دليل النساء: ديوان شعري إغريقي مفقود
“دليل النساء” (Γυναικῶν Κατάλογος)، المعروف بالإغريقية القديمة باسم جينيكون كاتالوغوس، هو عمل شعري يوناني من العصور الكلاسيكية، يثير اهتمام الباحثين والمهتمين بالأساطير الإغريقية حتى اليوم.
نسبت هذه القصيدة الملحمية إلى الشاعر الإغريقي هسيود، رغم وجود إشارات إلى أنها قد تحتوي على إضافات من عصور لاحقة أو كتاب آخرين. ويعد هذا العمل من أبرز النصوص الملحمية التي تستكشف أصول السلالات والأساطير المرتبطة بالشخصيات النسائية في الميثولوجيا الإغريقية.
- محتوى وأسلوب القصيدة
تشكل قصيدة “دليل النساء” ملحمة شعرية مقسمة إلى خمسة كتب، كل منها يتألف من حوالي ألف بيت شعري. تتبنى القصيدة الأسلوب الملحمي المستخدم في أعمال هوميروس، حيث تمزج بين الشعر السردي ووصف الشخصيات.
تركز الملحمة على ذكر السلالات النسائية في الأساطير الإغريقية، وتروي قصص النساء البارزات اللاتي شكّلن تاريخ الأساطير وأثرن في تطور الحضارة اليونانية، مثل هيلين وباندورا.
كما تتناول القصيدة الأنساب التي تربط النساء بالآلهة والرجال، مما يجعلها أحد المصادر الأساسية لفهم البنية الاجتماعية والدينية للمجتمع الإغريقي القديم.
- تاريخ التدوين وأهمية التحقيق
تُعتبر القصيدة من النصوص المثيرة للجدل بشأن تاريخها الدقيق. أظهرت دراسات المؤرخ ريتشارد جانكو أن أسلوب الكتابة يشير إلى أن العمل قد يكون قريبًا من فترة كتابة قصيدة “ثيوغونيا”، حوالي عام 700 ق.م. ومع ذلك، يقترح باحثون آخرون تواريخ مختلفة، مثل الفترة بين 580 و520 ق.م، مستندين إلى الإشارات التاريخية التي تضمنتها القصيدة.
القصيدة لم تسجل بشكل كامل حتى القرن السادس ق.م، مما أدى إلى تغييرات في بعض أجزائها عبر الزمن. ولهذا، يُعتبر هذا العمل نموذجًا للتراث الشفهي الذي تطور قبل أن يتم تدوينه.
- الأهمية والتأثير الثقافي
ساهمت القصيدة في تعزيز الفهم التاريخي للميثولوجيا الإغريقية ونسائها الأسطوريات. وُجدت أجزاء من “دليل النساء” على أوراق البردي في مصر القديمة، مما يوضح شعبيتها في العالم القديم.
واستلهم العديد من الكتاب الأوروبيين في العصور الوسطى والنهضة، مثل جيوفاني بوكاتشيو، روح الملحمة لإنتاج أعمال أدبية تتناول النساء ودورهن في التاريخ.
- إعادة إحياء العمل
في العصر الحديث، بدأ الباحثون بإعادة بناء القصيدة المفقودة من خلال النصوص المتبقية والمراجع التاريخية. وأُصدرت عدة طبعات، أبرزها طبعة ميركلباخ وويست (1967-1990) وطبعة هيرسخبيرجر (2004)، مما جعل هذا النص مصدرًا غنيًا للباحثين والمهتمين بالأساطير الإغريقية.