في حقل العلوم الإنسانية والاجتماعية، قد فتح أمام المشتغلين بالدراسات الأدبية إمكانيات واسعة للاستفادة من مفاهيم وتصورات جديدة أغنت المكتسبات والتراكمات السّابقة حول السّرد. وقد تمثلت هذه الإمكانيات في ظهور الدراسات الثقافية، ونظريات ما بعد الكولونيالية، ودراسات المناطق، فضلًا عن دراسات العولمة والدراسات النسوية وغيرها من التيارات الفكرية التي ينطبق عليها مفهوم الالتزام بتشديدها على “أن على الأدب أن يخدم القناعات الأخلاقية والسياسية التي تعتقد عدالتها، ويظهر من الطبيعي لكل المختصين في التاريخ الثقافي بأنّ النضال ضدّ الرأسمالية الاستهلاكية (بكلّ نتائجها الاجتماعية) تشكّل هدفًا يحتم التفاف مختصّي الأدب حوله”[13].
إذًا، هذه التيارات الفكرية استطاع عبد الله إبراهيم أن يَتمثلَ افتراضاتها النقدية والمنهجية في مجموعة من الدراسات والأبحاث التي يتجلّى فيها أثر هذه المرجعيات.
يُمكنُ أن نَستنتجَ من قراءة هذين الكتابين اللذين يَفصلُ بينهما ما يناهز ثلاثة عقود من البحث المتواصل، أنّ من بين ما يَتميزُ به الخطاب النقدي الذي عمل عبد الله إبراهيم على وضع لبناته، ليس فقط نفوره من الركون إلى نظرية بعينها أو منهج محدد من مناهج النقد الأدبي، وإنّما أيضًا وعيه النقدي القريب من الأعمال الأدبية ومؤلفيها، دون أن يؤدي به ذلك القرب إلى السّقوط في الابتذال أو التجريد أو فقدان الجدّية.
وهذا ما يؤكده في كتابه “سيرة موسوعة السرد العربي”: “وظنّي، أنه (=أي كتاب المتخيل السردي) كان أيضًا، آخر قول يرد فيه حديث لي عن “نظرية سردية”، فقد هجرت تلك الفكرة فيما بعد، وصرت أدعو إلى ضرورة أن يعمّق الناقد وعيه بالخطاب السردي الذي يعالجه ويستعين بعدة منهجية تسعفه في تحقيق ما يريد، وتساعده في جعل الخطاب يفصح عما فيه، ويحذّر من حبس الظاهرة السردية في إطار نظرية مغلقة لا تستجيب لطبيعة تلك الظاهرة، وهي طبيعة متنوعة، وفيها من الخروج على الأعراف الأدبية الشائعة أكثر من الامتثال لها”[14].
ولعلّ السّر في هذا الخط النقدي المنهجي البعيد عن الاستنساخ، يعود إلى كون عبد الله إبراهيم أبقى الأفق مفتوحًا أمام إمكانيات تطوير النقد، وتعميق أدواته بما تفرزه التطورات التي تشهدها العلوم الإنسانية والاجتماعية، مشدّدًا على أهمية التعرّف على المناهج النقدية الغربية والتفاعل معها على أساس الحوارية التي توسّع الفهم بأسئلة الأدب في الثقافة العربية. ولما كان الأدب يُحيلُ في مفهومه على الرؤيا التي هي “تبصّر داخلي بالأحداث، واستكناه جوهرها، وغاياتها، ومنتهاها”[15]، فإنه لا يُمكنُ إنتاج المعرفة به اعتمادًا على ما يوفره مجال النقد بمفرده، بل يقتضي ذلك طمس الحدود بين النقد والمعارف الأخرى، و”استعارة المفاهيم المتألقة من الأعشاش الأخرى”[16].
وعلى هذا الأساس، يمكن وصف الخط الذي ينتظم فيه مشروع عبد الله إبراهيم النقدي بأنه خطّ يمتدّ من العناية بسؤال السّردية منظورًا إليها بوصفها ما يَجعلُ من النصّ نصًا سرديًا، مع استحضار الأضلاع الثلاثة أي: الراوي والمروي والمروي له، إلى الاهتمام بالسّردية في علاقتها بالسياقات الثقافية الحاضنة، بما في ذلك علاقتها بالأسئلة الشائكة التي يصعب النفاذ إليها؛ مثل سؤال علاقة السرد بالموروث الديني، وهذا ما يُتيحُ مَيدانُ الدّراسات الثقافية مجالًا واسعًا لدرسه وتفكيكه.
يتبيّن الدّارس لمشروع عبد الله إبراهيم بصورة عامّة ولكتاب السردية العربية بشكل خاصّ، أن مفهومه عن النقد يقومُ على اعتماد النصّ نقطة ارتكاز تتأسس عليها القراءة. فالنصّ الأدبي هو الذي يُكرّسُ الكاتب في تراث ثقافي معيّن، وليس شيئًا آخر.
وبالتالي، ينبغي أن ينصرف اهتمام الباحث الأدبي إلى النص لا من أجل وصفه وشرحه على النحو الذي ظلّ سائدًا في التقليد العربي، وإنما من أجل تحليله واستنطاقه وتعريضه للسّؤال. وبهذا المعنى تتعين وظيفة النقد بكونها أوسع وأعمق من أن تختزل “في التلخيص والترويج وإطلاق الأحكام السريعة”[17].
فالنقد بوصفه قراءة، معني بالكشف عن الآليات والتناقضات والتوترات داخل النّصوص التي يفكّر فيها. وبالتالي، “فكل قراءة لا تتوفر على شروط موضوعية تصل إليها بواسطة التصنيف والتحليل والاستنطاق، تجد نفسها في خضمّ تناقضات مستمرّة، لأنها في كلّ مرة تُريدُ أن تصل إلى “الحقيقة” بطريقة مؤهلة لتثبيت تصور متجانس للمقروء، ولهذا تتدافع فروضها ونتائجها، وتتقاطع بحيث تنفي ما تثبته، وتثبت ما تنفيه”[18].
ومن اليسير أن نتلمّس أبعاد هذا المنظور للنقد ليس من خلال المفهوم المؤسّس عن السّردية العربية في مقدمة الكتاب وحسب، وإنما أيضًا من خلال القضايا التي اهتم الناقد بدرسها مثل البنية السّردية، وتشكل النوع الأدبي في الموروث السّردي العربي، ودور التقاليد الشفوية في هذا التشكّل، وهي قضايا إذا كانت ترتدّ من الناحية النظرية إلى اهتمامات السّرديات من جهة، ونظرية الأجناس الأدبية من جهة ثانية، وهما اتجاهان مركزيان في حقل النظرية الأدبية المعاصرة، فإن إدماجها ضمن قراءة حوارية من شأنه أن يساعد على الاستقراء الفني للسّردية التي لا تعنى، بحسب عبد الله إبراهيم، “بالمتون السّردية ذاتها، إنما بكيفيات ظهور مكوناتها سرديًا أي بالممارسة التي اتخذتها مكونات السرد ضمن البنية السردية”[19].
الوعي النقدي
لا شك في أن هذا الوعي النقدي التفكيكي الذي يتجلى فيه أثر التحولات الكبرى التي عرفها النقد العالمي منذ النصف الثاني من القرن العشرين، مع الشكلانية الروسية والنقد الجديد الأميركي والسرديات والسيميائيات، فضلًا عن التفكيك والدراسات الثقافية، كما يتسم بقدرة كبيرة على استيعاب وتمثل أهمّ الافتراضات النقدية والمنهجية، هو الذي أتاح له النهوض بمهمة شاقة في ميدان الدراسات السردية وهي ازدراء المقاربات التي تميل إلى التبسيط والاختزال، وتفضيل المقاربات النصية التفكيكية بوصفها قمينة بتجديد المعرفة بالموروث السردي الإخباري والحكائي للأمة العربية.
وإذا أضفنا إلى هذه الرؤية الدّاخلية، الأسئلة المتعلقة بالمروي له، والسياق الذي يدور فيه السّرد والتلقي، والوظيفة التي يؤديها السرد بالنسبة للأمّة، أمكننا أن نتلمّس الكيفية التي تتحرّر بمقتضاها القراءة عند الناقد من قيود الانغلاق والمركزية، لتنظر في الحكاية الخرافية والسيرة الشعبية والمقامة “بوصفها الأنواع التي تهيأت لها الظروف، لتكون أظهر الأنواع والأشكال القصصية في الأدب العربي القديم”[20].
ولمّا كان عبد الله إبراهيم يستند بشكل صريح إلى النصّ السردي في بعديه الداخلي والخارجي، فإنّه لا يقدّم جملة من التبصّرات المثيرة في السردية العربية فحسب، بل يتبيّن ويناقش مجموعة من الصّلات المهمة بين أنواع أدبية محددة والسياقات الثقافية، بشكل يعيد النّظر في مجموعة من المسلّمات، ويوسّع المفهوم عن الأدب.
فباهتمامه بالاستقراء النقدي للنصوص السردية، قديمة وحديثة، صار عبد الله إبراهيم رائد صيغ من القراءة السّردية التي تتمثل بشكل عميق المكاسب النظرية والنقدية المتحققة لدرس الأدب العربي درسًا جديدًا، يفسح المجال أمام تعدد المقاربات، وتفاعل المناهج والنّصوص.
نعتقد أن هذا المنظور الموسّع الذي تمكّن الناقد من بسط مرتكزاته وأسسه النظرية والمنهجية منذ أعماله النقدية الأولى، هو الذي قاده في الأعمال اللاحقة إلى تعزيز الخطاب النقدي العربي بمكتسبات التيارات الفكرية الجديدة مثل الدراسات الثقافية ونظرية ما بعد الاستعمار والدراسات النسوية، التي أخذت على عاتقها تفكيك المركزيات والمنظومات الثقافية المغلقة.
ومن الواضح أن حساسية هذه التيارات الفكرية المستفيدة من تراث ما بعد الحداثة، والتي تتسم بكونها مضادّة وطباقية، لم تكن هي حساسية النقد الأدبي العربي المتأثر بالفورة اللسانية إبّان التسعينيات والذي أكّد على أهمية وصف الأعمال الأدبية والكشف عن الأنظمة التي تحكمها، بل شدّدت [=الدراسات الثقافية] على موضعة النصّ في العالم، واستدعاء الظروف والشروط التي يتحقق فيها ويتفاعل معها، على أساس أنّ دورها حاسم في عملية التأويل وبناء المعنى.
وهنا يُمكنُ التفكير بالأعمال النقدية التي بدا فيها النزوع إلى التفكيك والمساءلة والكشف عن تناقضات الخطاب هاجسًا أساسيًا في التعامل مع المقروء، مثل “السردية العربية الحديثة” (2006)، و”التخيل التاريخي: السرد، الإمبراطورية، والتجربة الاستعمارية”(2011)، “السرد، الاعتراف، الهوية”(2011).
ورغم أن تبصّرات عبد الله إبراهيم حول الرواية العربية الحديثة لا تشكّل نظرية متماسكة، فإنها تمثل خطوة أولى مهمة. لقد أدرك هذا الناقد من خلال الاهتمام الذي أبداه بتكون السردية العربية الحديثة بوصفها تناصًا لكونها تحتوي وتمتص نصوصًا من المجتمع والتاريخ بمعناه الواسع، وأيضًا بصيغ التلقي وأنماطه المختلفة التي تتحكّم فيها مجموعة من القيود المؤسسية والإيديولوجية[21]، أن التصورات السائدة في ميدان تاريخ الأدب لا يُمكنُ تطبيقها على الرّواية بوصفها شكلًا حديثًا، ما يقتضي بناء افتراضات جديدة.
وهنا تكمن مساهمته ذات الأهمية الكبيرة، وهي تشديده على ضرورة تفكيك القراءات التي تأثرت بالافتراضات الغربية حول تاريخ الأدب التي رسخها المستشرقون وبعض النقاد العرب الذين تأثروا بهم، وإعادة قراءة الأنواع الأدبية في ضوء تقاليد التلقي، والسياقات الثقافية الحاضنة. ومن المؤكد أن في هذا المنظور النقدي الذي يُشدّدُ على أهمية إعادة النظر في تاريخ الأدب العربي الحديث، يتجلّى طيف واسع من التفاعلات والإسهامات المثيرة التي تتطلّب بحثًا إضافيًا، وتوضيحًا أدق.
تَعكسُ الأعمال التي يَشغلُ مؤلفها قلق تفكيك العلاقة بين السّرد والمركزيات الثقافية، جهدًا مثيرًا للاهتمام بالنسبة لعمليات التفاعل والحوار بين ميداني الدراسات الثقافية والنقد الأدبي، بخلاف التحليلات التي بنت رؤيتها لمستقبل الدراسات النقدية العربية على تجاوز النقد الأدبي، كما ألمح إلى ذلك عبد الله الغذامي في كتابه “النقد الثقافي”[22].
إن عبد الله إبراهيم إذ ينظر إلى النقد كممارسة فكرية وجمالية تحلل النصوص وتستقرئها وتسائلها، وتَجعلُ منها نقطة الانطلاق المنطقية والضرورية من أجل أن يَنهضَ النقد بوظيفته كاملة في تقليب صفحات التاريخ، وتسليط ضوء جديد على نقط لم يسّلط عليها ضوء من قبل[23]،
وإذ يدفع النقد إلى استثمار المكاسب التي تحققت في ميدان الدراسات الثقافية، فإنّه يمكّنه [=النقد] من أن يَستكشفَ صيغًا جديدة من التذوق الجمالي، وأن يَنحتَ مفاهيم مغايرة قادرة على استيعاب وفهم التحولات التي تطاول الأنواع الأدبية تحت ضغط السياقات الثقافية، وتغير معايير التلقي ذلك أن المعاني تحتاج دائما إلى أن تتجدّد من قبل القرّاء الذين يفعلون هذا بطريقة قد تختلف عن نية المؤلّف[24].
ولا شك في أن الدّراسات الثقافية التي حققت إضافات كيفية في دراسة الإيديولوجيا والنص والهيمنة، تنطوي على تصورات مفتاحية بالنسبة للنقد الأدبي، مما يمكّن من ارتياد آفاق جديدة للفهم والمراجعة وتفكيك الأطروحات المغلقة[25].
ثنائية الإبصار والعمى
من بين الكتب النقدية المهمة التي تؤشر على هذا التوجّه النقدي المختلف الذي قدّم فيه الناقد إضافة كيفية، كتابه بعنوان “عين الشمس” المكرّس لتحليل أدب العميان في التراث الأدبي الإنساني من خلال ثنائية الإبصار والعمى.
ومن المؤكّد أن هذا الكتاب يذكّر القارئ منذ القراءة الأولى بكتاب “العمى والبصيرة”[26] للناقد الأميركي بول دي مان الذي انطلق فيه من نفس الثنائية (العمى والبصيرة التي نصّ عليها عبد الله إبراهيم في العنوان الفرعي لكتابه) لدراسة إشكالية نقدية مستعصية من طراز إشكالية العلاقة بين القراءة والعمل الأدبي، مشدّدًا على أن ما من قراءة للأدب،
ومهما تهيأ لصاحبها من بصيرة وقدرة على الغوص في الدهاليز العميقة التي يربض فيها المعنى، إلا ويسكنها قدر من العمى، بشكل يبدو معه ليس فقط أن من الصّعب التسليم بأنّ العمل الأدبي يُمكنُ اختزاله إلى معنى نهائي، أو شبكة من المعاني المحددة[27]،
بل أيضًا أن القراءة النقدية، وهي قراءة تأويلية، لا يُمكنُ إلا أن تكون قراءة نسبية وحوارية في الآن ذاته. نسبية؛ وهو ما يعني ضرورة القيام بقراءات جديدة لا نهائية إذ بالنّظر إلى تحوله الدائم واللانهائي، فإنّ العمل الفني لا يَكونُ قابلًا للإدراك والقراءة إلا على نحو عابر[28]، وحوارية؛ لأنّ الناقد في حاجة دائمة إلى التركيب والتوليف بين المفاهيم من أجل بناء نقد أكثر عمقًا وتبصّرًا، وبالتالي أقدر على وصف الروابط المعقدة بين النصوص والعالم الذي تحدث فيه.
لكن عبد الله إبراهيم وإن كان يلتقى مع بول دي مان على مستوى الاستثمار النظري لثنائية العمى والبصيرة، فإنه ينفرد بمسار خاص على مستوى التطبيق، ذلك أن مدار الاهتمام بالنسبة لمؤلف “عين الشمس” هو العمل الأدبي ومؤلفه، وليس تعقيدات القراءة في الخطاب النقدي، وبالتالي فهو يَستكشفُ القيمة الاستثنائية التي تنطوي عليها تجارب وأعمال إبداعية لكتاب وشعراء عانوا من فقدان حاسّة البصر، لكنهم تميزوا بامتلاكهم البصيرة التي جعلتهم يتفرّدون بحريّة الترّحل والتجوال فيما وراء الأشياء والعوالم الملموسة.
وإذ يسعى عبد الله إبراهيم إلى إخراج أعمال هذه الجماعة إلى النور، فإنّه يلتقي ليس فقط بمنظري الدّراسات الثقافية الذين جعلوا من أبرز رهاناتهم تحطيم المركزيات والتصنيفات ذات الخلفية المراتبية، بل يُمثلُ أيضًا واحدًا من النقاد الذين يُمكنُ أن نبصر في أعمالهم أثر تصورات إدوارد سعيد عن “النظرية المتنقّلة”[29]،
خاصّة عندما تلتقي هذه النظرية بمن هو أقدر على أن يحاورها بشكل يَفتحُ أمام المشتغلين بها منافذ للتفكير والتأمل المختلف، سواء أكان من يُحاورُ النظرية مثقفًا وناقدًا مثل عبد الله إبراهيم أو مؤسسة ثقافية أو حقلا ثقافيا يتدخّل فيه مجموعة من الفاعلين.
لنقل إن تَمكّنَ الناقد من أدوات النقد الأدبي، ومن النقد الثقافي وتاريخ الأدب والنظريات المعنية بقضايا التناص والتلقي، هو الذي جعله يتناول السّرديات العربية من منظور لا تنفصل فيه عن السياقات التاريخية التي كان لها أثر عميق في تشكّلها، كما أتاح له أن يخترق الحدود التي وقفت عندها الممارسات النقدية السابقة التي قنعت بما تجود به القراءة البرّانية للظواهر دون أن تأخذ على عاتقها المغامرة بتأسيس قراءة مختلفة، فيما هي تُحاورُ النصوص وتَغورُ عميقًا في بواطنها، فإنها تسمح للناقد ليس فقط بإنتاج المعرفة بالإنسان والعالم الذي يَعيشُ فيه، وإنما أيضًا مراجعة العديد من المفاهيم النقدية وإعادة تحديد وظائفها.
إن تطوير هذا الشكل من النقد الذي يعي الوظيفة التنويرية التي يَنهضُ بها الأدب، كما يستفيد من العلوم الإنسانية ومنجزاتها، هو الذي مكنه من أن يُموضِعَ مجموعة من الكتاب الذين افتقدوا حاسّة البصر في السياقات الثقافية والسياسية التي ظهرت فيها أعمالهم، وأن يَفتحَ أمام القراءة التأويلية مساحة أوسع، بشكلّ يُمثلُ دعوة للبحث عن المعنى الغائب الذي هو نتاج البصيرة، والمتواري خلف المعنى الظاهر. ولمّا كانت القراءة التأويلية، نتاج الأعمال والمؤلفين الذين يحاورهم الناقد، والذين لا يُمكنُ فصلهم عن الحاضنة الثقافية لأن “الكاتب منبثق من سياق ثقافي،
وتجد الإشكاليات المثارة كافة في مجتمعه درجة من الحضور في مدونته السردية”[30]، وليست مفروضة بشكل عمودي، فإنّ هذا البعد المنهجي هو ما يعطي، بغضّ النّظر عن زمن التلقي، العملَ الأدبي ومؤلّفه المكانة التي يستحقها في القراءة والتأويل، خاصة في مجتمعات يؤدي فيها الأدب دورًا حاسمًا بحكم ما يمور فيها من مشاكل عامّة أو خاصّة[31].
يمكن القول إن المميزات التي يتسم بها المشروع النقدي لعبد الله إبراهيم كثيرة، ويصعب الإحاطة بها في هذه المقالة، ومع ذلك يُمكنُ أن نستخلص منها فكرة أساسية مفادها أن ما يَجعلُ من نقده كشفًا وتحقيقًا مستمرّين للعمل الأدبي، هو قدرة هذا الباحث على الملاءمة، من جهة، بين النظرية؛ أي التصورات والتمثلات التي يبنيها في ذهنه عن الموضوع، والمدونة النصية التي يتناولها بالقراءة والتحليل بشكل تبدو معه تلك النظرية في تشابكها وتناغمها مع النصوص، بمثابة الغائب الذي يتطلّب البحثُ عنه واقتفاء أثره بهدف الكشف عن عناصره ومكوناته، النّهوضَ بعمل شاق لا يناظره من حيث الصعوبة سوى الجهد المثابر الذي بذله الباحث في الكتابة والتأليف، ومن جهة أخرى، فإنه يعطي للأدب وخاصّة الرواية، وظائف قد تبدو، في نظر القارئ الذي يَدينُ أفقه لاتجاه آخر من اتجاهات النقد، مجرد اهتمامات زائدة.
هكذا يَستطيعُ الباحث الملمّ بالنظرية الأدبية المعاصرة، وبالسّردية العربية في مراحل تشكلها وتطورها، أن يتلمّس في الخطاب النقدي لعبد الله إبراهيم رنين الأفكار والإبدالات التي صنعت منعطف النقد في النصف الثاني من القرن العشرين، كما يَستطيعُ أن يتبيّن فيه الكيفية التي تَنصهرُ بها المفاهيم، بعيدًا عن التكاملية الضيقة، في عمليات القراءة وفي بناء المعرفة بالمتن المدروس وتحريرها. فالنقد هنا “هو كشف وتحقيق مستمرّان ومثمران لا للحقائق المتأصلة في العمل الفني فحسب، بل للتلقي التاريخي لهذا العمل الذي يمرره بمصفاته ويلونه لفائدة القارئ الحالي كذلك”[32].
وما يمكن أن نستخلصه من هذا التأمّل في مشروع الناقد هو أن أي جهد لفهم تفكيره يَجبُ أن يَنطلقَ من كتاباته المبكرة حول المتخيل السردي والمناهج النقدية والسردية العربية والثقافة العربية والمرجعيات المستعارة، بالإضافة إلى نقد المركزيات، فهذه الأعمال هي بمثابة المختبر الذي تبلورت فيه مجموعة من الخيارات المفاهيمية التي ستكون حاسمة في رسم المواقف النقدية والاهتمامات اللاحقة.
ومن المؤكد أن هذه السّمات تعدّ من العلامات التي تَنفردُ بها المشاريع الفكرية والنقدية الكبرى التي استطاعت أن تتحرّك وتنبسط، بعدّتها النظرية والمنهجية، في مساحات أوسع، وأن تبتكر صيغًا جديدة للتفكير والتأمل مستوحاة مما يَمورُ به زمنها من إشكالات وتحولات وأسئلة وهذا ما جعلها تحظى بالتقدير من قبل القرّاء.
هوامش ومراجع:
[1] – آلان فيان، عودة تاريخ الأدب، ترجمة عبد الجليل ناظم، دار توبقال، الدار البيضاء 2020، ص.52.
[2] – غريم غيلوتش، فالتر بنيامين، تراكيب نقدية، ترجمة مريم عيسى، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بيروت 2019، ص.13.
[3] – يرى غريم غيلوتش أن دراسة فالتر بنيامين لرواية “الأنساب المختارة” تعدّ أنموذجا للنقد القادر على إعادة تملك النصوص الثقافية وتفعيلها بصورة راديكالية. أنظر: غريم غيلوتش، فالتر بنيامين: تراكيب نقدية، م. س، ص.73.
[4] – روديغر سافرانسكي، معلّم ألماني. هايدغر وعصره، ترجمة عصام سليمان، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بيروت، ص.19.
[5] – عبد الله إبراهيم، المحاورات السردية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 2012، ص.5-6.
[6] – عبد الله إبراهيم، موسوعة السرد العربي.. سيرة كتاب، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 2021، ص.121.
[7] – محمد جاسم جبارة، مسائل الشعرية في النقد العربي دراسة في نقد النقد، منشورات مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 2013، ص.21.
[8] – عبد الله إبراهيم، عين الشمس ثنائية الإبصار والعمى من هوميروس إلى بورخيس، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 2018، ص.7.
[9] – عبد الله إبراهيم، السردية العربية بحث في البنية السردية للموروث الحكائي العربي، المركز الثقافي العربي، بيروت 1992.
[10] – عبد الله إبراهيم، عين الشمس ثنائية الإبصار والعمى من هوميروس إلى بورخيس، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 2018.
[11] – لمزيد التوسع حول الأسئلة التي طرحتها السرديات في بدايتها يمكن الرجوع إلى: Françoise Revaz, Introduction à la narratologie, Action et narration, Editions Université, Bruxelles 2009, p.11.
[12] – Ibid. p.11.
[13] – آلان فيان، عودة تاريخ الأدب، م. س، ص.53.
[14] – عبد الله إبراهيم، سيرة موسوعة السرد العربي، م. س، ص.124-125.
[15] – عبد الله إبراهيم، عين الشمس، م. س، ص5.
[16] – كريس باركر، معجم الدراسات الثقافية، ترجمة جمال بلقاسم، دار رؤية، القاهرة 2018، ص.29.
[17] – عبد الله إبراهيم، المحاورات السردية، ص23.
[18] – عبد الله إبراهيم، الثقافة العربية والمرجعيات المستعارة، المركز الثقافي العربي، بيروت 1999، ص.25.
[19] – عبد الله إبراهيم، المحاورات السردية، م. س، ص.7.
[20] – عبد الله إبراهيم، المحاورات السردية، م. س، ص.17.
[21] – كليمان موزان، ما التاريخ الأدبي؟، ترجمة وتقديم وتعليق حسن الطالب، دار الكتاب الجديد المتحدة، بيروت 2010، ص.45.
[22] – عبد الله الغذامي، النقد الثقافي، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء 2000.
[23] – المحاورات السردية، م. س، ص.27.
[24] – كريس باركر، معجم الدّراسات الثقافية، م. س، ص.349.
[25] – كريس باركر، معجم الدّراسات الثقافية، م. س، ص.16.
[26] – بول دي مان، العمى والبصيرة، مقالات في بلاغة النقد المعاصر، ترجمة سعيد الغانمي، المركز القومي للترجمة، القاهرة 2000.
[27] – بول دي مان، م س، ص.15.
[28] – غريم غيلوتش، فالتر بنيامين، تراكيب نقدية، م. س، ص.57.
[29] – أنظر تصور إدوارد سعيد عن النظرية المتنقلة في: العالم والنص والناقد، ترجمة محمد عصفور، دار الآداب، بيروت 2018، ص317. وأيضًا في: تأملات حول المنفى، ترجمة ثائر ديب، دار الآداب، بيروت 2006.
[30] – عبد الله إبراهيم، السرد، والاعتراف، والهوية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 2011، ص5.
[31] – المحاورات السردية، م. س، ص.235.
[32] – غريم غيلوتش، فالتر بنيامين تراكيب نقدية، م. س، ص.60.