البحث العلميعلوم

«بنيامين ليست» و«ديفيد ماكميلان» يفوزان بجائزة نوبل في الكيمياء لعام 2021

أعلنت “الأكاديمية السويدية الملكية للعلوم” اليوم “الأربعاء”، 6 أكتوبر، فوز كلٍّ من العالِمين الألماني «بنيامين ليست» والأمريكي «ديفيد ماكميلان»  لدورهما في تطوير طريقة جديدة دقيقة لبناء الجزيئات تعرف باسم “التحفيز العضوي غير المتماثل”.

ولد “ليست” في ألمانيا عام 1968 ويعمل في معهد ماكس بلانك في ألمانيا؛ بينما ولد “ديفيد ماكميلان” –الاسكتلندي المولد الأمريكي الجنسية- عام 1968. ويعمل بجامعة برينستون الأمريكية.

ويعتمد التحفيز العضوي غير المتماثل -الذي حصل على جائزة في الكيمياء لعام 2021، على أخذ عمليات البناء الجزيئي إلى مستوى جديد تمامًا. فهو لم يجعل الكيمياء أكثر اخضرارًا فحسب، بل سهّل أيضًا إنتاج جزيئات غير متماثلة. وتطوير عوامل التحفيز العضوي، باستخدام هذه التفاعلات، يساعد للباحثين الآن على بناء أي شيء بكفاءة أكبر بدءا من الأدوية الجديدة إلى الجزيئات التي يمكنها التقاط الضوء في الخلايا الشمسية.

وبناء الجزيئات هو أحد الفنون الصعبة التي لديها تأثير كبير على الأبحاث الصيدلانية وجعل الكيمياء أكثر اخضرارًا. وتعتمد العديد من مجالات البحث والصناعات على قدرة الكيميائيين على بناء جزيئات يمكنها تكوين مواد مرنة قابلة للتداول، أو تخزين الطاقة في البطاريات أو منع تطور الأمراض.

ويتطلب هذا العمل ما يعرف بالمحفزات، وهي مواد تتحكم في التفاعلات الكيميائية ومعدل سرعتها دون أن تصبح جزءًا من المنتج النهائي. فعلى سبيل المثال، تقوم المحفزات في السيارات بتحويل المواد السامة في أبخرة العادم إلى جزيئات غير ضارة. كما تحتوي أجسامنا أيضًا على آلاف المحفزات كالإنزيمات مثلا.

وبالتالي، فإن المحفزات هي أدوات أساسية للكيميائيين. لكن الباحثين اعتقدوا منذ فترة طويلة أنه يوجد، من حيث المبدأ، نوعان فقط من المحفزات المتاحة: فلزية غير عضوية والإنزيمات. ومن هنا تأتي أهمية الدور الذي قام به الفائزان بجائزة نوبل للكيمياء لعام 2012؛ لأنهما في عام 2000، وبشكل مستقل عن بعضهما البعض، طورا نوعًا ثالثًا من الحفز. يطلق عليه التحفيز العضوي غير المتماثل ويبني على جزيئات عضوية صغيرة.

وتطور التحفز العضوي بسرعة مذهلة منذ عام 2000؛ إذ ظل بنيامين ليست وديفيد ماكميلان رائدين في هذا المجال، وأظهرا أنه يمكن استخدام المحفزات العضوية لتحريك العديد من التفاعلات الكيميائية.

وباستخدام هذه التفاعلات، يمكن للباحثين الآن بناء أي شيء بكفاءة أكبر من الأدوية الجديدة إلى الجزيئات التي يمكنها التقاط الضوء في الخلايا الشمسية. وبهذه الطريقة، تحقق المحفزات العضوية أكبر فائدة للبشرية.

يقول رئيس لجنة نوبل للكيمياء “يوهان أكفيست”: هذا المفهوم للحفز الكيميائي بسيط بقدر ما هو مبتكر. والحقيقة هي أن العديد من الناس تساءلوا لماذا لم نفكر في الأمر من قبل.

وتحتوي المحفزات العضوية على إطار ثابت من ذرات الكربون، يمكن أن تلتصق به مجموعات كيميائية أكثر نشاطًا. وغالبًا ما تحتوي على عناصر شائعة مثل الأكسجين أو النيتروجين أو الكبريت أو الفوسفور. وهذا يعني أن هذه المحفزات صديقة للبيئة ورخيصة الإنتاج.

ويرجع التوسع السريع في استخدام المحفزات العضوية بشكل أساسي إلى قدرتها على دفع عمليات الحفز غير المتماثل. وعندما يتم بناء الجزيئات، غالبًا ما تنتج مركبات صورة طبق الأصل من بعضها. وغالبًا ما يريد الكيميائيون واحدًا فقط من هذه المركبات، خاصة عند إنتاج المستحضرات الصيدلانية.

من جهته، يقول “ليست” في تصريحات عقب فوزه بالجائزة: سعيد جدا بالفوز بتلك الجائزة. ولقد سألت نفسي بعد علمي بالخبر عما يمكنني فعله بعد الفوز بنوبل للكيمياء. وكانت الإجابة أنه يجب أن تكون لدينا الرغبة في الوصول إلى أقصى نقطة يمكننا الوصول إليها. ومنحي تلك الجائزة سيكون حافزا لي ولزملائي في معهد ماكس بلانك في ألمانيا لكي نفعل الكثير.

وجائزة “نوبل للكيمياء” هي إحدى جوائز نوبل التي أوصى بها “ألفريد نوبل”، مخترع الديناميت الذي توفي عام 1896، وكانت أولى جوائزها من نصيب العالم الهولندي الجنسية “ياكوبس فانت هوف” الذي حصل عليها عام 1901 لاكتشافه لقوانين الديناميكيات الكيميائية والضغط الإسموزي في المحاليل، وتم حجبها لثماني سنوات هي: 1916، 1917، 1919، 1924، 1933، 1940، 1941، 1942، وتم منح الجائزة بشكل فردي 63 مرة، وتقاسمها فائزان 23 مرة، فيما تمت مشاركتها بين 3 فائزين في 23 مناسبة.

ووفق الموقع الرسمي لجائزة نوبل، فقد تم منح 112 من الجوائز في مجال الكيمياء في الفترة من عام 1901 وحتى عام 2020، ويبلغ إجمالي عدد الحاصلين على الجائزة 186 فردًا، إذ حصل عليها عالم الكيمياء الحيوية إنجليزي الجنسية “فريدريك سانجر” مرتين: الأولى عام 1958 لاكتشافه تركيب جزيء الإنسولين، والثانية عام 1980، إذ حصل عليها مع كلٍّ من “بول بيرج” و”والتر جيلبرت” لإسهاماته في تحديد تتابع قواعد الأحماض النووية، وهو الشخص الوحيد حتى الآن الذي يحصد جائزتي نوبل في مجال الكيمياء.

وبلغ متوسط أعمار الحاصلين على جائزة “نوبل للكيمياء” 58 عامًا، وكان أصغر الحاصلين عليها العالم “فريدريك جوليوت”، الذي نالها عام 1935 مناصفةً مع زوجته وهو في عامه الـ35.

وشهد الإعلان عن جائزة نوبل للكيمياء لعام 2019 تحطيم “”جون بي. جودنوف” للرقم المسجل باسم العالم الأمريكي “جون بينيت فين” الذي حصل على نوبل للكيمياء عام 2002 عن عمر بلغ 85 عامًا؛ لأعماله في مجال تطوير أساليب لتحديد وتحليل بنية الجزيئات البيولوجية؛ إذ بلغ عمر “جودنوف”، المولود عام 1922، 97 عامًا، ليصبح أكبر الحاصلين على جوائز نوبل بصورة عامة.

وبلغ عدد النساء الحاصلات عليها، بعد حصول “فرانسيس أرنولد” أمس، 7 سيدات، إذ كانت عالِمة الفيزياء والكيمياء البولندية المولد “ماري كوري”، أول سيدة تحصل عليها بالمشاركة مع زوجها “بيار كوري” في عام 1911 لاكتشافهما عنصري البولونيوم والراديوم. وتُعَد “كوري” الوحيدة التي جمعت بين الفوز بجائزة “نوبل للكيمياء” والفوز بجائزة في فرع آخر، إذ نالت جائزة “نوبل للفيزياء” لعام 1903.

والعجيب أن ابنتها “إيرين جوليوت” كررت السيناريو نفسه، إذ نالت جائزة نوبل في الكيمياء في عام 1935 مناصفة مع زوجها “فريدريك جوليوت” لاكتشافهما النشاط الإشعاعي الاصطناعي، واختارا الاعتراف بجميل “الأم” من خلال إطلاق الوحدة (كوري) لقياس النشاط الإشعاعي، وكذلك إطلاق اسمها على عنصر “الكوريوم”.

أما الثالثة فهي عالِمة الكيمياء الحيوية البريطانية “دوروثي كروفوت هودجكن”، التي يرجع إليها الفضل في تطوير دراسة البلورات بالأشعة السينية، وقد مُنِحت جائزة نوبل في الكيمياء عام 1964.

وقدمت “هودجكن” تقنية دراسة البلورات بالأشعة السينية، وهي طريقة تُستخدم لتحديد هياكل ثلاثية الأبعاد من الجزيئات الحيوية، ما ساعدها على التأكد من بنية أو هيكلة البنسلين التي وضع فرضياتها العالمان “إرنست تشين” و”إدوارد إبراهام”، وبعد ذلك هيكل فيتامين بي 12، ما جعلها تُصبح ثالث امرأة تفوز بجائزة نوبل في الكيمياء.

وقد وُلدت “هودجكن” بالقاهرة في 12 مايو 1910، وهي ابنة لعالمي الآثار “جون كروفوت” و”جرايس كروفوت”، وعاشت أول أربع سنوات من عمرها مع الجالية الإنجليزية في مصر.

كما حصلت على الجائزة الإسرائيلية “أدا يونث”، التي نالتها عام 2009 مشاركةً مع الأمريكيين “فينكاترامان راماكريشنان” و”توماس ستايتز”؛ لأبحاثهم في مجال تركيب ووظائف الريبوسوم.

وفي العام الماضي علنت “الأكاديمية السويدية الملكية للعلوم” فوز كلٍّ من العالِمتين الفرنسية “إيمانويل شاربنتييه” والأمريكية “جينيفر دودنا” بجائزة نوبل في الكيمياء لعام 2020؛ لابتكارهما تقنية “كريسبر 9” لتحرير الجينوم.

وجاء فوز العالمتين بجائزة نوبل لعام 2020 في الكيمياء رقم 112 ليرتفع عدد السيدات الحاصلات عليها إلى سبع عالمات من بين 186 فائزًا.

يُذكر أن العالِم المصري الراحل “أحمد زويل” هو العالِم العربي الوحيد الذي نال جائزة “نوبل للكيمياء”، وذلك عام 1999، عن ابتكاره كاميرا “الفيمتو ثانية”، التي تستطيع رصد حركة الجزيئات عند تكوينها، كاشفةً عن الكيفية التي تتشكل بها الروابط الكيميائية في الزمن الحقيقي.


بقلم هاني زايد، أحمد حسن بلح، نقلا عن مجلة للعلم  

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى