الأبنية العُليا
- ما الأبنية العليا ؟
توحي لنا قراءةُ أو الاستماع إلى حكاية ما، أن الأمـرَ يتعلق بحكايةٍ وليس بإعلانٍ تجاريّ مثلا، وبالتالي؛ فنحن أمام حُبكة وبنية نمطية للحكاية، وإذا تعددتِ الأنواع وجدْنا أنفسَنا أمام بنيات اتصالية مختلفة، ووظائفَ اجتماعية مختلفة، وأبنية مختلفة كذلك، ونُطلق على هذه الأبنية العامة التي تميز نمط نص ما بـ : الأبنية العُليا.
تُعتبر بنية الحكي بنيةً عُليا، وهي مستقلة عن مضمون الحكي الذي هو البنية الكبـرى.
بتعبير أوضح نقول؛ إن البنية العليا هي نمط مِن شكل النص، أي أنها قد تكون موضوعا أو تيمـــة، فيما البنية الكبرى هي مضمــــون النص. ولا توجد نظرية عامة حول الأبنية العليا، وإنما هناك نظرية حول أبنيةٍ عُليا محددةٍ، خاصة في الحكي والحجاج.
لا تشتغل الأبنية، لا العليا ولا الكبرى في جُملة مستقلة، أو تتابُعاتِ نص ما، إنهما (البنيتيْن) تشتغلان وتظهران بالنسبة للنص بوصفه كُلاًّ، أو بالنسبة لقطعَةٍ محددة من النص. فالأبنية التي تشتغل على الجُمل، تسمى “أبنيةً صُغرى”. عندما نقول (( إن نصًّا حِكائيا ما))، فإننا نتحدث عن النص بوصفِه كُلا، وليس على الجملة الأولى مثلا أو الفقرة الأولى، لأن الفقرة الأولى لا تُنبؤنا أبدا بأننا بصدد حكاية.
وتكمن ضرورة الأبنية العليا في قدرتِها على الكشف عن أبنية خاصة وأبنية تالية في النص، بل وقدرتِها على تحديد النظام الكلي لأجزاء هذا النــص (أيِّ نص كيفما كان).
تتقابل مُنطلَقات الأبنية العليا بين المتكلم (السارد / الكاتب) والمستمِع (القارئ / المتلقي) على مستوى مخطط الإنتاج والتفسير:
- الأبنية العليا / مخطط إنتاج: وهو نوع من التخطيط الذي يتواءم معه النص، بوصفه مخططَ إنتاج، نعني بهذا (أن المتكلم يدرك في نفسِه أنه سيحكي الآن حكاية.
- الأبنية العليا / مخطط تفسير: وهو أن القارئ لا يعرف عن أي شيء يدور النص، بل ولا يعرف ابتداءً أنه بصدد حكاية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الأبنية الكبرى توظَّف للدلالة، أي لتفسير المعنى العام للنص.
- يتوجب على الدارس أن يكون مُتمكنا من القواعد التي تُشكِّل أساسَ الأبنية العليا، وتلك القواعد تُعزى إلى قُدرتنا اللغوية والاتصالية العامة.
يمكن للأبنية العليا كذلك أن تتحقق في أنظمة علاماتية مختلفة، ويمكن أن يُعبَّرَ عن بنية الحكي في نص ما، أو في رسومات أو في أفلام أيضا.
- كيف تُوصَف الأبنية العليا؟
كيف يمكننا أن نصف الأبنية العليا وصفا مُقيدا؟
الأبنية العليا نوعٌ من المُخطط المجرّد، الذي يُحدد النظام الكُليّ لِلنَصّ، وتتكون هذه الأبنية مِن مجموعة من المقولات التي ترتكز إمكاناتُها التأليفية على قواعد عُرفية. ويتطلب هذا ابتداءً، إمكانية أن نصوغ من الأبنية المتباينة (أ)، مجموعة من المقولات (الأجناس). كما يُمكن أن نصوغ مجموعةً من القواعد (ب)، التي يُمكن مِن خلالِها أن تربِط المقولات بعضَها ببعض، وذلك وفق البناء التالي:
حين تُقدم المقولات: (أ)، (ب)، (ج)، فإن التوليفات (أ.ب)، (ب)، (ج)، (أ.ج)، هي فقط المقبولة، وليس التوليف المقلوب، (ب.أ)، (ج.ب)، (ج.أ)، (…. |
هناك قواعد أخرى تربط تلك الأبنية أو تجمعُها، وهي قواعد التحويل.
- قاعدة التحويل: تُعنى بضم البنيتيْن (أ.ب)، و(ب.ج) بعضها إلى بعض، مع إمكان إدراج البنية، (أ.جـ)، ويمكن لقواعد التحويل أيضا أن تُحدد إمكانَ التحول في إطار قيودٍ محددة عن البنية الأســـاس.
من خلال المنهج الشكلي المُجرد، يمكن أن يُقال إن معنى بنية (السرد) هو الحكاية.
- الأُسُس الإمبريقية للأبنية العليا
بِسبب الخاصية المجرَّدة للأبنية العليا، يجب أن يدورَ الأمر حول مسألةِ كيفية تَحقُّقها بصورة ملموسة، إذْ إن الأبنية العليا هي أجزاءٌ من أنظمة ثانوية. إن مستخدمي اللغة يعرفون هذا النظام، ويمكن أن يستخدموه استخداما مناسبا، وبذلك يكون مستخدِمُ اللغة قادرا على إنتاج نصوصٍ مطابقة لهذا النظام وقادرا على تفسيرِه أيضا، ولمَّا كان هذا النظام ذو طبيعة عُرفية، فإنه يَنتُج عن ذلك فيما ينتج عنه، أنَّ مستخدمَ اللغة يُمكنه أن يُفرّق بين النصوص التي تُحقق هذه الأبنية العليا، والتي لا تحقق هذه الأبنية.
يَجبُ على نظرية الأبنية العليا، أن تُعيِّن خصائصَ مُحدَّدة للسلوك اللغوي لمستخدِمي اللغة، ويُمكن أن نقول إنها فعلاً تفعلُ هذا، من خلال فرْضِ نظامٍ عُرفيٍّ للمقولات والقواعد التي تشارك في تحديد هذا السلوك أحيانا. فحين نتحدث عن مُستخدمي اللغة كونَهم يعرفون ضمنيا (نظام القواعد) ويستخدمونَه، فإن هذا يعني أن هذا النظام يجب أن يكون له أساس سيكولوجي، أي في صورة قواعد وإجراءات إدراكية ومقولات …إلخ.
لا يجب على نظرية معرفية أن تفسِّر فقط ما تمثيلات الأبنية العليا التي نمتلكُها في ذاكرتنا، بل يجب عليها أن تُبرز كيف تَظهر في عملية تفسير، ومع ذلك يجب أن تكون النظرية النصية الجادة ذات أهمية من الناحية الإدراكية أيضا، بحيث يجب على الأقل أن يكون جزءٌ من مقولاتِها وقواعدِها تفرُّعٌ وامتدادٌ لنظرية إدراكية شاملة، مادامتْ تُعنى باستخدام اللغة استخداما فعليا.
لا يمكن أن يُستنتج من ذلك أن لكل النصوص بنية عليا، إذ توجد في نهاية المطاف نصوصٌ لا تتكون إلا من جملة واحدة، أو ربما من كلمة واحدة كفعل الأمر مثلا (قِفْ)، في هذه الحالة، يتبين أن الأبنية الصغرى والكبرى معا، يمكن أن يتوافقا توافقا تاما، في حين يمكن أن نفترض أن لكل نص مترابط موضوعا عاما، أي بنيةً كُبرى وإن لم تُعبِّر عنها جملة واحدة. وسوفَ يتضح فيما يلي، أنه من غير الممكن أن نَحكي في الأساس حكاية على أساس جملة واحدة، ويبقى التساؤل المطروح هو، إلى أيِّ حد يكون لكل النصوص بنية عليا؟
إن كل نصٍّ يتَّبع نمطا عُرفيا، ليس بسبب مضمونه فقط، أو بسبب وظيفته البراغماتية أو الاجتماعية (الأمر ـ الرجاء ـ الاعتذار – التودّد …)، بل أيضا بسبب البنية الكلية المضمَّنة والمحقَّقَة في النص (يجب أن نُميز على مستوى الجملة بين نوعين من الكلمات، فهناك جُمل تحمل معناها في ذاتها كالأسماء والأفعال، وجملٌ ليس لها معنى في ذاتها كالحروف والأدوات والتي تحمل معناها في إلْتآمِها مع غيرها أو تؤدي وظيفة الربط في التركيب).
- أنواع الأبنية العليا
لا يُمكن أن يكون للأبنية العليا تلك الوظائف المباشرة، أي (وظائف في ذاتها) إذ إنها لا تتحقَّقُ إلا من خلال بنية اللغـــة، لذلك لا يمكن أن نَلْحَظَ أي تأثيرٍ أو وظيفة لحكاية مُنفصلة عن الأبنة الأخرى، وهي الأبنية الدلالية أو البلاغية أو الأسلوبية.
يبقى السؤال المطروح هنا هو؛ ألا ترتكز هذه التأثيرات على عواملَ أخرى، وخاصة العوامل الدلالية؟
وجَوابا على هذا السؤال نقول، إن الوظيفة الخاصة للنصوص ترتبط ببنيتِها العُليا.
يمكننا أن نفترض أن خصائص إدراكية واجتماعية محددة للسياقات، ترتبط بمقولاتٍ خاصة في الأبنية العليا، ونقدم مثلا لذلك: (حين يصل محامٍ بناءً على عددٍ من المعطياتِ إلى طلب العقوبة، فإن لهذا الطَّلَبِ وظيفةً مؤسسيةً خاصة، ولهذه الوظيفةِ وَضعٌ مغايرٌ تماما بالنسبة للقاضي، ونفْسُ الأمر يسري على الحُكم الخاص للقاضي في مقابل التعليل الفعلي للحكم).
يمكن أن يستخلص من ذلك؛ أنه يمكن أن يُحددَ وجودُ مقولات محدَّدَة لوصف الأبنية العليا، وإن كان بشكل غير مباشر، وبمفهوم ضيِّق أيضا؛ أن هذا لا يُمْكنه أن يتم، إلاَّ في سياق اتصالي.
- هل من الممكن إرجاع الأبنية الكبرى المختلفة التي ناقشناها (أبنية السرد / أبنية الحجاج)، إلى بنية جوهرية عُليا؟، أمْ إلى عددٍ قليل من الأبنية العليا؟
يمكن بناءً على هذا، أن نتعرَّفَ على المشكلة ببساطة، وذلك حين يتصل هذا السؤال بأبنية عليا مؤسَّسةٍ فونولوجيا، أو مؤسَّسَةٍ دلاليا.
إن الأبنية المؤسسة على فن الشعر أو على بنية السرد مثلا، لها طبيعة مختلفة كليا، حتى وإن استخدمتْ مجازاتٍ من نظرية الموسيقى أو الأوزان لوصف أبنيتها (السردية).
لم نستطع بعدُ من خلال البحث عن أساس مشترك للأبنية العامة أن نستجلي أنه من المحتمل جدا ألا تكون المخططات جُزافية، بل إنها ترتبط بالجوانب الدلالية والبراجماتية للنص والاتصال ارتباطا وثيقا، بل يمكن أن نقول إن هذا الارتباط موجودٌ ابتداءً.
كما توجدُ بنية مُطرِدة للجملة يَشْغَل فيها المكون الأول (المسند إليه) وظيفة المحور، أي الوظيفة التي تُعيّن المعلومة، ثم يُقال شيء عن ذلك الموضوع المتقدم أو المعلوم في بقية الجُملة أو ما يصطلح عليه بـ (التفسير)، وهو في الغالب ما نجده في النصوص الأصلية، حين يكون الفعل محذوفا ومُضمَّنا في السياق ومفهوما للقارئ وظاهرا له، ولكننا عندما نحاول ترجمة النص فإننا لا نتوقع أن يحدث الأمرُ نفسُه من المتلقي الجديد (من لغة إلى لغة)، ولكننا نخُطُّ الفعل وندرجه في موقعِه الحقيقي في الجملة ونضعه بين قوسين (مثلا).
إن لِبنية المحور (التفسير)، علاقةً بتقسيم المعلومة في النص، حيث تُعد في الأساس، المفهوم المعروف دائما (شيء ـ شخص ـ حقيقة ..). لذلك وجبَ أن تُعمَّم بنية المحور (التفسير) ما دام عِلم اللغة الحديث قد كشف عنها. أما على مستوى النص؛ فلا يمكن إطلاقا الحديث عن أن (بِداية النص لا يقع فيها إلا محور كلي، وفي النص الباقي لا يقع إلا تفسير كلي).
مادام المرء يمكن أن يتحدث عن علاقة، فإنه لا يجب أن ينظُرَ إلى هذه العلاقة مع النص بوصفها تتابعا للجمل، بل مع البنية الكبرى للنص، فعلى مستوى النص ككل، يصعب أن يُحتجَّ دائما بتلك المفاهيم، حيث ترِد في الغالب على شكل تتابُعات نصية تركيبية، مثل المحادثات (حوارات ـ مناقشات ـ رسائل …).
إن أي قبول مباشرٍ لمصطلحيْ (المحور ـ التفسير) يجب أن يُحيل على المعنى الكُلي للنص، أي على مستوى البنية الكبرى، وهذا يشمل كلَّ الحالات حتى التي لا يتكون فيها النص إلا من جملة واحدة ووحيدة. إذ حين نرغب في معرفة (حول أيِّ شيءٍ يدور النص؟) فإنه يجبُ أن تُذكر مجموعة من الموضوعات أو الأشخاص أو الوقائع التي ينبغي أن نَعرف عنها شيئا مـا (بشكل مسبق)، ويُستحسن في هذه الموضوعات أن تكون معروفة مِن قبْلُ للسامع أو القارئ على سبيل المثال: (أعلام مشهورين في أخبار تلفزية أو إذاعية أو صحفية …).
تقوم الأبنية الكبرى الأولى، أو الجزء الأول من الأبنية الكبرى بوظيفة (المحور) على مستوى النص، (محور/ يكافئُ = مصطلح، موضوع، أو تيمة، أي البنية الكبرى الكلية للنص).
الأبنية العليا ليست أمرا جزافيا، بل إنها تعكس وظائف إدراكية أو براجماتية محددة في الاتصال النصي. كما أن الوظائف الكلية للمعلومات الواردة، هي الصِيَّغ الأساس على مستوى البنية الكبرى لجزءٍ من الأبنية العليا.
إن بنية الحكاية مثلا، هو في الأساس ليسَ شيئا آخرَ غيرَ تميِيزٍ آخر لتلك الأبنية الجوهرية. فعندما يُقال كلام حول واقعة معروفة مثلا، فإننا في هذه الحالة نتحرك من منطقة الحدود بين الدلالة والبراجماتية، فالوقائع والعوالِم هي مجالات الدلالة، وبالتالي فإن معرفة السامع للواقعة، معرفةٌ واضحةٌ، وهذا ما يصطلح عليه بالبراجماتية.
هناك شكل يمكن التعرف عليه جيدا لتلك العلاقات التي ترتكز على أنواع مختلفة من الوجوب (العلاقة الضمنية)، والتي يعبَّرُ عنها في جُمل ذاتِ روابطَ مثل: (لأن ـ بحيث ـ إن ـ لذلك ـ على ـ ذلك …)، كما يوجد على مستوى النص تقسيمٌ وظيفيٌّ مماثل بين (الافتراض) و (النتائـج)، وكذا في بنية الجدل (الحجاج) من مقدمات ونتائج.
- أبنية الســـرد
تعد النصوص السردية بلا شك، (أشكالاً أساسية عامة جدا للاتصال النصي)، ويُقصد بالنصوص السردية، حكايات تَرِد في الاتصال اليومي، وهو (السرد) شفاهيٌّ في المقام الأول، وهو في طبيعته غير متكرر، وإن أمكن أن ندون أحداثا في رسائل أو يوميات، أو على جهاز تسجيل يمكن بذلك أن يصير ممكنا استرجاعه (للعالِم الباحث).
في سياق الحديث الذي نقصُّ من خلالِه الحكاية ذاتها لشركاء آخرين، يدور الأمر حول بديل للحكاية الأولى، أي (حول نص ذي بنية كبرى مماثلة). وتظهر في المقام الثاني إلى جانب تلك (الحكايات الطبيعية)، تظهرُ نصوصٌ سردية أخرى مثل النّكتْ والأساطير والحكايات الشعبية والخرافات والحكايات الخيالية العجائبية و…
في المقام الثالث؛ تظهر الحكايات الأكثر تعقيدا، والتي نحددها عادة تحت مصطلح (الأدب)، وهي القصص القصيرة، والقصص القصيرة جدا، والروايات وما أشبهَهَا، ويمكننا أن نقول إن الحكايات الأدبية، اشتقتْ من تلك النصوص الطبيعية من خلال تحويلات معقدة إلى حد ما.
يجب أن يكون لنص الحكي باعتبارِه مُحيلاً (حدث / فعل) أن يكون له معيارٌ عُرفي، يُمَكِّنه من الحصول على مقولة البنية العليا الأولـى لنصوص الحكي، ونقصد بالمعيار العرفي؛ تلك الحكايات اليومية (الشعبية).
خُطاطة توضيحية:
نستنتج من هذه الخطاطة قواعد بناء هذه البنية فجد:
- ســرد ــــــــــــــــــــــــ حكـــــايـــة = قيمة أخـــلاقيــة
- حكـــايـــة ـــــــــــــــــــ حبكـــــة = تقـــويـــم
- حبكــــة ــــــــــــــــــــــ مشهــــــد = أحــداث بَيْنِيَّة / مشــاهـــد
- مشهـــــد ــــــــــــــــــــ إطـــــار = حـــدث (أحــداث)
- حـــــدث ـــــــــــــــــــ عقـــدة = حــــــــل
- خــاتمـــــة
إن الأبنية العليا التي تم التطرقُ إليها، خاصة في الفلسفة والمنطق، اهتمتْ في أغلبِها بالمظهر الجدلي الحجاجي في هذه الأبنية. إذ يُمكن أن يُتصور أيضا انطلاقا من اعتبارات أساسية، أن ثمة بنيةً عليا يجب أن توجد في كل نص، كما هي الحال أيضا بالنسبة للأبنية الكبرى، غير أنه تَبرُز فُرُوق جلية للأبنية الكبرى والأبنية العليا، فالأبنية الكبرى الدلالية لا يُستغنى عنها لضرورتها في إنجاز روابطَ أفقية بين الجُمل، وكذا لفهم تيمة نص ما.
ترتبط بالأبنية الكبرى ضرورةٌ معرفيةٌ، كما أن الأبنية الكبرى الدلالية في حد ذاتها ليست عرفية، وذلك حين توجد بعض القيود لما يمْكن أن يُدْرج في سياقات محددة. فالأبنية العليا بخلاف الأبنية الكبرى، إنها شبيهة بالأبنية النحوية، وبالتالي فهي ترتكز على قواعد عرفية، ولا يُوجِبُ ذلك أن تصير النصوص كُلُّها عرفيةً بالضرورة، استنادا لمقوم الأبنية العليا.
يمكننا أن نستنتج أن الأبنية العليا، ليست سِمة ضرورية للنصوص، وأن نظام الأبنية الكبرى أيضا يمكنه كذلك أن يُعنى بتقسيم عام للنص. كما يمكن أن تنشأ أبنية عُليا خاصةً ودقيقةً، لها قواعدُها الأساسية لإنتاج أنواع نصية خاصة وتفسيرِها.