ابتذال الرواية؛ رواية الابتذال : محمد شكري نموذجاً
و نحن نلج فضاء الرواية المغربية نحب أن نجعل منطلقنا هو الآتي: إن الروائي نبي إنه وارث القيم الإنسانية و ناقلها إلى الأجيال إنه حارسها و الحريص عليها و باختصار إنه ضمير الأمة. من هنا يكون الإشكال الأساسي المؤطر لهذه المداخلة هي : ما هي القيمة الإنسانية، لكي لا نقول القيمة الأخلاقية، التي دافع عنها محمد شكري و جعل قلمه خديما لها؟
للإجابة على هذا الإشكال لن نسائل كل الروايات التي ألفها محمد شكري فهذا مما يضيق به المقام و إنما سنقف عند رواية واحدة و هي الرواية التي اختار لها عنوان ” وجوه. لن نقف في قراءتنا لهذه الرواية عند غلافها فالغلاف ينضبط لفعل التأويل لا لفعل الإنتاج.
إن الغلاف يترجم فهم المتلقي الذي يسجل انطباعه عن الرواية في صورة على الغلاف تقدم للرواية لذلك سنتجاوزها لنركز على آليات الإنتاج التي اشتغل بها محمد شكري في هذه الرواية بدءا من العنوان الذي اختاره لها و مرورا بفصول الرواية و عناوينها و محاورها و الأسلوب الذي قدمت به.
العنوان وجوه أتى بصيغة الجمع نكرة و هذا يحيلنا على وجوه متعددة غير معروفة ، أو أريد لها أن تكون كذلك. إنها وجوه تختزل نموذجا ذهنيا موحدا و هو النموذج الذهني الذي يقدمه محمد شكري وفق منظوره و وفق قراءته لواقع الأحداث و الأشياء و وفق صنعه لوقائع متعددة تسير وفق نموذج نمطي محدد مختزل في بعدين أساسيين كما تجليهما الرواية. هذان البعدان هما بعد الإدمان بكل أشكاله و بعد الجنس بكل تمظهراته وتجلياته.
نشير قبل أن نفتح هذه الرواية لقراءتها أنها تحتل الرقم الثالث في سلسلة السيرة الذاتية لمحمد شكري. الرقم الأول كان هو روايته التي ذاع صيتها و التي تم نشرها بعنوان الخبز الحافي، و التي ترجمت إلى أزيد من ثلاثين لغة. الرقم الثاني هو “زمن الأخطاء” أو “الشطار” و الرقم الثالث هو رواية “وجوه”. اجتمعت كل هذه الروايات الثلاث لتنقل لنا السيرة الذاتية لمحمد شكري بعناوين مختلفة توحي بمسارات مختلفة و بتطور الذات في تاريخها و في تجربتها الإنسانية و في عمق هذه التجربة التي ألح محمد شكري أن ينقلها إلى القارئ ،و هذا الإلحاح الحاد و المتكرر يتجلى في السرد و إعادة السرد لحياته و لسيرته في ثلاثة أجزاء تضمنت صفحة و التي أتت كما يلي
الخبز الحافي 228صفحة.
الشطار 244 صفحة.
وجوه 159 صفحة.
و هو تراكم كمي يوحي بأن محمد شكري لديه الكثير مما يقوله للقارئ. لديه الكثير من التجربة و دروس الحياة التي يلح على أن ينقلها للقارئ فعن أي قيم يحدثنا؟ و ما هي الرؤية الفلسفية العميقة التي يلح علينا للتبصر بها و الاهتداء على هديها؟
أول ما يطل علينا في رواية وجوه عناوين هذه الوجوه التي هي عباره عن 15عنوان أو 15 وجه وردت بالتتالي الآتي:
-1 – حب و لعنات
2- الميراث
3- السقالة
4 – لا سفر
5- بابا دادي
6 – زهور الموتى
7 – وجه ماجدولينا
8- حمادي القمار
9- عزلة
10 كيد النساء و أباطيل أخرى
11- العائدة
12 – موت سمكة هبية
13 – أخبار الموت و الموتى
14- فيرونيك
15- وجهي في الفصول
(و هنا أفتح قوسا صغيرا لأقول الوجوه الموجودة على الغلاف هي فقط تسعة وجوه مما يزكي ما بدأت به مداخلتي من أن الغلاف يرصد بعد التلقي لا بعد الإنتاج).
إذا قرأت العناوين بالطريقة التي اعتمدتها أي باعتبارك قارئ خالي الذهن، فإن التأويل الأولي لهذه العناوين الخمسة عشر هو أنها تعكس خمسة عشر تجربة أو خمسة عشر حكاية. أي بعبارة أخرى خمسة عشر قيمة إنسانية ، أو لنقل على أقل تقدير قيمة إنسانية عامة تتفرع إلى قيم إنسانية جزئية. و بما أن وجوه ” أريد لها أن تكون رواية فإن آلية التأويل التي سيفعلها المتلقي هي آلية الربط بين هذه العناوين. هذا الربط هو الذي يخلق للنص التحامه و انسجامه، و بالتالي يجعل من هذه العناوين المتعددة و المتفرعة التي يبدو على المستوى السطحي أنها منفصمة و بدون رابط يجمعها، أقول يجعل من هذه العناوين المتنافرة كلا موحدا يلتحم تحت العنوان الرئيس “وجوه” أي عنوان الرواية.
لكن و سأقفز بشكل مباشر إلى الخلاصة التي انتهيت إليها من قراءة هذه الرواية قبل أن أدخل في التفاصيل ما استخلصته هو أن الرواية بكل عناوينها و تفاصيلها تدور حول بعد واحد: إنه البعد الفضائحي الذي يؤثث فضاء الرواية . يتخذ البعد الفضائحي تلاوين متعددة فتارة يتخذ صيغة المتكلم و صيغة المخاطب و صيغة الغائب و تارة يتخذ صيغة المذكر و المؤنث و تارة يتخذ صيغة المفرد و صيغة الجمع. إنه البعد الفضائحي بجميع الصيغ الصرفية. لقد شكل محمد شكري من هذه البنيات الصرفية سيرورات حياتية لشخصيات بائسة تعيش في عالم القاع، ليس فقط في مستواها الاجتماعي بل أيضا في مستواها الإنساني ، إنها وجوه متكررة لهدا البعد الوحيد و الموحد يستنسخ محمد شكري بها و منها ذاته و رؤيته للعالم في شخصيات متعددة بتعدد الأمكنة، و لكنه رغم تعددها و رغم اختلاف تفاصيل حياتها و رغم اختلاف أسمائها تنخرط في إطار نموذج نمطي واحد. إنها لعبة الناسخ و المنسوخ بتفاصيل دقيقة و كاشفة و مباشرة، تفاصيل تنقل للقارئ و هي تنتشي بفعل النقل هذا كل الخبايا، كل الخفايا الخاصة بمحورين أساسيين: محور الإدمان و محور الجنس. فالرواية تتأسس في مجملها و في تمفصلاتها الكبرى و الصغرى على هذين المحورين رغم تعدد الوجوه التي نقل لنا محمد شكري واقعها من هنا تغدو عناوين الرواية الخمسة عشر و التي تعكس خمسة عشر وجها رغم اختلاف حكاياتها و أسمائها و عناوينها تتماهى في جسد واحد. جسد شبق. جسد ليست له هوية. ليس له انتماء. ليس له حاضر. ليس له غد. إنه جسد مشبع بالإدمان على اللذة متجسدة في الخمر و الجنس. إنها اللذة الحسية التي تختزل تجربة إنسان يكرر نفسه في شخصيات متعددة. في وجوه. في حكايات متعددة . يقول محمد شكري و هو يفتح لنا باب روايته لننزل معه إلى العالم القاع:
” عندما تصبح التجربة أقوى من الندم ينمحي الشعور بالذنب. لن أسعى في هذه التجربة إلى تبرئة نفسي أو إدانتها أنا و الآخرون. قد يكون ما أتمناه لنفسي أقل جمالا مما أتمناه لكل لعين مثلي. لن أخشى من الغد الكئيب اللعين، سواء كنت مع نفسي أو مع الشيطان.”
هذه المقدمة التي يستهل بها روايته تعكس موقفه من نفسه باعتبارها ذاتا تتعالى على الشعور بالندم ذاتا لا تحاكم نفسها لا تسائل نفسها فهو كما يقول لا يهمه أن يبرئ نفسه أو يدينها كما أنه لا يسعى إلى تبرئة الآخرين أو إدانتهم. الآخرون مثله لذلك لن يبرأهم و لن يدينهم فالموقف الذي يتخذه من نفسه هو نفس الموقف الذي يتخذه من الآخرين. و من هم الآخرون. إن الآخرين هم محمد شكري مستنسخا في وجوه متعددة تحركها نفس الرغبة و تدور في نفس الدائرة دائرة الإدمان و الجنس. من باب الفضول طرحت على نفسي السؤال هل هذه الرؤية المؤطرة للرواية و للوجوه التي تقدمها الرواية هي خالية بالفعل من الشعور بالذنب كما يصرح محمد شكري منذ السطر الأول من سرده. حاولت أن أبحث في البنية السطحية للرواية و بنيتها العميقة أيضا فعثرت على كلمة تتكرر كثير ا في الرواية لوصف المجرد و المحسوس و لوصف سمة + إنسان و – إنسان و لوسم حي و – حي إنها كلمة اللعنة لاحظوا معي قوله لعين مثلي يصف بها نفسه و غيره الرواية كلها تعبير صارخ عن الشعور بالذنب إنها اللعنة التي تسللت إلى الرواية منذ أولى فقراتها و في أولى كلماتها وفي أول سردها و انسابت في بنياتها الصغرى لتسكن التفاصيل و لتعلن حضورا صارخا بالشعور بالذنب الذي يجهر محمد شكري بنفيه في الجملة الأولى من روايته يقول ينمحي الشعور بالذنب لكنه ما إن يقر بهذا في السطر الأول حتى يبدأ بلعن نفسه و بلعن وجوهه يقول لكل لعين مثلي و هي جملة يوحد فيها بين ذاته و الآخرين أي بين وجهه و الوجوه التي يكرر فيها نفسه. و لاحظوا معي أيضا الغد اللعين التي يصف بها الزمن الذي يعيشه في بعده المستقبلي و لكن هو في الواقع ليس غدا و إنما هو يوم مكرر هو ليس مستقبلا و إنما هو حاضر يولد نفسه في إطار دائرة مغلقة على نفسها تدور في إطار واحد و موحد هو الابتذال فرواية وجوه تقدم نماذج نمطية لفئة خاصة من المسحوقين و المهمشين عاشهم محمد شكري عن قرب أو عاش فيهم و في جلدهم و نقل لنا في روايته واقعهم المهترئ واقع كل أبوابه مشرعة للابتذال في أحط صوره و بلغة تصويرية فاضحة عارية مكررة حد الملل ابتذال ينتشي بوصف عالم الشواذ و المومسات إنه عالم محمد شكري يقربه إلى المتلقي يحكيه له بأسلوب تقريري وصفي و بدون أي خلفية قيمية أو إنسانية بدون أي تبرئة أو إدانة كما يؤكد في افتتاحه لروايته و كأن ذلك العالم هو العالم الوحيد الموجود و هو العالم الوحيد الممكن.
اخترنا أن يكون عنوان هذه المداخلة ابتذال الرواية و رواية الابتذال فعن أي ابتذال نتحدث . للإجابة على هذا السؤال سنركز على رواية وجوه، و ذلك انطلاقا من مقاربة محايثة تستنطق النص و تحكم عليه من داخله و سنقوم بدراسة تعتمد من بين ما تعتمده البعد الكمي الذي توسلناه لحصر المحاور الأساسية التي تشكلت منها معمارية الرواية فجردت المحاور التالية :
المحور الأول النظرة إلى الذات
المحور الثاني النظرة إلى المرأة
المحور الثالث النظرة إلى الرجل
المحور الرابع هو محور المكان
المحور الخامس هو محور الزمان
المحور السادس محور الإدمان
المحور السابع هو محور الجنس
و سأقدم بعض الأمثلة على هذه المحاور ليس بلغتي و إنما بلغة محمد شكري
– محور النظرة إلى الذات أو الموقف من الذات: يكتب عبارات أنقل بعضها كما يلي: أي لعين مثلي – أما أنا فما برحت أكابد من أجل أن أحب نفسي و أقهر هواجسي الحمقاء الخبيثة – سأفني بعضا من نفسي في التخيلات و الاستيهامات و الهلوسات و الهذيان الاستنمائي – عزمت على افتراس وليمة ليلي- أنا المفلس المديون الملعون – لي إغواءات شطارية ماكرة و المغفلون شاهدون على ما أقول- ذاكرة مبدعة لعينة مخيلة مبدعة لعينة – كتابة مغوية- من حسن حظي أني لم أحب أية امرأة لعينة حتى تقهرني لا قاهر و لا مقهور لقد أحببتهن من بعيد لا يهمني أن يبادلنني حبي لهن- عندما تبدأ امرأة تبادلني الحب عن قرب و جدية العشرة معها فإنها الكارثة هي التي تبدأ أن أحبهن بعيدا عني بعيدا عني و أن يحببنني بعيدا عنهن بعيدا عنهن- لا أحب امرأة أقدسها في المساء لألعنها في الصباح – إن الإنسان منذ أزله إن لم يكن مريضا بشيء ما جسديا أو ذهنيا أو هما معا فهو ليس طبيعيا- لا أعرف كيف أندم- كاتب ملعون مدمن على الكحول و الحشيش و كل ما هو مريب– ابتلع الشاب حنظل الزواج فتسمم و تقرح- اللعنات موجودة في كل عمل حتى تأليف الكتب لا يسلم من اللعنات و المنع و الاعتداء إلى حد المطاردة و السجن و القتل ربما تلقيت من الشتائم أكثر مما عانيت منه أنت لقد بصق علي بعضهم في الشارع في الحانات في المؤسسات الرسمية و غير الر سمية و في كل مكان لأني كاتب ملعون- لا يمكنك أن تعرف ما يخبئه لك أي إنسان.
– محور النظرة إلى الرجل أنقل بعض العبارات التي يوظفها و بعض الأوصاف التي يطلقها:
هناك أ وصاف أطلقها بصيغة المفرد مثل: شريب – معربد – المخطئ الساذج اللعين-
– الزبون بخيل ابن كلبة خسئة- الضبع الملعون- زبون مبذر عنيد و ملعون – متهم بالغش و المراوغة- يمارس رغبته اللوطية- لها أخ لعين مثلي- كل ملعون مثلي- متردد متشكك غير واثق من نفسه- اتكالي. و هناك أوصاف أطلقها بصيغة الجمع مثل: لا يقلون عنهن نميمة و بلاهة و تفاهة – انتحب عند قدميها الكثيرون من القوادين والمعتوهين و شهداء الخواء البشري الفقراء منهم و الأثرياء- يعتقدون أنهم مهمون- هم الشاربون – الموغيظون – أوغاد – الانتهازيين – الملاعين – آثمين –المتهافتين – الآثمين – المساكين– المتبججين- المتغطرسين الملاعين– الماكرين – الخبثاء الضاحكين الذين لا يرحمون- الرجال الجشعون البلهاء و العقلاء – كل الملاعين- متظاهرين بالبراءة- الكاذبين- العاطلين الحشاشين – الأوغاد– زبناؤه المداومون الحاضرون و الغائبون – شبه مطرودين سكارى مثله أو أكثر منه – الأطفال الكبار الضاجين الضاحكين المبتهجين إلى حد الجنون – الزبائن الدائمين الطائشين أكثر منه – المشبوهين- المفلسين – الملاعين الذين يشربون و هم في منتهى الحضيض- مقامروه الوهميون ماهرين بعضهم غشاش – المقامرون الحقيقيون انفضوا عنه بعدما أفلس – مقامرين شديدي المراس مستغلين سكره- مراهقين مدمنين على شم السيلسيون المسلحين بالسكاكين و المطاوي و شفرات الحلاقة – الحاقدين عداوة- المخبولون
و هناك أوصاف وردت بصيغة المصدر من نحو: لعاب الرجال و فحشهم و شراستهم – بطش الرجال و فسقهم و حمقهم.
محور المرأة: هو الآخر يحيل عليه بصيغ مختلفة. نجد صيغة المفرد من نحو – هي العاهرة في غيابها و حضورها – بنت الزنا لقيطة لا أصل لها- لعينة بائسة في مهنتها – فاطي الساقية لياقة و غنج – نديمة جميلة شقراء صوتها الناعم النغوم- تقرأ الكثير و إن كانت لا تفهم الكثير منها – بائعة الهوى-قابضة صندوق الحانة – نديمتها الأولى اللعوب الماكرة- – مومس- مجنونة – خانته كثيرا مع الذين توهمهم أصدقاءه- كانت محترفة – قوادة مبجلة – اللعينة – الوسيطة – اللعينة – المسخوطة- رابعة العدوية – إنها قاسية- الملعونة- بائسة في مهنتها. – مهمومة لعينة- المتصابية في عز كهولتها- اللعينة – خنزيرتي – الطاغية المستبدة – القاسية – البالغة القسوة – عجوز أو شابة لا ثقة في الأعمار إنهن و كفى – كيد النساء و أباطيل أخرى- القحبة الكبيرة المرتدة.
كما نجد صيغة الجمع مثل: الزانيات- الجواري – و الساقيات و البغايا – المبتدئات الغريرات -المحترفات الخادعات و المنتقمات من الرجال الطيبين- السوقيين – مستعطفات أكثر مما هن جسورات محتجات على من يستغلهن – المحومات – العجائز- المتهافتات كلهن من سلالة الشيطان – العاقرات اللعينات – النساء اللعينات العاقرات و الولودات– الشابات المصاصات أو المتصابيات بكهولتهن المهترئة- – العاهرات –– الشرستان و غيرهما كثيرات – لعينات – العاهرات
كما نصادف أوصافا وظف فيها جملا من نحو : استولت على نقودي كما تفعل الساقطات – بلادة و ابتذال فاطي – لم تخلص له إلا بعد مماته- أمها نزهة حبلت بها هي أيضا صدفة- تخونه- جسد قد نضج كفاية لتواجه به شرع المتهافتين- صدرهما ناهد و لا شك أنهما بدأتا تلامسان تبرعمه و تهدهدانه- كل فتاة شقية تتمنى أن تكون للا شفيقة أمها – ليست من اللواتي يبرزن صدورهن و مؤخراتهن يرقصنها يمينا و شمالا و صعودا و هبوطا و سراويلهن لصيقة بوسطهن لتقول لك إحداهن اتبعني إذا كان هذا ما يجننك في الفراش- كل فتاة منكودة تتمنى لو أنها تكون لها أسرة مثل فاطي – قد يحدث أن أبيع جسدي لمن لا أهواه- أهب جسدي نزوة- حسدهن قاتل و منافستهن وحشية النديمات- المرأة إما مقدسة لا تمس أو مدنسة خسئة- أرامل و شابات كلهن يتوددن.
– محور الخمر و التدخين : يوظف فيه محمد شكري تعابير متعددة نذكر منها: كأسي الفاطمية – كأسي الثانية أو الثالثة – الكأس تلو الأخرى – في يدي قارورة أشرب منها جرعات من الكونياك الإسباني- هي تدخن لفائفها- كنا نشرب و ندخن على هوانا – فاطي تدخن باسترخاء و تشرب بلذة و نخوة فتنتها إنها لا تحبس الدخان في صدرها ثم تزفره – حتى عقب سيجارتها ليس قصيرا عندما تطفئه- للا شفيقة تدخن بعمق سجائرها الرخيصة لكنها لا تحبس الدخان إلا قليلا- للا شفيقة لها قنينتها من النبيذ و لا تزهد في الوافر إذا حضر أما إذا جاد عليها أحد الكرماء بقنينة أو أكثر من النوع الذي تشتهيه فإنها تدعو له بالخير العميم و البركة الدائمة مستنهضة الأولياء من أضرحتهم – قلما تجد من يحيي معها لذة شربها- فاطي لا تبالغ في الشراب نهارا لأن ليلها ينتظرها في حانتها- ألح عليه في استمالتها إلى الشراب طامعا في إسكارها تتخلص من محتوى كؤوسها- تنحط من غلبها الشراب- عليك أن ترى واحدة منهن و هي سكرانة – رأت من سال خراؤها و بولها و هي ما زالت واقفة إلى المشرب تعب شرابها غير واعية بما يحدث لها من تحت- انتشيت في الشراب – شربت كأسين من النبيذ- جرعة من الكحول – أفلست في الشراب – كانت تشرب على حسابي- ربما عرضت كؤوسا على لعينات مثلها أو على ملاعين مثلي أعرف جيدا لعنتي و جنوني عندما أشرب مع الملاعين- أشعلت سيجارة و راحت تدخنها بشراهة على الريق- أشعلت السيجارة الثانية من السيجارة الأولى – الخمار و شرح الكلمة في الهامش بقوله صداع الرأس و ألمه بسبب السكر – أشرب ما تيسر من البيرات – كنت أول زبون – رائحة الليل المخمورة تقيء – شربت الكأس دفعة واحدة حتى أنسجم مع الرائحة الكريهة – قبالة المشرب – كثيرا من الذين يداومون المجيء إلى الحانة – هكذا كان يهتر زبون كهل يعتبر نفسه المؤرخ الحقيقي للحانة- يأتي ليحيي ذكرى حانته و يشرب معه مجانا كل من يوجد فيها – عريق في التردد على الحانة – هو أيضا يشرب معه كل من يوجد بالحانة – يشرب معه مرة واحدة – كانت تزيد في حساب السكارى المولهين بها لكي أشرب أكثر مما في جيبي مجانا أشرب أو هي تسرب لي شرابها الذي يدفع ثمنه المخبولون- أشرب لأبقى أكثر – و هو يشرب النبيذ مع أبيه- تناول كؤوسا أكثر مما تعود- كانت إلى جانبه قنينة نبيذ يشرب منها – كدت أشرب ثمالة زجاجة الويسكي كاملة كأسا وراء كأس – كان يمكن له أن يشرب معنا كأسا- نتراءى في بعض الحانات – شباب يدخنون – يستمتع بقنينة نبيذه – لم يكن قد تناول بعد كمية كؤوسه- زبنائه المداومين- فليأت إلى محلي و يشرب معي- لا يسمح لأحد أن يشرب خمرا إلا مصحوبا بوجبة – يستضيف العاهرات إلى الكحول – لكنهن لا يشربن إلا رائحته – لا يهمه أن يكون حقيقيا ما تشربه نديمته – كلما تأسى لحكاية كان حظ سامرته أوفر في الشراب يطلب بيرتين أو زجاجة نبيذ و كأسين كأس له و كأس لخصمه أو لشخصه المضاعف ربح أو خسر فإنه يحتفي بشربهما – لا يراهن إلا على الشراب- منع الخمر يساهم في الإكثار من لعب القمار و تعاطي الكيف و الحشيش و اللواط لأنه أقل إثارة للشبهات من الدعارة مع النساء و لأنه أقل كلفة من المحترفات- شربت كأسي الأول أفرطت أمس في الشراب – يتحشش و يسكر- يشرب كل محتوى كأسه استرختهما كؤوس الويسكي – ألا نشرب كأسا أخرى سنشربها – أحد زبائن حانته – عرض عليه أن يشرب شيئا – في حانته الشعبية- امتلأت الحانة الصغيرة عن آخرها شرب الجميع نوبة على حسابه لكنه ظل هو يشرب على حسابهم حتى أعياه السكر- شربا في حانة طنجة أنخابا- كأس شرابها من النبيذ تضعها تحت مكتبها يأتيها بكأسها و يأخذ الفارغة – يتسوق ما تحتاجه حانته من نقل إفلاس حانته – أحد أباطرة بائعي السجائر الغيورين على شهرة حانته أنقذه- كان يرى حانته تهدم و ترمم- يجلس شاربا زجاجة نبيذ دون كأس – حانتي داوت الكثير من الناس- حمادي القمار كان متزوجا حانته عندما أفلس و أفلست معه حانته أفلس معه الكثيرون نفسانيا – خرج من خسارته في شرود بالغ ربما تحت سكر مكتوم خذلته مقاومته – أخرج من سلته زجاجة نبيذ و كأسا صغيرة – يشرب زجاجته- زجاجة نبيذ فارغة و كأسان و قنينة صغيرة لا أحد يعرف ماذا كان فيها – يدخن و يشرب نبيذه دون أن يعربد- لا يستطيب أن يشرب وحده – تدخن و تشرب و لا تستطيع أن تتوب إلى الله- ترشف من كأسها متلمظة رشفاتها- خفت عصبية تدخينها – ترشف من كأسها متلمظة رشفاتها – بلادي ماري bloody Mary – أفرغت ما تبقى من كأسها و طلبت أخرى عندما وضعت لي النادلة كأسي سحقت سيجارتها في المنفضة و أشعلت أخرى تسحب الدخان عميقا و لا تمج منه إلا القليل – أشعلت سيجارة و طلبت كأسين- بلاي ميري لذيذ و لكنه يفاجئ بالسكر – أمه الجالسة وحيدة تدخن باسترخاء – طلبت كأسين آخرين دون استشارتها- لديها استعداد لتشرب – أشعلت سيجارة – تتثاقل كلماتها ممزوجة بالانتشاء و الضحكات الخفيفة – أرادت أن تطلب كأسين آخرين – عندي ما يشرب – يحدث لي نفس العناد مع الشراب – تترنح قليلا ليس عندي إلا النبيذ ما إن أملأ لها كأسها حتى تفرغها شربة واحدة كان صوت قيئها مثل بقرة – يبدد كل نقوده في استضافة رواد الحانات و بغاياها للشراب معه غالبا ما يجد من يقبل الشراب معه- يفرغ ما تبقى من البيرة في القنينة يضرب قاعها بيديه حتى تسقط آخر نقطة- يشرب بيراته ضاغطا على كل قنينة إلى آخر قطرة – راشفا كأسه البسباسية – ظل شريبا حتى أقعده المرض – طفل يشم خرقته المخدرة- أشعل لها النادل سيجارة و أشعل لنفسه أخرى – يبدأ كلامنا عند كأسي الثالثة أو الرابعة و بيرتها الثانية أو الثالثة- و ربما تناولت شمة أو شمتين من السعوط للتخفيف من ثقل الشراب – أحيانا لا أعرف كيف أوقفها عن الشراب مثلما لا أفلح في أن تصاحبني فيه إذا استبد بي حزن العناد في الشراب يكون جوابها هو شرب كؤوسها الواحدة تلو الأخرى دفعة واحدة – الزجاجة فارغة بيننا لم أكن قد شربت إلا كأسين – جاءت و وضعت لنا زجاجة ثانية- قلت لها و هي تملأ كأسينا – صرت أعب من الزجاجة حارسا كأسها من أن تملأها بنفس السرعة التي تفرغها بها – برد الشارع أصحاني قليلا فطلبت كأس ويسكي و طلبت هي بيرة – دعوته إلى كأس لألطف مزاجه- شربنا الشامبانيا
محور الجنس: هو محور متواتر بشكل كبير في الرواية، و هو محور يستعمل فيه محمد شكري لغة فضائحية انطلاقا من مرتكز أساسي عام هو حسب تعبيره:
” الشهوة سلطان الرجل و المرأة سلطان لا يقاوم”
من هنا نجده يتحدث عن شهوته في بعض المقاطع : شهوتي الجياشة – هكذا كنت أقهر رغبتي فيها- أشتهيها كما يجن باشتهائها الملاعين مثلي – أنا كلي إير – هاج قرفي و تخيلتها عارية يتدبق جسمها كله أينما لمستها- تلبي لي رغبتي فيها.
كما يتحدث عن شهوة الرجل و المرأة بقوله:
– يشتهي أن يتسلى معها- إنهما ذاهبتان إلى إحدى الحانات الصباحية لتسكين تهيجهما ببعض البيرات الباردة.
و هو يوظف في تعبيره عن تصوره هذا لغة جد مباشرة و جد بسيطة. لغة تقترب من الدارجة أقدم بعض النماذج و الاقتباسات: لم أجد ما أدفعه للمبتدئة إنها حصلة – طلبت منها أن تنام معي – كيف ترفضني و هي تذهب مع من هو أقل مني – لا تنام مع قذر في لباسه و جسده – لم تكن ليلة سلبية – يتحدث عن الزبناء بقوله: نامت مع زبون شهم كريم- لم تكونا قد نامتا جيدا مع زبونين- لا يهمها عمر الزبون- تستسلم لزبون يضاجعها- تختار لها من الحانة زبونا سخيا و ظريفا فترضى عنهما معا و تبارك ليلتها معه-
و هو يتحدث عن الجنس بكل أنماطه فهو يتحدث عن دعارة النساءكما في: صار لفاطي عشيق وسيم يعيش على حسابها– اللعينة لم يسرها أن تكوني عشيقتي – اختارت لي مبتدئة – ألأنها كانت أول مرة معها – لم أكن أنوي التعامل مع المبتدئة بخبث و خساسة.
و يتحدث عن الثمن الذي يدفعه لقضاء ليلة ماجنة: تقاضي ليلتي معك – لقد وعدتني بمائة درهم – لا شيء آخر إلا ما أستحقه مائة درهم- لا أذكر أنني وعدتها بهذا المبلغ و حتى و لو كانت تستحقه ليلة البارحة فهي اليوم لا تستحقه- كان هناك من يدفع لي ثلاث أو أربع مرات أكثر من مائة درهمك –
كما يتحدث عن تفاصيل ما يحدث في العلاقة الجنسية : فما إن دخلنا الفراش حتى راحت تتلوى كأفعى – معزة حمقاء تنطح في طيش كل مكان حميم حتى قبل أن ألمسها في مكان حساس فهي تخرج لسانها خارج فمها و تدوره ثم تسرطه مثل حرباء اصطادت جندبا – لكي تبرهن لي على شبقها الزائف- تعض شفتي السفلى و تخمش هنا و هناك و هي تتلين و تتأوه- تعرض فنها في المضاجعة أعرف الكثيرين الذين يتباهون بهذا العض و الخمش و يتباهون به لتأكيد إعجابهن بهم- يرتمين متهافتات على أسفله و قبضا باليد لا يبقى لمن تقبضه في يدها إلا أن تتمنى مصه و إدخاله فيها- ماذا عساني أن أفعل مع امرأة عاقلة في الفراش- قالت متهيجة نفعله هنا قلت ربما في الشرفة فتهلل وجهها و استعجلت حتى كادت أن تهلل هللويا هللويا لم أعرف ماذا أفعل بهياجي لمسة فوق لمسة تحت و في كل مكان يتوالد اللمس و الفم في الفم و اليد تغزل الشعر قلت لها ربما يمكن أن نفعله خارج الشقة في الدرج فتهلل وجهها أكثر مارسنا بعضا من الجنون واقفين- طشت مع فيرونيك في هوس إيروسها النزوي قالت هنا نفعله و لم نفعل إلا أقل مما أردنا من الجنون.
في محور الجنس أيضا نجد حديثا عن الاستنماء في بعض المقاطع من نحو: فعلت له ذلك الشيء- يده اليسرى منزلقا بها إلى أسفل كما يفعل هو مع نفسه ليخفف من توتره عندما لا يسعفه الحظ بإحداهن – لم يستغرق الدلك الرفيق إلا قليلا – الهادي يتنهد بانتشاء الرغبة كانت مشحونة علال استغرقه أيضا الانتشاء- تتركني أستنمي – ألححت عليه في الزواج ليتخلص من إدمانه على الاستنماء.
بل نجد أيضا حديثا عن اللواط و أسوق هنا بعض الأمثلة من نحو: لكي يستمر في اللعب يضطر إلى فسخ سرواله و إنزاله تحت الركبة لخصمه الرابح أو لغيره من اللاعبين أو المتفرجين. مقايضة إنزال السراويل من أجل استمرار اللعب يمارسها معظم المراهقين الخاسرين مع بعضهم البعض أو يضطرون إلى البحث عن البالغين المتعطشين للذة الغضة بعيدا عن المكان أو قريبا منه حيث تنتظر التماسيح البشرية. لا يجد اللاعب الخاسر حرجا في هذه المقايضة ما دام هناك يوم له و يوم عليه – استمر في جنون قماره و لواطه- – في حاجة إلى من يحميه من تهديد اللوطيين العريقين المفلسين الخطرين و كذلك كيف له أن يصد عنه تهافت الذين يوقظ جماله فيهم نزعتهم اللوطية – هما اللذان كانا يتقاسمان نفس الأهواء اللواطية نحو غلام واحد – عاش معه طفولة حميمة مريبة .
– يتحدث عن مضاجعة الجثث. يقول” كان يضاجع جثث النساء ثم يبقرها و يبترها
و يتجاوز ذلك إلى الحديث عن زنا المحارم كما في : أشاعت عني بأني أبوها المغرم بها ذو النزعة السفاحية.
بل حتى التماثيل لم تسلم من الإيحاءات الجنسية بلغة مبتذلة:
“تمثال له بروز جنسي تلامسه نساء و يقبلنه يعتقدن أنهن سيحبلن إذا هن لمسنه و قبلنه
و مصصنه و لو استطعن لبلعنه و سرطنه أو ربما إشباعا لاستيهاماتهن.”
و عن استراق النظر أو التلصص يقول:
– ” أيضا استرقت السمع على نوابض سريرنا . أكيد أنها لم تكن تناك جيدا تلك الدجاجة
البشرية.”
– ” قد تتمنى أن تباغتنا أمها متلاحمين أعلوها أو تعلوني.”
كل ذلك بلغة تصويرية في غاية الابتذال، لغة تنقل أدق التفاصيل و الجزئيات.
” لا أعتقد أن زوجها اكتشف هذه المناطق الجغرافية من جسدها. الوركان الأليتان الساقان شحمة الأذن و منبت العمود الفقري حتى الحلمتان لا أظن أنه لمسهما و من المستغرب أن يكون قد مصهما كلها كانت محفوزة بالشهوانية السابتة”
فتجد في رواية وجوه المرأة تبيع جسدها بكل تلقائية و الرجل عبد لغرائزه التي لا يستطيع كبحها.
– محور المكان الذاكرة المكانية حاضرة بشكل كبير يذكر فيه بعض البلدان من نحو المغرب – الدانمارك- أمريكا – انجلترا- سويسرا- فلسطين – لبنان – إسبانيا – كوبا – الجزائر – ألمانيا – مصر-
كما يذكر المدن المغربية – طنجة – العرائش المدينة- سبتة- مليلية- الناظور- الرباط- – وجدة- مراكش- أصيلة – تطوان-
و بعض المدن الأجنبية من نحو- نيرخا – موتريل- – باريس- مالقة- ألميريا- غرناطة- بوردو – لندن – بروكسيل لكن المدينة المسيطرة على خريطته المكانية هي طنجة التي يذكرها في مرات كثيرة و يشير إليها أيضا في مرات كثيرة بكلمة المدينة مقرونة بوصف مدينتي العجائبية – هذه المدينة الجميلة – في مقابل مدينتهم المنكوبة كما يشير إليها باسم إشارة في هذه المدينة بل هو يجوب في تفاصيلها ليشير إلى الفضاء المؤثث لهذه المدينة و هنا أذكر بعض العبارات المستعملة – في دروبها الليلية- الدروب القديمة – في هذا الدرب أو ذاك – فوق الرصيف – أضيق الأزقة الموبوءة – أزقة مداخلها و مخارجها – شوارع المدينة المركزية إفريز الرصيف – الشارع – البولفار – الشارع هورسنس- الساحة بازار- حفر وسط الساحة – القوس المفضي إلى الساحة- البحر- حافة البحر-– الكورنيش – في الغابة – السوق الداخلي– السوق البراني – سوق الخردة – السوق الكبير- السقالة -نهاية السقالة – عتبة السقالة- مدخل الميناء – صيدلية- الشاطئ- كهف الحمام- فرن الحي- المحطة- الأحياء الشعبية- قاعة شاي الميناء ماربيا – المدارس الابتدائية – ملعب الغولف – مستشفى المجانين و إلى مستشفى مايوركا كما يذكر حي بني مكادة –
كما يحدد أسماء بعض المقاهي مثل مقهى طنجيس- مقهى فوينطيس و السنترال – مقهى الرقاصة – مقهى البريد- مقهى بروكوب و أسماء بعض الفنادق كفندق موريطانيا – فندق سولازور – فندق فيكتوريا فندق الجنينة و فندق المنزه – و أيضا يستعمل بعض النعوت للإشارة إلى الفنادق منها – فندق فخم – الفنادق الرخيصة – فندق العابرين أحد الفنادق- الفنادق الحقيرة
و يذكر أسماء بعض المطاعم نحو – مطعم بريستول- مطعم إلدورادو مطعم الأخوات الثلاث الأمازونيات. كما يستعمل بعض النعوت – المطاعم الصغيرة –- مطعمه الكبير- مطعم ليلي صغير- أحد المطاعم الشعبية-
بل و أيضا أسماء المقابر – مقبرة مرشان – مقبرة بيكبوس picpus مقبرة مونمارتر و مونبارناس المقابر الثلاث بير لا شيز père la chaise و مونمبارناس Monparnasse و مونمارتر Montmartre –- – المقبرة الانجليزية البروتستانتية –
و أسماء بعض الطرق ك طريق موفطار – طريق سيدي بوعيد- برج القريقية
– محور الفضاء الداخلي: منزل الأسرة – مسكن – مسكن آخر غير مسكني – السكن على السطح – بيوت العزاب- منازلهم- الدار – دار ذات طابقين- في دارهما أو في داره – دار كالحة – بيوت صغيرة لا لون لها- شقته- شقتي التي لم يسقط علي سقفها بعد – بيتنا الموشك على الانهيار – في أحد بيوت محترفي القمار- منزل حنان شيخ-
أحيانا يشير إلى أجزاء من الفضاء الداخلي السقف – السقف العائلي – السطوح – قبالة غرفتها – عتبة باب الحجرة- باب الحجرة- حجرته- جنب مدخل المطبخ- المرحاض.
يشير أيضا إلى الفضاء المحيط بالفضاء الداخلي : خارج المنزل- أمام العمارة- قدام الدار حديقة منزلها- – شرفة
كما يشير أيضا إلى الأماكن الوسخة: الحمام – المرحاض- دورة المياه- بلاعة- في الحفرة-
يستعمل بكثرة أسماء الإشارة إلى المكان- هنالك- عاش هنا- – هذا الهنا- هناك-
كما يشير إلى المكان بدون تحديد – مكان ما– مكان ضبابي- مكان يجهلونه – هذا مكانك – مكانك المفضل- في نفس المكان.
القرية بوصفها فضاء مكانيا حاضرة أيضا في الذاكرة المكانية و إن بشكل أقل من المدينة نجد كلمة القرية في المقاطع التالية:
– قرى أخرى قريبة و بعيدة – البوادي – مسجد القرية – هذه هي القرية – قرية أبي- القرية شبه مهجورة- إحدى قرى جبال الريف – قرية طفولتي
لكن المكان الذي يسكن الذاكرة أكثر، و بالتالي هو الأكثر ورودا في الرواية هو الحانة فيذكرها تارة بالاسم و تارة بالنعت.
– بالاسم – حانة غرناطة- حانة دينز- بار- مطعم حان بوردو – مطعم حانة طنجة – حانة البيلو- حانة لو كريون le grillon – – حانة نيجريسكو Negresco- حانة مايفلاور حان- مطعم الباراد Parade – حانة خوانا دي أركو حانة الحمراء – ماخور العرائش-
– بالنعت: حانته الصغيرة – الحانات الداعرة- الحانات القديمة – الحانات الشعبية – حانة ممسوخة- الحانات الليلية – الحانات الممسوخة.
إذن نلاحظ من خلال وقوفنا على نمطية المكان في رواية وجوه حضور المكان بوصفه بعدا هاما سواء المكان بفضائه الداخلي أو الخارجي أو بشكله الرحب أو الضيق، و هذا الإلحاح على المكان يوازيه بنفس الدرجة الإلحاح على الزمان.
– محور الزمان : حاضر بقوة في الرواية، و هذا أمر طبيعي، لأن السرد لا يمكن أن يتم إلا في إطار تلاحم بين بعدين أساسيين بعد المكان و بعد الزمان.
يمكن أن نقارب بعد الزمان في رواية وجوه من خلال ما يلي:
– الزمن باعتباره كما معيشا: أواسط الخمسينات- تصابت في عمرها القريب من الستين فراقني شبابها في كهولتها- تجاوز السبعين – السابعة و الستين – في الثلاثينيات – دون العشرين من عمره- في عز شبابها – مضى على وجودها أكثر من خمسين عاما- مشرفة على التسعين- عمرها المقترب من الأربعين- أكثر من خمسين عاما – نصف قرن – ربع قرن – منذ سنوات كهولتها – أكثر من ثلاثين عاما -أكثر من عشرين سنة منذ سنوات – سبع سنوات- في تلك السنوات – خلال سنتين أكثر من خمسة عشر عاما- منذ سنين- منذ سنوات- عامين قبل- أكثر من مرة في السنة- هذه السنة- السنوات الأخيرة- منذ زمان بعيد – ماضيها- منذ شهور- مضى وقت كاف- شهور و سنوات – أجل غير مسمى- أكثر من خمسة عشر عاما مضت الآن.
في نهاية الخمسينات- بداية القرن العشرين – بداية أيار مايو 40- في 14 حريزان يونيو من نفس السنة – في عام 53- عام 93- بعد الاستقلال- أيام المجاعة- في نهاية السبعينات- في أواخر الستينيات- يوم سفري الثالث عشر من الشهر في السنة الماضية.
– الشهور : مرة في الشهر- شباط – فبراير- في كل صيف – أيام- مرتين في اليوم – يوما أو أكثر اليوم – ثلاثة أسابيع – في يوم من أيام آخر الشهر- عطلة نهاية الأسبوع – في كل عطلة – الصيف- – في أيام العطل- كل شهر منذ أيام – أكثر من ساعة.
الزمن في بعده غير المحدد:
الزمن الفاحش- الزمن المتردي أكثر من يوم – أياما- الوقت المحدد – في بعض الليالي- أيامها الشهرية- قبل أيام من موته – أكثر من مرة في الأسبوع- يخرج يوميا.
الزمن باعتباره نقطة في سيرورة زمنية حكائية: في الصباح – في الشتاء– كل يوم – مساء – النهار – ذات صباح- آخر مرة – حتى المساء – في الليل– صباح اليوم باكرا اليوم – اليوم – في الصباح – في المساء صباحا – في المرة الأخيرة – يومك – مساء – المساء -غدا– ذات ليلة – كل مساء – صباحا أو مساء – اليوم – الآن – غدا – اليوم – ذات صباح صيفي – نتقابل صدفة على مراحل متباعدة – في اليوم التالي – في الليل ليل نهار – الوجبات الثلاث لها أوقاتها الإفطار في التاسعة الغداء في الواحدة و العشاء في التاسعة – يوم من أيام نهاية الخريف – ما أكثر المرات التي راهنت فيها – الساعة ما زالت باكرة -ظهرا- صلاة العصر – جميع الأوقات – عشية موته – ذات يوم – كل مساء – في الأمسيات الربيعية – التي بدأ يصلها الصيف – الغد الأمس القريب اليوم- الماضي المليء بالحرمان و الهجران و النميمة- الوهم(ماضيه)- ما سيأتي به غدك- حتى الصباح- حتى الصباح– هنا- صباح جد ماطر- الآن – اليوم – كانت أكثر من العاشرة صباحا- في هذه الساعة – اليوم– غدا – الآن – في الأيام المشمسة – صيف – المساء- يومي الأحد و الخميس- اليوم – عز النهار- اليوم – في تلك اللحظة – الثانية بعد الزوال- الآن – اليوم- أمس- و اليوم – ساعة الحضور – في الحاضر في الماضي – النهار –كل عام مرة – يبدأ في المساء و لا ينتهي حتى الصباح- – ينسحب في الوقت المناسب- في هذا اليوم أو غدا- في هذا المساء- دقائق محددة البارحة – الصبح – في ذلك النهار- مثل اليوم – غدا أو في نفس اليوم.
و إذا كان المكان بأبعاده المختلفة حاضر بقوة في الرواية، فإن المكان الذي يتواتر بكثرة في الرواية هو الحانة، و إذا كان الزمن بأبعاده المختلفة حاضر بقوة أيضا فإن الزمن الذي يتواتر بكثرة في الرواية هو الليل ، و نمثل لذلك ببعض المقاطع: أكثرها ليل و أقلها نهار – الليل ليس دائما مقدسا – الليل هو الطهر أو الدنس- الليل لا يشفق على أحد- هذه الليلة – في الليل – ذات ليلة –
هذا الليل المتكرر و الأحداث المتكررة التي تصاحبه يعبر عنه محمد شكري بقوله: يكاد اليوم يشبه الأمس واصفا زمنه تارة بالزمن الرديء و تارة أخرى بالزمن الفاحش.
محور العنف: ربما اعتقدت أنني سأهاجمها – لا شك أن نوعا آخر من المضايقة ينتظرها ما أظن أنها قادرة على حماية نفسها ندب خدها الأيسر اختفى غوريلا جاء و الجريمة ترقص في عينيه بجنون – هشم لها وجهها بلكمة – يشرطه لها بسكين و من يتدخل قد يكون مصيره أفظع – ربما الموت نفسه- في وجهها ندب – لص – صعلوك- أطفال السيلسيون يغزون المدينة في الليل كالجراد – طعنها بسكين- المعروفة بالعنف – ساديون يقفزون فوق الأسوار قد يحرقون حتى الأشجار أكاد أرى الجريمة ماثلة في عيني كل من أراه جالسا أو واقفا يتربص المكر أراه و أشمه- إنه الرعب بعينه في وجه كل من يجوس الساحة العدوانية المجانية متحفزة في كل الوجوه الممسوخة – من أين جاء كل هؤلاء الذين يبدو على وجوههم أنهم خرجوا حديثا من السجن و مستعدون أن يعودوا إليه لا شك أنهم من الذين يوصون رفاقهم على صيانة أماكنهم الحميمة في السجن لأنهم بالتأكيد سيتعمدون العودة إليه إنه غزو تتري – العار و ما يستفزه من حزازة و إجرام- الغيرة المجنونة أو القاتلة- يتمادى في عناده- تخلى عن جرانه (التعاصي عن الانقياد)- دمار ماحق- التهريب أو الإجرام- اللعب معه يتسم بنوع من العنف المكتوم و الحقد و التشفي ممن ربحه- لا شفقة و لا صداقة في القمار- بعناد و تهور يلعب – نسمع كيف يعنف أو يعاتب نفسه جهرا – إجرامه يبدأه في حانتي و ينفذه خارجها – من حسن حظي أنه لم تحدث جريمة داخل حانتي إذ كل جريمة تحدث في حانة فحتما تغلق- الرعب و الجريمة المتفاقمين بصقت شتيمة لاسعة فلحقتا بها بشراسة و انهالتا عليها باللكم و الخمش و الركل حتى أدميتاها- منديل رأسها تطاير على الأرض و شعرها منتوف و جلبابها تمزق من عنقه إلى صدره فراحت تستغيث بصرخاتها – لم يسبق لها أن تعاركت جسديا مثل اليوم – كل واحدة منهما كانت تريد أن يكون لها حقها في ملخها و سلخها و أخذ ثأرها إنه واضح أن لهما تصفية حساب معها يوم كانت هي الآمرة في حانة غرناطة بأن تدخل هذه و لا تدخل تلك – جمع الرجال يتلذذ بالمشهد و هي تحاول أن تحتمي بهذا أو ذاك و النساء يستنكرن المعركة و يتوسلن إلى الرجال إنهاءها- قال بعضهم تقاتل سافل و صرخت امرأة كلكم تتفرجون – قال بعضهم لبعض و هم يتفرقون ضاحكين إنها احسايف القحاب – حين علمت بمصيرها لعنت فاطي و زوجها المزعوم و لعنت اليوم الذي قدر لها فيه أن تربي أطفالا ملاعين لم تلدهم و حمدت الله على أنها لم تطفل أحدا منهم و إلا لكانت قد لعنت نفسها و جنت بسببهم – لو بقيت معهم أكثر من ثلاثة أيام لسمموني – تشتمه بلهجتها الريفية تخزيه و تلعنه أمام أولادهما و الجيران – آخر مرة تشاتمت معها كان أكبرهم (الأولاد) حاضرا فنهض و شدني من ياقة قميصي بعنف و هم بأن يضربني سبني و بصق علي و هددني بطردي نهائيا من المنزل- قد يحدث أفظع من هذا لست الوحيد – لم تمسح خراء أحد حتى يهينك بالضرب أو الشتم – يخشى أن يوضع له في شرابه شيء يؤذيه – ترغب في البصق على وجهه المتجمعة فيه كل بلادة – دخلت الزهرة زافرة لعناتها لا على أحد لعنت بصيغة المفرد – استعروها في رقصة جنونية غ إنها ملخة ينالها الفضولي بأيديهم النشابة و محظوظ هو إذا لم يستعملوا معه أدواتهم الحادة- مد يده إلى حقيبتي و نشلها بعنف مكتوم و هو يبتسم صرخة واحدة و لن تفرحي بحياتك بعد الآن أعاد لي الحقيبة ناظرا إلى خاتمي الذهبي و سلسلة عنقي و قرطي سيكون حسابنا معك طويلا و قاسيا لا رحمة فيه – يعنف نفسه في شخصه المضاعف إلى حد الشتم – أيها الخنزير – أيها الأبله- ما يهمه هو السجال و الصراع مع من يلعب- طنجة أصبحت اليوم توحي بالانتحار
محور الحب: لم أتعلم قط كيف أحب و لا أظن أنني سأعرف كيف أحب- كرهت العيش – من حسن حظي أنني لم أحب أية امرأة- أكبت لها حبا غامضا – لا تعرفين كيف تحبين – ما تقرأه عن الحب العذري- أحب شاب إسباني فتاة انجليزية و حين امتنعت عن مبادلته حبه يئس و انتحر- ريكاردو يحب أوتيليا لأنه يشفق عليها فقط قد يهجرها حينما تبرأ لأن حبه لها مقرون بمرضها حبه لها لن يطول – لا تمل من حبك لها رغم أنها طردتك- هناك من لا يريدون أن يحبهم أحد – عشقيات – حبي لك أبقى و كل عشقياتي زوال – هذا هو عشق طنجة – أن تعشق من تحبه ربما لحظة ربما يوما ربما جزءا من عمر – ستقابلين من تحبينه – كلمة حب أخشى على من يتلاعب بها و من يصدقها- الحب الزئبقي- قهرته امرأة كان يحبها بجنون- صدق أو كبرياء- لا تفهم الحب إلا فيما تقرأه في الكتب الحب كان خارج حياتها التفكير في الحب و ليس العبش في الحب تلهو به و لا يلهو بها- الحب لا يباع لأولاد الحرام.
– محور التضاد: نسوق له بعض الأمثلة وفق ما يلي: أن يعشق غني مفلسة و مؤمن كافرة – يحيا أو يموت- الطهر أو الدنس- الحلم أو الكابوس -المسالمة أو الجريمة- الطالح يغذي الصالح – يحل جسدها محل جسد للا شفيقة دون تذمر أو حسرة أو ندم – لا يشغلنا شيء من هذا حرام و هذا حلال – بعضهم تابع طريقه مستعيذا بالله و بعضهم ظل هناك يتشفى من سلوك النساء المنحط- بعضهم مشفق و بعضهم لاعن- on ne sait qui vit qui meurt – الرجل حي لم يمت- قد يكون الحي منهم ميتا و الميت حيا أو لا هو حي و لا هو ميت إن حياته أو موته و ما تهوى أن تسمع أو ما لا تريد أن تسمع- فالمرء بينهم قد يكون اليوم حيا و غدا ميتا و بعد غد قد يصبح ميتا و هو حي – في هذه المدينة السعيدة رغم شقائها – أنا صاعد و هو هابط- خيرا أو شرا- أرجع و أملي ألا أرجع- الرجوع الذهاب الموت العزيز و الحياة الفانية – نعيم الموت الخالد – خلق حياته بموته – تذكر عميق نسيان سطحي – قد يعرفه و قد لا يعرفه- عاشت حية ميتة – الصغار و الكبار – الأحياء و الأموات – الحنين الحقيقي و الحنين الزائف – امتزج الواقعي بالخيالي- الزبناء الحاضرون و الغائبون- بين الصدق و الكذب – الجد و المزاح- لا نعرف كيف يخسر و كيف يربح – إما ربح و إما خسارة – يدخلون عصبيين و يخرجون هادئين- يدخلون بخلاء و يخرجون كرماء- ما أكثر ما دخل حانتي إنسان مسالم و خرج مجرما – قد نلتقي أو لا نلتقي- قد نسافر أو نبقى – يعيش يطول موته – لا تنم ملامحه عن فرح أو حزن – البرزخ المفرح أو المزعج – فضلت أن أكون وحيدا رابحا أو خاسرا – تركت الواقع الإبداعي يتخلق من الوجود و العدم من الملاء و الفراغ من الباطل و المبطل- لم أخسر إلا قدر ما ربحت الإنسان – في خريف العمر إما هو حكيم أو خرف قاطف أو مقطوف – أستحلي ما كان مرا و أستمر طعم ما كان حلوا – لا أتحسر على ما كان لي و أفلته- أذكر و لا أذكر كل شيء – لا بطل منتصرا و لا بطل منهزما – في كل بطولة معبودية – كذلك الأحلام منها القوي و منها الهشيش الشفاف و الضبابي و المفرح و المرعب – كثيرا ما أنارت لنا جزءا من حياتنا المظلم – كل شيء تم كما شئت و كما لم أشأ.
محور الكآبة الكئيب اللعين أصبح هرما مترهلا قبيحا ملطخا بالبراز وحشيا- التهم الموجهة مشبوها أبو الجرائم و حليفها بشاعة جرائمه يغتال الأبرياء- لم يتب عنها- ضعف و تفاهة- الثرثراث الحمقاء الجوفاء – جنون و فتون – لها انحطاطها الذليل – مدنس و ملعون- تسمم و تقرح فيئس و اختنق – الله لم يكن معه أسفا له- القذارة البشرية – يحز أصابعه بموسى أو يحرقها على لهيب شمعة ليتحدى قلقه و ألمه – إنه الهذيان- تخونني شهيتي تتحمض معدتي و أتقيأ الصفراء و أفطس- تمرح و تهلل- تخرف- أسرة منكوبة
محور الشخصيات: نيتشة – لوتريامون – فان غوغ – أنطونان أرطو و استريندبرغ و نيجينسكي بينلوب – أندريه جيد – جان جنيه سنتدال- كامو – جوتة- همنغواي- هامفري بوغارت- بروزغينسبرغ و أورلوفسكي و كيرواك – بولزوجين و تينسي – إميل حبيبي – إلياس خوري – محمد درويش.
على العموم، يمكن اعتبار هذه الروايات الثلاثة نصوصا تقريرية و توثيقية تنقل للقارئ حياة محمد شكري منذ طفولته إلى كهولته، فمحمد شكري يتنقل بين نماذج من الشخصيات المحيطة به لينقل لنا أدق التفاصيل الخاصة بحياتها الجنسية و بعربدتها بأسلوب تصويري فاضح و مباشر. إنه عالم القاع عالم المدمنين و الشواذ و بائعات الهوى الذي ينقله مع كل وجه من الوجوه التي يكشفها لنا. وجوه متعددة لكل منها قصة و مكان و زمان لكنها على الرغم من تعددها تعيش نفس الواقع المتكرر لشخصيات لها نفس الملامح نفس الرؤية و نفس النمط من العيش. شخصيات تعيش خواء روحيا و قيميا.