النزاع الحدودي بين السعودية وقطر
تعود جذور العلاقات بين قطر والسعودية منذ بداية القرن العشرين الميلادي عندما طالبت السعودية بضم قطر لها باعتبارها جزءً من إقليم الأحساء، ثم تم توقيع اتفاق يقضي بترسيم الحدود بين السعودية وقطر في عام 1965.
ولكن الأمور تفاقمت بين البلدين منذ حادثة الخفوس عام 1992، حين زعمت الحكومة القطرية بأن قبيلة آل مرة ساندت القوات السعودية في تلك الحادثة وقامت بمواجهة القوة القطرية، حاولت السلطات السعودية احتواء الأزمة في وقت لاحق، عن طريق استرضاء بعض رجال قبيلة آل مرة واستمالة بعضهم الموجودين في قطر.
بحسب الرواية القطرية فإن السعودية عمدت إلى استغلال بعض أفراد القبيلة في عملية الانقلاب عام 1995 ضد الحكومة القطرية، بالتعاون مع الأمير الأسبق خليفة آل ثاني، وتبقى مشكلة قبيلة آل مرة جزء من الخلاف القطري السعودي ضمن ملفات أخرى لم تحسم بعد.
في السابع من أبريل 1996 أعلن البلدان رسميًا عن الاتفاق على انهاء ترسيم الحدود بينهما واستئناف أعمال اللجنة الفنية الحدودية المشتركة، وذلك عقب لقاء جمع في الرياض الأمير عبد الله بن عبد العزيز بوزير الخارجية القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني.
الذي حمل وقتها رسالة خطية من أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني تتعلق بهذا الموضوع. عقب قمة سعودية قطرية ثنائية برعاية مصرية، صدر بيان مشترك في المدينة المنورة في 20 ديسمبر 1992، أثمرت مساعيه عن توقيع اتفاق ينهي الخلاف الحدودي بين البلدين.
وشكلت في حينه لجنة سعودية قطرية مشتركة وفقًا للمادة الخامسة من الاتفاقية يناط بها تنفيذ اتفاق 1965 بجميع بنوده واحكامه وما جاء في البيان المشترك. صدر بيان سعودي قطري مشترك عن وزارتي الخارجية في البلدين.
في عام 1996 أعلن اتفاق الجانبين على انهاء ترسيم الحدود بينهما واستئناف أعمال اللجنة الفنية المشتركة لانهاء اختيار إحدى شركات المسح العالمية ووضع المواصفات الفنية للقيام بمسح وتحديد لنقاط الحدود بين البلدين على الطبيعة.
في ديسمبر من عام 1996 اختارت القمة الخليجية التي عقدت في مسقط جميل بن إبراهيم الحجيلان أمينًا عاما لمجلس التعاون الخليجي، مقابل مرشح قطر في ذلك الحين عبد الرحمن بن حمد العطية، فاحتج أمير قطر حمد بن خليفة على ذلك.
وقاطع الجلسة الختامية لقمة مسقط الخليجية في ذلك الوقت، ومما زاد في الأزمة المحاولة الانقلابية الفاشلة على الأمير حمد التي رتبها والده الأمير خليفة سعيًا للعودة إلى الحكم بعد انقلاب ابنه عليه العام 1995، فرغم أن الأمير السابق رتب المحاولة وهو موجود في أبوظبي واستعان بقطريين من أتباعه كانوا موجودين في أبوظبي وآخرين داخل قطر.
إلا أن الدوحة اعتبرت أن لبعض الأطراف السعودية يد في هذه المحاولة. ومن هنا بدأت الأزمة الحقيقية التي شهدت الكثير من الإشكاليات، واستخدمت قطر وسائل الإعلام المناوئة للسعودية وقامت بدعمها ماليًا.
كان لقناة الجزيرة دور محوري في أزمة الخلاف السعودي القطري، ففي عام 2002 تطرق برنامج تليفزيوني بثته القناة لمؤسس المملكة عبد العزيز آل سعود، وأدى هذا البرنامج لسحب السعودية سفيرها صالح الطعيمي من الدوحة دون إعلان.
أرسل أمير قطر بعد تلك الأزمة بفترة رئيس الوزراء ووزير الخارجية حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني إلى السعودية عارضًا فتح صفحة جديدة في العلاقات مع المملكة، بشرط أن تكف وسائل الإعلام القطرية عن التطرق لشؤونها،
ثم تابع أمير قطر عمله لإعادة العلاقات الطبيعية مع السعودية والتقرب إليها حين قام بزيارته للسعودية، وقيل حينها إن السبب وراء ذلك هو رغبة قطر في عدم مقاطعة العاهل السعودي الملك عبد الله للقمة الخليجية التي استضافتها الدوحة.
في 20 مارس 2001 وقعت السعودية وقطر اتفاقية لإنهاء نزاع حدودي ظل عالقًا بين البلدين طوال خمسة وثلاثين عامًا، وجرت مراسم التوقيع في الدوحة بحضور سعود الفيصل وحمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، تتألف الاتفاقية من خمس عشرة وثيقة وخريطة تعتبر أساسا لتسوية الخلاف على حدود بحرية وبرية بين البلدين طولها 60 كيلومترًا.