أأذْكرُ لكَ حاجتي أمْ أضرِبُ لك قبْلَها مثلاً؟
روي أن رجلاً من العقلاء غصبَـهُ بعض الولاة ضيعة له؛ فأتى إلى المنصور
فقال له؛ أصلحكَ الله يا أمير المؤمنين، أأذكرُ لك حاجتي أم أضرب لك قبْلَها مثلاً ؟
فقال : بل إضرب لنا مثلا.
فقال : إن الطفل الصغير إذا نابه أمرٌ يكرهُه؛ فإنما يفزع إلى أمه، إذ لا يعرف غيرَها؛ وظناً منه أن لا ناصرَ لهُ غيرها، فإذا ترعرع واشتد؛ كان فرارهُ إلى أبيه، فإذا بلغَ وصار رجلاً وحدث به أمرٌ؛ شكاهُ إلى الوالي لِعلمِه أنه أقوى من أبيه.
فإذا زاد عقلُه؛ شكاهُ إلى السلطان لِعلمِه أنه أقوى ممن سواه، فإن لم يُنصفه السلطان؛ شكاه إلى الله تعالى لِعلمِه أنه أقوى وأقدر وأعزُّ وأنصرُ من السلطان.
وقد نزلتْ بي نازلةٌ؛ وليس أحدٌ فوقَكَ أقوى منك إلا الله تعالى. فإن انصفتني؛ وإلاَّ رفعتُ أمري إلى الله تعالى في موسم الحج، فإني متوجه إلى بيتِـه وحرمِه.
فقال المنصور: بل نُنصِفُك.
وأمر أن يُكتب إلى الوالي بـردِّ ضَيْعَتِـه إليه.