الجزيرة العربيةتاريخ

الحرب القطرية البحرينية

الحرب القطرية البحرينية؛ نزاع مسلح وقع بين البحرين وقطر، وقد كان الصراع انتهاكًا صارخًا لهدنة 1835، والذي أدى إلى التدخل البريطاني، فاتفقت الدولتان على هدنة بوساطة المملكة المتحدة، مما أدى إلى اعتراف المملكة المتحدة بآل ثاني كحكام لقطر. وقد أدى هذا الصراع إلى تدمير أجزاءٍ واسعة في كلتا الدولتين.


  • الخلفية

تتميز منطقة الخليج العربي بموقع استراتيجي، كونها نقطة تجارية وملاحية مهمة بين الشرق والغرب، على الطريق التي تصل الهند بأوروبا، فضلا عن غناها بمصائد اللؤلؤ الثمين، لذلك كانت ومازالت محط أطماع وصراع القوى الإقليمية والدولية، منذ أن سيطر عليها العتوب من آل خليفة عام 1783.


ولما كانت بريطانيا تسعى للانفراد بالمنطقة، ولاسيما البحرين، اتبعت سلسلة من الإجراءات لتحقيق هذه الغاية؛ أولها: استخدام القوة العسكرية؛ حيث أرسلت حملة عسكرية عام 1819 حطمت قوة القواسم منافسيها في الميدان التجاري، متذرعة بمحاربة القرصنة ومكافحة الرق.


وثانيها: ربط إمارات الخليج العربي بسلسلة من الاتفاقيات؛ على رأسها المعاهدة العامة للسلام 1820، واتفاقية مكافحة الرق عام 1847، والهدنة الدائمة للسلام والصداقة عام 1861.


تعتبر هذه مرحلة مهمة من مراحل تاريخ منطقة الخليج العربي في القرن التاسع عشر، خاصة بين بلدين كانا يشكلان كيانًا سياسيًّا واحدًا؛ هما: البحرين وقطر، وطالما اختلفا واتفقا.


كجزء من طبيعة المنطقة القبلية غير المستقرة، التي زاد من عدم استقرارها تدخل بريطانيا بهدف الحفاظ على مصالحها من جهة، وتفتيت المنطقة إلى كيانات متصارعة ضعيفة تجعل منها الحكم والقوة وصاحبة اليد الطولى للتدخل في شؤونها من جهة أخرى.


  • أسباب الحرب

كان هناك العديد من الأسباب وراء الحرب القطرية البحرينية خلال عامي 1867-1868؛ منها التنافس البحريني السعودي والعثماني والفارسي على المنطقة، فقد أعقب زيارة العقيد لويس بيلي المقيم السياسي البريطاني في الخليج العربي في مدينة بوشهر للبحرين في يناير 1865.


تدهور في العلاقات البحرينية السعودية، بسبب وجود شكوك حول تفاهم بين شيخ البحرين محمد بن خليفة بن سلمان آل خليفة والسعوديين، فعملت على تحجيم شيخ البحرين في حال أنه رمى بنفسه في جانب الإمام السعودي عبد الله بن فيصل بن تركي آل سعود.


وعلى الرغم من أن الشيخ قد قدم ولاءه للبريطانيين، وأعرب عن رغبته في أن يكون بعيدا عن آل سعود، لم يثق المقيم البريطاني في كلامه، لذلك كلفته حكومة الهند البريطانية بتقديم تقرير عن الموقف السياسي للبحرين.


كانت نتيجة التحقيقات التي أجراها بيلي أن شيخ البحرين يعتبر نفسه مستقلا عن السعوديين فيما يتعلق بجزر البحرين، إلا أنه يدفع للإمام السعودي مبلغ 4000 دولار(كان يستخدم دولار ماريا تيريزا نسبة إلى الملكة ماريا تيريزا التي حكمت أرشدوقية النمسا.


وهو من الفضة، ويعادل شلنًا إنجليزيًّا، أو ما يقارب 1.4 روبية) سنويا كي يمنع القبائل العربية الواقعة تحت نفوذه من التعدي على قطر، مذكرا الحكومة الهندية بقرارها الصادر عام 1847 بضرورة تصدي البحرية البريطانية لأية محاولة اعتداء على البحرين.


وأمرها الصادر عام 1853 بوجوب وضع كل العوائق أمام طموحات الإمام السعودي في البحرين، باعتباره وكيلا للدولة العثمانية، فضلا عن قبول وزير الخارجية البريطاني جون رسل عام 1861 للرأي القائل بأنه ينبغي الاعتراف باستقلال البحرين، والإبقاء على التعاقدات بين شيخ البحرين والحكومة البريطانية.


وعلى هذا الأساس عملت الحكومة البريطانية على إبعاد العثمانيين عن البحرين، وتحجيم قوة الإمام السعودي كونه تابعا لهم؛ فأعلنت حكومة الهند في مارس 1867 أن الشيخ مستقل عن جميع القوى الأخرى فيما يتعلق بممتلكاته بما فيها الجزر.


ولا يدين بالولاء للسعوديين إلا في حالة قطر التي يوجد فيها للإمام السعودي ممثل خاص. وإضافة إلى ما سبق سوء إدارة الوالي محمد بن أحمد آل خليفة ابن عم شيخ البحرين وعامل آل خليفة في قطر، وعدم قبوله من قبل السكان، خاصةً أن تعيينه جاء مكان محمد بن ثاني المحبوب لدى القطريين.


إضافة إلى إثقاله كاهل السكان بالضرائب. مما يشير إلى أن هناك رغبة من آل ثاني للتخلص من والي آل خليفة، والهيمنة على الزعامة في قطر، بعد زيادة نفوذهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي، خاصة بعد مقتل زعيم القبيلة التي ينتمون إليها عيسى بن طريف.


ونظرة متفحصة للأحداث يمكن أن توصلنا إلى حقيقة تزوع القبائل القطرية إلى الاستقلال، بعد التطورات المحلية والإقليمية الكبيرة التي حدثت منذ عام 1840، التي أشعرت هذه القبائل بحقها في الاستقلال؛ منها: الحرب الأهلية بين آل خليفة على السلطة.


إذ ساندت القبائل القطرية بقيادة عيسى بن طريف زعيم آل بن علي محمد بن خليفة بن سلمان آل خليفة للوصول إلى السلطة عام 1843، ثم دعمت نفس القبائل غريمه وأبناءه عام 1847، وظلت هذه القبائل تتأرجح في دعمها للمتنافسين على السلطة تبعا لمصالحها، فضلا عن زيادة نفوذ آل ثاني.


إثر مقتل عيسى بن طريف عام 1847، خاصة بعد تحالفهم مع آل سعود عام 1850، إضافة إلى الرغبة البريطانية في فصل قطر عن البحرين، لتبعد البحرين عن الاحتكاك مع آل سعود، وخلق إمارة جديدة تكون شوكة في خاصرة آل سعود.


ويعود السبب المباشر للحرب إلى أن قافلة تجارية من قبيلة النعيم دخلت الوكرة عام 1866 فتعدى عليها موظفو الوالي، ولما قدم رئيسهم علي بن ثامر شكوى إلى أحمد بن محمد آل خليفة، ممثل شيخ البحرين في قطر.


أمر بوضعه في السجن بدلًا من إنصافه، لإساءته الكلام معه، فطالب شيوخ الوكرة والبدع والبدور ودونغا والدوحة بالإفراج عن السجين، ولكن دون نتيجة، فاستنجدوا بجاسم بن محمد بن ثاني الذي جمع جيشا وتوجه إلى الوكرة وحاصرها، مما أدى إلى هروب أحمد بن محمد آل خليفة.


وحاول جاسم بن محمد بن ثاني استغلال هذه الحادثة لصالحه؛ فخير حاكم البحرين بين عزل عامله وإطلاق سراح السجين ومنح قطر استقلالًا إداريًّا، أو الاتجاه إلى آل سعود، فغضب محمد بن خليفة بن سلمان آل خليفة، وجهز جيشا بقيادة إبراهيم بن علي آل خليفة عام 1866، غير أن أعمال النهب التي قامت بها هذه الحملة زادت الشرخ بين الطرفين بدلًا من أن ترأبه.


لجأ شيخ البحرين إلى الحيلة للإيقاع بالثائرين؛ فأصدر قرارا بالإفراج عن شيخ النعيم، وأرسل رسالة ودية إلى كبار شيوخ قطر، تضمنت دعوة رسمية لهم لزيارته. واستجابة لهذه الدعوة أرسل القطريون راشد بن صبحور وزعماء آل النعيم إلى البحرين لشرح الأمور والاعتذار.


حيث بالغ في إكرامهم استدراجا لجاسم بن محمد بن ثاني لزيارة البحرين، وتأكيدا لحسن النية وعد شيخ البحرين بالحفاظ على السلام مع أهل قطر، ودعا جاسم بن محمد بن ثاني لزيارة البحرين لوضع بعض الترتيبات المتعلقة بتسيير شؤون قطر، فلبى جاسم بن محمد بن ثاني الدعوة، إلا أن شيخ البحرين نكث بالوعد وسجنه.


وكان مبرر شيخ البحرين لهذه الحرب أن سكان قطر من رعاياه، وله الحق بإخضاعهم لتمردهم على سلطته. أما بريطانيا فرأت أنه لا يجوز لشيخ البحرين أن يقوم بأية عمليات قتالية بدون تصريح من المقيم البريطاني، لأنهم يرون ادعاءه أن قطر خاضعة له كان بلا سند.


وأن حملته لم تدمر الحياة والأملاك والأمن في الخليج العربي فحسب، بل إنه كان مصدرًا للاضطرابات منذ سنوات طويلة.


وعلل المقيم البريطاني جرأة شيوخ إمارات الساحل المتصالح على انتهاك السلام البحري بسحب السفن الثقيلة للبحرية الهندية، التي كانت تستخدم باستمرار لمراقبة هذه المياه؛ إذ لم يبقَ سوى قارب حربي واحد (هيوج روز)، الذي كان عاجزا عن توفير الأمن.


ويتضح مما سبق أن هناك أسبابًا عديدة مباشرة وغير مباشرة أدت إلى اندلاع الحرب القطرية البحرينية؛ أهمها: التنافس الإقليمي والدولي على المنطقة، وسعي القطريين إلى الاستقلال، وميولهم إلى السعوديين وخاصة آل ثاني.


فضلا عن خشية بريطانيا من المطامح السعودية بالاستيلاء على البحرين، ومن تصاعد النزاع الذي قد يجر إلى تزايد التنافس الإقليمي والدولي على البحرين، مما دفعها إلى اتباع سياسة الحزم تجاه الهجوم البحريني على قطر.


  • مجريات الحرب

دفعت التطورات السابقة الذكر إلى قيام شيخ البحرين محمد بن خليفة بن سلمان آل خليفة بإرسال قوة قوامها 500 رجل، تقلهم 24 سفينة، تحت قيادة أخيه علي بن خليفة آل خليفة إلى رأس لفان، وقوة تدخل بري قوامها 200 رجل، تحت قيادة أحمد بن محمد بن سليمان.


وفي الوقت نفسه طلب شيخ البحرين المساعدة من شيخ إمارة دبي حشر بن مكتوم آل مكتوم وشيخ إمارة أبوظبي زايد بن خليفة آل نهيان، لشعوره بالعجز عن إعادة السيطرة على قطر دون مساعدتهما.


إلا أن شيخ دبي رفض الاستجابة للنداء، نزولا عند نصيحة الوكيل البريطاني بعدم خرق الهدنة البحرية، بينما استجاب شيخ أبوظبي زايد بن خليفة آل نهيان للنداء، وأرسل قوة قوامها حوالي 2000 رجل مسلح في 70 قاربا مع قطع ميدانية وذخائر حربية.


دون الرجوع للمقيم البريطاني في بوشهر، وفي كمين له استولى الأسطول البحريني في طريقه إلى رأس لفان على 40 من قوارب قطر، كما استولى على سفينة تابعة لمواطنين بريطانيين، وأخذت سفينة من سفن الأسطول تقوم بعمليات النهب برا وبحرا.


شعر القطريون بالقلق الشديد عندما رأوا أسطول أبوظبي، فشرعوا في جمع أغراضهم في السفن استعداد للفرار، وأرسل محمد بن ثاني إلى علي بن خليفة آل خليفة مسترحما.


فوعده بعدم التعدي شريطة أن يرفعوا الرايات البيضاء ويلقوا السلاح مقابل عدم التعدي عليهم، فركنوا إلى الهدوء وعدم الشك بنواياه، ليتبين لهم أنها كانت مجرد خدعة لحين وصول أسطول البحرين إلى الوكرة.


وبالرغم من أن شيوخ قطر استقبلوا أبناء شيخ البحرين وأحمد وقواتهما البرية بطريقة ودية في بيوتهم قامت الأساطيل المتحالفة بعد يومين من ظهورها في الوكرة بمحاصرة سكان الساحل، ثم نزعت قوات أحمد سلاحهم واستولت على السفن في الموانئ.


ونهبت بلدات الوكرة والبدور والدوحة ودونغا والبدع ودوهو، وحث شيخ أبوظبي السكان على إرسال أغراضهم على متن القوارب في ظل وعد منه بعدم التعدي، فشرعوا في تحميل ممتلكاتهم على متن القوارب إلا أنه هاجمها ونهبها.


أخذت قوات البحرين كل ما أرادت، كما استولت قوات أبوظبي على أسقف البيوت الخشبية بعد أن عملت على تفكيكها، وحملت العوارض الخشبية والأبواب مع أعمدة النخيل، فضلا عن القوارب والأواني المنزلية التي تركها أصحابها.


وانتهى الأمر بأغلبية سكان ساحل قطر إلى الشتات واللجوء إلى الموانئ العربية والفارسية، وبلغ تقدير إجمالي قيمة الممتلكات التي نهبت حوالي واحد لك من القرانات؛ (القران هي عملة فضية فارسية، وكل 360 قران يعادل 100 روبية تقريبا، وهي تعادل في قيمتها ريال الحجاز).


ووصل إلى مسامع القوات البحرينية معلومات تشير إلى أن أهل قطر قد نقلوا الأملاك وأسراب الطيور وقطعان الماشية إلى الداخل ووضعوها عند آل نعيم، فأرسلت قوة تتكون من العجمان والمناصير وهاجر بقيادة والي البحرين على قطر، إلا أن هذه القوة هُزمت وقتل الوالي محمد بن أحمد آل خليفة في موقعة الحمرور.


وكان أهل قطر أثناء الهجوم يتكونون من خمس قبائل، وهي: السودان وعلي بوكوارة ومسلم ونعيم الوكرة وعلي بو أمين الوكرة، موزعين بصورة متناثرة، إلا أنهم فروا إلى مناطق مختلفة؛ فقد فرت قبيلة السودان إلى البحرين.


وقبيلة علي بوكوارة إلى البحرين ولنجة، وقبيلة آل مسلم إلى أبوظبي والبحرين، فيما لجأ العدد الأكبر من قبيلة النعيم إلى عجمان ونجد والبحرين.


عاد زايد بن خليفة آل نهيان بقواته إلى أبوظبي بعد انتهاء العمليات العسكرية، بتاريخ 27 أكتوبر 1867، بعد أن وعده شيخ البحرين بالمساعدة إذا ما فرضت عليه بريطانيا غرامة جراء هذا الهجوم مقابل مساعدته له، ونظرا لوجود بعض الإدعاءات السعودية بالسيادة على قطر قام القطريون الذين تعرضوا للنهب برفع شكوى للإمام السعودي ضد شيخ البحرين.


ولما فقدت قبائل قطر الأمل في التعويض أو النجدة السعودية عمدت إلى الانتقام بنفسها من البحرين في يونيو 1868، بقيادة ناصر بن جبر زعيم النعيم للثأر لما لحق بها من خسائر، وإطلاق سراح جاسم بن محمد بن ثاني.


فاندلعت بينهما معركة بحرية في موقع دامسة؛ حيث تم فيها تدمير حوالي 60 مركبًا بحريًّا، وخسائر بشرية زادت عن 1000 قتيل وجريح من الطرفين.


وبالرغم من تعرض القطريين للهزيمة ومطاردة البحرينيين لهم حتى بر قطر، ثم تراجعهم خشية أن يقطع عليهم القطريون خط الرجعة، تمكنوا من أسر إبراهيم بن عيسى آل خليفة، الذي تمت مبادلته بجاسم بن محمد بن ثاني بعد انتهاء الحرب.


ويتضح مما سبق أن الحرب القطرية البحرينية اتخذت طابعا عنيفا لهذه الحرب، فضلا عن ضخامة الخسائر المادية والبشرية. كما بدت كجزء من تاريخ المنطقة القبلي غير المستقر؛ حيث كانت تنشب الحروب هناك بسبب التناحرات والتناقضات القبلية.


ذات الأهداف والولاءات المتعددة والمتقاطعة، مع الصراعات الداخلية والإقليمية، التي غالبا ما تستغلها مختلف القوى لتحقيق أهدافها ومطامعها المبيتة، وعلى رأسها بريطانيا.


  • نتائج الحرب

نجم عن تلك الحرب خسائر كبيرة في الأموال والأرواح، وواجهت بريطانيا صعوبة كبيرة في تقدير قيمة الخسائر؛ لأن التقارير التي قدمها المقيم السياسي البريطاني في الخليج العربي على ساحل قطر بأكبر قدر من الصعوبة والسرية لم تقدم الصورة كاملة لما حدث في هجوم مفاجئ.


خاصة أن القبائل المهاجمة كانت متناثرة جدا. أما الخسائر البشرية فقد سقط في وقعة الجبل وحدها حوالي 600 رجل، فيما قدر آخرون ضحايا معركة دامسة بألف قتيل، وقتل الوالي محمد بن أحمد آل خليفة في موقعة الحمرور، دون أن تشير المصادر إلى حجم الخسائر البشرية.


وقدرت الخسائر المادية الناجمة عن عمليات النهب التي قام بها شيخ البحرين بما يزيد عن اثنين لك من الدولارات، لذلك رأى البريطانيون وجوب أن يفرض عليه غرامة مالية كبيرة قدرها واحد لك دولار، لقدرته على دفعها بسهولة.


وفي حال تعذر ذلك ينبغي أن يتلقى عقوبة قاسية. وأشار تقرير بريطاني آخر إلى أنه تم تدمير بلدتي: الدوحة والوكرة ومواقع ساحلية أخرى؛ حيث تم تفكيك المنازل وترحيل السكان، وقدرت الأضرار التي لحقت بسكان قطر بأكثر من 200 ألف روبية.


وبالنسبة للطبقة الثرية التي فقدت معظم ممتلكاتها المادية كانت تتطلع للعودة واستعادة مستحقاتها المالية الكبيرة في البلاد واستئناف مراكزها. أما الطبقة الفقيرة فلم يكن لها أمل بالعودة، نظرا لتدمير معظم ممتلكاتها.


كما تعرض رعايا بريطانيون للنهب خلال الهجوم؛ فقد قدم أحد الرعايا البريطانيين المقيمين في البحرين شكوى بأن قاربه تعرض للنهب في قطر، كما تعرض مواطن بريطاني آخر لمصادرة النحاس الذي استورده.


وقدم الحاج راماتولا بن حمد شكوى بأن الممتلكات المسؤول عنها وكلاؤه في ساحل قطر قد نهبها قائد قوات البحرين، ورفع إلى المساعد الأول للمقيم البريطاني النقيب كوتن واي قائمة بالبضائع التي كانت في يده وأيدي الوكلاء الآخرين في قطر لرعايا هنود نهبها بحرينيون.


قدرت قيمتها بحوالي 4131 قران؛ حيث نهب بن خاف وابنه ميدي 31 كيس قهوة و100 بالة قماش و1300 قران نقدا، والحاج محمد 1460 قران نقدا، والحاج علي 85 قران نقدا، والسيد هاشم 150 قران نقدا، والسيد موسل 36 قران نقدا؛ أعيد جميعها إلى الحاج راموتلا.


إلى جانب ذلك قدم أحد الرعايا البريطانيين من لنجة شكوى بأن ممتلكاتِه ونقودَه التي تصل إلى 7381 قران قد نهبت، كما سمع الوكيل السياسي البريطاني أن زايد بن خليفة آل نهيان تلقى 20 ألف قران و12 رأسًا من الخيل من شيخ البحرين.


وكاد محمد بن ثاني الذي تم القبض عليه أن يُقتل، لو لم يتدخل شيخ أبوظبي، وكان مطلوبا منه أن يدفع واحد لك و11 ألف قران.


وأن اثنين من التجار الآخرين دفعوا 70 ألف قران، وتم تدمير بلدة محمد بن ثاني، وسجن جاسم بن محمد بن ثاني في البحرين. وحسب تقارير الكابتن كوتن واي؛ بلغت قيمة الخسائر 1114926 قران، تشمل ممتلكاتٍ تضم: السفن واللؤلؤ والذهب والمجوهرات والعوارض الخشبية وأبواب المنازل.


لم يستطع عدد كبير ممن تعرضت ممتلكاتهم للنهب تقديم أية شكوى خشية أن ينتقم شيوخ البحرين منهم؛ فقد ذكر النقيب كوتن واي: «إن تاجرا كبيرا يقيم في لنجة خشي من تقديم معلومات عن منهوباته».


كما تعرضت قبائل قطر لخسائر فادحة على الصعيد المادي، تمثلت فيما يلي: المسلم والنعيم 603765 قران، وقبيلة السودان 3780 قران، وقبيلة علي الكواري 500000 قران، في حين لم تتم الإشارة إلى وجود أية غرامات على عشائر أخرى، وبلغ مجموع المنهوبات 1107545 قران.


كما فرت قبيلة أمين بعد أن نهبت دون بيان حجم منهوباتها، فيما فقدت القبائل القطرية 60 سفينة كانت موزعة على النحو التالي: 17 لقبائل النعيم، و11 للمسلم، و32 لباقي القبائل القطرية.


وقدرت قيمة المنهوبات والهدايا التي تلقاها شيخ البحرين من خلال شيخ أبوظبي، التي نهبت من قطر، بحوالي 50200 قران، مقسمة على التحو التالي: 35000 قران نقدا، و50 كيس قهوة بقيمة 5000 قران، و300 كيس أرز بقيمة 5600 قران، و3 رؤوس خيل بقيمة 1000 قران، و3 عبيد بقيمة 1000 قران، وأعمدة النخيل والأخشاب بقيمة 2600 قران.


كما اشتملت قائمة المنهوبات التي قدمها شيخ البحرين على حمولة سفينة تضمنت: 300 كيس أرز، و100 كيس أرز أخرى بقيمة 2500 قران، وقطع سايا (أسلحة) عدد 10 بقيمة 500 قران، ومهرة واحدة بقيمة 5000 قران، ومقياس (القياس وهي وحدة وزن رئيسة وتساوي بحدود 21 رطلًا إنجليزيًّا، أو تساوي 4 أصواع.


حيث إن الصاع الواحد يساوي 2 ثمين، وهي تساوي 32 ربعة؛ حيث إن الثمين الواحد يساوي 4 ربعات، وكانت تستعمل في وزن معظم البضائع، وتساوي في العصر الحالي 11 كيلوغرام، ولكنها نادرة الاستعمال حاليا) بقيمة 10000 قران.


وتبع راشد بن عزيز، الذي أرسله شيخ إمارة الشارقة خالد بن سلطان القاسمي إلى شيخ أبوظبي مع 20 رجلا، لاستئناف العلاقات الودية شيخ أبوظبي، عندما وجده قد غادر إلى قطر، وانضم إلى الهجوم وعاد إلى الشارقة مع كمية من الغنائم، بما في ذلك الحصان الذي قدمه له شيخ أبوظبي، كما حاول أن يستولي على سفينة تعود إلى محمد بن ثاني.


وبالرغم مما سبق كانت خسائر الممتلكات في قطر وأماكن أخرى كبيرة جدا ومختلطة، لدرجة يصعب معها التوصل إلى تقدير دقيق، لذلك اقتصرت في معظمها على التقدير سالف الذكر، في حين لم يكن من الممكن التحقق من الباقي.


وكان من النتائج الأخرى لهذه الحرب سطوع نجم آل ثاني في قطر، وهم فرع من المعاضيد من آل بن علي قبيلة عيسى بن طريف، وبداية لاستقلال قطر عن البحرين. كما كشفت الحرب عن مدى الظلم والمعاناة التي كان يعانيها التجار العرب من الأعمال القتالية التي يقوم بها شيخ البحرين.


ومدى الضرر الذي لحق بالتجارة والملاحة البحرية في الخليج العربي؛ فقد زعم بيلي أن التجار الهنود والعرب كانوا مؤيدين للإجراءات البريطانية، لدرجة أن الطبقة العامة من العرب قد تظاهرت بفرحها.


كما وجدت بريطانيا الفرصة مناسبة للتخلص من حاكم البحرين، وفرض حاكم جديد تستطيع التحكم به، واستقلال قطر بهدف فصل البحرين عن شبه الجزيرة العربية، لإبعاد البحرين عن الاحتكاك بآل سعود من جهة، واستخدامها كأداة للضغط على آل سعود من جهة أخرى، لوجود حدود مشتركة بينهما.

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى