- العراق: الطموح النووي الذي أوقفته الحروب
في السبعينيات والثمانينيات، سعى العراق إلى تطوير برنامج نووي طموح بقيادة نظام صدام حسين. بدأ المشروع ببناء مفاعل “تموز 1” بمساعدة فرنسية، وكان من المقرر أن يكون أداةً لدعم قدرات البلاد النووية.
لكن الضربة الجوية الإسرائيلية عام 1981 على المفاعل العراقي ضمن عملية “أوبرا” قضت على أحلام العراق النووية.
تبع ذلك عقوبات دولية صارمة بعد حرب الخليج، مما أدى إلى تفكيك البرنامج بالكامل. ورغم الحديث عن استئناف جهود نووية بعد ذلك، إلا أن العراق لم يستطع تحقيق طموحاته بسبب الضغوط الدولية وعدم الاستقرار الداخلي.
هذا الفشل يشكل مثالاً درامياً على التحديات الجيوسياسية والضغوط الدولية التي تواجه أي دولة عربية تسعى لتطوير برنامج نووي.
- المغرب: أبحاث نووية تحت مظلة الاستخدام السلمي
يمتلك المغرب مفاعلاً نووياً بحثياً في منطقة “المعمورة“، بُني بدعم من الوكالة الدولية للطاقة الذرية عام 2007. يُستخدم المفاعل لأغراض بحثية بحتة، منها دراسة التطبيقات النووية في مجالات الزراعة والطب والصناعة.
رغم أن المغرب لا يمتلك برنامجاً نووياً لتوليد الطاقة أو للأغراض العسكرية، فإن هذا المفاعل يعكس اهتماماً بالاستفادة من التكنولوجيا النووية لأغراض التنمية.
ويسعى المغرب للالتزام بالمعايير الدولية، وضمان الشفافية في استخدام الطاقة النووية، مما يجعله نموذجاً لتطبيقات سلمية في العالم العربي.
- ليبيا: الطموح النووي المجهض
في عهد معمر القذافي، أعلنت ليبيا عن رغبتها في تطوير برنامج نووي لأغراض سلمية. لكن البرنامج لم يشهد تقدماً كبيراً بسبب قلة البنية التحتية والتكنولوجيا اللازمة.
في عام 2003، أوقفت ليبيا أي خطط لتطوير قدرات نووية بعد اتفاق مع القوى الغربية، حيث قامت بتفكيك المعدات المتعلقة بالمشروع.
القصة الليبية تبرز كيف أن الضغوط الدولية والاستحقاقات السياسية، يمكن أن تكون عاملاً حاسماً في إجهاض الطموحات النووية لأي دولة.
- مصر: الرائد الذي لم يكتمل
بدأت مصر الاهتمام بالطاقة النووية منذ الستينيات مع إنشاء مفاعل “أنشاص” للأبحاث. ورغم الحماس في العقود الماضية، لم يتحقق مشروع محطة “الضبعة” النووية إلا مؤخراً بعد عقود من التأخير.
تشير تجربة مصر إلى صعوبة بناء برنامج نووي متكامل في ظل تحديات التمويل، السياسة الدولية، وتوفير التكنولوجيا. ومع ذلك، يظل مشروع “الضبعة” خطوة نحو تحقيق أمن الطاقة في المستقبل.
- السعودية: خطوات نحو برنامج نووي متكامل في إطار رؤية 2030
ضمن رؤية 2030، تتبنى السعودية مشروعاً طموحاً لبناء أول محطة نووية لتوليد الكهرباء. وعلى الرغم من عدم وجود برنامج نووي متكامل بعد، تسعى المملكة لاستكشاف مصادر جديدة للطاقة تواكب تطلعاتها الاقتصادية والسياسية.
البرنامج النووي السعودي يثير اهتماماً دولياً، حيث يُنظر إليه كخطوة استراتيجية في ظل التغيرات في سوق الطاقة العالمي.
- الجزائر: إمكانيات غير مستغلة
تملك الجزائر خبرة طويلة في مجال الأبحاث النووية مع وجود مفاعلي “نور” و”السلام”. رغم ذلك، لم تتمكن البلاد من تطوير برنامج نووي متكامل لتوليد الكهرباء.
تُظهر التجربة الجزائرية أن امتلاك الموارد الطبيعية (مثل اليورانيوم) لا يكفي لتحقيق طموحات نووية، إذ تتطلب المشاريع النووية استقراراً سياسياً واستثمارات كبيرة.
- الأردن: مشروع نووي يتعثر
بدأ الأردن في أوائل القرن الحادي والعشرين بالتخطيط لإنشاء محطة نووية، لكنه واجه صعوبات تقنية واقتصادية حالت دون التنفيذ. ومع ذلك، يواصل الأردن استكشاف الطاقة النووية كجزء من خططه لتقليل الاعتماد على الطاقة المستوردة.
الطاقة النووية في الدول العربية مليئة بالجدل والطموحات غير المكتملة.
- السودان: مشروع نووي مؤجل
أعلن السودان في العقدين الأخيرين، عن اهتمامه بالطاقة النووية لتلبية احتياجاته المتزايدة من الكهرباء. في 2010، وقّع السودان اتفاقية مع روسيا لدراسة إمكانية إنشاء محطة نووية، وتكررت الخطط في إطار شراكة مع الصين عام 2018.
- لبنان: مشاريع لم ترَ النور
في ستينيات القرن العشرين، ظهرت دعوات في لبنان لإنشاء مفاعل نووي للأبحاث ولإنتاج الكهرباء، وذلك استجابة لتزايد الطلب على الطاقة. رغم هذه المحاولات، لم تتجاوز البلاد مرحلة الدراسات الأولية.
الحروب الأهلية المتكررة والتدهور الاقتصادي حالا دون تحقيق أي تقدم في هذا المجال. ومع غياب الاستقرار السياسي واستمرار الأزمات الاقتصادية، تبقى الطاقة النووية خياراً بعيد المنال في لبنان.
- تونس: خطوات متواضعة
منذ السبعينيات، بدأت تونس في استكشاف إمكانية استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية. أبرمت اتفاقيات مع دول مثل فرنسا وروسيا لدراسة تطبيقات الطاقة النووية في مجالات الزراعة والصناعة.
ورغم امتلاكها لمراكز أبحاث صغيرة، لم تطلق تونس مشروعاً متكاملاً لإنشاء محطات نووية. يعود ذلك إلى محدودية الموارد المالية واعتمادها بشكل رئيسي على مصادر طاقة متجددة مثل الشمس والرياح، مما يجعل الطاقة النووية خياراً غير ضروري حالياً.
- اليمن: طموحات أجهضتها الحرب
في الثمانينيات، برزت خطط لإنشاء مركز أبحاث نووي في اليمن لأغراض سلمية، إلا أن هذه الطموحات لم تتحول إلى مشاريع فعلية. مع اندلاع الحرب المستمرة منذ عام 2015، توقفت أي مبادرات تنموية كبرى، بما في ذلك مشاريع الطاقة النووية. وفي ظل الوضع الحالي، تبدو الطاقة النووية بعيدة تماماً عن الواقع التنموي في اليمن.
- سوريا: طموحات انتهت بضربة جوية
في أوائل القرن الحادي والعشرين، بدأت سوريا العمل على بناء مفاعل نووي في منطقة الكُبر بمساعدة تقنية من كوريا الشمالية. كان هذا البرنامج يتم في سرية تامة، إلا أنه تعرض لضربة جوية إسرائيلية ضمن عملية “بستان” عام 2007، أدت إلى تدمير المفاعل بالكامل.
منذ ذلك الحين، لم تُعلن سوريا عن أي خطط جديدة للطاقة النووية، واستمرت في الاعتماد على مصادر تقليدية للطاقة.
نظرة عامة حول مشاريع الطاقة النووية في بقية الدول العربية
– الكويت وقطر: تمتلكان مراكز أبحاث نووية صغيرة تُستخدم لأغراض سلمية، لكنهما لم تضعا خططاً لإنشاء محطات طاقة نووية.
– عُمان والبحرين: تعتمدان بشكل أساسي على النفط والغاز ولا تملكان طموحات نووية واضحة.
– موريتانيا وجزر القمر: تعاني هذه الدول من ضعف البنية التحتية والاقتصاد، ما يجعل مشاريع الطاقة النووية بعيدة عن متناولها.
- لماذا لا توجد برامج نووية عربية متكاملة؟
– التحديات السياسية: الصراعات الداخلية والضغوط الدولية.
– الاقتصادية: الكلفة العالية لبناء وتشغيل محطات نووية.
– التقنية: نقص الكفاءات والخبرات في المجال النووي.
– الجيوسياسية: التهديدات الأمنية والاعتراضات الدولية، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط.