الجُزر الإماراتية الثلاث
تقع الجزر الإماراتية جزيرة أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى عند مدخل مضيق هرمز في الخليج العربي، والذي يعتبر من أهم المضايق والممرات المائية الحيويّة في العالم. لهذه الجزر أهميّة جيوبوليتيكيّة وجيوإقتصاديّة كبيرة، لأنها ذات موقع جغرافي مهم يوفر الحماية الاستراتيجية العسكرية.
هذه الجزر غنية بالثروات البحرية والثروات المنجمية والنفطية، والواحات الزراعية الخضراء، وتزخر بالمياه العذبة، ما جعلها هدفًا للأطماع الإستعمارية إقليميًا ودوليًا. طيلة قرون ظلّت الجزر خاضعة للسيادة العربية المتمثّلة بإمارة رأس الخيمة والشارقة.
واستمرت هذه السيادة حتى تاريخ انسحاب بريطانيا من منطقة الخليج العربي، حيث نفّذت القوات الإيرانية التهديدات العلنية التي أطلقها شاه إيران في غير مرة بخصوص غزو الجزر واحتلالها، واحتلّت الجزر في فجر يوم 30 نوفمبر 1971، وذلك قبل ساعات من إعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة.
منذ ذلك التاريخ ودولة الإمارات العربية المتحدة تُحاول استعادة الجزر المحتلة بكافة السبل والوسائل السلمية، واعتبرت ذلك حقاً شرعيًّا تاريخيًا، بالمقابل ترى إيران أن الجزر جزء لا يتجزأ من ترابها وكيانها، وإنها قامت باسترجاع الجزر المغتصبة إلى الوطن الأم ليس إلّا، وإن قضية سيادتها على الجزر غير قابلة للنقاش.
ترى إيران أنّ استعادة جزر أبي موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى حقها المشروع، بل تذهب أبعد من ذلك حيث تعتبر أنّ سواحل وجزر الخليج العربي كلها ملك بلاد فارس التاريخي الذي يجب استعادته، وتزعم أنها كانت تسيطر على الجزر المحتلة قبل القرن السابع عشر الميلادي.
لكنها في عهدي الزندية والقاجارية فوّضت القواسم ليحكموا الجزر الثلاث، وكذلك ميناء لنغة (لنجة)، وذلك لأنها كانت غير قادرة على صدّ الهجمات التي كانت تطال هذه المناطق بسبب عدم امتلاكها الأسطول البحري الفاعل.
تعتمد إيران في ادعائاتها على الجزر الثلاث بالتالي: إنّ المصالح الإستراتيجية والأمنية في الخليج العربي تتطلّب سيادة إيرانية على الجزر الثلاث، أنّ الجزر الثلاث كانت تحت السيادة الإيرانية قبل الاحتلال البريطاني بثمانين عامًا، أنّ الخرائط البريطانية تظهر الجزر المحتلة جزءًا من أراضيها.
وذلك بالاستناد إلى الخارطة التي قدمتها وزارة الحرب البريطانية عام 1888، إلى شاه إيران حيث كانت الخريطة ملوّنة بألوان توحي بأنّ هذه الجزر تابعة لإيران.
في الجهة المقابلة تتمسك الإمارات العربية المتحدة بأحقيتها بامتلاك الجزر الثلاث وتورد بعض الشواهد والبراهين الذي يدعم تمسكها بالجزر ومنها: إنّ السلطات البريطانية تلقت عام 1864 رسالة رسمية من حاكم قواسم الساحل تؤكد تبعية جزر أبي موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى وصير بونعير له منذ أجداده الأوائل.
في عام 1879 أكد المقيم البريطاني في بوشهر بعد احتلال الأحواز أنّ جزيرتي طنب ولنغة تابعتان لسيادة القواسم، في عام 1898 رفض حاكم الشارقة منح امتياز لشركة أجنبية للتنقيب عن بعض أنواع المعادن الموجودة في باطن أرض جزيرة أبي موسى.
إنّ الشيخ محمد بن قاسم القاسمي حاكم رأس الخيمة في عام 1918 رعى حفل تدشين على جزيرة طنب الكبرى وكان يرافقه حينذاك المعتمد البريطاني في الخليج وقائد البحرية البريطانية، هناك وثيقة صادرة من وزارة الهند البريطانية في عام 1928 تقول إنّ ملكية طنب الكبرى وطنب الصغرى تعود لرأس الخيمة منذ انفصالها عن إمارة الشارقة عام 1921،
في عام 1930 طالبت إيران باستئجار جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى من رأس الخيمة ورفضت الأخيرة، حتى عام 1963 لم يكن هناك إيراني واحد يقيم في جزيرة أبي موسى وبدأ استقدام الإيرانيين مع دخول قوات الجيش الإيراني إلى الجزيرة بعد توقيع مذكرة التفاهم بين إيران وإمارة الشارقة،
إنّ حكام الشارقة ورأس الخيمة فرضوا رسوماً سنوية على الأنشطة الاقتصادية التي كان يقوم بها سكان الجزر الثلاث منذ مطلع القرن الثامن عشر الميلادي هذه الرسوم كانت تشمل صيد الأسماك والغوص لجمع اللؤلؤ والرعي وغيرها،
في عام 1912 قام الشيخ خالد حاكم الشارقة بمنح تصريح لبناء منارة للسفن على جزيرة طنب الكبرى، في عام 1937 تم منح امتيازات للتنقيب عن النفط والغاز في جزيرة أبي موسى والمياه الإقليمية التابعة لها إلى شركة بتروليوم كمباني.
قرر الإيرانيون بعد انتهاء حرب الخليج الأولى مع العراق توسيع الاستخدام العسكري لجزيرة أبو موسى، فنصبوا فيها صواريخ مضادة للسفن وأقاموا فيها قاعدة للحرس الثوري وفيلقا بحريًا، ثم بدؤوا بمضايقة البعثة التعليمية العربية وحظروا دخول أفرادها إلى الجزيرة دون تأشيرة إيرانية.
وأخيرا خيروا سكان الجزيرة العرب بين الطرد وقبول الجنسية الإيرانية. رفضت الإمارات العربية المتحدة احتلال إيران لجزرها الثلاث وعرضت قضيتها على الأمم المتحدة لإصرارها على تجنب المواجهة مع دولة إسلامية،
وحاول قادة الإمارات مرارًا إقناع طهران بحل القضية عبر المفاوضات المباشرة أو محكمة العدل الدولية، لكن الأخيرة كررت رفضها، معتبرة أن سيادتها على الجزر الثلاث ليست محل نقاش، وبُذلت في هذا السياق عملية تفاوض في أبوظبي بين الطرفين عام 1992 لكنها لم تصب أي نجاح، وقامت سوريا بوساطة مشابهة انتهت إلى الفشل.