دخل رجلٌ اسمه أبو علقمة؛ من المتقعَّرين في اللغة الفصحى واستعمال حُوْشي الكلام وغريب اللفظ، على الطبيب فقال:
إنّي أكلتُ من لحوم هذه الجَوَازِل (1) فَطَسِئْت ُ (2) طَسْأَةً , فأصابني وجعٌ بين الوابلة (3) إلى دَأْيَة (4) العنق , فلم يزل يَرْبو (5) وَيَنْمَى , حتّى خالط الخِلْبَ (6) , فَأَلِمَتْ لَهُ الشَراسفُ (7) , فهل عندك دواء؟
فقال له الطبيب: خذ خَرْبقاً وَشَلْفَقاً وشَبْرَقاً , فزهزقهُ وزقزقهُ واغْسلهُ بماء رَوْثٍ واشربه بماء الماء !
فقال أبو علقمة: أعد عليَّ ويحكَ , فإنّي لم أفهم منكَ !
فقال له الطبيب: لعَن الله أقلّنا إفهاماً لصاحبه , وهل فهمتُ منكَ شيئاً مما قلت؟!
(1) الجوازل: مفردها جَوْزَل , وهو فرخ الحمام.
(2) طَسأ: اتَّخم.
(3) الوابلة: طرف العضد في الكتف.
(4) الدأْي: ملتقى ضلوع الصدر , ودايات العنق: فقارها.
(5) يربو: يزيد.
(6) الخلب: حجاب الكبد.
(7) الشراسف: مفردها شُرْسوف , وهو طرف الضلع المشرف على البطن.
جاء رجلٌ إلى أحد النحاة فسأله:
« الـظـبـــيُ مَعرفة أم نـكـــرة؟؟ »
فقال: إذا كان مشوياً على المائدة فهو معرفة، وإن كان يَسرَح في الصحراء، فهو نكرة، فقال له الرجل: «أحسنت، ما في الدنيا أعرفُ منك بالنحو ».
كان أحدُ النحويين مسافراً في سفينة
فسأل أحدَ البحارة: هل تَعرف النحو؟
فقال له البحار: لا.
فقال النحوي: قد ذَهب نِصف عمرك.
وبعد عدة أيامٍ، هبت عاصفة بحرية عاتية، وأوشَكت السفينة على الغرق.
فجاء نفسُ البحار إلى النحوي وسأله: هل تعرف السباحة؟
قال النحوي: لا.
فقال له البحار: قد ذَهبَ عُمركَ كلُّـــه
عن أبي طاهر قال: دخل أبو صفوان وكان _أحدَ كبار البلاغة والبيان في عصره _، الحـمَّــامَ؛ وفيه رجـلٌ مع ابنه، فأراد الرجل أن يُـعَــرِّفَ أبى صفوان ما عِـنـدهُ من البيان، فقال: يا بُني؛ ابدأ بيداك ورجلاك،
ثم التفت إلى خالد فقال: يا أبا صفوان؛ هذا كــلامٌ قد ذهب أهله،
فقال أبو صفوان: هذا كــلام لم يَـخـلــق الله لهُ أهلاً قط.
كان الصواب أن يقول (يديْك ورجليْك).
يُحْكَى أَنْ رجلاً نحوياً سأل ابنا له، فقال:
من أين أتيت؟
قال الإبن: أتيت من سوق،
فرد الأب: أضف الألف والام
قال الابن: أتيت من سوقال.
قال الأب: أضفهما في بداية الكلمة.
قال الابن: أتيت من ألف لام سوق،
فرد الأب غاضبا: وما يمنعك أن تقول أتيت من السوق !!
ما زادك اختصارُك إلا تطويلا
قال محمد بن المثنى السمسار: كنا عند بشر بن الحارث، وعنده العباس بن عبد العظيم العنبري – وكان من سادات المسلمين – فقال له: يا أبا نصر، أنت رجل قد قرأت القرآن، وكتبت الحديث، فلم لا تتعلم من العربية ما تعرف به اللحن حتى لا تلحن؟
قال: ومن يعلمني يا أبا الفضل؟
قال: أنا يا أبا نصر،
قال: فافعل،
قال: قل (ضرب زيدٌ عمرًا)،
فقال له بشر: يا أخي ولم ضربه؟
قال: يا أبا نصر؛ ما ضربه؛ وإنما هذا أصل وضع،
فقال بشر: هذا أوله كذب، لا حاجة لي فيه.