قرآن مسيلمة الكذاب: النصوص الكاملة التي أثارت موجات السخرية
محاولات سجع فاشلة
رغم أن اسمه ارتبط بالادعاء والكذب، فإن مسيلمة الكذاب ترك وراءه تراثا لفظيا غريبا، أطلق عليه زيفا صفة “قرآن”، في محاولة فاشلة لتقليد النص القرآني الكريم. هذه المقاطع القصيرة، التي سُمّيت شعبيا بـ قرآن مسيلمة الكذاب، لا تزال تُتداول حتى اليوم في سياق ساخر، كونها تمثل مثالا صارخا على ضعف الأسلوب وركاكة المعنى وسذاجة البناء البلاغي.
فيما يلي نستعرض أشهر ما نُسب إلى مسيلمة من نصوص، وهي تتصدر نتائج البحث تحت عناوين مثل: قرآن مسيلمة الكذاب كاملا، العاجنات عجنا، الضفدع وما الضفدع، الجرذ وما أدراك ما الجرذ، وغيرها.
- نص “الفيل” – محاولة فاشلة لمحاكاة سورة الفيل
الفيل، وما أدراك ما الفيل،
له ذَنَبٌ وبِيل، وخُرطومٌ طويل،
وإنّ ذلك من خلق ربّنا الجليل.
يحاول هذا النص تقليد سورة “الفيل“، لكنه يسقط سريعا في سذاجة التوصيف، حيث يكتفي بتعداد صفات جسدية للحيوان دون أي دلالة رمزية أو قيمة معنوية.
- 🥣 نص “العاجنات عجنا” – تكرار بلا مضمون
العاجنات عجنا،
اللاقمات لقما،
الطاحنات طحنا،
الفاركات فرْكا،
الناشرات نشْرا،
اللافحات لفْحا،
الطابخات طبْخا،
الخابزات خبْزا،
اللاقمات لقْما،
ثمّ إنّكـم بعد ذلك لآكلون!
يتسم هذا المقطع بكثرة الأفعال المؤنثة المقرونة بتكرار مباشر، مما يُفقد النص أي بُعد بلاغي أو سياقي، فيتحول إلى مجرد سلسلة من الألفاظ المتقاربة دون رابط منطقي.
- 🐭 نص “الجرذ وما أدراك ما الجرذ” – وصف ساخر خال من العمق
الجرذ، وما الجرذ!
نفّاخٌ نفّاش،
يسرقُ الزادَ من بين العيال،
ينكشُ الكِنان،
ويفسدُ الطعامَ،
فما له من محبّ،
وما له من مدافع،
والويل لمن غفل عن الجرذ!
يتناول النص “الجرذ” في إطار عبثي، ويُقدمه كرمز للسرقة والفساد، لكن دون أي بناء رمزي عميق. فهو أقرب إلى النكتة من أن يكون خطابا دينيا.
- 🐸 نص “الضفدع وما الضفدع” – سجع الكهان في أسوأ صوره
الضفدع، وما الضفدع!
له صوتٌ منكر،
في الماء يُبحر،
وعلى اليابسة يزحف،
لا لبن له ولا عسل،
فلا هو طائر فيُحلق،
ولا سمكة فيغرق،
كأنه بين بين!
يحاول هذا النص السخرية من الضفدع، لكنه يعجز عن تقديم فكرة واضحة أو هدف معين، ويقع في فخ الإسفاف والتكرار العقيم.
- 🔥 نص “الحيات” – مديح الحية بدلا من العظة
الحيّات، وما الحيّات،
تُنفخ وتزحف،
تلدغ وتُفسد،
تبيت في الجُحر،
وتُخرج السمّ الزعاف،
ويلٌ لمن دنا منها،
ونجا من عضّتها!
يحاول النص خلق هالة خطابية حول الحيّات، لكنه لا يحمل أي معنى توجيهي أو حكمة. مجرد توصيف بدائي لحيوان خطير، بصيغة سجع ركيك.
- 🐍 نص “الأفعى والحيّة” – تكرار بلا غاية
الأفعى والحيّة،
ما بين زحاف ونفّاثة،
لا لبن فيها ولا لحم،
تسكن الظلمة،
وتُبغضها الفِطرة،
ما منها منفعة،
وما لها في الخير من طريق.
في هذا المقطع، يظهر التكرار العقيم وتضارب المعاني، حيث يكثر الوصف السلبي دون هدف واضح أو عبرة مفيدة، على غرار سجع الكهان الجاهلي.
- 🐑 نص “الشاة” – سرد فارغ في سجع بارد
الشاة، وما أدراك ما الشاة،
تُحلبُ عند الغدوّ،
وتُذبح عند المساء،
لها قرنان، وذيل يهتز،
إن أُطعمت سمنت،
وإن تُركت جاعت،
من صوفها يُنسج،
ومن لحمها يُشبع!
هذا المقطع يعرض وصفا آليا لحيوان مألوف، دون أي بلاغة أو مغزى، ليؤكد مرة أخرى مدى العجز عن محاكاة القرآن الكريم ولو في أبسط صوره.
- 🐺 نص “الذئب” – تشبيه مضلل وعبث لغوي
الذئب، وما الذئب،
يمشي وحيدا،
يعوي في الليل،
لا صاحب له،
إن جاع افترس،
وإن شبع نام،
شرهٌ لا يُؤمن،
وعدوٌ لا يُؤمن جانبه!
يستعيد هذا النص صيغة مشابهة لأسلوب القرآن في قوله “وما أدراك ما…”، لكنه يعجز عن تخليق أي قيمة دينية أو أدبية، بل يسقط في حشو لا معنى له.
- 🔎 تحليل لغوي مختصر
رغم أن هذه النصوص نُقلت في كتب التراث ضمن باب الرد على المتنبئين الكاذبين، فإنها ظلت محفوظة لا لقيمتها الأدبية، بل لسذاجتها. وتمثل خصائصها المشتركة ما يلي:
- سطحية في الفكرة: لا تتضمن رسائل أخلاقية أو فكرية.
- ضحالة في المعنى: تتعامل مع المفردات ببدائية.
- ركاكة في الأسلوب: تفتقر إلى أي بلاغة أو تناسق موسيقي حقيقي.
خاتمة:
لم يخلّف قرآن مسيلمة الكذاب أي أثر يُذكر سوى كمادة للهزل والتهكم. فلا بلاغة قرآنية، ولا قوة شعرية، ولا حكمة كهانة. بل مجرد تراكيب لفظية عبثية كشفت بوضوح الفجوة الساحقة بين الوحي الإلهي والمحاكاة البشرية.
ولعل تداول هذه النصوص حتى اليوم إنما هو درس في التمييز بين الوحي الصادق والكذب الملفق، وبين عظمة البيان وابتذال الزيف.
لا يزال قرآن مسيلمة الكذاب مثار دهشة وهزل في التاريخ الإسلامي؛ إذ يُمثل نموذجا متكلفا لتقليد الوحي دون أدنى نجاح. وقد حفظت لنا كتب الفرق والردود بعضا من هذه المحاولات التي تُنسب إلى مسيلمة، والتي لم تشتهر بقدر “العاجنات” و”الفيل”، لكنها لا تقل عنها عبثا وسذاجة.
يمكن القول عموما؛ أن ما يُعرف بـ “قرآن مسيلمة الكذاب” ليس سوى مثال على فشل التقليد وانعدام العمق. هذه النصوص تمثل أدنى مستوى من محاولات السجع والبيان، ولا ترقى إلى أي نمط فني معروف. إن حفظ التاريخ لهذه النصوص لم يكن تكريما لها، بل فضحا لسذاجتها، وتأكيدا على الفارق الجوهري بين الوحي الإلهي ومحاولات الزيف.