الوزير “أبي موسى الجزولي” ومنهجه في اللغة والنحو
- تقديم عام:
الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام الأتَمَّان الأكْمَلان على المبعوثِ رحمةً للعالمين نبيِّ الرحمة سيدنا محمد وعلى آله وصحبه المطهرين.
وبعد،
فمن أرادَ تقويمَ لسانِهِ، وتصحيحَ اعتلالِهِ وفهمَ لغته على الوجه الصّحيح الذي لا يشوبُه مرضٌ ولا يَمَسُّهُ سَقَمٌ في عقيدتهِ، ويكون بذلك من الممتثلين النّجباء، والمُطِيعين لأوامرِ الخالقِ تعالى، والمُبْتَعِدِين عن النّواهي فعليه بفهم كتابه الحكيم، ولا يَتَأتَّى ذلك بطبيعة الحال إلا بالتمعّن والتدقيق في اللغة وأخصُّ بذلك علم النّحو، فهو قواعدٌ إنْ أُخِذَتْ على الوجه الأكملِ تعينك لا محالةَ على أخذ المعنى من كلام الله عزّ وجلّ، وإن لمْ تُؤخذْ على الوجه الأصح صَعُبَ الفهمُ وابتعد المَغْزَى عن المُراد، لأن “مقالاتِ النّحويين هي نصوصٌ أنتجها النّحويُّون وضمَّنوها جُملةً من الضَّوابطِ والقواعدِ والأصولِ التي تختزِل الظواهرَ اللُّغويَّةَ وتصف بنيَتَها.
والمُراد بالنُّصوصِ المُصنّفاتُ والمؤلفاتُ والأَمالي التي بحثتْ في ظواهرِ اللُّغةِ ومسائلِها وحفظَ فيها النّحويونَ أنظارَهم وتأمُّلاتهم”.[1]
وهكذا بدأ الاهتمامُ بالدِّراسَاتِ النّحويةِ واللُّغَويةِ منذ بدأ تفشِّي وظهور اللحن في ساحة العرب تأثراً بالأعاجم الذين دخلوا السّاحةَ قصدَ التّجارةِ التي جمعتهم بالمسلمين، أو رغبتهم في فَهْمِ الخِطاب القرآني، فكان لِزاماً على كلّ غيورٍ من عُلماءِ اللُّغةِ العربيةِ إعداد العُدّة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه فتمَّ جَمْعُ اللُّغَةِ من العَرَبِ الفُصَحَاءِ والحواضر التي لم يختلطها العجمُ ولم يدخلها اللحن بعد.
وبانتشار الإسلام في شمال إفريقيا والأندلس، انتقلَ الدّرس اللغوي إليهما كما انتقلت اللّغة العربية والكتاب العزيز، فازدهرت العلوم فيهما بسبب ارتحال العُلماء المغاربة والأندلسيين إلى المشرق، وأخذهم العلوم عن أهله، وبذلك ظهر نبوغٌ مغربي وأندلسيّ أثرى الفكر العربي بفضل علماءَ أعلوا شأنَ اللّغةِ العَربيّة لاهتمامهم بمختلِف العُلومِ العربيّة، لاسيما النّحو الذي بفضله استطاعوا حمايةَ اللُّغةِ والقرآن الكريم، ونشرهما في الأقطار المُجاورة.[2]
ونظراً للدّور الذي لعبَه علماء المغرب والأندلس في خدمة القرآن الكريم- عمادُ الحضارة ومُؤَسّسُها[3]– بتعبير الدكتور عبد الرحمن بودرع دراسة وتفسيراً وفي إثراء الدّرس اللغوي العربي عامّة والدّرس النّحوي، ارتأيت أن أجعل بحثي خاصّا بهذا الجانب المهم من تُراثِنا العربي العريق، فكان عنوان البحث: “الوزير أبو موسى الجُزولي ومنهجه في دراسة اللغة والنّحو” نظراً لما قدّمه هذا الشيخ اللغوي من إضافات كبيرة أغنت الساحة العربية واللغوية، كيف لا يكون كذلك وهو أحدُ علماء العربيّة الذين يُشارُ إليهم بالبَنَانِ، وقد عَلَا قدرُه، وذاع صيتُه في المغربِ العربي بين الذين خدموا لغةَ الضّاد، ووصلوا ما انبَتَّ من جهودِ الأسلاف في هذا الصَّددِ.[4]
- الوزيرُ أبو موسَى الجُزُولي:
- تعريفُه:
الشَّيْخُ عيسى بن يَلَلْبَخْت الجُزُوليّ المغربيّ، بربريّ النّسب. وجُزُولة قبيلة من قبائل البربر مشهورة الذكر هناك. وربما قالوا كُزولة (بالكاف). أبو موسى.
رجلٌ فاضلٌ كامِلٌ دَيِّن خَيِّرٌ. رحَل من المغرب إلى المشرق وحجَّ وعاد إلى مصرَ، وقرأ مذهبَ مالكٍ والأصولَ على الفقيهِ أبي المنصور ظافر المالكيّ الأصولي. وقرأ النَّحو على الشيخ أبي محمد عبد الله بن بريّ النحوي المصري الدار، إمام وقته.
ولما قرأ عليه كتاب “الجمل” للزجّاجي سأله عن مسائلَ على أبواب الكتابِ، فأجابه عنها، وجرى بحثٌ فيها بين الطلبة أنتج قولةً علَّقها الجُزُولي مفردةً، فجاءت كالمُقدّمة، فيها كلامٌ غامضٌ، وعقودٌ لطيفةٌ، وإشاراتٌ إلى صناعة النَّحوِ غريبةٌ. ولمّا عادَ إلى المغرب نقلها النّاس عنه، واستفادوها منه. وبلغني أنَّه كان إذا سُئلَ عنها: هَلْ هي من تصنيفك؟ قال: لا؛ لأنه كان مُتورعاً.
ولما كانت هذه من نتائجِ خواطرِ الجماعةِ عند البحثِ في مجلسِ الشيخِ أبي محمد بن بريّ، ومن كلام ابن بريّ لمْ يسغْ له أن يقول: هي من كلامي وتصنيفي، وإنَّما هي منسوبة إليه؛ لأنها من استفادته ومُساجلته وكونه أثبتها دون الجماعة.[5]
ويُضيف القفطي أنه قد أخبره صديقه النَّحوي اللورقيّ الأندلسي قال: اجتزتُ به في طريقي ببعض مُدُن العدوة- وأسماها لي وأُنسيتُها أنا- قال: وقد كان مُقيماً بها، فأرشدتُ إلى منزله، فدققت عليه بابَهُ، فخرجَ إليَّ فرأيته في هيئة متألّه، فسألته عن مسألةٍ في مقدِّمته، أظنُّه قال في باب التعجب أو في باب الحكاية- السهو مني – قال: فأجابني عنها، وتركتُه وانصرفت.
وقد عُني النَّاسُ بشرحِ هذه المقدِّمة؛ فمن شرحها صديقنا هذا المعلم وأجاد. وشرحها أبو عليّ عمر الشَّلوبيني[6]، نزيلُ إشبيليَّة ونحويُّها، ولم يُطل، وشرحها نحويّ من أهل العَدوةِ من أرض المغرب، ووصل شرحه إلى الشأم وقال: من وقف عليها: لم يأتِ بطائلٍ. وشرحَها شابٌ نحويٌّ من أهلِ جيَّانَ من الأندلسِ متصدِّرٌ بحلب لإفادة هذا الشأن، فجمع فيه بعض أقول هؤلاء المقدم ذكرهم وأحسن في الإيجاز.[7]
- ب- وفاتُـه:
مات الجُزُولي – رحمه الله- بالمغرب، في حدود سنة خمس وستمائة؛ قبلها أو بعدها بقليل؛ والله أعلم.
واجتمعت بالمعلّم أبي القاسم بن الموفّق النحويّ اللورَقيّ الأندلسيّ المقدّم ذكره، وسألتُه عنه ثانيةً فقال: كان اجتماعي به بتونس، وقدِمَ في صُحبةِ صاحبٍ المغربَ لقصدِ المهديِّ وقال: كان الجُزوليّ مُزواراً، ومعنى المزوار بالبربرية مقدم جماعةٍ.
وسألته عن المسألة التي سأله عنها، فقال: هي في التعجب من مقدمته، وهي المثلية أو المثليَّة “بالتّحريك” قال: فقال له: هي المثلية. وسألته عن سنةِ اجتماعه به فقال: كان ذلك في أوائل سنة إحدى وستمائة.
ثم سألته: هل حققت وفاته فقال: لم أُحقِّقْ السّنة؛ ولكن أُخبِرتُ أنه لم يعِش بعدي إلا سُنّيات قلائل، ما بين الثلاث إلى الأربع، فيكون تقدير وفته ما ذكرناه.[8]
- ت- مُؤَلَّفَاتُهُ:
قال ابن خلِّكان: كان إماما في علمِ النَّحو، كثير الاطلاع على دقائقه وغريبه وشاذه، وصنَّف فيه المقدِّمة التي سماها “القانون” ولقد أتى فيها بالعجائب، وهي في غاية الإيجاز مع الاشتمال على شيءِ كثير من النَّحو، ولم يُسبق إلى مثلها، واعتنى بها جماعة من الفضلاء فشرحوها، ومنهم من وضع لها أمثلة، ومع هذا كله لا تفهم حقيقتها، وأكثر النّحاة يعترفون بقصور أفهامهم عن إدراكِ مُراده منها، فإنها كلها رموز وإشارات، وبالجملة فإنه أبدع فيها.
وله أمالٍ في النَّحو لم تشتهرْ، ونسبتُ “الجمل” إليه لأنها من نتائج خواطره، وكان يقول: هي ليست من تصنيفي، لأنه كان متورعاً، وكان استفادها من شيخه ابن برِّي، وإنما نُسِبت إليه لأنه انفرد بترتيبها، وانتفع به خلقٌ كثير، وتوفي بأُزُمُّورَةَ من عملِ مرّاكش.[9]
وذكر عبد الله كنون في النبوغ المغربي في الشق الخاص بكتب النّحو واللغة المقدمة الجزولية” شرحها له، الأمالي له، شرح ابن السّراج له، مختصر الفَسْر لابن جنّي في شرح ديوان المتنبي له، الألفية لابن مُعط، نظم في العروض له، نظم جمهرة ابن دُريد له، نظم الصّحاح له، شرح الجزولية لأبي العبّاس الشريشي السّلوي، شرح المفصل له، شرح الجُمل للزجّاجي لأبي القاسم بن الزّيات المتوفّى سنة 665 الصَّارم الهندي في الرّد عل الكندي في مسألة من علمِ العربية لأبي الخطّاب ابن دحيةَ.[10]
ومن ثمّ يظهر أن الوزيرَ أبا موسى الجُزولي عالمُ نحوٍ مشهور وله درايةٌ ودربةٌ كبيرتين في المجال اللغوي والنّحوي، وكذا في علم العروض؛ حيث يتضح اهتمامه المتميز بالنحو العربي خصوصاً المؤلفات المشرقية التي تهتم بالدراسات اللغوية والنّحوية.
- ث-مَنْهَجُهُ:
تميزت مسيرة أبي موسى الجُزولي بشهرة واسعة، وصل صداها إلى مُختلِف أنحاء البلاد، وبتأليفه لمقدمته والتفاف الدّارسين حولَه، يطلبون دروسَه ومعارفه زاد من شأنه ورفع مكانته بين العُلماء.
ومع أنّ مقدمته نالت شهرة واسعة، واهتم العُلماء بشرحِها، إلا أنّ المنهجَ الذي اتّبعه في تأليفها جعلَ الكثير من العلماء لا يفهمون ما جاء فيها، فلم يصلوا إلى المُراد منها” ومع هذا كله فلا تفهم حقيقتها، وأكثر النّحاة ممن لم يكن أخذوها عن موفق يعترفون بقصور أفهامهم عن إدراك مراده منها، فإنها كلها رموز وإشارات”[11]
وإذا تحدثنا عن المقدمة الجُزُولية فككل عمل نجد لها معارض ومؤيد، فقد نالت شهرة واسعة من جهة، ومن جهة أخرى نجد من اعتبرَها مجرَّدَ رموز وإشارات غير مفهومة غير أنه “ومن قبيل المبالغة القول إنّ من أئمة النّحاة من يعرف النّحوَ ولا يعرفها، أو أنها منطق وليست نحواً، أو أنَّها سِوى حواشٍ لجُمل الزجاجي أو تقييدات وإملاءات لابن بري.[12]
إذ يستحيل على عالم النَّحو أن يقول بعدم فهمه لهذه المقدمة، لأنها لا تحمل غير قواعد نحوية مختصرة، هذا الأسلوب في الاختصار لم يبتكره أبو موسى الجُزُولي، وإنّما جاء بها علماء من المشرق قبله، فنجد مثلا كتاب “الجمل” للزجّاجي، “الأصول” لابن السراج وغيره من الكتب التي حاول مؤلفوها عرض القواعد النّحوية بشكل مبسّط مختصر، يسهّل على الدّارسين فهمه واستيعابه” ومن مظاهر الإبداع فيها ابتكار أسلوب الاختصار الفنِّي وبالرّغم ممّا يتعرّض له هذا الأسلوب من النّقد، فقد يكون من قبيل المكابرة إنكار ما له من فضل في مساعدة الحفّاظ على الاِستحضار، وفي دفع الباحثين إلى التطلع والشرح”[13].
هذا الأسلوب الفنّي المختصر الذي جاءت به المقدّمة لم يسلم من نقد العديد من النّحاة الذين أثروا التعليل في أساليبهم حتى أصبح دارس النّحو لا يفهم المُراد من القاعدة أو النظرية النّحوية لكثرة حشوها بالتعاليل والاستنباطات غير المفيدة، لكن وبعد استحداث أسلوب الاختصار، أصبح من السّهل فهم القواعد وحفظها ومساعدة الباحثين سواء في شرح تلك المختصرات، أو في إبداع غيرها.[14]
وهذا ما تمت الإشارة إليه سلفاً أنه لابد لأي بحث أو دراسة علمية أن تلاقي انتقادات لاذعة من طرف الباحثين والمهتمين في هذا الشأن، كما يمكن أن تُلاقي من جهة أخرى اهتماماً كبيراً، وهذه سنة الله في الكون فمن فهمكَ تتبع خُطاك ومن لم يفهمك حوّل مدفعيته حولك، فبدايات المقدّمة الجُزولية التي كان هدفها الأساس شرح القواعد النّحوية وتبسيطها أشد البسط، كان غير مجدٍ بالنسبة لبعض الباحثين، ولكن بعد اعتماد ما سُمِّي بأسلوب الاختصار سَهُلَ عليهم الحفظ والإبداع.
يقول محمد المختار ولد أباه:” والمقدّمة من بديع المُختصرات التي نشأت في هذا العصر وعرفت تطوراً كبيراً فيما بعد، وإبداع الجُزولي واضح في نظمه وشدة اختصاره، وفي أسلوبه المشرب بالصيغ المنطقية الدّقيقة، فجاءت وكأنها مذكّرة الحافظ، تسعف دارسها باستظهار القواعد الأساسية، في كلمات معدودات في كل باب من أبواب النّحو”[15] على عكس من انتقدَ المقدّمة من النُّحاة، فهناك من يرى أنَّها أروع ما ابتكر في هذا العصر، نظراً لشدة اختصارها، وجمال أسلوبها الذي يُساعِد على فهم الأمور بطريقة أوضح وأسهل، دون اللجوء إلى كثرة التّعليل والاستنباط.[16]
ولكننا نسأل أنفسنا لماذا بَعُدَ الجُزولي عن كثرة الاستشهاد واقتصر في مُعظم الأبواب على سرد قواعدِ النّحو دون كتابةِ شاهدٍ واحد؟ ونعلم أن هذا يُخالف طريقةَ النّحاة الأندلسيين الذين أكثروا من الاستشهاد ويُخالف الزّجّاجي في جمله التي ظنّ بعضُ المؤرخين أنّ المُقدّمة الجُزولية حواشٍ عليها ففي جُمل الزّجّاجي بَسْطٌ لأبواب النّحو وتَفصيلٌ واستشهادٌ بكثيرٍ من الكلام العربي.
يُجيبُ محقق المقدمة الجُزولية الدكتور عبد الوهاب شعبان بقوله: إن الجُزولي أراد أن يُخضِع ما لديه من النّحوِ للمنطقِ لمعرفتِه به وربّما كان هذا هو الذي دفعه إلى قلّة الاستشهاد في مُقدّمته وهذا دون شكٍ يُنقِصُ من قيمة المُقدّمةِ الجُزوليّة، إذ إنّه لو أكثر من الشّواهدِ واستوفاها في مواضعها لكان لكتابه شأن عظيم.
فإن قال قائل: رُبّما جنح إلى هذه الطّريقة في التأليف لقلّة اطلاعه على المُؤلفات النّحويّة التي مُلِئت بالشّواهد، رددتُ كلامَهُ هذا وقلتُ: إنّ كتابَ سيبويه كان أمامه وهو يُملي أو يكتبُ مُقدّمته وكتابُ سيبويه مملوء بالشّواهدِ من القرآن الكريم ومن أشعار العربِ وكذلك كتابُ الجُملِ للزّجّاجي وكتابُ الأصول لابن السّرّاج وغيرها من أمّهات الكُتُبِ.
وبالرغم مما ذكره المُحقق فقد استشهد بعشر آيات من القُرآن الكريم في أبواب مثختلفةٍ:
- قال الجُزولي في باب إنَّ المكسوره متى خُفِّفَتْ:
” وأشربها معنى ليت مَنْ قرأ فاطلع نصباً” وهو يُشير بهذا إلى قولِه تعالى: وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الأسْبَابَ (٣٦)أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلا فِي تَبَابٍ (٣٧)[17]
- قال في باب الحكاية: “وينصب المُفرد النائب عن الجُملة عند قوم كالسَّلام بعد القول مِنْ ضيف إبراهيمَ ” وهو يُشيرُ إلى قوله تعالى”هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (٢٤) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (٢٥)[18]
- قال في باب ما تركت العربُ همزته: النّفسُ يجوزُ فيها التذكير على المعنى والتأنيث على اللفظ قال الله تعالى: أنْ تقولَ نَفْسٌ يا حسْرتا وقال تعالى: قد جاءتك آياتي”.
وهو يُشير إلى قوله تعالى:” أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (٥٦) وقوله تعالى: ” بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (٥٩).[19]
- قال في باب المنصوبات بفعل يلزم إضماره من المفاعيل ” انتهُوا خيراً لكم” ومنه ” فإمَّا منَّا بعْد وَإمَّا فِداء” وصُنع الله ووعد الله وكتاب الله وصِبغةَ الله”.
وهو يُشير إلى قوله تعالى يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا (١٧١)[20] وقوله تعالى:” فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا (٤)[21] وقوله تعالى:” وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (٨٨)[22] وقوله تعالى:” وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٦)[23].
وقوله تعالى:” وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ[24] وقوله تعالى: صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (١٣٨)[25].
أما أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم فلم يستشهد إلا بشيء من كلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال الجُزُولي: وإيَّايَ وأن يَحْذِفَ أحدُكُم الأرْنَب”.
أما ما استشهد به من أقوال العرب وشعرهم فقليل.
وهذا بلا شك قصور لا عن عجزٍ في التأليف فإن الحقيقة تؤكد قوته في هذا الميدان وكان يستطيع أن يفعل ذلك لو أراد ولكنه أحجم للعلّة التي سبق أن قُلْتُها وهي الاختصار ومجاراة علماء المنطقِ في عصره ولهذا كانت الجُزُولية صعبةَ الفهمِ.
أمّا الاستعانة بالمنطق فإنه واضح كُلّ الوضوح ويظهر هذا في ناحيتين:
الأولى: اختصاره الواضح في التأليف.
والثانية: وضع بعض الأبوابِ كأنّها حدود منطقية صيغت بها بعض الحُدود والتعاريف والقضايا الكلية التي تنطبق على الأحكام الجُزئية وربما أراد مُجاراة عُلماء عصره مثل ابن رشد عالم المنطق الكبير وربّما كان دافعُه هو إقناع النّاس أنّ النّحو يُمكن أن يكون كالمنطق الذي شغلوا به بعد ترجمة ابن رشد لكتب علماء المنطق باليونان فأراد الجُزُولي مخلصاً أن يجعل النّاسَ يتعلقون بالنحو تعلقهم بالمنطق فصاغه حدودا منطقية وهذا الذي دفعه إلى قلة الاستشهاد وربّما هو اتباعه مذهب بعض مَنْ سبقه من النّحاة مثل ابن الطراوة والرّمّاني.
ولا أَشُكُّ أنَّ الجُزُولي فنحن لا نحس به إلاَّ قليلا سواء في كلام الله أم كلام نبِيِّهِ قبل بعثتِه وفي زمنِه وبعده إلى أن فسدت الألسنة بكثرة المولّدين نظماً ونثراً من مسلم أو كافر وقد اعتمد في تأليفه للمُقدّمة على القياس التّعليلي.[26]
- ج- تأثّرُهُ بِالنّحْوِ المَشْرِقِي:
يُعَدُّ الوزير أبو موسى الجُزُولي من بين المؤلفين المُحايدين الذين لم ينتموا لأي مدرسة نحوية، فقد كان يأخذ من كل فنٍّ طرب، ويروي ظمأه مما يصلح له، فينتقي بذلك ما يخدم منهجه وأبحاثه.
وبهذا فقد اهتم أبو موسى الجُزُولي بالنّحو المشرقي كغيره من النُّحاة الذين ألفوا في هذا الميدان، إذ كان يأخذ من آراء مُختلف المدارس فكان يؤيد أحياناً أقوال البصريين، ويؤيد أحياناً أخرى أقوالَ الكوفيين والبغداديين، إذ لم تكن له مدرسة أو مذهب معيّن ينتمي إليه،
وإنّما كان ينتقي من آراء مختلف المدارس ما يراه مُناسباً ويتماشى مع آرائه، من بين الآراء التي كان ينتصر لها نجد اختياره رأي[27] “ابن السراج البصري إلى أنّه لا يجوز تقدّم المفعول به على الفاعل إذا حصل لبس مثل: كلّم موسى عيسى”[28] كما كان يذهب أيضا مع “أبي علي الفارسي أنّ نون المثنى والجمع المذكر عوض عن الحركة والتنوين في المفرد”[29] إلى غير ذلك من الآراء التي أيّد فيها النّحاة المشارقة سواء كان ذلك من نحاة البصرة أو الكوفة أو بغداد.[30]
- المُقَدِّمَةُ الجُزُوليَّةُ وأَثرُ أَفْكَارِهَا على النّحّاة:
إنّ من أهمّ ما كتبَه أبو موسى مقدّمته التي نشرت بتحقيق الدّكتور شعبان عبد الوهاب، واستعرض في التّقديم لتحقيقه أقوالَ العلماء فيها، وردَّ على الشّلوبّين في قوله إنَّ الجُزُولي لم يكن هو الذي وضعها، وعلى السُّيوطي في تصريحه إنّها حواشٍ على جُملِ الزّجّاجي وعلى المقالة التي أوردها ابن خلّكان وهي:” وقد سمعتُ بعضَ أئِمّةِ العربِ المُشار إليه وهو يقول أنا ما أعرف هذه المُقدّمة، وما يلزم من كوني ما أعرفها أنّي لا أعرف النَّحوَ، وبالجُملةِ فقد أبدَعَ فيها” وقال بعضهم ليس فيها نحو وإنَّما منطِقٌ، لحدودها وصناعتها العقلية.[31]
حظيت المقدّمة الجُزولية التي ألفها أبو موسى الجُزولي بالعناية والاهتمام، وكانت بذلك “كتابَ العصرِ” إذ تداولها العُلماء بالتّدريس والشّرح في جميع الحواضر الإسلامية في بجاية، والموصل مصرَ والأندلس والمغرب فشرحها الشَّلوبين، وأبو زكريا يحيى بن مُعطي بن عبد النُّور الزواوي صاحبَ الألفيَّة المُتوفّى سنةَ 628 أو 620هـ، وأحمد بن الحسن الخباز المُوصلي (ت637هـ)، وأبو العبَّاس تاج الدِّين أحمد بن محمد الشّريشي صاحب كتب الأسرار والعوارف (ت640هـ)، وأبو عثمان سعد بن أحمد الجُذامي (ت645هـ).
كما شرحها ابنُ عصفور، شرحاً أكملَه تلميذه أبو عبد الله محمد بن علي الأنصاري المعروف بالشّلوبّين الصغير وابن الموفَّق (ت661هـ) وشرحها كذلك الأبذي الخشني أبو الحسن علي بن محمد (ت680هـ)، شيخ ابن الزّبير وجمال الدّين ابن مالك وابن أم قاسم المُرادي.[32]
ومن خلال هذا العرض لِشُرّاح “المُقدّمة” نرى أنّها نالت من الشُّهرة ما يُمكّنها من تبوّء مرتبة الصَّدارة إلى جانب المُؤلّفات النّحوية المُختصَرة، والمُتميّزة مثل: “الأصول” لابن السّرّاج و”الجُمَل” للزّجّاجي و”الإيضاح” للفارسي… والتي ساعدت الدّارسين وحتى الباحثين، فقد أفادوا واستفادوا، وبفضل ما جاء فيها من الاختصار تمكَّنوا من فهم ما كان قد تعسَّر عليهم فهمُهُ من قبل.[33]
أما شروح المُقدّمة التي وصلت إلى الباحثين اليوم فهي أربعة، الشّرح الصّغير للشّلوبّين، وقد قام بتحقيقه أحدُ الباحثين في جامعة الإمام محمد بن سَعود الإسلامية، والشّرح الكبير وفيه بسط للآراء ولمسائل الخلاف، مع إيرادِ الأدِلّة، والتّعليلات والأمثلة والشّواهد وقد قام بتحقِيقِه د. تركي العتيبي، أمّا الشرح الثالث للشّلوبّين فهو التوطئة التي جاءت بمثابة تسهيل وتقريب لأساليب أبي موسى الجُزُولي أما الشّرح الرّابع فهو ما يُعرف بالمباحث الكامليّة لعلم الدّين بن الموفّق وهو من أكمل ما وضع على المُقدّمة.
وكانت آراء الجُزُولي في مُقدِّمَتِه موضعَ اهتمامِ من النّحويين الذين لم يُعْنَوا بشرحِها، فقد أَفَادَ منها ابنُ هِشَام في المُغني، وابنُ الحَاجِب في كافيّته والغافقي في شَرْحِ الجُمَل.[34]
والمقدّمة الجُزولية كتاب مفيد، قال عنه ابنُ مالك: إنَّ كتابَ القانون في النّحو للشيخ الإمام الفاضل أبي موسى عيسى الجُزولي، وإن كان صغير الحجمِ لكنّه كثيرُ العلمِ مُسْتعصٍ على الفهمِ مشتملٌ على لُباب الأدبِ، مُنطوٍ على سِرّ كلام العرب، مُتضَمّنٌ للنِّكات العربيّةِ التي خلا منها أكثر شروحِ النّحوِ.[35]
- دِراسَةٌ مُوَازِنَةٌ مُوجَزَةٌ بَيْنَ المُقَدِّمَةِ الجُزُولِيّة والتّوْطِئَةِ لأَبِي علِي الشّلوبّيني.
حاولت في الشق من البحث أن أسدِل الستار عن دراسة لا تقل أهمية من المقدّمة الجزولية وذلك للوقوف على مدى ما قدّمه الوزير أبو موسى الجُزولي من خدمة للنّحو والنّحويين، وما أفادته أو استفادته الدّراسات الأخرى منها، فبِضِدِّها تُعرف الأشياء كما يُقال. وبهذا فالاختلاف يقع بينهما من جهتين: شكلي وموضوعي.
أما الاختلاف من النّاحية الشكلية فهو في صورة نقل الأبواب تأخيراً أو تقديماً، كما فعل الشّلوبّيني في باب: نعم وبئس، فجعلهما بعد التحذير في حين هما في المُقدّمة آخر الكتاب بعد الحُروف العربية.
وكذلك باب الإدغام، كان ترتيبه بعد الإمالة في المُقدّمة في حين هو في التّوطئة قبل الآخر بباب.
وقد عقد الجُزولي أبواباً للمفعول معه، والمفعول، والحكاية، في حين ضمّها الشّلوبّيني تحت باب “المفعول”.
وكذلك ظرفا الزّمان والمكان، هما مُستقلان بباب في المُقدّمة، في حين لم يُفرد الشلوبّيني لهما باباً.[36]
هذا من النّاحية الشكلية، أما من النّاحية الموضوعية فنلخصها فيما يلي:
- لم يشأ الشّلوبّيني أن يشُقّ على الدّارس في بعض المسائلِ التي رأى أنّ الجُزولي قد وفّاها حقَّها من ناحية الشّرح، فكان دوره هنا ناقلاً فقط، وقد تكرر هذا النقل في أكثر من بابٍ، ولعلّ النّقل الحرفي يتضح في باب حروف، التصديق، كمثل:
يقول الجُزولي:
“من حروف التّصديق والإيجاب: نعم، وهي كتصديق ما قبلها مُطلقاً، ومنها: بلى، وهي إيجاب بعد النّفي، عارياً من حُروف الاستفهام كان أو مقروناً بها.
قال الجواهري: بلى، إيجاب لها يُقال لك، لأنها ترك للنّفي، وربّما ناقضتها “نعم”، فإذا قال لك: أليس لي عندك وديعة؟ فقولك: نعم، تصديق له، وبلى: تكذيب له.
ومنها، أجل، وهي تصديق لما قبلها.
قال الأخفش: نعم، أحسن منها في الاستخبار وهي أحسن من “نعم” في الخبر. حكاه الجوهري.
ومنها: إن، بمعنى: نعم.
قال أبو عُبيدةَ: قول الأخفش: إنّ”إنّ” بمعنى: نعم، في قوله: فقُلت إنّه، إنّما يُريد تأويلَه، لا أنّه موضع لذلك، وأصل الكلام: إنّه قد كان ما يُعلن؛ فاختصر واكتفى بالضمير.
وإذا نحن قابلنا بينه وبين الشَّلوبيني في نفس الباب نجده يقول:
“ومن حُروف التّصديق: نعم، وهي لتصديق ما قبلَها.
ومنها: يلي، وهي إيجاب للنّفي عارياً من حُرُوف الاستفهام كان أو مقروناً بها.
قال الجوهري: بلى، إيجاب لما يُقال لك، لأنّها ترك للنّفي، وربما ناقضتها”نعم”، فإذا قيل لك: أليس لي عندك وديعة؟ فقولك له: نعم، تصديقاً له، وبلى، تكذيباً له.[37]
- ويتوسَّع الشَّلوبِّيني قليلا فيضرب الأمثلة بجانب النّقل في بعض الأحيان، يقول الجُزُولي في باب الأفعال:
“الأفعال بالنسبة إلى الزّمان ثلاثة أقسام: ماضٍ بالوضع كفعل، ومستقبل بالوضع، كأفعل، ومُبهم بالوضع، كيفعل. والمُستقبل بالوضع لا قرينة تُزيلُه عمّا وُضِع له، والمُبهم بالوضع له قرينتان تصرّفان معناه إلى المُضيّ دون لفظه، وهما: لو، ورُبّما، وقرينة تُخلّصه للحال، وهي: الآن، أو في معناها، وقرائن تُخلِّصه للاستقبال، وهي: لام الأمر، والدّعاء، ولا، في النّهي والدّعاء، ولام القسم، ولا، في النّفي، ونونا التّوكيد، وحرفا التّنفيس”[38].
ويجيئ الشّلوبّيني في التّوطِئة فيقول:
” الأفعال بالنّسة إلى الزّمان من جهة وضعها لها ثلاثة أقسام:
ماضٍ بالوضع، كفعل، ومستقبلٌ بالوضع، كأفعل، ومبهمٌ بالوضع، كيفعل. والمستقبل بالوضع لا قرينة تُزيله عمّا وُضِع له، من ذلك ما بقي على معناه من الأمر، استظهاراً على مثل قولك: أحسن بزيد، إذ معناه كمعنى قولك: حسن زيد جدّا.
والمبهم بالوضع، له قرائن تصرّف معناه إلى المُضي، وهي: ربّما، نحو: ربّما يقوم، ولو، نحو: لو يقوم زيد، ولم، ولمّا، الجازمتان، نحو: لم يقُم زيد، ولمّا يقم زيد، في النّفي أيضا.
وقرائن تُخلّصه إلى الحال، وهي: الآن، وما في معناها، من نحو: عدا الوقت، هذه الساعة، ما بقيت على أوضاعها ولم يُتجوز فيها أن يُراد بها تقريب المُستقبل من الحال، كقوله:
- سأسعى الآن إذ بلغت أناها.
ويجري مجراها في تخليصها للحال: لام الابتداء، في الإيجاب نحو: إن زيداً ليقوم”[39]
- وأحيانا كثيرة يُسهب في الشّرح ويُطيل ما اقتضت ذلك الإطالة. فمثلا يقول الجُزُولي في معرض حديثه عن نواصب الفعل:
“لن” لنفي (سيفعل)، وجواز تقديم معولها عليها يدل على أنّها ليست مركّبة من (لا) و(أنّ).
و“إذن”، لها ثلاثة أحوال: أن تتقدم، وأن تتوسط: وأن تتأخر.
فإذا تقدّمت وأُريد بالفعل الذي بعدها الحال أُلغيت، وإذا أريدَ به الاستقبال أُهملت.
وإذا توسطت وافتقر ما بعدها إلى ما قبلها، مثل أن تتوسّط بين المبتدأ والخبر، وبين الشرط والجزاء، وبين القسم والجواب، أُلغيت.
وإذا تقدّمها واو العطف حاز فيه الأمران، على اختلاف التأويلين.
وإذا تأخرت أُلغيت.
و“كي” إذا لم تدخل عليها اللام احتملت الجارّة والنّاصبة، وإذا دخل عليها اللام كانت ناصبة بنفسها، ومعناها معنى”أن”.[40]
ويجيئ الشّلوبّيني فيُطيل الشّرح فيقول:
“لن“، لنفي (سيفعل)، وتقديم معمول معمولها، وهو: زيد، في قولك: زيداً لن أضرب، يُقوّى أنّها ليست مُركّبة من (لا)، و(أنّ). إذ لو كانت مركّبة منهما لكان قَمِناً أن يدلوا على التّركيب بمنع التقديم.
و”إذن” حرف جواب وجزاء، كقولك: إذن أكرمك، لمن قال: أنا أزورك، ومعناه معنى قولك: إن تَزُرْني أُكرمك، فذلك قيل فيه جواب وجزاء، ولها ثلاثة أحوال:
أن تتقدّم، وأن تتوسط، وأن تتأخّر.
فإذا تقدّمت وأُريدَ بالفعل الذي بعدها الحال أُلغيتْ، نحو قولك لمن يُحدّث، وقد ظنت أنّه كاذب: إذن أظنُّك كاذباً.
وإن أُريدَ به الاستقبال أُعْمِلت في الغالب، نحو قولك: إذن أكرمك، جواباً لمن قال: أزورك، وقد حكى إلغاؤها هنا، والأول أكثر.
وإذا توسطت وافتقر ما قبلَها إلى ما بَعدَها، مثْل أن تتوسط بين الخبرِ وذوى الخبر، نحو: أنا إذن أزورك، وبين الشّرط والجزاء، نحو: إن تزُرني إذن أزورك. وبين القسم والجواب، نحو، والله إذن لا أفعل، ألغيت، ونحو قوله:
لا تترُكنِّي فيهمُ شطيرًا إنّي إذن أهلك أو أطيرًا
ضرورة، أو على حذف، كأنّه قال: إنّي لاحتمل ذلك، ثم ابتدأ فقال: إذن أهلك.
وإذا تقدّمها حرف العطف جاز فيه الأمران، نحو قوله تعالى: (وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلا قَلِيلا[41]) و(أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا)[42] على مُراعاة التّصدّر قبل الرّبط، أو التّوسّط معه.
وإذا تأخرت أُلغيت، نحو قولك: أُكرمك إذن، في جواب من قال: أزورُك.
و”كي”، إذا لم تدخل عليها اللام احتملت النّاصبة بنفسِها، لا لقيامها مقام غيرها، والجارّة نحو جئت كي أتعلّم، لإمكان أن تكون “كي” بمعنى “أن” وبمعنى “اللام”.
وإذا دخلت عليها اللام كانت النّاصبة بنفسِها، نحو: جئتُ لكي أتعلّم لأنّها لا تُقَدَّرُ هنا بأن”[43]
- وهو أحياناً يوافقه وينتصر لرأيه؛ فيقول مثلا في معرض حديثه عن الكلام وما يتألف منه:
“فاسم المقسوم صادق على الأنواع والأشخاص، وإلا فليست بأقسام له، كقولنا: الحيوان جامد ومائع” وقول أبي القاسم[44]: أقسام الكلام. ليس من شيء من هذه الأقسام، إنّما هو من قسمة الشّيء إلى مراده التي منها يكون، وليس من شرط هذه القسمة صدق اسم المقسوم على الأقسام”[45]
- وأحياناً يُخالفه بل يغلطه، فيقول مثلا بعد أن تحدث عمّا لا يجمع جمع مؤنث سالم:
“ولا شيء من الأوصاف الواقعة على المذكر، والمؤنث بغير هاء: نحو: رجل شكور، وامرأة شكور، ولا من الخاصة بالمؤنث بغير هاء، نحو طالق، من الطّلاق، وحائض، لأنّ هذين النّوعين جاريان في التّأويل على مذكر، فلا يُجمعان جمع المؤنث.
“وكان ينبغي ألا تذكر هذين النّوعين في هذا الباب لأنه باب جمع المؤنث، لكنهما لما جريا على مؤنث أوْهَما أنّهُما من هذا الباب، ولذلك بيَّنّا فيه أنّهما ليسا منه، إن نقل شيء من ذلك، إلا أن يكون علماً لمؤنث، جمع بالألف والتَّاء”.[46]
ويقول الشَّلوبيني في مكان آخرَ:
“إذا ضممت الأول من الاسمين في هذا الباب، وهو القياس، من نحو: يا زيد زيد عمر، نصبت الثاني من وجه عطف البيان والبدل والنّعت، بتأويل الاختصاص والنّداء المستأنف، وإضمار “أعنى”، وإذا نصبته كقولك: يا زيد زيد عمر، فعلى أنّه منادى مضاف، على تأويلين:
إمّا إلى محذوف دلَّ عليه ما أضيفَ إليه الثاني، وتنصب الثاني على ذلك من خمسة الأوجه المتقدّمة، على وجهين، على التّوكيد اللفظي، وعلى النّداء المُستأنف.
وقول صاحب المقدّمة:” لك تنصبه من الأربعة الأوجه المتقدّمة” غفلة منه[47]
وبغلطه فيقول في معرض حديثه عن اسم الفعل:
وذكر المؤلّف في الجملة “هات”، أي: أعط، وهذا ليس من هذا الباب. وذكره فيه غلط من الواضح، وإنّما هو فعل، لاتصال الضمائر التي تتصل بالأفعال به، في قوله:
فقلت لها هاتي[48] ….
وفي قوله سبحانه: قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ[49]
بعد هذه المقارنة نصل إلى طرح سؤال: ماذا تفيد التوطئة في النّحو من جديد؟
فلقد رأينا من خلال هذه المقارنة بين التوطئة والمقدّمة الجُزولية كيف حاول الشّلوبّين، ألا يشق على الدّارس بالإطالة، فضغط شرحه وأوجزه، وضمنه كل ما يُريده الدّارس من معرفة في أبواب النّحو عامة، وهو مع هذا لم يبخل في الاستشهاد ما اقتضاه الاستشهاد، محاولا إزاحة الابهام عن كل ما ورد في المقدّمة.
فجاء كتاب التوطئة دسماً مع إيجازه، مشبعاً لهم الدّارسين، بل مرجعاً للمتخصصين.
وهذا المؤلّف في حقيقته ما هو إلا شرح للمقدّمة الجُزولية المسماة بالقانون والتي يعتبرها كثير من النّحاة رموزاً وإشارات، ويعترفون بقصور أفهامهم عن إدراك مراد مؤلّفها منها، وقد قال بعضهم: ليس فيه نحو إنّما هي منطق، لدقّة معانيها وغرابة تعاريفها.[50]
- أَهَمُّ أَوْجُهِ التَّشَابُهِ وَالخِلافِ بَيْنَ آراءِ نُحَّاةِ المَغْرِبِ وَالأَنْدَلُسِ خِلالَ القَرْنِ السَّابِعِ مَعَ نُظَرَائِهِمْ فِي المَشْرِقِ العَرَبِيِّ..[51]
- أبو موسى الجُزولي:
- منهجه: الانتقاء من آراء مختلف المدارس (البصرة – الكوفة – بغداد) إضافة إلى بعض الآراء التي تفرد بها.
- أوجه التشابه مع المشارقة: كان ينتصر لرأي ابن السراج البصري إلى أنّه يجوز تقدم المفعول به على الفاعل إذا حصل لبس مثل: كلَّم موسى عيسى.
– كان يذهب مع أبي علي الفارسي أنّ نون المثنى والجمع المذكر عوض عن الحركة والتنوين في المفرد.
– أوجه الخلاف مع المشارقة: يصح حذف نون الوقاية في من وعن فيُقال: منى وعنى بالتّخفيف.
– يرى أنه يجب أن يتحوّل المفعول الأول إلى نائب فاعل ولا تصحّ نيابة المفعول الثاني.
ب- ابن خروف:
- منهجه: الانتقاء من آراء مختلف المدارس (البصرة الكوفة – بغداد) إضافة إلى بعض الآراء التي تفرد بها.
- أوجه التشابه مع المشارقة: كان يذهب مذهب سيبويه وأستاذه ابن طاهر وابن الباذش في أنّه لا يجوز حذف أحد مفاعيل أعلم وأرى بدون دليل.
- أوجه الخلاف مع المشارقة: يرى أن عامل الحال في الجملة الاسمية هو المبتدأ نحو: “هو علي” شاعراً.
-إنّ موضع ما خلا في مثل: قام القوم ما خلا محمد نصب على الاستثناء مثل غير.
- ابن معط:
- منهجه: الانتقاء من آراء مختلف المدارس (البصرة الكوفة – بغداد) إضافة إلى بعض الآراء التي تفرد بها.
- أوجه التشابه مع المشارقة: اتبع أهلَ البصرة في أنّ “إمّا” حرف عطف وأو، وإمّا فيهما مشهور الشّك والإبهام والتّخيير.
- أوجه الخلاف مع المشارقة: منع تقديم خبر “مادام” على اسمها فقال: ولا يجوز أن تقدّم الخبر على اسم مادام وجاز في الآخر.
- الشّلوبين:
- منهجه: الانتقاء من آراء مختلف المدارس (البصرة الكوفة – بغداد) إضافة إلى بعض الآراء التي تفرد بها.
– أوجه التشابه مع المشارقة: كان يحتج برأي سيبويه في أن النّكرة أصل والمعرفة فرع قائلا: إنّه نظر إلى حال الوجود إذ الأجناس هي الأول ثم الأنواع.
-كان يأخذ برأي الرّماني في أنّ خبر المبتدأ بعد “لولا” إذا كان كوناً عاما حذف وإذا كان كوناً خاصا وجب ذكره كما جاء في الأثر: لولا قومك حديثو عهد بالإسلام لهدمت الكعبة.
– أوجه الخلاف مع المشارقة: كان يرى أنّ “إذا” في مثل: فبينما العسر إذا دارت مياسير ظرف زمان وعملها محذوف يدلّ عليه الكلام.
- -كان يذهب إلى أنّ “عيوناً” في مثل: وفجّرنا الأرض عيونا ليست تمييزاً وإنما هي حال.
- ابن هشام الخضراوي:
- منهجه: الانتقاء من آراء مختلف المدارس (البصرة الكوفة – بغداد) إضافة إلى بعض الآراء التي تفرد بها.
- أوجه التشابه مع المشارقة: وافق الكوفيين في تثنية المركّب المزجي مثل: بعلبك وجمعه.
- أوجه الخلاف مع المشارقة: كان يذهب إلى أنّ “لو” التي للتّمني في مثل: لو تأتيني فتحدثني ليست شرطية وإنّما هي قسم برأسها ولا تحتاج إلى جواب كجواب الشرط، ولكن قد يؤتى لها بجواب منصوب كجواب ليت.
-كما ذهب إلى أنّ “حتى” العاطفة يتحتم أن يكون معطوفها ظاهراً لا مضمراً، كما أنّ ذلك شرط مجرورها.
خ- ابن عصفور:
- منهجه: الانتقاء من آراء مختلف المدارس (البصرة الكوفة – بغداد)إلا أنّه كان يميل كثيراً إلى آراء البصرة.
– أوجه التشابه مع المشارقة: كان يرى رأي سيبويه في أنّ “لام المستغاث” في مثل: يا لزيد متعلقة بفعل النداء المحذوف لا بيا كما ذهب إلى ذلك المبرِّد.
– كان يذهب مذهب الأخفش في أن “إنّ” يجوز فيها الكسر والفتح إذا تلت مذ ومنذ مثل: ما رحلت إلى هذا البلد مذ أو منذ أنّ الله خلقني.
- تعليق:
يتفق معظم نحاة هذا القرن في المنهج المُتَّبع حيث الأخذُ والانتقاءُ من مختلِف المدارس (البصرة والكوفة ثم بغداد) باستثناء بعض الآراء التي تفرّدوا بها وهو الأمر الذي يوحي على أهمية هذه المدارس النّحوية في تلك الفترة، كما اتفقوا كذلك مع بعض العُلماء المشاهير الذين يُؤخذ برأيهم مثل سيبويه والرماني وابن السّراج وابن علي الفارسي على اختلاف توجهاتهم والمدارس التي ينتمون إليها في بعض القواعد النّحوية أو اللغوية أو الصّرفية.
كما قد يتفقون مع أحدهم في مسألة من المسائل ويخالفوه في مسألة ربّما تفرّد رأيهم بها، ومن حيث الاختلاف فقد خالفوهم في بعض القواعد النحوية المُتنازع عليها ما بين المدرستين (البصرة والكوفة)، وكونهم أيضا ينتمون إلى مدرسة أخرى (المدرسة المغربية والأندلسية) فلا مُراء من إبداء رأيهم والتفرد ببعضه.
- خاتمة:
بعد خوضنا وتتبعنا لنُتف من الملف العلمي لأبي موسى الجُزولي تبينت لنا عبقريته في مجالي اللغة والنحو، فإذا كان الأولون يقولون “إنه من أراد أن يؤلّف كتاباً ككتاب سيبويه فليستحيِ” فإني أقول من هذا المنبر لقد سارَ على منواله ودربه في المُقدّمة الجُزولية كيف لا وهو أحد العُلماء الذين أغنوا الساحة اللغوية، وهو من العلماء الذين يُشار إليهم بالبنان لحنكتهم ودقتهم.
وهذا إن دلّ على شيء فإنما على الأهمية الكبيرة التي أبداها العُلماء لها، وشهد بها الكتاب والمؤلفون والمتخصصون في هذا المجال، خصوصاً تحليله للنحو ومعالجته للقواعد منطقياً، وهذا يعود إلى التأثر الكبير بعلماء المنطق وبالمشارقة في مجالي النحو واللغة، ولا ننكر في هذا الصّدد اجتهادات العُلماء في كل النّواحي ومن جوانبَ متعددة ربما لم يصلها أبو موسى الجُزولي في عصره، لكن في مجال تخصصه نبغ واشتد عظمه، ويشهد له صاحب التوطئة بالذكاء وبتفوقه عليه في مجموعة من الأمور تم ذكرها في الشق الخاص بالدراسة المُوازنة بينهما.
- أهم المصادر والمراجع المعتمدة:
- أبو علي الشلوبيني، التوطئة، دراسة وتحقيق د. يوسف أحمد المطوع. أستاذ الدراسات النّحوية المساعد، جامعة الكويت. يناير 1981م.
- أبو موسى عيسى بن عبد العَزيز الجُزُولي، المُقدّمةُ الجُزوليّة في النّحو (ت 607 هـ) تحقيق وشرح الدكتور شعبان عبد الوهاب مُحمد .
- الإمام شهاب الدّين الدّمشقي شذرات الذهب في أخبار من ذهب دار ابن كثير دمشق – بيروت، الطبعة الأولى 1986م.
- الدكتور عبد الرحمن بودرع الخطاب القرآني ومناهج التأويل نحو دراسة نقدية للتأويلات المُعاصرة الرّابطة المحمدية للعُلماء الطبعة الأولى 2013م.
- الدكتور عبد الرحمن بودرع، الأسُسُ المَعْرِفِيَّةُ للُّغويّات العربيَّة، دار ورد الأردنية للنّشر والتّوزيع، الطبعة الأولى 2013 .
- شوقي ضيف، المدارس النّحوية، دار المعارف، الطبعة السابعة، دار المعارف – 1119 كورنيش النيل – القاهرة ج.م.ع.
- عبد الله كنون، النبوغ المغربي في الأدب العربي.(الطبعة الثانية، دون تاريخ).
- محمد المختار ولد أباه، تاريخ النّحو العربي في المشرق والمغرب. دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1996م، الطبعة الثانية 2008م. بيروت – لبنان.
- الوزير جمال الدّين أبي الحسن علي بن يوسف القفطي، إنباه الرواة عن أنباه النُّحاة للقفطي (624 هـ) تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم.
- يحياوي حفيظة، إسهامات نحاة المغرب والأندلس في تأصيل الدّرس النّحوي العربي خلال القرنين السادس والسّابع الهجريين، منشورات مخبر الممارسات اللغوية في الجزائر 2011.
[1] – الأسُسُ المَعْرِفِيَّةُ للُّغويّات العربيَّة. د عبد الرحمن بودرع. دار ورد الأردنية للنّشر والتّوزيع، الطبعة الأولى 2013 ص 29.
[2] – إسهامات نحاة المغرب والأندلس ص 3.
[3] – الخطاب القرآني ومناهج التأويل نحو دراسة نقدية للتأويلات المُعاصرة د.عبد الرحمن بودرع، الرّابطة المحمدية للعُلماء الطبعة الأولى 2013م. ص 11.
[4] – المُقدّمةُ الجُزوليّة في النّحو للجُزولي (ت 607هـ) تحقيق وشرح الدكتور شعبان عبد الوهاب مُحمد ص 5.
[5] – إنباه الرواة عن أنباه النُّحاة للقفطي (624 هـ) تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم 2/379.
[6] – نزل اشبيليّة والمتصدر بها، نحويّ فاضل كامل، من قريةٍ من قرى إشبيليةَ، اسمها شَلَوبينيةَ ( وهي حصن بالأندلس من أعمال كورة البيرة على شاطئ البحرِ). وهذا الشلوبِّيني له في بلاده ذكر كثيرٌ، وهو متصدِّرٌ هناك، وسألتُ عنه من رآه من أهل النَّحوِ فقال لي: لم تكنْ عبارتُه بليغةً، وإنَّ قلمه في التصنيفِ لأجود من عِبارتِه. وقيلَ إنّه صنّف شرحاً “لكتاب سيبويه” لم يظهرْ بعد، وصنف شرحاً للجزولية (المقدمة الجزولية)، رأيتُ منه فصولا قد أوردها الجياني النَّحوي في شرحها منسوبةً إليه، لم يكن فيها كبيرُ أمرِ. وهو غير عاشق لهذه الصناعة وإنما يُريدها للارتزاق؛ وذلك أنَّه لما قدم علينا أبو العباس أحمد بن مفرج بن الرومية العشّاب الإشبيلي وهو أثبت من رأيت وأسكن، وهو أحد القائلين بمذهب ابن حزم الظاهريّ الأندلسي. أخبرني أنه لما عزم على الخروج إلى المشرق للحج ابتاع من عمر الشلوبيني الأندلسي كتاب” العالم في اللغة” لأحمد بن أبان بن سَيِّد الأشبيلي الأندلسي في اللغة في أربعين مُجلداً، وهو كتاب غريب عجيب لا يسوغ لعالم عاشق في علم العربية أن يخرج عن يده واستدللت بهذا على ما قلت… أنظر باقي التفاصيل عن ترجمة هذا العالِم في إنباه الرواة عن أنباه النحاة 2/333.
[7] – المصدر نفسه 2/339.
[8] – المصدر نفسه 2/380.
[9] – شذرات الذهب للحنبلي 7/50.
[10] – النبوغ المغربي في الأدب العربي عبد الله كنون 1/161.
[11] – عبد الله كنون، النّبوغ المغربي في الأدب العربي، ج1،ص 161.
[12] – تاريخ النّحو العربي في المشرق والمغرب، محمد المختار ولد أباه، ص 266.
[13] – المرجع نفسه ص 270.
[14] – إسهامات نحاة المغرب والأندلس ص 112.
[15] – تاريخ النّحو العربي في المشرق والمغرب ص 266.
[16] – إسهامات نحاة المغرب والأندلس ص 112.
[17] – سورة غافر الآيتين 36، 37.
[18] – سورة الذاريات الأيتين 24 و25.
[19] – الآيتين 56 و59 من سورة الزّمر.
[20] – الآية 171 من سورة النّساء.
[21] – سورة محمد الآية 4.
[22] – سورة النمل الآية 44.
[23] – سورة الروم الآية 6.
[24] – سورة النساء الآية 24.
[25] – سورة البقرة الآية 138.
[26] – شرح المقدمة الجُزولية في النّحو للدكتور شعبان عبد الوهاب ص 67 وما بعدها.
[27] – إسهامات نحاة المغرب والأندلس ص 112.
[28] – المدارس النّحوية، شوقي ضيف ص 301.
[29] – المرجع نفسه الصفحة نفسها.
[30] – إسهامات نحاة المغرب والأندلس ص 113.
[31] – تاريخ النّحو العربي في المشرق والمغرب ص 266.
[32] – تاريخ النّحو العربي في المشرق والمغرب ص 267.
[33] – إسهامات نحاة المغرب والأندلس ص 113.
[34] – تاريخ النّحو العربي في المشرق والمغرب ص 267.
[35] – مقدمة شرح المُقدّمة الجُزوليّة في النّحو ص 6.
[36] – التوطئة لأبي على الشّلوبيني دراسة وتحقيق د. يوسف أحمد المطوع. ص 93.
[37] – المرجع نفسه ص 94-95.
[38] – المقدّمة الجُزولية ص 12.
[39] – التوطئة ص 96.
[40] – المرجع نفسه.
[41] – سورة الإسراء الآية 76.
[42] – سورة النّساء الآية 53.
[43] – التوطئة ص97- 98.
[44] – المقصود به “الزّجّاجي.”
[45] – التّوطئة ص 100.
[46] – المرجع نفسه ص 101.
[47] – المرجع نفسه الصفحة نفسها.
[48] – البيت: فقلت لها هاتي فقالت براحةٍ ترى زعفراناً في أسرتها ورداً
وهو مجهول القائل ( شرح المفصل: 4:44)
[49] – سورة الأنبياء الآية 24.
[50] – التوطئة ص 103.
[51] – إسهامات نحاة المغرب والأندلس ص 141 وما بعدها.