كيف اخترعت بلدة تشيكية العُملة الأقوى قبل ميلاد الولايات المتحدة؟
مثل فتوات سلسلة “الحرافيش” للروائي نجيب محفوظ، وبطل أفلام المدمر لأرنولد شوارزنيغر، يتهاوى الجميع أمامه، فهو الفتوة والبطل والنجم الذي لم يصمد أمامه أحد في دنيا المال، ولا يمر يوم إلا ونسمع عن ضحية جديدة له.. بداية من الجنيه الإسترليني واليورو وانتهاء بالجنيه والليرة، إنه الدولار الأمريكي.
تقول دائرة المعارف البريطانية إن الدولار الأمريكي هو عملة الولايات المتحدة الأمريكية، وهي عملة عالمية مهيمنة، تلعب دورا مهما في التجارة الدولية وأسواق الصرف. فما هي قصة الدولار؟
- خلفية تاريخية
كلمة “دولار” هي الصيغة الإنجليزية لكلمة ثالر “thaler”، وهي كلمة ألمانية تعني “شخص أو شيء من الوادي”. وكان اسم “ثالر” أُطلق على العملات المعدنية الأولى المسكوكة من مناجم الفضة في عام 1519 في يواخيمستال في بوهيميا، لذلك سميت وحدة العملة الأمريكية باسمها بحسب دائرة المعارف البريطانية.
فخلال القرن الخامس عشر، اشتهرت مدينة يواخيمستال (وادي يواخيم) البوهيمية، التي كانت جزءا من إمبراطورية شارل الخامس في ذلك الوقت (الإمبراطورية الرومانية المقدسة)، بمناجم الفضة.
وفي عام 1519، أصبحت العملات المعدنية الأولى المسكوكة من ذلك المعدن الشكل الرئيسي للعملة المستخدمة في التجارة في جميع أنحاء أوروبا، وكانت تلك العملات تسمى في الأصل يواخيمستالر “Joachimsthaler”، ولكن تم اختصارها لاحقا إلى ثالر.
وتقع بلدة يواخيمستال حاليا داخل حدود جمهورية التشيك واسمها التشيكي ياخيموف.
وكانت هذه العملة المعدنية موجودة في ألمانيا منذ القرن السادس عشر، مع اختلافات بسيطة في النطق مثل دالر daler ودالار dalar ودالدير daalder وتاليرو Tallero، وقد استمر تداول هذه العملة في ألمانيا حتى عام عام 1873 عندما تم استبدال الثالر بالمارك كوحدة نقدية ألمانية.
وقد انتشرت عملة الثالر في مختلف أنحاء العالم. لكن التحوير الهولندي لنطقها “دالار”، هو ما عبر المحيط الأطلسي في جيوب المهاجرين الأوائل إلى أمريكا وعلى ألسنتهم، ومازال تأثير ذلك واضحا في طريقة نطق كلمة دولار من جانب الناطقين بالإنجليزية بلكنة أمريكية.
وبمرور الوقت باتت كلمة “ثالر” تُطلق على عملات معدنية أوروبية أخرى لها نفس الوزن والجودة، مثل العملتين الإسبانية والبرتغالية.
وكانت هذه العملات المعدنية، وعلى رأسها “الدولار الإسباني”، هي الأكثر شيوعا في المستعمرات البريطانية في أمريكا الشمالية بسبب نقص العملات المعدنية البريطانية الرسمية.
وقد استخدم المستعمرون العملات الأجنبية التي عثروا عليها لتمويل إنفاقهم حتى أنهم طبعوا النقود الورقية في مستعمرات مختلفة مما دفع البريطانيين إلى الدخول في نزاعات معهم، وقد كان ذلك أحد أسباب الثورة الأمريكية.
وقام المتمردون بتمويل الحرب بالنقود الورقية المسماة القارية “كونتيننتال”، والتي تضمنت عملات “الدولار” و “الجنيه الإسترليني”، وقد فقدت تلك الأوراق النقدية قيمتها بعد الحرب، لكنها خدمت الغرض منها حتى انتصرت أمريكا.
لذلك، عندما حصلت أمريكا على استقلالها في عام 1792 قررت اعتماد “الدولار”، المُكون من 100 سنت، كاسم لعملتها بدلا من “الجنيه الإسترليني”.
وكان من المفترض أن تفقد كل الأموال الأجنبية وضعها في غضون 3 سنوات بعد أن تقرر اعتماد الدولار. ومع ذلك، نظرا لنقص الذهب والفضة في البلاد، تقرر في عام 1797 تمديد التعامل بـ “الدولار الإسباني” لفترة زمنية غير محددة.
وقد أدت اكتشافات الذهب في كاليفورنيا في عام 1848 إلى إنهاء التعامل بـ “الدولار الإسباني” في عام 1857 حيث شهدت الولايات المتحدة زيادة هائلة في احتياطياتها من الذهب والفضة.
وفي عام 1861 صدر الدولار الورقي في الولايات المتحدة. وتظهر صور الشخصيات السياسية الأمريكية على فئات مختلفة من الدولار:
- دولار واحد.. جورج واشنطن
- دولاران.. توماس جيفرسون
- 5 دولارات.. أبراهام لينكولن
- 10 دولارات.. ألكسندر هاملتون
- 20 دولارا.. أندرو جاكسون
- 50 دولارا.. أوليسيس إس غرانت
- 100 دولار.. بنجامين فرانكلين
- 500 دولار.. وليام ماكينلي
- ألف دولار.. غروفر كليفلاند
- 5 آلاف دولار.. جيمس ماديسون
- 10 آلاف دولار.. سلمون بي تشيس
- الاحتياطي من الدولار
كان لظهور الولايات المتحدة في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية كقوة اقتصادية مهيمنة تداعيات هائلة على الاقتصاد العالمي. وفي وقت من الأوقات، كان الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة يمثل 50 في المئة من الناتج الاقتصادي العالمي.
وكان من المنطقي نتيجة لذلك أن يصبح الدولار الأمريكي احتياطي العملة العالمي. وقد توصل مندوبو 44 دولة في عام 1944 لاتفاقية بريتون وودز التي أقرت رسميا اعتماد الدولار الأمريكي كعملة احتياطية رسمية.