مسلسل “فتح الأندلس” تحريف للتاريخ أم رؤية مغايرة ؟
المسلسل التاريخي أثار جدلا واسعا واعتبره المغاربة تشويها متعمدا لتاريخهم.
الرباط – تبث القناة الأولى المغربية الدراما التاريخية “فتح الأندلس”، التي تحكي فترة فتح الأندلس، حيث يتطرق المسلسل إلى شخصية طارق بن زياد، وأحداث فتحه سبتة ومنها إلى الأندلس. ويحكي المسلسل تفاصيل في قالب مليء بالتشويق والحبكات الدرامية، التي تعيد تذكير المشاهد المغربي بحقبة تاريخية مهمة ومشرقة، أعقبها تأسيس دولة الأندلس التي دامت أكثر من 8 قرون.
لكن هناك من انتقد العمل الذي يعد الأول من نوعه في العالم العربي، واعتبره تحريفا لتاريخ لم يوفّق المخرج في إبرازه، وأنه قد سيطر عليه الاحتفاء والتمجيد للتاريخ ولشخصية ابن زياد. كما لم ينجح في تقديم صورة حقيقية عن هوية طارق بن زياد من يكون، ومن أين جاء، وما هي الخبرات التي أهّلته ليقوم بهذه المهمة الكبيرة.
وتدور أحداث العمل ضمن فترة التحضير لعبور البحر من أجل فتح الأندلس بقيادة طارق بن زياد. حيث أكد مسؤولو البرمجة بالقناة الأولى أنّ “أحداث مسلسل فتح الأندلس التي تمتد على 33 حلقة ستقدم للمشاهد دروسا في الشجاعة والتضحية والإخلاص، وقيم التسامح والتعايش التي كانت ضمن أولويات الفتوحات الإسلامية”.
القناة الأولى المغربية تلقت انتقادات حادة، وسط تساؤلات عن دورها في مراقبة العمل الذي يتحدث عن تاريخ المغرب بشكل خاطئ قبل تقديمه إلى المغاربة.
وأثار المسلسل التاريخي “فتح الأندلس”، جدلا واعتبره المغاربة تشويها متعمدا لتاريخهم، حيث أكد الباحث في الدراسات الإسلامية محمد عبدالوهاب رفيقي، وجود تحريف ومغالطات تاريخية في المسلسل.
وحول أسباب اختياره مسلسل “فتح الأندلس” قال المخرج الكويتي محمد العنزي إن “أسباباً عديدة دفعتني إلى إخراج هذا العمل أبرزها قيمة تاريخ الأندلس الزاهر والثري جداً من جوانب عديدة كالجمال البصري والدرامي والتاريخي والإنساني كونها حضارة ضخمة وكبيرة لها ارتباط بنا كعرب ومسلمين”.
ووجّه المخرج المغربي عبدالإله الجوهري انتقادا لاذعا للعمل ووصف المسلسل بأنه دون هوية فنية أو تاريخية، وبشخصيات لا علاقة لها بالتاريخ أو الواقع، وممثلين تائهين بسبب إدارة مخرج مبتدئ، فرض عمله على الجمهور المغربي الذي ليس في حاجة إلى من يقدم له تاريخه.
وأكد محمد بوزكو، منتج ومخرج وكاتب سيناريو، أن “ظهور طارق بن زياد عليه علامة استفهام كبيرة بحيث لم يبين لنا المسلسل من أين أتى ولا سبب اختياره ليكون واليا على طنجة وهل شارك في حروب قبل ذلك، هي أسئلة سكت عنها هذا العمل بسبق إصرار وترصد”.
كما وُجهت انتقادات حادة للقناة الأولى المغربية التي تعرض المسلسل يوميا، وسط تساؤلات عن دورها في مراقبة العمل الذي يتحدث عن تاريخ المغرب بشكل خاطئ قبل تقديمه إلى المغاربة، فيما انتقد آخرون إهمال منتجي الفن في المملكة لتوثيق تاريخهم.
ولم تلتفت القناة الأولى إلى الجدل الذي دار حول المسلسل وقيمته الفنية والتاريخية، حيث أبرزت أن برمجة مسلسل “فتح الأندلس” خلال شهر رمضان المبارك تعكس انفتاحها على الإنتاجات العالمية، والتزامها بإثراء شبكتها ببرامج ضخمة وذات قيمة إنتاجية عالية.
وفي رده على كل الانتقادات الموجهة للعمل الذي أخرجه، قال محمد العنزي في تغريدة عبر حسابه على تويتر، “إن محاولات البعض تحجيم قادة إسلاميين مثل طارق بن زياد بأقاليم حددها لنا اتفاق سايس بيكو لن تفيد، إن طارق وغيره من قادتنا إرث لأمة المليار ونصف المليار مسلم لا دولة معينة أو إقليم”.
ويعتبر هذا العمل التاريخي، الذي يشارك فيه ممثلون من دول عربية مختلفة، إنتاجا ضخما حيث رصدت ميزانية لإنتاجه بأكثر من 3 ملايين دولار، ويعد الأول من نوعه في العالم العربي.
ويجسد بطولة العمل التاريخي الممثل السوري سهيل جباعي، الذي يجسد شخصية طارق بن زياد، واللبناني رفيق علي أحمد الذي يجسد شخصية موسى بن نصير، والأردني عاكف نجم في شخصية أبوبصير شيخ طارق بن زياد، والفلسطيني محمود خليلي في شخصية جوليان حاكم سبتة، والفلسطيني السوري تيسير إدريس الذي يجسد شخصية لوذريق حاكم طليطلة، والكويتي محمد العجيمي الذي يجسد شخصية أحد قادة القوط، إلى جانب الممثل المغربي هشام بهلول الذي يجسد شخصية “شداد صديق طارق بن زياد وقائد جيوشه”.