سرديات

نجاتي توسونر: كيف نُعرّف القصة القصيرة جدًا باقتضاب؟

خاص لـ: ضفة ثالثة

قد تلوح في المنام علامة، فتعرف أنه لم يعد مجرد منام، بل رؤية تحمل لكَ شيئًا ما. كانت دراستي للغة التركية أشبه بذلك؛ بعدما قطعت منتصف الطريق أدركت أن علاقتي بها ستتخطى كونها مجرد دراسة للغة. وأيقنت تمامًا أنني أسير صوب الأدب التركي، يوم أن أمسكت بالقلم تلقائيًا وبدأت ترجمة قصيدة شرحها أستاذي التركي.


كلما قرأت في الأدب التركي تحرك شيء في داخلي، ربما طاقة أو شغف، يبدأ كوميض الشهب في الأفق، ثم يتحول إلى نور يفترش الحيز كله. لفتت انتباهي مؤخرًا القصة القصيرة جدًا في الأدب التركي، وقدمت بعض النماذج منها للكاتب نجاتي توسونر، وأخرى للكاتب مراد غولسوي، وربما أقدم المزيد منها للقراء في المستقبل القريب.


“القصة القصيرة جدًا التي برزت بشكل مُكثف فيما يقرب الربع الأخير من القرن العشرين، هي في أصلها طريقة للحكي موجودة من أيام مولانا، وسعدي الشيرازي، وبيدبا، وإيسوب. ولكنها منذ الربع الأخير من القرن، بدأت تظهر بمضمون ومحتوى جديدين، وكذلك في شكل يوائم العصر الذي جعل كل شيء أسرع”- هذا ما وَرَد في كتاب “القصة القصيرة جدًا: نوع جديد في الأدب التركي”.


في النصّ الخاصّ المرفق يُعَرّف لنا نجاتي توسونر القصة القصيرة جدًا بشكل أدبي لطيف يتماشى مع حجمها الصغير، من خلال الإجابة عن سؤال: “كيف تُعرّف القصة القصيرة جدًا باقتضاب؟”:


[ترجمة وتقديم: مي عاشور]


القصة القصيرة جدًا، هي قصة قصيرة جدًا؛

لأنها ينبغي أن تكون كذلك.

***

هي ليست قصيرة؛ لأن القماش لم يكفِ،

وليست أبدًا قصة القماش المتبقي.

***

يكاد يكون تعريفها أطول منها.

***

هي عشرة غرامات من الحديد، لا القطن.

***

هي قصص تبدو للتذوق، ولكنها مُشبعة.

***

ليست نيرانًا، بل جمرة مُنبعثة من غليان كنكة.

***

هي فقاقيع في حوض سمك، ترمز إلى محيط.

***

كتابتها صعبة… مسحها سهل.

***

هي إثبات أن القصة أقرب بكثير إلى الشعر،

منها إلى الرواية.

                     ***

تبدو ساكنة… ولكنها تؤجج القلب.

***

ليس لها جيب.. ولا ياقة.

***

ربما هي “صندوق مُغلق”،

                          لا “سوق مُغطى”.      

***

لا حاجة لأن يتسع لها باب فندق.

فتحتويها قشرة بندق.


(*) نجاتي توسونر: واحد من أبرز كتاب القصة القصيرة جدًا في الأدب التركي المعاصر، روائي وقاص، ولد عام 1944 في أنقرة، أسس منشورات دِرينليك عام 1977، ثم عمل في كتابة الإعلانات. صَدرت له أول مجموعة قصصية عام 1965 تحت عنوان “حكاية حرية”، وكتب أول قصة قصيرة جدًا عام 1980. فاز بعدة جوائز منها، جائزة خلدون تانر للقصة 1997 وجائزة آتيلا إلهان للرواية 2008.


بالعربيّة

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الإعلانات هي مصدر التمويل الوحيد للمنصة يرجى تعطيل كابح الإعلانات لمشاهدة المحتوى