النزاعات الإقليمية في الخليج العربي

مطالبات إيران بمملكة البحرين

البحرين؛ مجموعة من الجزر تقع في الخليج العربي، نالت استقلالها عام 1971، ويحكمها آل خليفة بنظام ملكي دستوري. ودائمًا ما كانت البحرين نقطة نزاع كبيرة بينها ودول الخليج من جهة، وإيران من جهة أخرى.

تناوب على السيطرة على البحرين وحكمها الكثير من الجهات والقوى، بدءً من الدولة العباسية مرورًا بالكثير من القبائل حتى احتلتها الإمبراطورية البرتغالية في أوج مجدها القصير نسبيًا، وذلك في العام 1521 لمدة ثمانين عامًا في سبيل السيطرة على طرق التجارة.

ولما أفل مجدهم قامت الدولة الصفوية باحتلال البحرين في 1602، وبعد 181 عامًا، استطاعت أسرة آل خليفة أن تسيطر على الجزيرة وتستخلصها، ليمتد حكمها من 1783 وحتى اليوم، مع فترات متقطعة من الحروب مع القوات العمانية وغيرها.

في السنوات التالية لسيطرة آل خليفة على البحرين، حاولت فارس أن تطرق أي باب يمكّنها من العودة لبسط سيطرتها على البحرين، وذلك في سلسلة طويلة من الأحداث من أهمها: احتجاج فارس على إبرام بريطانيا معاهدات سلام مع الساحل العربي ومنها البحرين في عام 1820.

وقد أدى إبرام هذه المعاهدة إلى احتجاج فارسي، أعقبه محاولات بلاد فارس مهاجمة البحرين ومحاولة فرض السيطرة والنفوذ عليها في أعوام 1820، 1823، 1836، ولكن هذه المحاولات باءت بالفشل بسبب الدعم والمساندة البريطانية للبحرين.

وقد ادَّعت الحكومات الفارسية المتتالية الزندية والقاجارية، أحقِّيتها في السيطرة على البحرين، وفي هذا يقول الرحالة جيمس ثيودور بنت (1852 – 1897): «في العام 1867 حاول شاه فارس السيطرة على البحرين، وعلى الرغم من أن ادِّعاءه الوحيد لتحقيق هذا الأمر هو تكرار الادِّعاءات الفارسية بشأن تبعيَّة البحرين لها في عهد الصفويين، إلا أنه في الوقت نفسه، كان يعمل على مساندة بعض الأطراف ضد البعض الآخر».

كان الغالبية من سكان البحرين قبل مجيء أسرة آل خليفة ومن ناصرهم من القبائل العربية إلى البحرين، كانوا من الشيعة العرب، وقد انتزع آل خليفة حكم البحرين من الفرس.

وقد حدثت معارك في هذا الصدد، وظل قسم من الشيعة يشعرون بأن حقوقهم مهدورة، واشتكوا أنهم يعانون التمييز والسخرة وعدم إيلاء الاهتمام اللائق ببعض ما يتعلق بالممارسات الدينية وغيرها.

التقطت إيران هذا التذمر، وظلت تضغط بذريعة تحسين أوضاع الشيعة في البحرين، أرسلت الحكومة الإيرانية احتجاجًا إلى الحكومة الإيطالية عندما قامت إحدى طائرات الأخيرة بمحاولة قصف المنشآت النفطية البحرينية إبان الحرب العالمية الثانية في العام 1940،

وفي وقتٍ أبكر بادرت إيران في شهر نوفمبر عام 1927 بإثارة موضوع تبعية البحرين لها في عصبة الأمم، وأكدت في المذكرة التي قدمتها أنها كانت المسيطرة على البحرين في معظم عصور التاريخ، وعقب انتهاء الحرب العالمية الثانية شنت الصحافة الإيرانية حملة كبيرة ضد بريطانيا تطالب فيها بالسيادة الإيرانية على البحرين،

وفي 21 سبتمبر عام 1945 أبرزت جريدة نيروز إيران الحديث الذي أدلى به وزير الخارجية الإيراني في المجلس النيابي والذي طالب فيه الولايات المتحدة الأمريكية بالتريث في استخراج النفط من الحقول البحرينية نظرًا للحقوق الإيرانية في البحرين.

حاولت إيران بعد ذلك تكريس تبعية البحرين لها من خلال القيام بعدة خطوات وكانت أبرز هذه الخطوات: أصدرت وزارة التربية والتعليم في عام 1946 قرارًا يقضي بتدريس تبعية البحرين لإيران في المدارس، أصدر مجلس الوزراء الإيراني في أبريل عام 1946 مرسومًا يقضي بأن يخضع إنتاج الحقول النفطية في البحرين.

والذي يتم تصديره إلى الخارج لنفس الإجراءات المتبعة بحق شركة البترول الأنجلو فارسية، أصدر البرلمان الإيراني في عام 1946 قرارًا يقضي باتخاذ الإجراءات اللازمة لتطبيق الرسوم البريدية على الرسائل الصادرة والواردة من وإلى البحرين، عدم اعتراف الحكومة الإيرانية بجوازات السفر البحرينية الخاصة بالأشخاص الذين يزورونها من البحرين.

وضعت الحكومة الإيرانية في سبتمبر عام 1948 خرائط جغرافية جديدة تبين تبعية البحرين لإيران، وفي عام 1949 عارضة إيرام مشاركة البحرين في المؤتمرات الدولية فاحتجت إيران لدى المؤتمر الاقتصادي الآسيوي المنعقد في عام 1949 بكراتشي ولدى اتحاد البريد الدولي على قبول البحرين عضوًا في هذين المنبرين الدوليين.

ووصلت الاعتراضات الإيرانية إلى حد الاعتراض على ورود اسم البحرين بين دول الخليج في بعض وثائق الأمم المتحدة، أصدر مجلس الوزراء الإيراني في عام 1957 قرارًا يقضي بضم البحرين وذلك ردًا على قيام المنامة بإدخال تعديلات على قانون الجيش الذي صدر في عام 1938 نصت على عدم جواز منح الجنسية البحرينية إلا لمن تكون لديه ملكيات غير منقولة.

بشرط إجادته اللغة العربية وأن يكون مقيمًا في البلاد بصفة مستمرة لما لا يقل عن عشر سنوات، رفضت إيران اتفاقية التعاون الاقتصادي الموقعة بين المملكة العربية السعودية والبحرين عام 1958، واعتبرت إيران المشروع السعودي بإقامة جسر يربط بين المملكة والبحرين بمنزلة إجراء تتخذه السعودية لإحباط أي محاولة تقوم بها إيران لضم البحرين.

في عام 1968 أعلنت بريطانيا نيتها الانسحاب من شرق السويس، وقامت بالترتيب لعملية تسليم واستلام مع الحكومات المحلية؛ فتجددت آمال إيران في إعادة المطالبة بضم البحرين، فاتفقت مع بريطانيا على تقديم طلب مشترك إلى الأمم المتحدة باستفتاء شعب البحرين إن كان يريد الاستقلال أم الانضمام إلى إيران.

الأمر الذي ترتب عليه تشكيل بعثة من الأمم المتحدة لهذا الغرض. وقد سبق حاكم البحرين آنذاك عيسى بن سلمان آل خليفة، قدمت بعثة الأمم المتحدة تقريرها النهائي في 30 أبريل 1970، والمتضمن إن الغالبية الساحقة لسكان البحرين بمختلف انتماءاتهم وطوائفهم ودياناتهم تؤيد وتريد إقامة دولة عربية ذات سيادة مستقلة.

بعد نجاح الثورة الإيرانية في فبراير 1979 نُظمت مظاهرات في البحرين ضمت عدة آلاف لتأييد الثورة الإسلامية، وتقدمت عدة شخصيات شيعية كبيرة بعريضة إلى الحكومة، كان من أهم مطالبها إقامة نظام إسلامي في البحرين على غرار النظام في إيران.

بينما كانت البحرين تستعد للاحتفال بمرور 200 عام على تولي آل خليفة السلطة في البلاد، أُعلن الكشف في أواخر عام 1981 عن محاولة انقلاب قادها هادي المدرسي، وقد صرَّح رئيس وزراء البحرين بأنه لا يوجد في البحرين خطر داخلي، وأن الخطر الخارجي هو إيران.

ومنذ ذلك الحين صار من المعروف أن الكثير من الأحداث الماسّة بالأمن في البحرين يُنسب إلى جهات خارجية، وأن هذه الجهات لم تكن سوى إيران والمنظمات التابعة لها.

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الإعلانات هي مصدر التمويل الوحيد للمنصة يرجى تعطيل كابح الإعلانات لمشاهدة المحتوى