من نوادر جحا
كان جحا يوما جالسا في المسجد، وقد جمع حوله بعض الناس يعظهم ويرشدهم، ويحكي لهم طرائف ونوادر عجيبة كلها عظات وعبر.
وقد اندهش الناس من كلامه، وأعجبو به اعجابا شديدا، حتى رفعوه مكانا عليا، ولقبوه بأعل أهل الأرض في زمانه.
وانتهز أحدهم هذه الفرصة وقال له: ياشيخنا الجليل، انت عالمنا، وعندنا مشكلة، نرجو ان نجد لها حلا عندك.
فسأله في ثقة: وهذه المشكلة خاصة بك وحدك ام بالمجتمع والناس؟ فقال: بل هي مشكلة عامة.
فقال جحا: طالما انها مشكلة عامة لابد ان اجد لكم حلا، فماهي مشكلتكم؟
فقالوا: الدنيا، فقال: مالها؟ قالوا:كم ذرعا؟ فقال على الفور: عشرة آلاف ذراع . فقالو: وكيف علمت ذلك؟ فقال: ان كنتم تشكون في كلامي فقيسوا انتم.
فقالوا: لانشك في كلامك ياشيخنا، واقتنع الجميع بذلك.
***
كان تيمور لنك حاكما ظالما، يعتدي على الناس فيأخذ منهم الأموال والأراضي والمواشي، ولايحكم بينهم بالعدل ولا بالسوية، ويكثر من إيذائهم وتعذيبهم. فكان الناس يتقون شره ويبتعدون عنه، الا ان جحا كان له عند تيمور لنك منزلة عظيمة.
فكان يقربه ويدنيه منه، ويسامره كثيرا، ويعجب بذكائه وظرفه..وكثيرا مايعفو عنه رغم انه قديواجهه احيانا بظلمه وعيوبه.
ومما يحكى ان جحا كان في مجلس تيمور لنك يوما، وفي المجلس حاشية الملك، فجاء خبر الى الملك بأن عشرة من نساء المدينة ولدوا في نفس الوقت.
وكلهم قد انجبو ذكورا ، فاستبشر الحاضرون بذلك، واراد تيمور لنك ان يسمع من جحا شيئا، فسأله: ياجحا، الى متى يلد الناس؟ فأجاب جحاعلى الفور: إلى ان تمتلئ الجنة بأمثالي وتمتلئ النار بأمثالك.
فتعجب الحاضرون من جرأة جحا، وظنو ان تيمورلنك سيوقع به العقاب، إلا ان تيمور لنك ابتسم، وقال له: لعل الله ان يتوب علي.
***
أراد رجل ان يمازح جحا، فذهب اليه، وقال له: ياجحا، إنني مريض بجملة امراض، واريد ان اخبرك بها.
فقال له جحا:قل، عساني اجد لك خيردواء يشفيك.
فقال الرجل: إنني اشعر بمغص في شعر لحيتي، وان ماآكله من الطيبات ينزل خبيثا، وان بباطني ظلمة، فهل عندك من دواء؟
فقال له جحا: اما مابشعرلحيتك من المغص فعليك بالموسى، واما ماتأكله من الطيبات فينزل خبيثا، فكل خبيثل ينزل طيبا، وأما ماتراه من الظلمة في جوفك فعليك بفانوس تعلقه على باب بدنك حتى يضيئ لك جوفك. فضحك الناس عليه، وانصرف الرجل خجولا.