- الملخص:
تتجه الدراسات والأبحاث المعاصرة نحو التركيز على القضايا الإيرانية، إذ خصصت العديد من المؤسسات البحثية العربية حقولاً بحثية في الشأن الإيراني، وهذا الاهتمام المركّز مشروعٌ ومحقٌّ، وذلك لما للسياسات الإيرانية من تأثير هائل في السياق العربي خصوصاً والإقليمي عموماً، يستدعي البحث المعمّق للوصول إلى نتائج جادة وتوصيات مهمّة تستحق التطبيق.
وقد تنوعت هذه الدراسات المهتمة بالشأن الإيراني، لتشمل مجمل المجالات الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، والثقافية، مقدمةً معرفةً منظمةً ودقيقةً في تفاصيل السياق الإيراني، وتفاعلات عناصره مع بعضها البعض من جهة، ومع السياقات العربية والإقليمية من جهة ثانية.
وانطلاقا من وعينا بضرورة التركيز البحثي في الشأن الإيراني كان هذا البحث المعنون بالسياسة الخارجية الإيرانية في القارة الإفريقية؛ الحيثيات والتحولات، إذ رصدنا المحطات الرئيسة التي مرّت بها السياسة الخارجية الإيرانية في إفريقيا، فتوقفنا، بداية، عند آليات إعادة الهيكلة المبدئية للعلاقات الإيرانية الإفريقية في عهد الرئيس رفسنجاني، وانتقلنا, بعد ذلك, إلى بيان سياسة تخفيف التوترات الإيرانية الإفريقية في عهد الرئيس خاتمي، ومن ثم بحثنا في تبلور الثورية السياسية الخارجية في عهد أحمدي نجاد، لنرصد في النهاية السياقات الدبلوماسية الجديدة في عهد الرئيس حسن روحاني، فكنّا، من خلال هذا البحث، أمام صور مقطعية متتالية ومترابطة لتمفصلات السياسة الخارجية الإيرانية اتجاه القارة الإفريقية من عام 1989 إلى عام 2021م.
وهذا البحث, إذ يرصد تحولات السياسة الخارجية الإيرانية اتجاه إفريقيا فإنّه يقدم تصوراً عن آليات عمل الذهن الإيراني في السياقات الخارج إيرانية وتعالق هذه الآليات مع البنية الداخلية الإيرانية، كما يدفعنا إلى المقارنة بين السلوكيات السياسية الخارجية الإيرانية والسلوكيات السياسية الخارجية للدول الأخرى، ولاسيما الدول العربية، ويوضح تقدّم السياسة الخارجية الإيرانية وتفوقها على صعيدي التخطيط والتنفيذ، زد على ذلك أن بحثنا يشكّل خطوة جادة نحو أبحاث أخرى تتعمّق في السياسات الإيرانية.
الكلمات المفتاحية: السياسة الخارجية، تحوّلات، إيران، القارة الإفريقية.
دراسة مُنظَّمة ومُحايدة بما يتطلبه البحث العلمي.
لكنني أظن بأن الكاتبة لم توفَّق في الخاتمة، وتحديدًا في صفحة ١٩، لقد كتبت: “ان تمدد إيران مستقبلًا في أفريقيا سيكون على حساب المصالح العربيّة، وهو ما يضع الدول العربيّة امام مسؤولياتها التاريخيّة في صياغة استراتيجيّة واحدة لمواجهة الخطر القادم من أفريقيا بسبب السياسيات الإيرانيّة”.
يمكن فهم رؤيتها على أنها دعوة للإبقاء على مكانة الدول الأفريقية بموقعها المتأخّر عن ركب التطور العالمي، بحجّة ان ذلك يشكّل تهديدًا على الدول العربيّة التي لم تأبه يومًا بأوضاع أفريقيا.
فضلًا عن التلميح بأن العرب يجب ان يكونو في صدارة استثمار العلاقات مع القارة السمراء، وأرى ان هذهِ سياسات خارجيّة ومصائر لدول، ولا يمكن تأخيرها لصالح “العرب” الذين – أكرر – لم يفقهو يومًا أهميّة هذهِ القارة.
من حقِّ أيران كدولة ‘إقليميّة’ لديها رؤية ‘جيوسياسيّة’ حسب وصف الكاتبة، بأن تراعي علاقاتها الخارجيّة على أساسات المصالح المشتركة، بل يجب على الدول الأفريقيّة تلك أن تمد علاقاتها مع من يخدمها ويوفّر لها ما يساهم في نهضتها، بعد قرونٍ رهيبة من الإستعمارات الإمبرياليّة – الأنجلوساكسونيّة.
لقد أكّدت الكاتبة تطلّع إيران – عبر لقاءاتها وزياراتها – الى علاقات واسعة مع الدول الأفريقيّة بمعزل عن البُعد الإيديولوجي، وهذهِ فرصة لعلاقات سلميّة جديدة بعيدة عن سياسة نشر المسيحيّة والتبشير النصراني اللذان رافقا تاريخ الإستعمار.