أسواق قادرة على التكيف
تبدو للكثيرين فكرة أنْ تَكُون الأسواق المالية متوازنة، أو ذات كفاءة فكرة عبثية بأي حال من الأحوال، لا سيما ونحن نحْيِي الذكرى العاشرة لأزمة عام 2008 المالية، ومع ذلك، تُحْكِم «فرضية كفاءة السوق» ليوجين فاما قبضتها في علم الاقتصاد.
تنص هذه الفرضية على أنْ تتضمن أسعار الأصول المالية كل المعلومات المتاحة، كي يتم دومًا تداوُل هذه الأصول بقيمتها المبررة بشكل موضوعي. ويمكن استنباط المغزى وراء ذلك؛ فإذا وُجِدت معلومات غير مستغَلة، فسيتداولها شخص ما، وبالتالي سيدمجها في سعر السوق.
يَقترِح الاقتصادي آندرو لُو في هذه الدراسة بديلًا لهذه الفرضية، وهو فرضية السوق القادر على التكيف. ويدفع لُو بأنه في أوقات الاستقرار، تصحّ فكرة السوق ذي الكفاءة، لكنْ عندما يحدث انهيار مصرفي مفاجئ، على سبيل المثال، فيمكن عندئذ أن تظهر أنواع أخرى من سلوكيات المستثمرين، مثل البيع تحت وطأة الذعر. ويستند لُو بشكل مكثف إلى العلوم العصبية، وعلم النفس، وعلم الأحياء التطوري في تطوير نظريته المعقدة.
يُقرّ لُو بأنه لا يزال هناك الكثير مما ينبغي فهمه، لكنّ قراءة هذا الكتاب آسِرَة؛ إذ إنه يضع – على نحو مُقْنِع – السلوك المالي داخل إطار ما نعرفه عن السلوك الإنساني، وتاريخ التطور. ويخلص لُو إلى ما هو أكثر من ذلك،
وهو أنه من الممكن أن تفيد نظريته في تنظيم الأسواق المالية؛ كي تقوم بنفع المجتمع، عن طريق توجيه الاستثمارات نحو معالجة المشكلات الكبرى، مثل التغيّر المناخي، بدلًا من التداول قصير الأجل المدمر من الناحية الاجتماعية، الذي أدّى إلى الانهيار المالي في عام 2008.
- ترجمـــة:
ديان كويل: أستاذة في معهد بِنيت للسياسات العامة في جامعة كمبريدج بالمملكة المتحدة.
المصدر : مجلة نيتشـر العلمية / النسخة العربية.