دراسات إسلامية

“سيد قطب” .. بين المؤيدين والمُنتقدين

ينتقد العديد من الكتاب والمؤلفين ورجال الدين الإسلامي سيد قطب على كتاباته وأفكاره لاسيما تلك التي تكفر المجتمعات في فهمها القاصر ومن بين من انتقدوا أفكاره التكفيرية الشيخ يوسف القرضاوي الذي ذكر خلال حوار تلفزيوني خروج سيد قطب عن أهل السنة والجماعة بوجه ما.


فأهل السنة والجماعة يقتصدون في عملية التكفير حتى مع الخوارج. مؤكداً أن قطب أخطأ في تكفير جموع المسلمين والحكام والأنظمة مضيفاً أنه يتحمل بعض المسؤولية عن تيار التكفير مثله كشكري مصطفى الذي كفر المسلمين عدا جماعته وهو قائد جماعة التكفير والهجرة التي تعتزل المجتمعات بإثرها.


ومن الانتقادات لسيد قطب ما أورده في كتابه «معالم في الطريق» الذي كتبه في أخر حياته، فكتب يرد عليه الشيخ عبد اللطيف السبكى – رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف – وقتها وأصدر بيانا مفصلا بعد قراءته للكتاب يرد به على كل ما به. وكان مما أورده رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف :


وكان أيضا ممن انتقدوا سيد قطب وكتابه، المستشار حسن الهضيبي – المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين وقتها، حيث أصدر المرشد العام كتاباً عنوانه (دعاة لا قضاة) تراجع فيه عن الآراء الواردة في كتاب سيد قطب، بل إنه فند هذه الآراء بالرد ليبين أنها بعيدة عن الإسلام.


يري المؤيدون لسيد قطب أنه برئ من التكفير حيث أرسل أعضاء مكتب الإرشاد «عبد الرؤوف أبو الوفا» إلى سيد قطب في سجن طرة يستفسر منه؛ لأن المخالفين اتهموه بأنه يكفر الناس، فرد سيد علي ذلك في كتابه «لماذا أعدموني» فقال «إننا لم نُكفر الناس وهذا نقل مشوه إنما نحن نقول: إنهم صاروا من ناحية الجهل بحقيقة العقيدة.


وعدم تصور مدلولها الصحيح، والبعد عن الحياة الإسلامية، إلى حال تشبه حال المجتمعات في الجاهلية، وإنه من أجل هذا لا تكون نقطة البدء في الحركة هي قضية إقامة النظام الإسلامي، ولكن تكون إعادة زرع العقيدة والتربية الأخلاقية الإسلامية.. فالمسألة تتعلق بمنهج الحركة الإسلامية أكثر مما تتعلق بالحكم على الناس!».


يقول شقيقه محمد قطب: «إن سيد قطب لم يقل في حياته إن فلانا كافر» وقال كذلك «إن كتابات سيد قطب قد تركزت حول موضوع معين، هو بين المعنى الحقيقي للا اله الا الله شعوراً منه بأن كثيرا من الناس لا يدركون هذا المعنى على حقيقته، وبيان المواصفات الحقيقية للإيمان كما وردت في الكتاب والسنة.


شعوراً منه بأن كثيراً من هذه المواصفات قد أهمل أو غفل الناس عنه، ولكنه مع ذلك حرص حرصاً شديداً على أن يبين أن كلامه هذا ليس مقصوداً به إصدار أحكام على الناس، وإنما المقصود به تعريفهم بما غلوا عنه عن هذه الحقيقة، ليتبينوا هم لأنفسهم إن كانوا هم مستقيمين على طريق الله كما ينبغي ام انهم بعيدون عن هذا الطريق.


فينبغي عليهم ان يعودوا اليه، ولقد سمعته بنفسي أكثر من مرة يقول: نحن دعاة ولسنا قضاة، إن مهمتنا ليست إصدار الاحكام على الناس، ولكن مهمتنا تعريفهم بحقيقة لا اله الا الله، لأن الناس لا يعرفون مقتضاها الحقيقي وهو التحاكم إلى شريعة الله، كما سمعته أكثر من مرة يقول: ان الحكم على الناس يستلزم وجود قرينة قاطعة لا تقبل الشك.


وهذا امر ليس في ايدينا، ولذلك فنحن لا نتعرض لقضية الحكم على الناس فضلا عن كوننا دعوة ولسنا دولة، دعوة مهمتها بيان الحقائق للناس لا إصدار الاحكام عليهم».


قال مأمون الهضيبي: «كان الأستاذ سيد قطب الشهيد رحمه الله موجودًا معنا في السجن الحربي، وكان لي زنزانة قريبة من سيد قطب في السجن، وفي أحد الأيام وجدت الزنزانتين مفتوحتين صباحا علي غير العادة، وفوجئت بالأستاذ سيد يمر علي زنزانتي وقال إن الحارس جاء لي وقال: نحن نريدك فقلت له أنتظر لأخذ الدواء فقال لي أنت غير محتاج للدواء ، وعرفنا أنهم سيأخذونه لتنفيذ حكم الإعدام، فقال لي فإنقل الي والدك أنني لم أكفر أحدا وأنني علي العهد وسأبقي علي العهد».


قالت زينب الغزالي في مقابلة أجرتها مع مجلة المجتمع الكويتية عام 1982م ردا علي سؤال: هل حقًّا أن الفكر الذي كان يتبناه سيد قطب ويدرِسه للإخوان، هو تكفير أفراد المجتمع؟ فأجابت زينب الغزالي على ذلك فقالت: “هذا وهم، توهمه بعض تلاميذ الشهيد سيد..


لقد جلست مع سيد في منزلي عندما سمعت بتلك الشائعة. وقلت له: إن منزلتي عند “السيدات المسلمات” تجعلهن يحترمنني احترامًا عظيمًا، ولكنَّهن مستعدات أن ينسفن كل هذا الاحترام إذا علموا أنني أقولُ عنهن -أو عن أحدٍ من أقاربهن- إنهن كفار!. واستغرب نفسه هذا القول! وبين أن هذا فهم خاطئ لما كتبه.. وبيَن أنه سيوضح هذا في الجزء الثاني من “المعالم”.


يقول وائل السمرى عن معني دعوته للناس إلى اعتزال معابد الجاهلية أو المساجد «فلها سياق محدد لا يجب أن نقتطعه منه، وابن كثير نفسه في تفسيره لآية «واجعلوا بيوتكم قبلة» يكاد يتطابق مع ما ذهب إليه «قطب» حيث قال: «إن بنى إسرائيل كانوا خائفين فأمروا أن يصلوا في بيوتهم» وقطب يذكر هذه الآية ويأمر باتباعها متوجها بكلامه إلى العصبة المؤمنة التي تخشى أن ينالها أذى.


بما يعنى أنه جعل هذا الأمر في حال الخوف من الطواغيت، أما المساجد التي أسست على تقوى من الله والتي أمر الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، يقول عنها قطب: «إذن الله هو أمر للنفاذ، فهي مرفوعة قائمة وهى مطهرة رفيعة يتناسق مشهدها المرفوع مع النور المتألق في السماء والأرض وتتناسق طبيعتها الرفيعة مع طبيعة النور السنى المضئ وتتهيأ بالرفعة والارتفاع لأن يذكر فيها اسم الله».

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى