قرآن مسيلمة الكذاب: ادعاء النبوة يتحول إلى الهزل وسخرية
في تاريخ الأديان والنبوات الكاذبة، يبرز اسم مسيلمة الكذاب بوصفه واحدا من أشهر المدّعين للنبوة في صدر الإسلام. وقد اشتهر بما يُسمّى في التراث الإسلامي بـ “قرآن مسيلمة“، وهو مجموعة من المقاطع التي ادعى أنها وحي يوحى، على غرار القرآن الكريم، لكنها لم تكن سوى صياغات عبثية أثارت السخرية منذ أول لحظة.
- من هو مسيلمة الكذاب؟
كان مسيلمة بن ثمامة الحنفي من بني حنيفة في اليمامة، وادّعى النبوة بعد أن أعلن النبي محمد ﷺ دعوته، محاولا منافسته وجذب أتباع لنفسه. أطلق عليه المسلمون لقب “الكذاب” لتأكيد زيف دعواه. وقد ادّعى أن الله يوحي إليه كما يوحي إلى محمد، وأخذ يُلقي مقاطع تشبه النص القرآني شكلا، لكنها فقدت كل عمق بلاغي أو ديني أو لغوي.
- قرآن مسيلمة الكذاب: محاكاة فاشلة للبلاغة
أشهر ما عُرف عن “قرآن مسيلمة الكذاب” مقطعٌ ساخر يتكرر ذكره في كتب الأدب والفرق، وهو:
“العاجنات عجنا، اللاقمات لقما، الطاحنات طحنا…”
هذا النص الذي يُتداول على نطاق واسع ويُبحث عنه تحت عنوان “العاجنات عجنا“ يُعد نموذجا لما يُسمّى بـ “محاولة المحاكاة”، حيث يحاول المدّعي تقليد النسق القرآني بإيقاع متكلف وسجع مصطنع. لكن سرعان ما تكشّف ضعف اللغة، وهشاشة المعنى، وغياب أي روح إيمانية.
- نقد لغوي وديني لما سُمّي بقرآن مسيلمة
علماء اللغة والبلاغة أجمعوا على أن نصوص مسيلمة الكذاب خالية من أي عمق لغوي أو دقة تركيبية، وأنها لا تُقارن إطلاقا بالقرآن الكريم من حيث:
- الفصاحة
- الإعجاز البياني
- الإيقاع الداخلي
- البناء المعنوي والتشريعي
أما من الناحية الدينية، فإن دعوى النبوة عند مسيلمة كانت مدفوعة بطموح سياسي وقبلي أكثر منها إيمانا برسالة.
- نهاية مسيلمة الكذاب
انتهت دعوى مسيلمة الكذاب في معركة اليمامة سنة 11 هـ، حيث قُتل في واحدة من أعنف المواجهات بعد وفاة النبي محمد ﷺ. وبموته انتهت محاولة التزييف، وبقيت نصوصه تروى كأمثلة على الزيف البياني وسوء الفهم للرسالة السماوية.